تحذيرات أميركية في 2018 من تسرب فيروس من معهد ووهان للفيروسات
تحذيرات أميركية في 2018 من تسرب فيروس من معهد ووهان للفيروسات

اتهم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في مؤتمر صحفي الأربعاء، الصين، بأنها قامت بـ"تدمير" عينات لفيروس كورونا المستجد في إطار جهودها للتغطية على تفشي المرض، وتشير بعض التقارير إلى أن بكين حاولت بالفعل منع نشر معلومات حول عينات كانت بحوزتها قبل أسابيع.

وكان بومبيو قد ذكر في المؤتمر، أن الحكومة الصينية لم تشارك المجتمع الدولي، حتى الآن، عينات للفيروس تم جمعها داخل الصين، وقال إنها فرضت رقابة على الأشخاص الذين حاولوا تحذير العالم، وأمرتهم بوقف اختبار عينات جديدة، وتدمير العينات الموجودة.

تخاذلت بكين، بحسب الوزير، في الإبلاغ عن انتقال الفيروس بين البشر  "لمدة شهر حتى تفشى في كل مقاطعة داخل الصين".

وحتى بعد أن أخطر الحزب الشيوعي الصيني منظمة الصحة العالمية بتفشي الفيروس التاجي، فإن الصين "لم تشارك جميع المعلومات التي لديها".

وجاءت تصريحات الوزير وسط دعوات واشنطن لبكين للسماح لها بالوصول إلى معلومات أكثر حول تفشي الفيروس، ووسط مخاوف من تراخي معايير السلامة في معمل مدينة ووهان.

بومبيو قال إن "هذه المعامل لا تزال مفتوحة داخل الصين" والعديد من المختبرات مثل هذا المعهد "باتت تدرس مسببات الأمراض المعقدة".

صحيفة فاينانشال تايمز، قالت في تقرير حول الموضوع، إنه بتخفيف قيود الحركة في ووهان في الفترة الأخيرة، أصبح بإمكان العلماء المحليين استئناف عملهم في العينات المأخوذة خلال المراحل المبكرة لتفشي المرض، وتتبع مسارات المرضى، والبيانات الأخرى التي قد تحمل أدلة على كيفية ظهور المرض.

لكن "هناك دلائل على أن الصين لا تشارك جميع المعلومات التي تتوق بقية العالم إلى رؤيتها" بحسب الصحيفة، التي أضافت أنه "رغم انتشار فرضية أن الفيروس انتقل من الحيوانات في سوق للأغذية الحية في ووهان، إلا أن علماء درسوا جينات المرض، أكدوا أنه لا يوجد دليل قاطع على نوع الحيوان الذي انتقل منه".

ويضغط المسؤولون الأميركيون على الصين للإفصاح عن المزيد من البيانات حول المرض قبل 31 ديسمبر، أي قبل أن تبلغ بكين منظمة الصحة العالمية بوجود حالات التهاب رئوي في ووهان.

مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قال إن الوصول إلى ووهان ظل مقيدا منذ تفشي الفيروس، معتبرا أن ما بحوزة الصينيين من معلومات مهم "لأنهم يعرفون الكثير عن المرض وظلوا يحاربونه لمدة شهر على الأقل".

صحيفة فاينانشال تايمز نقلت في وقت سابق عن باحث في معهد ووهان للفيروسات، رفض الكشف عن اسمه، أن الصين لم تشارك عينات من الفيروس مع منظمة الصحة العالمية، لأنها "نشرت بالفعل الكثير من المعلومات" عنه، مثل الشفرة الوراثية للفيروس.

كانت السلطات الصينية قد أبلغت عن التسلسل الجيني لفيروس كورونا في 12 يناير، وبعد ذلك كشف باحثون صينيون عن حالات للمرض يعود تاريخها إلى 1 ديسمبر، لكن منظمة الصحة العالمية وعلماء آخرين لم يستبعدوا أن يكون قد انتقل من حيوان إلى إنسان قبل أكثر من ستة أشهر.

وفي حين لا يعرف العلماء على وجه التحديد مصدر الفيروس، استبعد علماء غربيون حللوا شفرته الوراثية، أن يكون قد تم تعديله وراثيا في أحد المختبرات، لكنهم أيضا أشاروا إلى احتمال تسربه عن طريق الخطأ من مختبر في معهد ووهان للفيروسات أو "مركز ووهان لمكافحة الأمراض والوقاية منها".

بروس أيلوارد، مساعد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الذي قاد بعثة مشتركة إلى الصين في فبراير، قال لفاينانشال تايمز الشهر الماضي، إن فريق المنظمة بحاجة إلى العودة إلى ووهان لمعرفة كيف بدأ الفيروس.

