أصاب الفيروس نحو 7.7 ملايين شخص وقتل 428 ألفا حتى الآن
أصاب الفيروس نحو 7.7 ملايين شخص وقتل 428 ألفا حتى الآن

قال باحثون في ولاية فلوريدا الأميركية إن فيروس كورونا المستجد تحوّر بشكل يجعله أشد قدرة على مهاجمة الخلايا البشرية، وهو ما رأى عالم فيروسات أنه وراء ارتفاع عدد الحالات في الولايات المتحدة وأميركا الجنوبية.

ورصد علماء من معهد "سكريبس" للأبحاث حدوث طفرة لبروتين النتوءات الشوكية الموجود على سطح الفيروس والتي تساعده على دخول الخلايا.

ووجدوا طفرة تسمى "D614G" تمنح الفيروس مزيدا من هذه النتوءات وتجعلها أكثر استقرارا، وهو ما يسهل بدوره التصاقه بالخلايا واختراقها.

وكشف هيريون تشوي، عالم الفيروسات الذي شارك في الإشراف على الدراسة، أن البحث توصل إلى أن الفيروسات التي حدثت لها هذه الطفرة كانت "معدية أكثر بكثير من تلك التي لم تحدث لها الطفرة".

وقالت شبكة "سي أن أن" إن نتائج الدراسة الأخيرة لا تزال بحاجة إلى مراجعة، وهناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث حول تأثير هذه الطفرة على مسار الجائحة التي يشهدها العالم.

لكن ويليام هاسيلتين، عالم الفيروسات ورجل الأعمال في مجال التكنولوجيا الحيوية الذي تسلم نسخة من النتائج قال، بحسب الشبكة، إنها تفسر سبب الانتشار السريع للفيروس في الأميركيتين. وأضاف أن "الفيروس يتغير، واستطاع التكيف مع البشر".

ورأى العالم أن النتائج تظهر أننا يجب أن نكون في "حالة تأهب للتغير المستمر" في حالة الفيروس لأنه قادر على "الاستجابة لكل ما نقوم به للسيطرة عليه. إذا صنعنا دواء سيقاومه، وإذا صنعنا لقاحا سيحاول الالتفاف عليه، ولو بقينا في المنزل، سيعرف كيف يبقى فترة أطول".

والجدير بالذكر أن علماء قاموا بدراسة التسلسل الجيني للفيروس لتتبع مسار طفرات الفيروس منذ ظهوره أول مرة حذروا من سرعة انتشاره حول العالم.

وما يعطي هذه الدراسة أهمية أنها تأتي بعد إعلان منظمة الصحة العالمية أن الطفرات التي تم رصدها حتى الآن لن تؤثر على فعالية اللقاحات قيد التطوير.

وقالت المنظمة الأسبوع الماضي إن الطفرات لم تسهل انتقال العدوى أو تجعل الفيروس أكثر قدرة على التسبب في أمراض خطيرة.

وكانت بيتي كوربر، الباحثة في مختبر "لوس ألاموس" في ولاية نيومكسيكو الأميركية قد حذرت في أبريل الماضي أيضا من طفرة "D614G"، وقالت إنها "مصدر قلق ملح" لأنها أصبحت أكثر السلالات انتشارا في أوروبا والولايات المتحدة.

وكتب الباحثون أن هذه السلاسة "بدأت في الانتشار بأوروبا في أوائل فبراير، وعندما دخلت إلى مناطق جديدة، أصبحت الشكل السائد فيها بسرعة".

وتشير آخر البيانات إلى أن الفيروس أصاب حتى الآن نحو 7.7 ملايين شخص حول العالم، وقتل 428 ألفا.

وتتصدر الولايات المتحدة قائمة الحالات في العالم بنحو 2.1 مليون إصابة، تليها البرازيل بحوالي 820 ألف حالة، ثم روسيا التي سجلت 511 ألفا.

