وجوه وقضايا

الأكراد الفيليون في العراق.. رحلة البحث عن الهوية ورفات الضحايا

عبد الخالق سلطان - دهوك
25 فبراير 2025

من تعرضهم للاختفاء القسري وصولًا إلى تهجيرهم من مناطقهم مرورًا بالحرمان من المواطنة، تستمر مأساة الأكراد الفيليين في العراق رغم سقوط نظام البعث الذي مارس كافة صنوف الاضطهاد على هذا المكون العراقي.

وأعاد مستشار شؤون الأكراد الفيليين في مجلس النواب العراقي، فؤاد علي أكبر، تسليط الضوء على هذه القضية، حين أكد أن أبناء عرقه يسعون للضغط على الحكومة العراقية لإنصافهم وإنهاء معاناتهم المستمرة.

وكانت السلطات العراقية، إبان حكم صدام حسين، قد أبعدت الكثير من الأكراد الفيليين، وخصوصًا في أبريل 1980، بذريعة التبعية الإيرانية.

وينتمي الأكراد الفيليون إلى شعب اللور، ويقطنون في شريط حدودي يمتد من جلولاء وخانقين ومندلي في محافظة ديالى إلى بدرة وجصان وبعض النواحي في محافظة واسط.

والفيليون من الشيعة الجعفرية، وتختلف لهجتهم الكردية عن مثيلاتها في كردستان العراق، وقد سكن بعضهم بغداد لمزاولة النشاط التجاري.

وفي عام 2014، أصدرت المحكمة الجنائية العراقية العليا أحكامًا بالسجن والإعدام على مسؤولين في عهد صدام حسين في قضايا قتل وتهجير وإسقاط الجنسية عن الأكراد الفيليين.

وأبرز الإدانات كانت في قضايا تهجير الأكراد الفيليين وإسقاط الجنسية عنهم ومصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة، واستخدام قسم منهم في حقول تجارب الأسلحة الكيميائية، واستخدامهم دروعًا بشرية في الخطوط الأمامية خلال الحرب مع إيران (1980-1988).

وبحسب إحصائيات اتحاد الأكراد الفيليين، فإن عدد الفيليين الموجودين في عموم العراق (بما في ذلك إقليم كردستان) يفوق 3 ملايين نسمة، ويتكونون من 15 عشيرة.

وقال علي أكبر، لموقع "الحرة"، إنه لا يوجد تمثيل "حقيقي" للمكون الفيلي على مستوى المؤسسات الحكومية والوزارية، مشيرًا إلى أن أقلية من أبناء عرقه ومن أعراق أخرى استحوذت على مناصب إدارية باسم الكرد الفيليين، مستغلين مأساتهم لتحقيق "مكاسب شخصية أو حزبية".

واستفحلت معاناة الفيليين في السنوات الأخيرة، بحسب قول علي أكبر، الذي كشف أنه رغم صدور قوانين وقرارات لتعويض ذوي الضحايا، فإن "تعقيدات وعراقيل" وُضعت أمام المواطنين لإنهاء معاملاتهم الخاصة بالتعويضات.

وذكر أن عدد ضحايا الأكراد الفيليين الذين غيبهم النظام البعثي في ثمانينيات القرن الماضي وصل إلى 22 ألف شخص، ولم يُعثر على "رفات أحد" منهم إلى الآن.

تدويل القضية الفيلية

وقال علي أكبر إنه بعد مرور 22 سنة على تحرير العراق، لا يزال هناك "تراخٍ وإهمال" حكومي بهذا الملف، موضحًا أنه مع مجموعة من الناشطين تحركوا في أكثر من اتجاه لتفعيل هذا الملف وإنصاف الأكراد الفيليين.

وأوضح أنهم سجلوا شكوى لدى مجلس القضاء الأعلى العراقي، للضغط على الحكومة لتشكيل فرق ميدانية تبحث عن رفات المفقودين والمغيبين الفيليين.

ولم يكتفوا بذلك، بل قاموا برفع شكوى في محكمة لاهاي الدولية بهدف "كسب تأييد هذه الجهات العالمية" للضغط على السلطات العراقية، لإنصاف الكرد الفيليين، والعثور على المقابر الجماعية للضحايا، والتعامل بجدية مع هذا الملف.

وأشار إلى وجود "تقصير" من السلطات وعدم جدية في البحث عن رفات الضحايا الذين قُتلوا وأُعدموا قبل عقود، قائلًا: "الحكومة لا تضغط على أعوان النظام البائد المحتجزين لديها للاعتراف بأماكن تواجد هؤلاء الضحايا".

الإجراءات المتخذة في قسم المقابر الجماعية في "مؤسسة الشهداء"، "غير جادة" بحسب علي أكبر، الذي أضاف أنه "لا توجد لديهم أجهزة متطورة لفحص DNA بحيث تدقق عينات عديدة في وقت قصير".

