النصف الثاني من ديسمبر هو الموعد المرتقب لإطلاق لقاح كورونا
النصف الثاني من ديسمبر هو الموعد المرتقب لإطلاق لقاح كورونا

في السباق نحو وضع نهاية لجائحة كورونا، يبدو أنّ النصف الثاني من شهر ديسمبر القادم قد يحمل مفاجآت إيجابية طال انتظارها تتعلق بالقاح، الذي من المتوقع أن يضع حدا لزيادة أعدد الإصابات والوفيات التي تسجل أرقاما قياسية، وذلك بعد الاستحصال على الموافقة الصحية اللازمة.

"أكسفورد"، "فايزر - بيونتيك"، "مودرينا"، أسماء شركات تعمل على تطوير لقاحات قالت إنها تحقق نتائج إيجابية، ما دفع ببعض الدول إلى تقديم طلبات للحصول لقاحات كان آخرها بريطانيا التي تريد حوالى 145 مليون جرعة من الأنواع الثلاث.

النصف الثاني من ديسمبر

كما أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبي، أرسولا فون دير لاين، أمس الخميس، أنّ الاتحاد الأوروبي قد يرخص بشكل مشروط لإنتاج كل من لقاح  فايزر- بيونتك وموديرنا قبل نهاية الشهر المقبل، وكذلك تترقب الشركات المصنعة موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية،  في النصف الثاني من ديسمبر. 

فما هي نسبة فعالية كل منها؟ وكيف تم التوصل إليها ، بأي تقنية وبعد كم تجربة؟

أكسفورد

تجارب أكسفورد أثبتت استجابة "مشجعة" لدى كبار السن

أظهرت نتائج تجربة لقاح "أكسفورد" البريطاني، الذي طورته شركة أسترازينيكا وجامعة أكسفورد، استجابة لدى كبار السن، في العقد السادس والسابع من العمر، وذلك في اختبار شارك فيه 560 متطوعاً بصحة جيّدة.

واعتبرت الشركة أنّ النتيجة "مشجعة"، وبأنها بصدد الإنهاء من المرحلة الثالثة للتجارب، على أنّ تعلن النتائج الحاسمة والنهائية خلال أسابيع، بحسب صحيفة "الغارديان" البريطانية.

وأهم ما يميّز اللقاح، هو استجابة الفئة العمرية بين 56 و69 عاماً، وحتى من هم في السبعين، بنسبة تماثل البالغين الأصغر سناً (بين 18 و55 عاماً)، فضلاً عن أنّ بعد أسبوعين من تلقي المتطوعين اللقاح، تبيّن قيام جهاز المناعة لدى 99 في المائة منهم بتكوين أجسام مضادة.

بدوره، أعرب الباحث في "أكسفورد"، الدكتور ماهشي راماسامي، عن سعادته  بتقبل كبار السن اللقاح، الذي نجح في تحفيز جهاز المناعة لديهم بإنتاج الأجسام المضادة كغيرهم من المتطوعين بأعمار أقل، مؤكّداً أنّ "الخطوة التالية هي التأكد من نجاح اللقاح في الحماية من المرض بشكل كامل".


فايزر- بيونتك

نسبة نجاح للقاح فايزر- بيونتك هي الأعلى لإتمامه التجارب السريرية

أما لقاح شركة فايزر الأميركية ومختبر بيونتك الألماني، فقد تمنحه إدارة الأغذية والدواء الأميركية الموافقة على الاستخدام الطارئ له في النصف الأول من ديسمبر، أو في  بداية النصف الثاني من الشهر،  بحسب ما نقلته وكالة "رويترز" عن الرئيس التنفيذي لبيونتك أوغور شاهين.

وأظهرت النتائج النهائية للتجارب أنّ نسبة فعالية اللقاح هي 95 في المائة، ولم يسجل أي أعراض جانبية كبيرة له، مع تلقيه من قبل 43 ألفاً، لم يصب منهم إلا 170 متطوعاً فقط بمرض كوفيد - 19 الناتج عن الفيروس.