وأصبحت الهند الآن رابع أشد الدول تضررا من الفيروس في العالم (حوالي 309 آلاف)، ما يزيد احتمالات إعادة فرض إجراءات العزل العام بعد أيام فقط من رفعها.

ويزداد الخوف من موجة ثانية من الفيروس حتى في الدول التي قالت إنها تمكنت من السيطرة على الوباء، وقد أغلقت سلطات العاصمة الصينية بكين سوقا رئيسية للمنتجات الزراعية بشكل مؤقت الجمعة بعد ارتفاع عدد الإصابات المحلية بالفيروس خلال اليومين الماضيين.

صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز
صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز

تنتشر صور لصينيين بالكمامات وأخبار حول اكتظاظ بمستشفيات على مواقع التواصل الاجتماعي وسط تحذيرات من فيروس جديد يصيب الجهاز التنفسي. هذه الأنباء أثارت قلق البعض، لدرجة أن العديد من الأشخاص في الولايات المتحدة عادوا مؤخرا لارتداء الكمامات في المناسبات وأماكن التجمعات.

وتشهد الصين ارتفاعا في حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري المعروف بـ"ميتانيموفيروس" (hMPV)، خاصة في المقاطعات الشمالية وبين الأطفال. ويُعيد هذا إلى الأذهان ذكريات بداية جائحة كورونا، التي ظهرت في مدينة ووهان قبل خمس سنوات وأودت بحياة مئات الآلاف حول العالم.

وبحسب أستاذ ومستشار علاج الأمراض المُعدية، ضرار حسن بلعاوي، في حديثه مع موقع "الحرة" فإن هذا الفيروس يثير بعض المخاوف بسبب تشابه أعراضه مع أعراض الفيروس المخلوي التنفسي والإنفلونزا ونزلات البرد.

ما هو ميتانيموفيروس البشري؟

تم اكتشاف ميتانيموفيروس البشري لأول مرة في هولندا عام 2001. "وبالرغم من أنه جديد نسبيا من حيث اكتشافه، إلا أنه من المُعتقد أن الفيروس كان متواجدا لفترة طويلة قبل ذلك"، بحسب بلعاوي، الذي يشير إلى أن "ميتانيموفيروس" البشري والفيروس المخلوي التنفسي من نفس العائلة.

واعتبارًا من عام 2016، يعتبر ميتانيموفيروس البشري ثاني أكثر أسباب أمراض الجهاز التنفسي الحادة شيوعا (بعد الفيروس المخلوي التنفسي RSV) لدى الأطفال الأصحاء دون سن الخامسة في العيادات الخارجية بالولايات المتحدة الأميركية، بحسب بلعاوي.

وتُشير الدراسات إلى أنه ينتشر موسميًا، عادةً في فصلي الربيع والشتاء.

أما عن ظهور الفيروس مؤخرا في الصين، فإن بلعاوي يعزو ذلك إلى تزايد رصد الحالات وتسليط الضوء عليه، وليس بالضرورة إلى بدايته الفعلية.

ونشر المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها بيانات تُظهر ارتفاعًا ملحوظًا في التهابات الجهاز التنفسي خلال الأسبوع الممتد من 16 إلى 22 ديسمبر 2024. 

ويقول بلعاوي: "ارتبط ميتانيموفيروس البشري بنسبة 6.2 في المئة من نتائج الاختبارات الإيجابية لأمراض الجهاز التنفسي و5.4 في المئة من حالات دخول المستشفيات بسبب أمراض الجهاز التنفسي في الصين، متجاوزًا بذلك كوفيد-19 والراينوفيروس والفيروسات الغدية". 

من يصيب وما مدى خطورته؟

يُصيب ميتانيموفيروس البشري جميع الفئات العمرية، ولكنه يُشكل خطرًا كبيرا على الأطفال الصغار، وكبار السن، والأفراد الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة في الجهاز التنفسي مثل الربو.

