خبراء يقدرون أكثر من مليون حالة وفاة في الصين بسبب كوفيد
خبراء يقدرون أكثر من مليون حالة وفاة في الصين بسبب كوفيد

قدر خبراء أن الصين قد شهدت أكثر من مليون حالة وفاة بسبب كوفيد-19 منذ رفع القيود الوبائية شهر ديسمبر الماضي، وفقا لصحيفة "الغارديان".

وقالت السلطات الصحية الصينية إن حوالي 80 بالمئة من سكان البلاد أصيبوا بكوفيد-19 منذ رفع القيود في أوائل ديسمبر، مما يعني أن عدوى الفيروس التاجي انتقلت إلى 1.2 مليار شخص.

ودفعت هذه الأرقام بعض الخبراء إلى تقدير أن عدد حالات الوفاة المرتبطة بفيروس كورونا المستجد في الصين خلال أقل من شهرين قد يفوق مليون وفاة.

وتعد هذه التقديرات أعلى بكثير من الأرقام الرسمية التي أقرتها السلطات الصينية والبالغة حوالي 72 وفاة بمختلف أنحاء الصين.

وقال طبيب الأمراض المعدية في جامعة سيدني، روبرت بوي، إن عدد الوفيات من المرجح أن يكون ما بين 600 ألف ومليون. 

وأضاف بوي وخبراء آخرون تحدثوا إلى صحيفة "الغارديان" إن الفيروس ربما ينتشر بالفعل على نطاق أوسع بكثير مما كان معروفا قبل رفع القيود.

وتابع: "ربما تكون الصين قد تخلت عن سياستها الخاصة بصفر كوفيد في الأسبوع الأول من شهر ديسمبر، لكنهم كانوا بالفعل يتخبطون ويفشلون".

وأشار إلى أن الصين من الممكن أن تفقد 850 ألف شخص خلال الأسابيع المقبلة – معظمهم من كبار السن الذين لم يتم تطعيمهم بالكامل، حسب قوله.

وقلل المسؤولون الصينيون من الموجة الوبائية التي تتعرض لها البلاد بقولهم إن الأسوأ قد انتهى في معركتها مع الوباء.

لكن هناك الكثير من الشكوك حول رواية الصين عن انتشار الفيروس الذي أثقل كاهل المستشفيات ومحارق الجثث منذ أن تخلت بكين عن القيود الصارمة المرتبطة بكوفيد-19 والاختبارات الجماعية.

واجتاحت الصين موجة إصابات مدفوعة بسلسلة من متحور أوميكرون والمتغيرات المرتبطة به، بعد أن أنهت الحكومة فجأة سياستها الخاصة ورفعت كل القيود قبل وقت قصير من بدء العام القمري الجديد وعيد الربيع. 

والسبت، قال المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها إن حوالي 80 بالمئة من سكان البلاد البالغ عددهم 1.41 مليار شخص أصيبوا في هذه الموجة.

في الأسبوع الذي يسبق العام القمري الجديد، أبلغت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها عن 12658 حالة وفاة، مما أضاف إلى العدد الرسمي للوفيات الوبائية بحوالي 60 ألف شخص، وهو ما يعتقد معظم المراقبين أنه أقل بكثير من الرقم الحقيقي. 

وكانت منظمة الصحة العالمية اتهمت الحكومة الصينية بالافتقار إلى الشفافية في تقديم البيانات المتعلقة بالوباء. في المقابل، نرفض بكين الاتهامات ودافعت عن إلغاء سياسة "صفر كوفيد" بشكل مفاجئ.

وقال الأستاذ المشارك في السياسة الصحية والاقتصاد بجامعة ييل، شي تشين، إنه لم يكن لدى أي شخص بيانات كافية لقياس عدد الوفيات في الصين بدقة.

ومع ذلك، قال إن افتراض أن الصين لديها معدل أقل معدل وفيات 0.11 بالمئة يشير بالفعل إلى أن حوالي 1.23 مليون شخص قد توفي بسبب فيروس كورونا.

