"يسبب العقم لدى النساء" أو "يحتوي على روبوتات صغيرة" أو "يتضمن مواد جينية تغير الحمض النووي للإنسان" أو "مستخلص من خلاية أجنة مجهضة"، هذه أبرز 4 شائعات تدور حول لقاح كورونا، والتي تدفع بالعديد من الناس إلى الخوف منه.
ووفق ما رصدت منصة "في ميزان فرانس برس" فإن هذه الشائعات يتم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي، وبعض وسائل الإعلام عبر الإنترنت، ولكنها لا تمت للواقع بصلة.
وبدأت الولايات المتحدة، الأحد، عملية لوجستية ضخمة لتوزيع لقاح فايزر-بيونتيك المضاد لكوفيد-19 تمهيدا لبدء حملة تلقيح واسعة النطاق لسكانها، الاثنين.
وأصبحت الولايات المتحدة سادس دولة تعطي موافقتها على اللقاح الذي يصنعه تحالف فايزر-بايونتيك، بعد بريطانيا وكندا والبحرين والسعودية والمكسيك.
وقالت إحدى المتطوعات لتجربة لقاحات كورونا، الصحفية الأميركية، آشلي لوك (29 عاما)، لموقع "الحرة" إنها حتى الآن لم تشعر برد فعلي سلبي إزاء اللقاحات، خاصة وأنها كانت من بين من تلقوا الجرعة الأولى من لقاح كورونا أسترازينيكا - أكسفورد.
وأشارت إلى أنها توثق تجربتها على شبكات التواصل الاجتماعي، لتشجيع الناس على الوثوق في اللقاحات وللرد على نظريات المؤامرة، خاصة فيما يتعلق بالأعراض التي تصيب المشاركين.
وتاليا أبرز الإشاعات التي تم تداولها حول هذه اللقاحات.
"يسبب العقم لدى النساء"
تداول مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي، منشورات باللغات العربية والإنكليزية والألمانية والبرتغالية، تقول إن لقاح فايزر-بيونتيك يسبب العقم لدى النساء.
ودحض هذه الإشاعة العديد من الخبراء وشركة فايزر أيضا.
تظهر في المنشور صورة لمقال بعنوان "مدير الأبحاث في فايزر.. اللقاح يسبب العقم عند النساء حسبما جاء على لسان رئيس شركة فايزر السابق لأبحاث الجهاز التنفسي الطبيب مايكل ييدون".
وتنقل المنشورات عن ييدون قوله إن اللقاح "يحتوي على بروتين سبايك يسمى سينسيتين-1 وهو حيوي لتكوين المشيمة البشرية عند النساء... مما قد يؤدي إلى العقم عند النساء لمدة غير محددة".
داسانتيلا غوليمي كوترا، متخصصة في العلوم الميكروبيولوجية في جامعة يورك، تقول إن "مرسال الحمض النووي الريبي" "RNA"، الذي يعتمده لقاح موديرنا وبيونتك إضافة إلى لقاح فايزر، لا يعمل بهذه الطريقة.
وهذا يعني أن المعلومات مغلوطة واللقاح لا يسبب العقم عند النساء.
وأشارت إلى أنه يزود الخلايا بتعليمات لصناعة البروتين، الذي تتكون منه النتوءات الخارجية للفيروس، وذلك لتوليد استجابة مناعية تعلم الجسم الدفاع عن نفسه عندما يصاب بالفيروس الحقيقي.
وتشرح كوترا أن "المخاوف من احتمال أن تهاجم الأجسام المضادة للبروتين الفيروسي بروتين المشيمة (سينسيتين-1) ضئيلة جدا، لأن سلسلة الأحماض الأمينيّة المتطابقة بينهما صغيرة جدا".
وذكرت أن الجهاز المناعي للإنسان يتعرف إلى البروتين المستهدف كاملا، ولا تقتصر العملية على سلسلة قصيرة من الأحماض الأمينية.
"يحتوي روبوتات تسجل المعلومات"
انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ادعاء بأن اللقاحات المطورة ضد كورونا، تحوي جسيمات نانوية هي روبوتات أو أجهزة كمبيوتر صغيرة يمكن أن تسجل بيانات الإنسان الحيوية.
لكن هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة، ولا وجود لتكنولوجيا تتيح إدخال برمجيات مشابهة إلى جسم الإنسان من خلال اللقاح بحسب ما أكد خبراء لوكالة فرانس برس.
وفي مقطع مصور انتشر مترجما بعدة لغات، ظهرت طبيبة تحذر من أخذ اللقاحات ضد كوفيد-19، لأنها "تغير الحمض النووي للإنسان بشكل جذري"، وأنها تحوي "روبوتات صغيرة تسجل البيانات الحيوية للإنسان وترسلها شبكات تخزين المعلومات وأن مؤسسة بيل غيتس ستأخذ هذه البيانات".
والجسيمات النانوية هي جسيمات مجهرية قياسها أقل من 100 نانوميتر، ويقاس النانو بأجزاء من المليار من المتر.
لكن "لا وجود حتى الآن لتقنية من هذا النوع يمكن من خلالها إدخال روبوتات إلى الجزيئات النانوية في اللقاح"، كما أكد خبير في الأمراض المعدية في جامعة غريفيث، نيجل ماكميلان.
ويوضح أن جزيئات النانو الدهنية الموجودة في اللقاح والمصنوعة من مواد دهنية، كالكوليسترول الموجود في أجسام البشر، أو المستخرجة من النبات، تؤدي دور الحماية للبروتين المضاد للفيروس عند دخوله الخلية.