في معظم الحالات، تُسبب العدوى أعراضا خفيفة تشبه نزلات البرد، مثل سيلان الأنف، والسعال، والتهاب الحلق، والحمى. ولكن في بعض الحالات، وخاصةً للفئات الأكثر عرضةً للخطر، يمكن أن يُسبب الفيروس التهابات خطيرة في الجهاز التنفسي السفلي، مثل الالتهاب الرئوي والتهاب القصيبات، ما قد يتطلب دخول المستشفى.

أعراض فيروس الجهاز التنفسي البشري- مصدر الصورة: كليفلاند كلينيك

ما هو العلاج؟

لا يوجد علاج مُحدد لميتانيموفيروس البشري، والعلاج يعتمد في الغالب على تخفيف الأعراض، بحسب بلعاوي.

لكن الخبير في علم الأدوية واللقاحات في لندن، بلال زعيتر، قال لموقع "الحرة" إن هناك لقاحا بالفعل تم تطويره بشكل طارئ لمحاربة هذا الفيروس، بنفس الطريقة التي تم بها تطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا، في حين لا تزال الدراسات جارية للتأكد من فعاليته.

وينصح بلعاوي بدوره من تظهر عليه الأعراض بالراحة وشرب الكثير من السوائل، كما يمكن استخدام الأدوية التي تُصرف دون وصفة طبية لتخفيف الحمى والألم.

لكنه يشير إلى أنه في حالات العدوى الشديدة، قد يلزم العلاج في المستشفى، حيث يُمكن تقديم الرعاية الداعمة، مثل الأكسجين والتهوية الميكانيكية.

طرق الانتقال وسرعة الانتشار

وبحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) في الولايات المتحدة، يمكن التقاط العدوى بهذا الفيروس، من مخالطة المصابين، من إفرازات السعال، أو العطس، أو اللمس، أو المصافحة للمصاب، أو لمس الأسطح الملوثة بالفيروس، ثم لمس الفم أو الأنف أو العين.

وتتراوح فترة الحضانة بين 3 إلى 6 أيام، وقد يختلف متوسط مدة المرض حسب شدته.

ويقول بلعاوي إن "سرعة انتشار الفيروس ليست معروفة بدقة، وتُجرى دراسات لفهم طبيعة انتقاله بشكل أفضل".

طرق الوقاية

تُشبه طرق الوقاية من ميتانيموفيروس البشري hMPV تلك المتبعة للوقاية من نزلات البرد والإنفلونزا بحسب بلعاوي، وهي:

* غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية.
* تجنب لمس العينين، والأنف، والفم بأيدي غير مغسولة.
* تغطية الفم والأنف بمنديل ورقي عند السعال أو العطس، ثم التخلص من المنديل على الفور.
* تنظيف وتطهير الأسطح التي يتم لمسها بشكل متكرر.
* البقاء في المنزل عند الشعور بالمرض لتجنب نقل العدوى للآخرين.

هل يمكن أن ينتقل من الصين إلى بلاد أخرى؟

بالرغم من إعلان السلطات الصحية الصينية أنها تنفذ إجراءات طارئة لمراقبة انتشار المرض وإدارته، فإن هونغ كونغ أبلغت عن وجود عدد من الإصابات بين مواطنيها، فيما أعلنت دول مجاورة مثل تايوان وكمبوديا أنها تراقب الوضع عن كثب.

ويرى بلعاوي أن الصين يجب ان تنفذ إجراءات استباقية مشددة حتى لا ينتشر الفيروس، لكنه أكد في الوقت ذاته أنه لا داع للقلق لأننا نعرف الكثير عنه فضلا عن أن العالم أصبح يعرف الكثير بعد جائحة كورونا بشأن كيفية التعامل مع الأمراض التنفسية والمستشفيات مجهزة لمثل هذا الأمر.

ويؤكد أنه بالرغم من أن الفيروس لا يمثل حاليا تهديدا وبائيا عالميا، فإن الوعي بأعراضه وطرق الوقاية منه يُعد أمرا بالغ الأهمية للحد من انتشاره وحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر مثل المرضى وكبار السن والأطفال.