بعد سقوط الأسد.. ما مصير طالبي اللجوء السوريين في أميركا؟
وصل إلى الولايات المتحدة لقضاء إجازة، وبعد أيام اضطر إلى تقديم طلب لجوء سياسي.
ولا يزال السوري رامي عبد الحميد، منذ أكثر من 10 أعوام، ينتظر قرارا من السلطات الأميركية بشأن طلبه.
والآن، بعد سقوط نظام بشار الأسد، أصبحت أوضاع اللاجئين السوريين، ولا سيما غير المحسومة، أكثر تعقيدا.
كان عبد الحميد وزوجته وابنتاه، يقيمون في السعودية، حين قرروا زيارة أميركا.
أراد أن يصطحب ابنتيه إلى مدينة الملاهي، دزني لاند، في كاليفورنيا. لكن بعد أيام على وصوله، تلقى بالبريد الإلكتروني إبلاغا بأنهاء عقد عمله في المملكة؛ وإقامته أيضا.
"تزامن ذلك مع تردي الوضع في سوريا،" يقول لموقع "الحرة".
"أعدموا أخي ميدانيا، واعتقلوا أختي، وكنت مطلوبا لفرعين أمنيين".
تحول عبد الحميد منذ تلك اللحظة "من زائر إلى حائر"، على حد تعبيره.
لم يكن مهيئا للبقاء في أميركا، لكن كان عليه أن يسعى لتأمين وضع قانوني لأسرته في هذا البلد.
"قدمت طلب لجوء في سبتمبر 2013، إلى جانب معاملات أخرى مثل طلب الحماية المؤقتة (TPS) وتصريح عمل"، يقول.
تقول المحامية الأميركية المتخصصة في شؤون الهجرة، ليندن ويت، لموقع الحرة: إن "برنامج الحماية المؤقتة (TPS) يمنح وضعاً قانونياً مؤقتًا للأفراد القادمين من دول تشهد نزاعات مسلحة أو كوارث طبيعية، تمنع عودتهم بأمان" إلى البلد الأم.
خلال الأعوام الماضية، أجرى عبد الحميد مقابلات عديدة، خصوصا في عامي 2016 و2022، مع إدارة الهجرة.
"أخذوا صورنا وبصماتنا، وبياناتنا الحيوية، الـ "biometrics".
"تواصلتُ مع بعض أعضاء الكونغرس، والسيناتور المسؤول عن ولاية فيرجينيا (حيث يقيم الآن)، وكذلك أرسلت إلى البيت الأبيض أشرح وضعي وأطلب المساعدة".
"وراجعت كل مكان له علاقة بموضوع اللجوء، إلا أنني لم أتلقَ رداً حاسماً، ولا يزال الانتظار مستمراً،" يتابع.
تراجع ملحوظ
منذ اندلاع الأزمة السورية في عام 2011، تغيرت سياسات الولايات المتحدة في ما يتعلق باستقبال اللاجئين السوريين، بشكل ملحوظ.
في البداية كانت السلطات المعنية بالهجرة تبت في طلب اللاجئ السوري، في الرفض أو القبول، في مدة محددة لا تتجاوز 24 شهر.
مع امتداد الأزمة السورية، ارتفع عدد طالبي اللجوء من السوريين في الولايات المتحدة. وتباينت معدلات قبول الطلبات مع مرور الوقت.
في السنوات الأولى من الأزمة، كانت الموافقة على الطلبات تصل إلى 81%، لكنها انخفضت إلى 46% في عام 2014.
وصارت مراجعة طلبات اللجوء وحسمها تستغرق سنوات.
ما الأسباب؟
أدى تصاعد المخاوف الأمنية، وخاصة بعد ظهور تنظيم داعش في سوريا وسيطرته على مساحات شاسعة من أراضيها في تلك الفترة، إلى تعزيز عمليات التدقيق الأمني لملفات طالبي اللجوء في أميركا.
وتأثرت أيضا معالجة الطلبات.
ومع زيادة عدد المتقدمين بطلبات اللجوء، واجه النظام الأميركي (السيستم) تحديات لوجستية أدت إلى تراكم ملفات اللجوء والتأخر في دراستها والبت فيها.
وانعكست التغيرات في السياسات الداخلية والخارجية للولايات المتحدة على نهجها في قبول اللاجئين. وكان تأثير ذلك سلبيا على معدلات قبول اللاجئين السوريين.
اليوم.. مع رحيل الأسد، ووصول دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة لولاية ثانية، يتساءل اللاجئون السوريون وأولئك الذين يخضعون للحماية المؤقتة (TPS) في أميركا، عن مصيرهم.
