آشلي لوك أخذت الجرعة الأولى وتنتظر جرعة ثانية
آشلي لوك أخذت الجرعة الأولى وتنتظر جرعة ثانية

بدأت الولايات المتحدة ودول أخرى حملة تطعيم ضد فيروس كورونا المستجد وسط شكوك حول جدوى هذه اللقاحات وجهود مبذولة لتعزيز ثقة الناس فيها.

ووسط جدل جديد بدأ يغزو مواقع الإنترنت حول اللقاحات ونظريات "مؤامرة"، لم تتردد الصحفية الأميركية الشابة آشلي لوك (29 عاما) في المشاركة في التجارب على لقاح تطوره شركة أسترازينيكا بالتعاون مع باحثين من جامعة أكسفورد البريطانية.

لوك، التي تعيش في مدينة ناشفيل بولاية تينيسي، كانت من بين المتطوعين في التجارب على اللقاح الذي لم يتم الانتهاء منه بعد، لكن من المتوقع أن يكون من بين اللقاحات المستخدمة لمواجهة الفيروس الذي أصاب العالم في عام 2020.

ظهرت لوك التي أخذت الجرعة الأولى من اللقاح الشهر الماضي، والتي قد تكون لقاحا أو علاجا وهميا، في مقطع فيديو على تطبيق تيك توك، توثق فيه رحلتها إلى العيادة المحلية لإجراء الفحوصات وأخذ عينة دم منها، في تجربة يتوقع أن تستمر لمدة عامين. هذا الفيديو انتشر على نطاق واسع وحاز على عشرات الآلاف من المشاهدات.

كانت آشلي، من بين عدد من المتطوعين الذين وثقوا تجاربهم على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤخرا، لتشجيع الناس على الوثوق في اللقاحات وللرد على نظريات المؤامرة، خاصة فيما يتعلق بالأعراض التي تصيب المشاركين.

وردا على أسئلة موقع الحرة لها عبر البريد الإلكتروني، قالت آشلي، إن ما دفعها للمشاركة رغم "المخاطر" المحتملة، هو مشاهدتها "للآثار المدمرة التي أحدثها المرض على الجميع. تم إغلاق الأعمال التجارية في مدينتي بشكل دائم. يعاني صديق/صديقة لي شاب كان يتمتع بصحة جيدة من آثار المرض بعد أشهر من إصابته. صديق آخر قد توفي كلا جديه بسبب الفيروس. طوال هذا الوقت كنت أشاهد ولم أتمكن من المساعدة، والآن سمحت لي المشاركة إمكانية المساعدة".

وتؤكد، المتطوعة، أنها لم تكن خائفة من المخاطر لأن "أسوأ سيناريو هو أنني سأكون قد تلقيت علاجا وهميا ثم أصاب بالفيروس. أي آثار جانبية للقاح لا يمكن أن تكون أسوأ من الإصابة بالفيروس أو انتشاره. وثقتُ حقا في الأطباء والممرضات والعلماء الذين يعملون على هذا اللقاح".

وقد وصلت أسترازينيكا، إلى المراحل النهائية من اختبار لقاحها، وأعلنت في أواخر نوفمبر الماضي أن اللقاح كان "فعالا للغاية" في الوقاية من الفيروس، إذ حال دون إصابة 70 في المئة من الأشخاص الذين تلقوا جرعتين، وترتفع النسبة إلى 90 في المئة أحيانا.

وقال الباحثون إن متلقي اللقاح لم يتعرضوا لأعراض حادة بعد إصابتهم بعدوى المرض. ويتميز هذا اللقاح بسهولة إعطائه للمرضى في مرافق الرعاية الصحية وتخزينه في درجات حرارة الثلاجة (من 2 إلى 8 درجات مئوية) لمدة ستة أشهر على الأقل.

تجربة آشلي سوف تستمر لمدة عامين، وخلال هذه المدة "سوف يستمر الأطباء في مراقبتي. وسوف أقوم بتسجيل ما أشعر به أسبوعيا في موقع إلكتروني خاص".