واستند مدير معهد الصحة العالمية بجامعة جنيف، أنطوان فلاهولت، في تقديره إلى معدلات الوفيات الزائدة - عدد الوفيات من جميع الأسباب التي تتجاوز المتوسط - في البلدان الأخرى التي مرت بأولى موجات كوفيد الرئيسية.

وقال: "إذا أخذنا هونغ كونغ كمثال، فهناك هذه الأيام معدل وفيات زائد ... وهو ما يقرب من 2000 حالة وفاة لكل مليون. إذا قمت بتحويل هذا المعدل إلى الصين، فستصل إلى أقل بقليل من 3 ملايين حالة وفاة".

وأضاف فلاهولت: "إذا أخذنا البرازيل، فإن الرقم يقترب من 4000 وفاة لكل مليون، لذلك فهو الضعف".

صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز
صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز

تنتشر صور لصينيين بالكمامات وأخبار حول اكتظاظ بمستشفيات على مواقع التواصل الاجتماعي وسط تحذيرات من فيروس جديد يصيب الجهاز التنفسي. هذه الأنباء أثارت قلق البعض، لدرجة أن العديد من الأشخاص في الولايات المتحدة عادوا مؤخرا لارتداء الكمامات في المناسبات وأماكن التجمعات.

وتشهد الصين ارتفاعا في حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري المعروف بـ"ميتانيموفيروس" (hMPV)، خاصة في المقاطعات الشمالية وبين الأطفال. ويُعيد هذا إلى الأذهان ذكريات بداية جائحة كورونا، التي ظهرت في مدينة ووهان قبل خمس سنوات وأودت بحياة مئات الآلاف حول العالم.

وبحسب أستاذ ومستشار علاج الأمراض المُعدية، ضرار حسن بلعاوي، في حديثه مع موقع "الحرة" فإن هذا الفيروس يثير بعض المخاوف بسبب تشابه أعراضه مع أعراض الفيروس المخلوي التنفسي والإنفلونزا ونزلات البرد.

ما هو ميتانيموفيروس البشري؟

تم اكتشاف ميتانيموفيروس البشري لأول مرة في هولندا عام 2001. "وبالرغم من أنه جديد نسبيا من حيث اكتشافه، إلا أنه من المُعتقد أن الفيروس كان متواجدا لفترة طويلة قبل ذلك"، بحسب بلعاوي، الذي يشير إلى أن "ميتانيموفيروس" البشري والفيروس المخلوي التنفسي من نفس العائلة.

واعتبارًا من عام 2016، يعتبر ميتانيموفيروس البشري ثاني أكثر أسباب أمراض الجهاز التنفسي الحادة شيوعا (بعد الفيروس المخلوي التنفسي RSV) لدى الأطفال الأصحاء دون سن الخامسة في العيادات الخارجية بالولايات المتحدة الأميركية، بحسب بلعاوي.

وتُشير الدراسات إلى أنه ينتشر موسميًا، عادةً في فصلي الربيع والشتاء.

أما عن ظهور الفيروس مؤخرا في الصين، فإن بلعاوي يعزو ذلك إلى تزايد رصد الحالات وتسليط الضوء عليه، وليس بالضرورة إلى بدايته الفعلية.

ونشر المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها بيانات تُظهر ارتفاعًا ملحوظًا في التهابات الجهاز التنفسي خلال الأسبوع الممتد من 16 إلى 22 ديسمبر 2024. 

ويقول بلعاوي: "ارتبط ميتانيموفيروس البشري بنسبة 6.2 في المئة من نتائج الاختبارات الإيجابية لأمراض الجهاز التنفسي و5.4 في المئة من حالات دخول المستشفيات بسبب أمراض الجهاز التنفسي في الصين، متجاوزًا بذلك كوفيد-19 والراينوفيروس والفيروسات الغدية". 

من يصيب وما مدى خطورته؟

يُصيب ميتانيموفيروس البشري جميع الفئات العمرية، ولكنه يُشكل خطرًا كبيرا على الأطفال الصغار، وكبار السن، والأفراد الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة في الجهاز التنفسي مثل الربو.