إعادة تقييم
قد تعيد السلطات الأميركية تقييم الوضع في سوريا لتحديد ما إذا كانت الظروف لا تزال تستدعي استمرار برنامج الحماية المؤقتة للسوريين.
إذا قررت السلطات أن الظروف في سوريا قد تحسنت بما يكفي، فقد تنهي العمل ببرنامج الحماية المؤقتة، فيتأثر وضع المستفيدين منه.
تقول المحامية، ليندن ويت، "عندما تمر دولة ما بتغيير كبير، كما حصل في سورية، فقد يؤثر ذلك على طلبات لجوء مواطينها".
"إذا اعتبر قاضي الهجرة أن الظروف في البلد الأصلي لطالب اللجوء قد تغيرت ولم يعد خوفه من العودة إلى بلده مبررا، فقد يؤدي ذلك إلى رفض طلب اللجوء لبعض الحالات"، تقول.
لكنها تستبعد أن تخصص الحكومة موارد مالية لإعادة النظر في حالات اللجوء بهدف إلغائها بسبب تغير الظروف في بلد المنشأ".
"عادة ما يكون التركيز على إعادة فتح القضايا التي تتعلق بوقوع احتيال. أما المرحلة الأكثر احتمالا التي يحصل فيها إعادة تقييم طلب اللجوء من جانب الحكومة هي عندما يتقدم اللاجئ المعترف به بطلب للحصول على الإقامة الدائمة".
وتضيف ويت "بشكل عام، فإن الحماية المؤقتة لا تمنح الأشخاص المقيمين في الولايات المتحدة حق التقدم للحصول على الإقامة الدائمة، في حين يستطيع اللاجئون الذين تمت الموافقة على طلبات لجوئهم التقدم بطلب للحصول على الإقامة الدائمة بعد مرور عام على منحهم اللجوء".
ماذا سيحدث في سبتمبر 2025؟
وعن طالبي اللجوء السوريين، تقول المحامية: "حالياً، تنتهي صلاحية الحماية المؤقتة للسوريين في 30 سبتمبر 2025، ومن غير المرجح أن يتم تمديدها، خاصة أن الإدارة الحالية قد ألغت بالفعل برامج حماية أخرى مثل تلك الممنوحة لفنزويلا".
وتوضح السيدة ويت: "إذا تم إلغاء اللجوء، يمكن لوزارة الأمن الداخلي (DHS) البدء في إجراءات الترحيل، لكن الشخص سيكون له فرصة للمثول أمام قاضي الهجرة وتقديم أسباب قانونية للدفاع عن وضعه، وربما محاولة إثبات استمرار الخوف من الاضطهاد في بلده الأصلي".
مصير مجهول
حتى الآن، لم تصدر الحكومة الأميركية بيانات رسمية تحدد التغييرات المحتملة في سياساتها تجاه اللاجئين السوريين أو المستفيدين من الحماية المؤقتة. ومن المتوقع أن يتم تقييم الوضع الأمني والإنساني في سوريا بعناية قبل اتخاذ أي قرارات.
وقد تتأثر أوضاع اللاجئين، عموما، بالسياسات التي ستتبناها إدارة الرئيس دونالد ترامب. فنهج "أميركا أولاً" الذي يتبناه قد يؤثر على سياسات اللجوء والهجرة، إلا أن التفاصيل الدقيقة لم تتضح بعد.
ولا ينظر اللاجئون السوريين إلى فكرة العودة إلى الوطن، من منظار واحد.
فبينما ينظر بعضهم بإيجابية إلى الفكرة، يساور آخرين القلق نظرا للتحديات العملية والاعتبارات الواقعية المرتبطة بالعودة.
فغياب المبررات الأمنية للجوء، لا يعني أن الطريق معبد للعودة.
وضع الاقتصاد السوري يعاني من تضخم تجاوز 300%، وفقا لصندوق النقد الدولي 2024. وهناك غياب للبنية التحتية، حيث أن 60% من المستشفيات و70% من المدارس مدمرة، وفقا لتقرير البنك الدولي.
"السوريون في بلاد اللجوء درسوا وأسسوا أعمالهم ومساراتهم المهنية وتمكنوا من الاندماج في المجتمعات التي لجؤوا إليها،" يقول عبدالحميد.
مدوا جذورا في التربة الجديدة، وبالتالي، فالحديث عن العودة، بالنسبة لعضهم، مثل محاولة اقتلاع شجرة من جذورها.
"صار لي أكثر من 10 سنوات هنا،" يقول عبد الحميد.
"أطفال درسوا هنا، وكبروا هنا، وما زلت أنتظر".