ستأخذ الجرعة الثانية في 14 ديسمبر، لتستمر عملية المراقبة التي تشمل أيضا إجراء مكالمات هاتفية لها وزيارات منتظمة للأطباء، الذين سيأخذون منها أيضا عينات دم.

وتقول: "إذا أصبت بمرض لأي سبب (إنفلونزا، نزلة برد، مشكلة في المعدة) فإنهم سيفحصونني".

قبل الجرعة الأولى، أجرى الأطباء لها فحوصا أولية (فحصوا أذني، أنفي، وحنجرتي، أجروا اختبار حمل، وفحص كوفيد-19)، وأخذوا عينة دم. ثم أخذت الجرعة الأولى، وبعد 15 دقيقة من الراحة غادرت العيادة".

قبل أخذ اللقاح، انتابها الشعور بالتوتر، ليس بسبب اللقاح، لكنها كانت من الصغر تشعر بالخوف من اللقاحات وتصاب بالإغماء أحيانا. وتقول: "كنت قلقة من فقدان الوعي، لكن لحسن الحظ لم يحدث ذلك. لم أشعر بالألم على الإطلاق. شعرت وكأنني تلقيت لقاح الإنفلونزا".

لم يحدث لآشلي أي رد فعلي سلبي إزاء أي لقاحات من قبل، وكذلك الجرعة الأولى من لقاح كورونا.
 
وتقول إنها تعرف متطوعين اثنين آخرين، إحداهما لم تظهر عليها أي أعراض مثلها تماما، والأخرى (نشرت مقطع فيديو لها) أصيبت بالحمى، والرعشة، وآلام في العضلات بعد نحو تسع ساعات من تلقيها الجرعة، ثم أخذت تايلينول (مسكن للألم ومخفض للحرارة) واختفت أعراضها في أقل من 24 ساعة، وتشعر على ما يرام منذ ذلك الحين".

وكانت الشركة قد أعلنت، في سبتمبر الماضي، تعليق التجارب، لأن امرأة مشاركة في التجارب أصيبت بأعراض "عصبية"، لكنها قللت من المخاوف من ذلك واستأنفت التجارب.

أكدت آشلي في مقطع آخر على "تيك توك" أنها لا تأخذ أجرا لنشر المقاطع، وفي حوارها مع "الحرة " قالت إنها سوف تحصل على مبلغ 750 دولارا نظير وقتها والتنقلات، بحسب الاتفاق مع الشركة.

ووافقت الولايات المتحدة ودول أخرى على إجازة لقاح "فايزر/بيونتيك" للاستخدام الطارئ، وانطلقت عمليات الشحن في الولايات المتحدة، ومن المتوقع اعتماد لقاحات أخرى، مثل لقاح "موديرنا" ولقاح "أسترازينيكا" في وقت لاحق.

وبينما بدأت حملة التطعيمات، وجد استطلاع جديد أن الأميركيين منقسمون بشأن أخذ اللقاحات في حال توافرت لهم، لأسباب من أهمها المخاوف من مدى سلامتها بعد الإسراع في تطويرها.

والتسريع في إنتاج اللقاحات ليس مصدر قلق بالنسبة لآشلي، لأنها تعرف أن السبب وراء هذا الإسراع هو حصول الشركات على "التمويل الكافي"، وتقول إن اللقاحات "موجودة منذ فترة طويلة. العلماء والأطباء لم يبدأوا من الصفر. كانت لديهم ثروة من المعرفة للاستفادة منها لمساعدتهم في صنع هذا اللقاح. أنا سعيدة لأنهم تمكنوا من تطويره بهذه السرعة، لأن كل يوم يمر، يموت الآلاف من الناس حول العالم. أريد إنقاذ أكبر عدد ممكن من الأرواح".

لكنها أيضا تتفهم تماما مخاوف البعض وترددهم في أخذ اللقاحات، و"لهذا السبب أريد أن أكون منفتحة وصادقة بشأن هذه العملية قدر الإمكان. آمل أنه إذا سمع الناس مني ومن زملائي (عن تجاربنا) عما يمكن توقعه، ألا يشعروا بالقلق حيال ذلك".