وقال إن الصين جمعت معلومات هامة في ووهان من سجلات بائعي الحيوانات، والعينات المحفوظة من مسح السوق بالكامل، بما في ذلك المزاريب التي يتجمع فيها البول والبراز، والمجمدات لا تزال مليئة بأعضاء من الحيوانات.

وقال: "إذا كانت لديك هذه المعلومات المهمة حقا، فستتمكن من تحديد مصدر الفيروس".

ويشير جدول لموقع Axios حول الأحداث في الصين منذ انتشار المرض، إلى أن مسؤولا في لجنة الصحة بمقاطعة هوبي، مركز تفشي الفيروس، أمر في الأول من يناير، المعامل بوقف اختبار العينات وتدمير العينات الموجودة.

وبحسب صحيفة "ستريتس تايمز"، تلقى موظف في إحدى الشركات المختصة بعلم الجينوم، مكالمة هاتفية من مسؤول في لجنة الصحة في مقاطعة هوبي، أمر خلالها الشركة بالتوقف عن اختبار العينات من ووهان ذات الصلة بالمرض الجديد وتدمير كافة العينات الموجودة.

الموظف، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، قال إنه تم إبلاغ الشركة بالتوقف فورا عن نشر أي معلومات حول الاختبارات وإبلاغ السلطات بأي نتائج مستقبلية.

وفي الثالث من يناير أمرت لجنة الصحة الوطنية الصينية (NHC)، أعلى هيئة صحية في البلاد، المؤسسات بعدم نشر أي معلومات تتعلق بالمرض، وأمرت المختبرات بنقل أي عينات كانت لديها إلى مؤسسات فحص معينة أو تدميرها.

صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز
صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز

تنتشر صور لصينيين بالكمامات وأخبار حول اكتظاظ بمستشفيات على مواقع التواصل الاجتماعي وسط تحذيرات من فيروس جديد يصيب الجهاز التنفسي. هذه الأنباء أثارت قلق البعض، لدرجة أن العديد من الأشخاص في الولايات المتحدة عادوا مؤخرا لارتداء الكمامات في المناسبات وأماكن التجمعات.

وتشهد الصين ارتفاعا في حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري المعروف بـ"ميتانيموفيروس" (hMPV)، خاصة في المقاطعات الشمالية وبين الأطفال. ويُعيد هذا إلى الأذهان ذكريات بداية جائحة كورونا، التي ظهرت في مدينة ووهان قبل خمس سنوات وأودت بحياة مئات الآلاف حول العالم.

وبحسب أستاذ ومستشار علاج الأمراض المُعدية، ضرار حسن بلعاوي، في حديثه مع موقع "الحرة" فإن هذا الفيروس يثير بعض المخاوف بسبب تشابه أعراضه مع أعراض الفيروس المخلوي التنفسي والإنفلونزا ونزلات البرد.

ما هو ميتانيموفيروس البشري؟

تم اكتشاف ميتانيموفيروس البشري لأول مرة في هولندا عام 2001. "وبالرغم من أنه جديد نسبيا من حيث اكتشافه، إلا أنه من المُعتقد أن الفيروس كان متواجدا لفترة طويلة قبل ذلك"، بحسب بلعاوي، الذي يشير إلى أن "ميتانيموفيروس" البشري والفيروس المخلوي التنفسي من نفس العائلة.

واعتبارًا من عام 2016، يعتبر ميتانيموفيروس البشري ثاني أكثر أسباب أمراض الجهاز التنفسي الحادة شيوعا (بعد الفيروس المخلوي التنفسي RSV) لدى الأطفال الأصحاء دون سن الخامسة في العيادات الخارجية بالولايات المتحدة الأميركية، بحسب بلعاوي.

وتُشير الدراسات إلى أنه ينتشر موسميًا، عادةً في فصلي الربيع والشتاء.

أما عن ظهور الفيروس مؤخرا في الصين، فإن بلعاوي يعزو ذلك إلى تزايد رصد الحالات وتسليط الضوء عليه، وليس بالضرورة إلى بدايته الفعلية.

ونشر المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها بيانات تُظهر ارتفاعًا ملحوظًا في التهابات الجهاز التنفسي خلال الأسبوع الممتد من 16 إلى 22 ديسمبر 2024. 

ويقول بلعاوي: "ارتبط ميتانيموفيروس البشري بنسبة 6.2 في المئة من نتائج الاختبارات الإيجابية لأمراض الجهاز التنفسي و5.4 في المئة من حالات دخول المستشفيات بسبب أمراض الجهاز التنفسي في الصين، متجاوزًا بذلك كوفيد-19 والراينوفيروس والفيروسات الغدية". 

