الإرهاق يستمر حتى لو كان الشخص ينام ويستريح أكثر من أي وقت آخر
الإرهاق يستمر حتى لو كان الشخص ينام ويستريح أكثر من أي وقت آخر

غالبا ما يتفاجأ الناس بمدى إجهادهم أثناء الإصابة بعدوى كورونا، لكن الإرهاق بعد الشفاء من الإصابة بالفيروس، يعتبر "مشكلة حقيقية"، وفقا لموقع "سينس أليرت".

الإرهاق هو أكثر من مجرد الشعور بالتعب أو النعاس، و"الإرهاق المفرط" يستمر على الرغم من الراحة أو النوم الجيد، وهو من المحتمل أن يكون نتيجة "الاستجابة المناعية القوية" من الجسم ضد الفيروس.

ويستمر الإرهاق عند بعض الأشخاص، حتى بعد الشفاء من العدوى.

والفرق بين التعب والإرهاق هو أنه "يمكن أن يتحسن المصاب بالتعب مع قسط كاف من الراحة، بينما يستمر الإرهاق حتى لو كان الشخص ينام ويستريح".

ونظرا لعدم وجود "تعريف متفق عليه للإرهاق" بعد الإصابة بكورونا، فمن المستحيل إعطاء "أرقام دقيقة" لعدد الأشخاص الذين يعانون منه.

وتختلف التقديرات في جميع أنحاء العالم، ووجدت مراجعة واحدة لـ 21 دراسة أن 13-33 في المئة من الأشخاص أصيبوا بالإرهاق بعد 16-20 أسبوعا من بدء الأعراض. وهذه مشكلة واسعة الانتشار "بشكل مقلق".

وفي وقت مبكر من الوباء، أدرك بعض المصابين أن لديهم "مجموعة من الأعراض المنهكة" التي استمرت لأشهر، والتي أطلق عليها الآثار "طويلة الأمد" لكورونا. ويعاني حوالي 85 في المئة من مرضى كورونا منذ فترة طويلة من التعب، مما يجعله أحد أكثر أعراض كورونا طويلة الأمد شيوعا.

ويشار إلى أن المصابين بالآثار طويلة الأمد، يعانون من أعراض أخرى، مثل "ضباب الدماغ" والصداع وآلام العضلات.

وتساعد اللقاحات على تجنب الإرهاق بعد الإصابة بكورونا، عبر تقليل فرصة الإصابة بالفيروس في المقام الأول. والأشخاص الذين تم تطعيمهم والذين يصابون بكورونا، هم أقل عرضة للإبلاغ عن الإرهاق، ويقل احتمال إصابتهم بآثار كورونا طويلة الأمد.

ورغم ذلك، فإن التطعيم "ليس وقائيا بنسبة 100 في المئة"، وهناك الكثير من الأشخاص الذين تم تطعيمهم بالكامل والذين يعانون من الإرهاق لفترة طويلة.

وهذه بعض الطرق للمساعدة على التعافي من الإرهاق بعد الإصابة بكورونا، وهي:

1. محاولة العودة إلى "الأنشطة العادية" التي تساعد في ضبط مستويات الطاقة، وذلك عبر تحديد الأولويات والتركيز على ما يمكن فعله، بدلا مما لا يمكن فعله.

2. العودة إلى التمارين تدريجيا "قد تساعد على التعافي"، ولكن قد تحتاج إلى بعض الدعم حول كيفية "إدارة أو تجنب" الإرهاق بعد ذلك، إضافة لإرشادات ونصائح من معالجين مهنيين، أو أخصائيين بالعلاج الطبيعي، وأخصائيين بفسيولوجيا التمارين الرياضية.

3. إعطاء الأولوية للنوم، بدلا من الشعور بالذنب حيال النوم لفترات طويلة. فمن المهم الحصول على قسط من الراحة أيضا عندما تشعر بالتعب أثناء النهار.