"يغير الحمض النووي للإنسان"
مستخدمون وصفحات على شبكات التواصل الاجتماعي وبعدة لغات منها العربية، تداولوا منشورات أفادت بأن اللقاحات التي تعتمد على "الحمض النووي الريبي" "RNA"، مثل التي طورها تحالف بيونتك-فايزر وموديرنا، ستحدث تغييرا جذريا في الحمض النووي للإنسان "DNA".
ولكن هذه الإدعاءات لا تعتمد على أدلة علمية، و"إذا كانت هذه اللقاحات ترسل تعليمات جينية، إلا أنها لا تؤدي إلى تغيير في الحمض النووي للإنسان"، بحسب ما أكد متخصصون في علوم الوراثة والمناعة لوكالة فرانس برس.
ومرسال الحمض النووي الريبي "RNA" يعيش لفترة محدودة، وهناك حمض نووي ريبي في جسم الإنسان أكثر بملايين المرات من الكمية الموجودة في اللقاح، بحسب ما أوضح العالم الجيني الفرنسي، أكسل كان.
وأكد أن الحمض النووي سيختفي تلقائيا بعد إنتاج الأجسام المضادة للفيروس.
ماريا فيكتوريا سانشيز، عالمة من مختبرات "أي أم بي أي سي يو" في الأرجنتين، قالت إن تحويل المعلومات الجينية إلى بروتينات فيروسية يحصل داخل السيتوبلازم، وليس داخل نواة الخلية، التي تتضمن الحمض النووي للإنسان.
عالم المناعة، جان دانيال لو ليافر، وصف الادعاء بتغيير مرسال الحمض النووي الريبي "RNA" للحمض النووي للإنسان " بأن نقول إن الطفل يمكن أن يلد أمه".
"يحتوي خلايا أجنة مجهضة"
ضجت شبكات التواصل الاجتماعي، بمقطع مصور يدعي أن لقاح أسترازينيكا-أوكسفورد يحوي خلايا "أم آر سي-5" المستخرجة من الأجنة البشرية المجهضة.
إلا أن الادعاء مضلل، فاللقاح لا يملك هذه الخلايا بحسب المجموعة التي تعمل على تصنيعه، وهو يعتمد على سلالة خلايا أخرى يزرع الفيروس الضعيف فيها ولا تبقى في اللقاح النهائي.
لكن من الصحيح القول إن خلايا "أم سي آر - 5" استخرجت من نسيج رئة جنين أجهض في أسبوعه الرابع عشر في ستينيات القرن الماضي.
واستخدم باحثون هذه السلالة الخلوية لزرع مكونات فيروس موهن لإنتاج لقاحات ضد أمراض مثل الجدري والحصبة والنكاف، وتؤكد مجموعة أوكسفورد للقاحات أن عملية الإجهاض كانت شرعية وافقت عليها الأم ولم تكن غايتها البتة خدمة إنتاج لقاحات.
وقال متحدث باسم مجموعة أكسفورد المنتجة للقاحات لوكالة فرانس برس، إن السلالة المستخدمة في إنتاج اللقاح هي HEK-293 وليست "أم آر سي-5".
واستخرجت هذه السلالة من خلايا جنين أُجهض في هولندا عام 1973. وقد استنسخت مرارا في المختبرات بهدف زرع الفيروس الضعيف أو المادة النشطة منه فيها خلال تجارب اللقاحات.
وتشير مجموعة أوكسفود أَنه من المضلل "حسم" وجود مادة بشرية في اللقاحات التي تستخدم سلالات جينية، "فبعد زرع الفيروس الضعيف في الخلايا تجري تنقيته مرات عديدة، ما يجعل من احتمال احتواء المنتج النهائي على مادة بشرية بعيدا جدا".
أي أن اللقاح يتضمن الفيروس نفسه لا الخلية المستنسخة التي استخدمت في حقل التجارب.
كيف يعمل اللقاح؟
يقوم عمل اللقاحات، وفق مبدأ واحد، ألا وهو تعليم الجسم أن يتعرف على مسبب المرض لإنتاج استجابة مناعيّة.
ولتحقيق ذلك، في حالة الأمراض الفيروسية، توجد عدة تقنيات "كلاسيكية" منها استخدام "فيروس ميت"، وهي فئة اللقاحات "المعطلة" مثل لقاحات شركتي سينوفاك وسينوفارم الصينيتين.
وهناك أيضا ما يسمى بلقاحات "الوحدة الفرعية" التي تعتمد على البروتينات المضادة التي تحفز استجابة مناعية دون إضافة الفيروس نفسه.
وتعد اللقاحات الأخرى، المعروفة باسم لقاحات "الناقل الفيروسي"، أكثر ابتكارا لأنها تستخدم فيروسا آخر يتم تحويله وتكييفه لمحاربة كوفيد-19، وهي التقنية التي اختارتها جامعة أكسفورد وروسيا في لقاحاتهم، والتي تستخدم فيروسات غدية.
أخيرا، تعتمد المشاريع المبتكرة الأخرى على لقاحات تحتوي على جزء من الحمض النووي للفيروس "RNA"، وهي منتجات تجريبية تستخدم أجزاء من المواد الجينية المعدلة، وهذه هي الحال بالنسبة للقاحات التي طورتها موديرنا وفايز-بيونتيك، وهي اللقاحات "المتهمة" من دون دليل بتغيير الحمض النووي للإنسان.