من يصيب وما مدى خطورته؟

يُصيب ميتانيموفيروس البشري جميع الفئات العمرية، ولكنه يُشكل خطرًا كبيرا على الأطفال الصغار، وكبار السن، والأفراد الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة في الجهاز التنفسي مثل الربو.

في معظم الحالات، تُسبب العدوى أعراضا خفيفة تشبه نزلات البرد، مثل سيلان الأنف، والسعال، والتهاب الحلق، والحمى. ولكن في بعض الحالات، وخاصةً للفئات الأكثر عرضةً للخطر، يمكن أن يُسبب الفيروس التهابات خطيرة في الجهاز التنفسي السفلي، مثل الالتهاب الرئوي والتهاب القصيبات، ما قد يتطلب دخول المستشفى.

أعراض فيروس الجهاز التنفسي البشري- مصدر الصورة: كليفلاند كلينيك

ما هو العلاج؟

لا يوجد علاج مُحدد لميتانيموفيروس البشري، والعلاج يعتمد في الغالب على تخفيف الأعراض، بحسب بلعاوي.

لكن الخبير في علم الأدوية واللقاحات في لندن، بلال زعيتر، قال لموقع "الحرة" إن هناك لقاحا بالفعل تم تطويره بشكل طارئ لمحاربة هذا الفيروس، بنفس الطريقة التي تم بها تطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا، في حين لا تزال الدراسات جارية للتأكد من فعاليته.

وينصح بلعاوي بدوره من تظهر عليه الأعراض بالراحة وشرب الكثير من السوائل، كما يمكن استخدام الأدوية التي تُصرف دون وصفة طبية لتخفيف الحمى والألم.

لكنه يشير إلى أنه في حالات العدوى الشديدة، قد يلزم العلاج في المستشفى، حيث يُمكن تقديم الرعاية الداعمة، مثل الأكسجين والتهوية الميكانيكية.

طرق الانتقال وسرعة الانتشار

وبحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) في الولايات المتحدة، يمكن التقاط العدوى بهذا الفيروس، من مخالطة المصابين، من إفرازات السعال، أو العطس، أو اللمس، أو المصافحة للمصاب، أو لمس الأسطح الملوثة بالفيروس، ثم لمس الفم أو الأنف أو العين.

وتتراوح فترة الحضانة بين 3 إلى 6 أيام، وقد يختلف متوسط مدة المرض حسب شدته.

ويقول بلعاوي إن "سرعة انتشار الفيروس ليست معروفة بدقة، وتُجرى دراسات لفهم طبيعة انتقاله بشكل أفضل".

طرق الوقاية

تُشبه طرق الوقاية من ميتانيموفيروس البشري hMPV تلك المتبعة للوقاية من نزلات البرد والإنفلونزا بحسب بلعاوي، وهي:

* غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية.
* تجنب لمس العينين، والأنف، والفم بأيدي غير مغسولة.
* تغطية الفم والأنف بمنديل ورقي عند السعال أو العطس، ثم التخلص من المنديل على الفور.
* تنظيف وتطهير الأسطح التي يتم لمسها بشكل متكرر.
* البقاء في المنزل عند الشعور بالمرض لتجنب نقل العدوى للآخرين.

هل يمكن أن ينتقل من الصين إلى بلاد أخرى؟

بالرغم من إعلان السلطات الصحية الصينية أنها تنفذ إجراءات طارئة لمراقبة انتشار المرض وإدارته، فإن هونغ كونغ أبلغت عن وجود عدد من الإصابات بين مواطنيها، فيما أعلنت دول مجاورة مثل تايوان وكمبوديا أنها تراقب الوضع عن كثب.

ويرى بلعاوي أن الصين يجب ان تنفذ إجراءات استباقية مشددة حتى لا ينتشر الفيروس، لكنه أكد في الوقت ذاته أنه لا داع للقلق لأننا نعرف الكثير عنه فضلا عن أن العالم أصبح يعرف الكثير بعد جائحة كورونا بشأن كيفية التعامل مع الأمراض التنفسية والمستشفيات مجهزة لمثل هذا الأمر.

ويؤكد أنه بالرغم من أن الفيروس لا يمثل حاليا تهديدا وبائيا عالميا، فإن الوعي بأعراضه وطرق الوقاية منه يُعد أمرا بالغ الأهمية للحد من انتشاره وحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر مثل المرضى وكبار السن والأطفال.