وتضيف "من المهم التفكير في كل الأشخاص الذين عملوا بلا توقف لمدة عام تقريبا من أجل صنع هذا اللقاح. إنهم يهتمون بصحتنا وحياتنا، وأقل ما يمكننا القيام به لاحترام عملهم الشاق هو الثقة في اللقاح".

لكن "إذا كنت لا تشعر بالارتياح ولا تزال لديك مخاوف، انتبه لأولئك الذين سيأخذونه أولا، والذين سيتم تطعيمهم ويتمكنون من ممارسة حياتهم الطبيعية بسعادة وبصحة جيدة".

وأنهت حديثا بالقول: "آمل أن تتلاشى هذه المخاوف".

صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز
صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز

تنتشر صور لصينيين بالكمامات وأخبار حول اكتظاظ بمستشفيات على مواقع التواصل الاجتماعي وسط تحذيرات من فيروس جديد يصيب الجهاز التنفسي. هذه الأنباء أثارت قلق البعض، لدرجة أن العديد من الأشخاص في الولايات المتحدة عادوا مؤخرا لارتداء الكمامات في المناسبات وأماكن التجمعات.

وتشهد الصين ارتفاعا في حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري المعروف بـ"ميتانيموفيروس" (hMPV)، خاصة في المقاطعات الشمالية وبين الأطفال. ويُعيد هذا إلى الأذهان ذكريات بداية جائحة كورونا، التي ظهرت في مدينة ووهان قبل خمس سنوات وأودت بحياة مئات الآلاف حول العالم.

وبحسب أستاذ ومستشار علاج الأمراض المُعدية، ضرار حسن بلعاوي، في حديثه مع موقع "الحرة" فإن هذا الفيروس يثير بعض المخاوف بسبب تشابه أعراضه مع أعراض الفيروس المخلوي التنفسي والإنفلونزا ونزلات البرد.

ما هو ميتانيموفيروس البشري؟

تم اكتشاف ميتانيموفيروس البشري لأول مرة في هولندا عام 2001. "وبالرغم من أنه جديد نسبيا من حيث اكتشافه، إلا أنه من المُعتقد أن الفيروس كان متواجدا لفترة طويلة قبل ذلك"، بحسب بلعاوي، الذي يشير إلى أن "ميتانيموفيروس" البشري والفيروس المخلوي التنفسي من نفس العائلة.

واعتبارًا من عام 2016، يعتبر ميتانيموفيروس البشري ثاني أكثر أسباب أمراض الجهاز التنفسي الحادة شيوعا (بعد الفيروس المخلوي التنفسي RSV) لدى الأطفال الأصحاء دون سن الخامسة في العيادات الخارجية بالولايات المتحدة الأميركية، بحسب بلعاوي.

وتُشير الدراسات إلى أنه ينتشر موسميًا، عادةً في فصلي الربيع والشتاء.

أما عن ظهور الفيروس مؤخرا في الصين، فإن بلعاوي يعزو ذلك إلى تزايد رصد الحالات وتسليط الضوء عليه، وليس بالضرورة إلى بدايته الفعلية.

ونشر المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها بيانات تُظهر ارتفاعًا ملحوظًا في التهابات الجهاز التنفسي خلال الأسبوع الممتد من 16 إلى 22 ديسمبر 2024. 

ويقول بلعاوي: "ارتبط ميتانيموفيروس البشري بنسبة 6.2 في المئة من نتائج الاختبارات الإيجابية لأمراض الجهاز التنفسي و5.4 في المئة من حالات دخول المستشفيات بسبب أمراض الجهاز التنفسي في الصين، متجاوزًا بذلك كوفيد-19 والراينوفيروس والفيروسات الغدية". 

من يصيب وما مدى خطورته؟

يُصيب ميتانيموفيروس البشري جميع الفئات العمرية، ولكنه يُشكل خطرًا كبيرا على الأطفال الصغار، وكبار السن، والأفراد الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة في الجهاز التنفسي مثل الربو.