وتعتبر نسبة نجاح اللقاح هي الأعلى، باعتباره انتهى من المراحل السريرية الأخيرة، وقد يمنح الاتحاد الأوروبي موافقة مشروطة عليه في النصف الثاني من ديسمبر أيضاً.

"فايزر" و"بيونتك" تسعيان إلى الاستحصال على الموافقة العلمية في أواخر نوفمبر
طريقة عمله وموعد طرحه.. كل ما تريد معرفته عن لقاح "فايزر" المنتظر
بعدما أظهر نتائج التجارب الأولية للقاح فيروس كورونا لشركة "فايزر" و "بيونتك" نجاحاً بنسبة تزيد عن 90 في المائة، واقتراب كل من لقاح مودرنا الأميركي وشركة "أسترازينيكا" لإثبات نجاحهما في نهاية العالم، يدور التساؤل حول الإجراءات اللازمة لطرح لقاح ينهي الوباء المنتشر في أنحاء العالم، والذي أصاب الملايين.

مودرينا

نسبة فعالية مودارنا وصلت إلى 94.5 في المائة

ووفقاً للبيانات المبكرة التي صدرت عن لقاح شركة "مودرينا" الأميركية، فأنّ نسبة فعاليته ضد فيروس كورونا وصلت إلى 94.5 في المائة، وذلك بعدما دققت من قبل مجلس مراقبة البيانات والسلامة، وهي هيئة مستقلة تشرف على التجارب السريرية للقاح الشركة.

وأعلن مدير المعهد الأميركي للأمراض المعدية، انتوني فاوتشي، أنّه من المتوقع البدء بعمليات التطعيم في النصف الثاني من ديسمبر، على أن يبدأ به الفئات الأكثر عرضة للخطر وكبار السن، ومن ثم توزيعه على باقي الفئات في نهاية أبريل، وفقاً لما ذكرته وكالة "فرانس برس".

وشارك في تجارب اختبار لقاح موديرنا حوالى 30 ألف متطوع في الولايات المتحدة، استلم نصفهم جرعتين من اللقاح على مدى أربعة أسابيع. أما النصف الثاني من المتطوعين، فقد حقنوا بمادة وهمية، كغيرها من تجارب اللقاحات الأخرى التي اتبعت الأسلوب نفسه.


ماذا تحتوي هذه اللقاحات؟

يتشارك كل من لقاح مودرنا ووفايزر باستخدام الأسلوب نفسه، وهو تقنية غير معتمدة من قبل تسمى messenger RNA، أو mRNA، لإنتاج استجابة مناعية لدى الأشخاص الذين يتم تطعيمهم. بمعنى آخر، تقوم اللقاحات بإيصال الحمض النووي الوراثي (mRNA) أو (RNA)، إلى جسم الإنسان ليحول الخلايا إلى بروتينات لها نتوءات تصنع أجسام مضادة مشابهة للنتوءات التي تتواجد فوق فيروس كورونا.

تقنية الحمض النووي الرسول تفتح بابا واسعا أمام صناعة اللقاحات
أمل البشرية في القضاء على كورونا.. قصة "الحمض النووي الرسول"
في منشأة بحجم ملعب كرة قدم في مدينة كالامانزو بولاية ميشيغان الأميركية، ترتص ثلاجات معدنية كبيرة الحجم، بداخلها زجاجات صغيرة تحتوي على سائل محفوظ في درجات حرارة منخفضة. هذا السائل يحمل أملا للبشرية لإنهاء جائحة كورونا.

وفي حال تعرض الشخص الذي تلقى اللقاح لفيروس كورونا فيما بعد، فستعمد الأجسام المضادة مهاجمته بشكل قوي وفعّال. ويتم إعطاء كل من اللقاحين عبر جرعتين يفصل بينهما أسابيع.

أما لقاح أكسفورد، فيختلف عن ما ذكر باعتماده على أسلوب "vector" أو الناقل، إذ استخدم فيروس آمن وقام بتغيير تركيبته، وتحديداً "أدينو فيروس" الذي يصيب فصيلة الشمبانزي من القرود، ولكن تم جعله مشابهاً في تركيبته لفيروس كورونا ولكن ليس له العوارض نفسها.