وأضاف أن الحكومة لا تدعم قسم المقابر الجماعية، ما دفعهم للتحرك لحث المجتمع الدولي للضغط على السلطات العراقية لتوفير الإمكانيات المناسبة.

ولفت علي أكبر إلى استمرار عدم تمكن أكراد فيليين من الحصول على هويات عراقية إلى الآن، موضحًا أن الذين هُجِّروا في السبعينيات يصعب إصدار هويات لهم بسبب تعذر العثور على قيود لهم في سجل سنة 1957، لذلك فإن أغلبهم لا يزالون يعتبرون تابعين لإيران وأجانب في العراق.

تهجير قسري ومعاناة مستمرة

وبدأت معاناة الفيليين منذ تولي حزب البعث الحكم في النصف الثاني من القرن العشرين، بحسب داود سليمان، المنتمي لعشيرة "السوره ميري" الفيلية.

ويقول سليمان، لموقع "الحرة"، إن السلطات إبان حكم البعث أقدمت على ترحيل أبناء هذه العشيرة من مناطقها الأصلية في سبعينيات القرن الماضي بزعم تبعيتها لإيران.

وفي الحملة الأولى من التهجير، التي انطلقت مع انتهاء الثورة الكردية 1975، أبعدت السلطات سكان القرى الكرد الفيلية في محافظة ديالى، وفق سليمان.

وكانت عشيرة "السوره ميري"، المنتشرة في 13 قرية فيلية، العشيرة الأولى التي هُجرت، بحسب سليمان.

وصادرت السلطات أراضي وممتلكات أبناء العشيرة، وأبعدتهم إلى بقية المحافظات العراقية، "فلم يبقَ منهم أحد في حدود محافظتهم ديالى"، يقول سليمان.

وأردف قائلًا: "رحلونا بسيارات الزيل العسكرية إلى الرمادي".

وبدأت المرحلة "التعسفية" الثانية من معاناة الكرد الفيليين بإخراجهم من العراق إلى إيران، في حملة انطلقت عام 1979، بحسب سليمان.

وقال إن النظام السابق مارس أشكالًا مختلفة من "القمع" ضد المكون الفيلي في تلك الفترة، فاحتجز نحو 17 ألفًا من شباب الفيليين و"أعدمهم في أماكن لم يتم العثور على رفاتهم إلى الآن"، على حد قوله.

وذكر سليمان أن الفيليين الذين كانوا يمثلون "الطبقة الأولى من التجار" في بغداد نهاية السبعينيات من القرن الماضي، تم تصفيتهم ومحاربتهم، وتهجيرهم بطرق مختلفة من العراق.

هوية مفقودة

وكان النظام السابق قد وضع شرطًا "تعجيزيًا" أمام طالبي الجنسية العراقية من الكرد الفيليين ليتم طردهم من البلاد، بحسب داود سليمان.

وأضاف أن النظام السابق كان يطلب قيود نفوس الشخص الراغب بالحصول على الجنسية لسجلات نفوس أعوام 1934 و1947 و1957، قبل أن يطالبه بإحضار أحد شيوخ عشيرته ليشهد بأنه عراقي، مؤكدًا أنه اختبر هذه التجربة "المريرة" شخصيًا.

وقال إن الشخص الذي لا يلبي هذه الشروط، كانت السلطات تصادر أمواله وممتلكاته، و"يجردونه من كل شيء ويرمونه على الحدود الإيرانية بحجة تبعيته لإيران".

وكانت الحكومة الإيرانية هي الأخرى تتعامل بقسوة معهم، فقد خصصت "معسكرات رديئة" في ذلك الوقت لاستقبالهم، مما دفع بأغلبهم إلى الهجرة لأوروبا.

وأوضح سليمان أن عمليات تصفية الأكراد الفيليين بدأت في بدايات الثمانينيات عبر طرق عديدة، إما باستدعائهم عن طريق المخابرات وبعدها يُعدمون ثم يُدفنون في مقبرة كبيرة في منطقة (محمد السكران) في ضواحي بغداد، أو تقتادهم السلطات إلى "نكرة سلمان"، ويدفنون في الصحراء.

تعهدات واعترافات حكومية

من جهته، أكد مستشار رئيس الوزراء لشؤون الأكراد الفيليين، طارق المندلاوي، أن الحكومة العراقية الحالية اهتمت بالمكون الفيلي بـ"الاعتراف" بالإبادة الجماعية التي تعرض لها الأكراد الفيليين في زمن النظام البائد، عبر تحديد "يوم 2 أبريل" يومًا للشهيد الفيلي.

وذكر المندلاوي، لموقع "الحرة"، أنهم أخذوا من الحكومة "تعهّدًا" بإزالة كافة الآثار السيئة لما تعرض له الأكراد الفيليون، من إسقاط الجنسية وإعادة الأموال والممتلكات المنقولة منهم.