في معظم الحالات، تُسبب العدوى أعراضا خفيفة تشبه نزلات البرد، مثل سيلان الأنف، والسعال، والتهاب الحلق، والحمى. ولكن في بعض الحالات، وخاصةً للفئات الأكثر عرضةً للخطر، يمكن أن يُسبب الفيروس التهابات خطيرة في الجهاز التنفسي السفلي، مثل الالتهاب الرئوي والتهاب القصيبات، ما قد يتطلب دخول المستشفى.

أعراض فيروس الجهاز التنفسي البشري- مصدر الصورة: كليفلاند كلينيك

ما هو العلاج؟

لا يوجد علاج مُحدد لميتانيموفيروس البشري، والعلاج يعتمد في الغالب على تخفيف الأعراض، بحسب بلعاوي.

لكن الخبير في علم الأدوية واللقاحات في لندن، بلال زعيتر، قال لموقع "الحرة" إن هناك لقاحا بالفعل تم تطويره بشكل طارئ لمحاربة هذا الفيروس، بنفس الطريقة التي تم بها تطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا، في حين لا تزال الدراسات جارية للتأكد من فعاليته.

وينصح بلعاوي بدوره من تظهر عليه الأعراض بالراحة وشرب الكثير من السوائل، كما يمكن استخدام الأدوية التي تُصرف دون وصفة طبية لتخفيف الحمى والألم.

لكنه يشير إلى أنه في حالات العدوى الشديدة، قد يلزم العلاج في المستشفى، حيث يُمكن تقديم الرعاية الداعمة، مثل الأكسجين والتهوية الميكانيكية.

طرق الانتقال وسرعة الانتشار

وبحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) في الولايات المتحدة، يمكن التقاط العدوى بهذا الفيروس، من مخالطة المصابين، من إفرازات السعال، أو العطس، أو اللمس، أو المصافحة للمصاب، أو لمس الأسطح الملوثة بالفيروس، ثم لمس الفم أو الأنف أو العين.

وتتراوح فترة الحضانة بين 3 إلى 6 أيام، وقد يختلف متوسط مدة المرض حسب شدته.

ويقول بلعاوي إن "سرعة انتشار الفيروس ليست معروفة بدقة، وتُجرى دراسات لفهم طبيعة انتقاله بشكل أفضل".

طرق الوقاية

تُشبه طرق الوقاية من ميتانيموفيروس البشري hMPV تلك المتبعة للوقاية من نزلات البرد والإنفلونزا بحسب بلعاوي، وهي:

* غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية.
* تجنب لمس العينين، والأنف، والفم بأيدي غير مغسولة.
* تغطية الفم والأنف بمنديل ورقي عند السعال أو العطس، ثم التخلص من المنديل على الفور.
* تنظيف وتطهير الأسطح التي يتم لمسها بشكل متكرر.
* البقاء في المنزل عند الشعور بالمرض لتجنب نقل العدوى للآخرين.

هل يمكن أن ينتقل من الصين إلى بلاد أخرى؟

بالرغم من إعلان السلطات الصحية الصينية أنها تنفذ إجراءات طارئة لمراقبة انتشار المرض وإدارته، فإن هونغ كونغ أبلغت عن وجود عدد من الإصابات بين مواطنيها، فيما أعلنت دول مجاورة مثل تايوان وكمبوديا أنها تراقب الوضع عن كثب.

ويرى بلعاوي أن الصين يجب ان تنفذ إجراءات استباقية مشددة حتى لا ينتشر الفيروس، لكنه أكد في الوقت ذاته أنه لا داع للقلق لأننا نعرف الكثير عنه فضلا عن أن العالم أصبح يعرف الكثير بعد جائحة كورونا بشأن كيفية التعامل مع الأمراض التنفسية والمستشفيات مجهزة لمثل هذا الأمر.

ويؤكد أنه بالرغم من أن الفيروس لا يمثل حاليا تهديدا وبائيا عالميا، فإن الوعي بأعراضه وطرق الوقاية منه يُعد أمرا بالغ الأهمية للحد من انتشاره وحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر مثل المرضى وكبار السن والأطفال.