في معظم الحالات، تُسبب العدوى أعراضا خفيفة تشبه نزلات البرد، مثل سيلان الأنف، والسعال، والتهاب الحلق، والحمى. ولكن في بعض الحالات، وخاصةً للفئات الأكثر عرضةً للخطر، يمكن أن يُسبب الفيروس التهابات خطيرة في الجهاز التنفسي السفلي، مثل الالتهاب الرئوي والتهاب القصيبات، ما قد يتطلب دخول المستشفى.

أعراض فيروس الجهاز التنفسي البشري- مصدر الصورة: كليفلاند كلينيك

ما هو العلاج؟

لا يوجد علاج مُحدد لميتانيموفيروس البشري، والعلاج يعتمد في الغالب على تخفيف الأعراض، بحسب بلعاوي.

لكن الخبير في علم الأدوية واللقاحات في لندن، بلال زعيتر، قال لموقع "الحرة" إن هناك لقاحا بالفعل تم تطويره بشكل طارئ لمحاربة هذا الفيروس، بنفس الطريقة التي تم بها تطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا، في حين لا تزال الدراسات جارية للتأكد من فعاليته.

وينصح بلعاوي بدوره من تظهر عليه الأعراض بالراحة وشرب الكثير من السوائل، كما يمكن استخدام الأدوية التي تُصرف دون وصفة طبية لتخفيف الحمى والألم.

لكنه يشير إلى أنه في حالات العدوى الشديدة، قد يلزم العلاج في المستشفى، حيث يُمكن تقديم الرعاية الداعمة، مثل الأكسجين والتهوية الميكانيكية.

طرق الانتقال وسرعة الانتشار

وبحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) في الولايات المتحدة، يمكن التقاط العدوى بهذا الفيروس، من مخالطة المصابين، من إفرازات السعال، أو العطس، أو اللمس، أو المصافحة للمصاب، أو لمس الأسطح الملوثة بالفيروس، ثم لمس الفم أو الأنف أو العين.

وتتراوح فترة الحضانة بين 3 إلى 6 أيام، وقد يختلف متوسط مدة المرض حسب شدته.

ويقول بلعاوي إن "سرعة انتشار الفيروس ليست معروفة بدقة، وتُجرى دراسات لفهم طبيعة انتقاله بشكل أفضل".

طرق الوقاية

تُشبه طرق الوقاية من ميتانيموفيروس البشري hMPV تلك المتبعة للوقاية من نزلات البرد والإنفلونزا بحسب بلعاوي، وهي:

* غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية.
* تجنب لمس العينين، والأنف، والفم بأيدي غير مغسولة.
* تغطية الفم والأنف بمنديل ورقي عند السعال أو العطس، ثم التخلص من المنديل على الفور.
* تنظيف وتطهير الأسطح التي يتم لمسها بشكل متكرر.
* البقاء في المنزل عند الشعور بالمرض لتجنب نقل العدوى للآخرين.

هل يمكن أن ينتقل من الصين إلى بلاد أخرى؟

بالرغم من إعلان السلطات الصحية الصينية أنها تنفذ إجراءات طارئة لمراقبة انتشار المرض وإدارته، فإن هونغ كونغ أبلغت عن وجود عدد من الإصابات بين مواطنيها، فيما أعلنت دول مجاورة مثل تايوان وكمبوديا أنها تراقب الوضع عن كثب.

ويرى بلعاوي أن الصين يجب ان تنفذ إجراءات استباقية مشددة حتى لا ينتشر الفيروس، لكنه أكد في الوقت ذاته أنه لا داع للقلق لأننا نعرف الكثير عنه فضلا عن أن العالم أصبح يعرف الكثير بعد جائحة كورونا بشأن كيفية التعامل مع الأمراض التنفسية والمستشفيات مجهزة لمثل هذا الأمر.

ويؤكد أنه بالرغم من أن الفيروس لا يمثل حاليا تهديدا وبائيا عالميا، فإن الوعي بأعراضه وطرق الوقاية منه يُعد أمرا بالغ الأهمية للحد من انتشاره وحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر مثل المرضى وكبار السن والأطفال.