فارق عملي

وفي ظل التسابق على توفر اللقاح، هناك فارق عملي مهم قد ينعكس على نسبة مبيعات الشركات المصنعة، وهو مدة وأسلوب التخزين، إذ يمكن الاحتفاظ بموديرنا بدرجة حرارة أقل من 20 درجة مئوية تحت الصفر لمدة 30 يوماً، ما يعني إمكانية وضعه في ثلاجات الأطباء والمستشفيات بسهولة.

فايزر يجب تخزينه عند درجة 75 تحت الصفر على الأقل، ولمدة 5 أيام فقط، أما "أكسفورد" فلم يعلم بعد الطريقة اللوجستية لتخزينه ونقله.

صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز
صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز

تنتشر صور لصينيين بالكمامات وأخبار حول اكتظاظ بمستشفيات على مواقع التواصل الاجتماعي وسط تحذيرات من فيروس جديد يصيب الجهاز التنفسي. هذه الأنباء أثارت قلق البعض، لدرجة أن العديد من الأشخاص في الولايات المتحدة عادوا مؤخرا لارتداء الكمامات في المناسبات وأماكن التجمعات.

وتشهد الصين ارتفاعا في حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري المعروف بـ"ميتانيموفيروس" (hMPV)، خاصة في المقاطعات الشمالية وبين الأطفال. ويُعيد هذا إلى الأذهان ذكريات بداية جائحة كورونا، التي ظهرت في مدينة ووهان قبل خمس سنوات وأودت بحياة مئات الآلاف حول العالم.

وبحسب أستاذ ومستشار علاج الأمراض المُعدية، ضرار حسن بلعاوي، في حديثه مع موقع "الحرة" فإن هذا الفيروس يثير بعض المخاوف بسبب تشابه أعراضه مع أعراض الفيروس المخلوي التنفسي والإنفلونزا ونزلات البرد.

ما هو ميتانيموفيروس البشري؟

تم اكتشاف ميتانيموفيروس البشري لأول مرة في هولندا عام 2001. "وبالرغم من أنه جديد نسبيا من حيث اكتشافه، إلا أنه من المُعتقد أن الفيروس كان متواجدا لفترة طويلة قبل ذلك"، بحسب بلعاوي، الذي يشير إلى أن "ميتانيموفيروس" البشري والفيروس المخلوي التنفسي من نفس العائلة.

واعتبارًا من عام 2016، يعتبر ميتانيموفيروس البشري ثاني أكثر أسباب أمراض الجهاز التنفسي الحادة شيوعا (بعد الفيروس المخلوي التنفسي RSV) لدى الأطفال الأصحاء دون سن الخامسة في العيادات الخارجية بالولايات المتحدة الأميركية، بحسب بلعاوي.

وتُشير الدراسات إلى أنه ينتشر موسميًا، عادةً في فصلي الربيع والشتاء.

أما عن ظهور الفيروس مؤخرا في الصين، فإن بلعاوي يعزو ذلك إلى تزايد رصد الحالات وتسليط الضوء عليه، وليس بالضرورة إلى بدايته الفعلية.

ونشر المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها بيانات تُظهر ارتفاعًا ملحوظًا في التهابات الجهاز التنفسي خلال الأسبوع الممتد من 16 إلى 22 ديسمبر 2024. 

ويقول بلعاوي: "ارتبط ميتانيموفيروس البشري بنسبة 6.2 في المئة من نتائج الاختبارات الإيجابية لأمراض الجهاز التنفسي و5.4 في المئة من حالات دخول المستشفيات بسبب أمراض الجهاز التنفسي في الصين، متجاوزًا بذلك كوفيد-19 والراينوفيروس والفيروسات الغدية". 

من يصيب وما مدى خطورته؟

يُصيب ميتانيموفيروس البشري جميع الفئات العمرية، ولكنه يُشكل خطرًا كبيرا على الأطفال الصغار، وكبار السن، والأفراد الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة في الجهاز التنفسي مثل الربو.