4. تناول مجموعة من الأطعمة المغذية، وتذكر أنه يمكن أن يؤدي فقدان حاسة الشم والذوق والشهية بسبب الإصابة بكورونا إلى جعل هذا الأمر صعبا. ومع ذلك ، حاول أن تنظر إلى الطعام على أنه وسيلة لتزويد جسمك بالطاقة والمغذيات التي يحتاجها للشفاء.

5. "راقب إرهاقك" عبر التدوين بمفكرة، وقد تلاحظ تحسنا تدريجيا، وستكون لديك أيام جيدة وأيام سيئة، وبشكل قد يكون هناك "مسار بطيء نحو التعافي".

صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز
صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز

تنتشر صور لصينيين بالكمامات وأخبار حول اكتظاظ بمستشفيات على مواقع التواصل الاجتماعي وسط تحذيرات من فيروس جديد يصيب الجهاز التنفسي. هذه الأنباء أثارت قلق البعض، لدرجة أن العديد من الأشخاص في الولايات المتحدة عادوا مؤخرا لارتداء الكمامات في المناسبات وأماكن التجمعات.

وتشهد الصين ارتفاعا في حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري المعروف بـ"ميتانيموفيروس" (hMPV)، خاصة في المقاطعات الشمالية وبين الأطفال. ويُعيد هذا إلى الأذهان ذكريات بداية جائحة كورونا، التي ظهرت في مدينة ووهان قبل خمس سنوات وأودت بحياة مئات الآلاف حول العالم.

وبحسب أستاذ ومستشار علاج الأمراض المُعدية، ضرار حسن بلعاوي، في حديثه مع موقع "الحرة" فإن هذا الفيروس يثير بعض المخاوف بسبب تشابه أعراضه مع أعراض الفيروس المخلوي التنفسي والإنفلونزا ونزلات البرد.

ما هو ميتانيموفيروس البشري؟

تم اكتشاف ميتانيموفيروس البشري لأول مرة في هولندا عام 2001. "وبالرغم من أنه جديد نسبيا من حيث اكتشافه، إلا أنه من المُعتقد أن الفيروس كان متواجدا لفترة طويلة قبل ذلك"، بحسب بلعاوي، الذي يشير إلى أن "ميتانيموفيروس" البشري والفيروس المخلوي التنفسي من نفس العائلة.

واعتبارًا من عام 2016، يعتبر ميتانيموفيروس البشري ثاني أكثر أسباب أمراض الجهاز التنفسي الحادة شيوعا (بعد الفيروس المخلوي التنفسي RSV) لدى الأطفال الأصحاء دون سن الخامسة في العيادات الخارجية بالولايات المتحدة الأميركية، بحسب بلعاوي.

وتُشير الدراسات إلى أنه ينتشر موسميًا، عادةً في فصلي الربيع والشتاء.

أما عن ظهور الفيروس مؤخرا في الصين، فإن بلعاوي يعزو ذلك إلى تزايد رصد الحالات وتسليط الضوء عليه، وليس بالضرورة إلى بدايته الفعلية.

ونشر المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها بيانات تُظهر ارتفاعًا ملحوظًا في التهابات الجهاز التنفسي خلال الأسبوع الممتد من 16 إلى 22 ديسمبر 2024. 

ويقول بلعاوي: "ارتبط ميتانيموفيروس البشري بنسبة 6.2 في المئة من نتائج الاختبارات الإيجابية لأمراض الجهاز التنفسي و5.4 في المئة من حالات دخول المستشفيات بسبب أمراض الجهاز التنفسي في الصين، متجاوزًا بذلك كوفيد-19 والراينوفيروس والفيروسات الغدية". 

من يصيب وما مدى خطورته؟

يُصيب ميتانيموفيروس البشري جميع الفئات العمرية، ولكنه يُشكل خطرًا كبيرا على الأطفال الصغار، وكبار السن، والأفراد الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة في الجهاز التنفسي مثل الربو.