في معظم الحالات، تُسبب العدوى أعراضا خفيفة تشبه نزلات البرد، مثل سيلان الأنف، والسعال، والتهاب الحلق، والحمى. ولكن في بعض الحالات، وخاصةً للفئات الأكثر عرضةً للخطر، يمكن أن يُسبب الفيروس التهابات خطيرة في الجهاز التنفسي السفلي، مثل الالتهاب الرئوي والتهاب القصيبات، ما قد يتطلب دخول المستشفى.

أعراض فيروس الجهاز التنفسي البشري- مصدر الصورة: كليفلاند كلينيك

ما هو العلاج؟

لا يوجد علاج مُحدد لميتانيموفيروس البشري، والعلاج يعتمد في الغالب على تخفيف الأعراض، بحسب بلعاوي.

لكن الخبير في علم الأدوية واللقاحات في لندن، بلال زعيتر، قال لموقع "الحرة" إن هناك لقاحا بالفعل تم تطويره بشكل طارئ لمحاربة هذا الفيروس، بنفس الطريقة التي تم بها تطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا، في حين لا تزال الدراسات جارية للتأكد من فعاليته.

وينصح بلعاوي بدوره من تظهر عليه الأعراض بالراحة وشرب الكثير من السوائل، كما يمكن استخدام الأدوية التي تُصرف دون وصفة طبية لتخفيف الحمى والألم.

لكنه يشير إلى أنه في حالات العدوى الشديدة، قد يلزم العلاج في المستشفى، حيث يُمكن تقديم الرعاية الداعمة، مثل الأكسجين والتهوية الميكانيكية.

طرق الانتقال وسرعة الانتشار

وبحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) في الولايات المتحدة، يمكن التقاط العدوى بهذا الفيروس، من مخالطة المصابين، من إفرازات السعال، أو العطس، أو اللمس، أو المصافحة للمصاب، أو لمس الأسطح الملوثة بالفيروس، ثم لمس الفم أو الأنف أو العين.

وتتراوح فترة الحضانة بين 3 إلى 6 أيام، وقد يختلف متوسط مدة المرض حسب شدته.

ويقول بلعاوي إن "سرعة انتشار الفيروس ليست معروفة بدقة، وتُجرى دراسات لفهم طبيعة انتقاله بشكل أفضل".

طرق الوقاية

تُشبه طرق الوقاية من ميتانيموفيروس البشري hMPV تلك المتبعة للوقاية من نزلات البرد والإنفلونزا بحسب بلعاوي، وهي:

* غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية.
* تجنب لمس العينين، والأنف، والفم بأيدي غير مغسولة.
* تغطية الفم والأنف بمنديل ورقي عند السعال أو العطس، ثم التخلص من المنديل على الفور.
* تنظيف وتطهير الأسطح التي يتم لمسها بشكل متكرر.
* البقاء في المنزل عند الشعور بالمرض لتجنب نقل العدوى للآخرين.

هل يمكن أن ينتقل من الصين إلى بلاد أخرى؟

بالرغم من إعلان السلطات الصحية الصينية أنها تنفذ إجراءات طارئة لمراقبة انتشار المرض وإدارته، فإن هونغ كونغ أبلغت عن وجود عدد من الإصابات بين مواطنيها، فيما أعلنت دول مجاورة مثل تايوان وكمبوديا أنها تراقب الوضع عن كثب.

ويرى بلعاوي أن الصين يجب ان تنفذ إجراءات استباقية مشددة حتى لا ينتشر الفيروس، لكنه أكد في الوقت ذاته أنه لا داع للقلق لأننا نعرف الكثير عنه فضلا عن أن العالم أصبح يعرف الكثير بعد جائحة كورونا بشأن كيفية التعامل مع الأمراض التنفسية والمستشفيات مجهزة لمثل هذا الأمر.

ويؤكد أنه بالرغم من أن الفيروس لا يمثل حاليا تهديدا وبائيا عالميا، فإن الوعي بأعراضه وطرق الوقاية منه يُعد أمرا بالغ الأهمية للحد من انتشاره وحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر مثل المرضى وكبار السن والأطفال.