في معظم الحالات، تُسبب العدوى أعراضا خفيفة تشبه نزلات البرد، مثل سيلان الأنف، والسعال، والتهاب الحلق، والحمى. ولكن في بعض الحالات، وخاصةً للفئات الأكثر عرضةً للخطر، يمكن أن يُسبب الفيروس التهابات خطيرة في الجهاز التنفسي السفلي، مثل الالتهاب الرئوي والتهاب القصيبات، ما قد يتطلب دخول المستشفى.

أعراض فيروس الجهاز التنفسي البشري- مصدر الصورة: كليفلاند كلينيك

ما هو العلاج؟

لا يوجد علاج مُحدد لميتانيموفيروس البشري، والعلاج يعتمد في الغالب على تخفيف الأعراض، بحسب بلعاوي.

لكن الخبير في علم الأدوية واللقاحات في لندن، بلال زعيتر، قال لموقع "الحرة" إن هناك لقاحا بالفعل تم تطويره بشكل طارئ لمحاربة هذا الفيروس، بنفس الطريقة التي تم بها تطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا، في حين لا تزال الدراسات جارية للتأكد من فعاليته.

وينصح بلعاوي بدوره من تظهر عليه الأعراض بالراحة وشرب الكثير من السوائل، كما يمكن استخدام الأدوية التي تُصرف دون وصفة طبية لتخفيف الحمى والألم.

لكنه يشير إلى أنه في حالات العدوى الشديدة، قد يلزم العلاج في المستشفى، حيث يُمكن تقديم الرعاية الداعمة، مثل الأكسجين والتهوية الميكانيكية.

طرق الانتقال وسرعة الانتشار

وبحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) في الولايات المتحدة، يمكن التقاط العدوى بهذا الفيروس، من مخالطة المصابين، من إفرازات السعال، أو العطس، أو اللمس، أو المصافحة للمصاب، أو لمس الأسطح الملوثة بالفيروس، ثم لمس الفم أو الأنف أو العين.

وتتراوح فترة الحضانة بين 3 إلى 6 أيام، وقد يختلف متوسط مدة المرض حسب شدته.

ويقول بلعاوي إن "سرعة انتشار الفيروس ليست معروفة بدقة، وتُجرى دراسات لفهم طبيعة انتقاله بشكل أفضل".

طرق الوقاية

تُشبه طرق الوقاية من ميتانيموفيروس البشري hMPV تلك المتبعة للوقاية من نزلات البرد والإنفلونزا بحسب بلعاوي، وهي:

* غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية.
* تجنب لمس العينين، والأنف، والفم بأيدي غير مغسولة.
* تغطية الفم والأنف بمنديل ورقي عند السعال أو العطس، ثم التخلص من المنديل على الفور.
* تنظيف وتطهير الأسطح التي يتم لمسها بشكل متكرر.
* البقاء في المنزل عند الشعور بالمرض لتجنب نقل العدوى للآخرين.

هل يمكن أن ينتقل من الصين إلى بلاد أخرى؟

بالرغم من إعلان السلطات الصحية الصينية أنها تنفذ إجراءات طارئة لمراقبة انتشار المرض وإدارته، فإن هونغ كونغ أبلغت عن وجود عدد من الإصابات بين مواطنيها، فيما أعلنت دول مجاورة مثل تايوان وكمبوديا أنها تراقب الوضع عن كثب.

ويرى بلعاوي أن الصين يجب ان تنفذ إجراءات استباقية مشددة حتى لا ينتشر الفيروس، لكنه أكد في الوقت ذاته أنه لا داع للقلق لأننا نعرف الكثير عنه فضلا عن أن العالم أصبح يعرف الكثير بعد جائحة كورونا بشأن كيفية التعامل مع الأمراض التنفسية والمستشفيات مجهزة لمثل هذا الأمر.

ويؤكد أنه بالرغم من أن الفيروس لا يمثل حاليا تهديدا وبائيا عالميا، فإن الوعي بأعراضه وطرق الوقاية منه يُعد أمرا بالغ الأهمية للحد من انتشاره وحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر مثل المرضى وكبار السن والأطفال.