وأكد أن هناك "لجنة في الأمانة العامة" في الحكومة تتابع ملف الأكراد الفيليين مع الجهات النافذة.

وهناك الكثير من الأكراد الفيليين الذين أعدمهم النظام البائد، ولكنهم لا يزالون على "قيد الحياة في السجلات الرسمية"، بحسب المندلاوي.

وأضاف أنهم يحتاجون إلى إصدار "وثيقة وفاة" لهؤلاء، ليتم "اعتبارهم شهداء"، وبالتالي تمنح السلطات تعويضات لذويهم، منوهًا بأنه تم إصدار نحو 100 وثيقة وفاة فقط إلى الآن.

ولفت المندلاوي إلى أنهم سيزورون إيران للالتقاء بجالية الأكراد الفيليين "المهجرين قسرًا إلى إيران" للاستماع إليهم والنظر في مطالبهم، وهم يتوزعون في قم ويزد وإيلام وطهران، وأعدادهم بالآلاف.

وأشار إلى استمرار الجهود مع دائرة شؤون المقابر الجماعية لمتابعة ملف الضحايا الذين غيّبهم النظام العراقي السابق، بحسب المندلاوي.

وأوضح أنهم سجلوا شكوى لدى المحكمة الاتحادية ضد أتباع النظام البعثي البائد الذين تم القبض عليهم خلال الفترة الأخيرة، بغية "الضغط عليهم" لبيان مواقع المقابر الجماعية للأكراد الفيليين.

وبين أنهم في تواصل مستمر مع دائرة شؤون المقابر الجماعية ومؤسسة الشهداء وجهاز الأمن الوطني وبقية الجهات المعنية في البحث عن المقابر التي تضم رفات الضحايا.

"بدون" وتراث ضائع

ويمتلك الأكراد الفيليون تراثًا ولغة خاصة تمنحهم "الخصوصية والتميّز" عن بقية المكونات العراقية، بحسب داود أسعد ميرزا، رئيس اتحاد الكرد الفيليين في كركوك.

لكن الكثير من تراثهم قد "ضاع" بسبب عمليات التهجير والترحيل القسري التي تعرضوا لها، وأصبحت لغتهم "محدودة" التداول، وفق ما أضاف ميرزا في حديث مع "موقع الحرة".

وطالب ميرزا الجهات المعنية في الحكومة العراقية بضرورة الاهتمام "بتراث الأكراد الفيليين وثقافتهم"، باعتباره جزءًا من التراث العراقي، وإرثًا مهمًا من تاريخ المنطقة.

وذكر رئيس اتحاد الأكراد الفيليين أن معاناة الفيليين في العراق كانت بسبب مذهبهم الشيعي وقوميتهم الكردية، وهذا ما "فاقم من اضطهادهم" خلال العقود الماضية.

وأشار إلى وجود آلاف الأكراد الفيليين في منطقة "دولة آباد" الإيرانية، وهم لا يمتلكون أي هوية أو جنسية تثبت وجودهم، ويُسمَّون "بدون".

فالنظام السابق حرمهم من الهوية لأنه يعتبرهم من "التبعية الإيرانية"، في حين أن إيران لا تعطيهم الهوية لأنها لا تزال تعتبرهم "لاجئين على أراضيها".

وبحسب إحصائيات اتحاد الأكراد الفيليين، فإن عدد الفيليين الموجودين في عموم العراق (بما في ذلك إقليم كردستان) يفوق 3 ملايين نسمة، ويتكونون من 15 عشيرة، ولديهم لغة خاصة بهم.

عبد الخالق سلطان

وجوه وقضايا

"اليهود البغداديون".. حكاية بصمات عراقية في الهند

رامي الأمين
23 أبريل 2025

يحكي الملحن البريطاني براين إلياس في مقطع فيديو عن خليط بين الطعام البغدادي اليهودي والتوابل الهندية. ما زال هذا الخليط يسكن ذاكرته ويشعر بطعمه في فمه، لما يعنيه من مزيج ثقافات في أطباق كانت تُعد بأيادي "اليهود البغداديين" في منطقة بايكولا في مدينة مومباي الهندية.

الفيديو واحد من عشرات الفيديوهات التي تنشرها الشابة البريطانية كيرا شالوم في حسابها "تاريخ المزراحي" The Mizrahi History على إنستغرام، لشهادات وذكريات لليهود المشرقيين من مختلف البلدان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

شالوم التي تتحدّر من عائلة يهودية بغدادية عاشت في الهند حتى ستينيات القرن الماضي، تخصّص الكثير من وقتها، ومساحة كبيرة من حساباتها في وسائل التواصل الاجتماعي، للإضاءة على تاريخ ما يُعرف بـ"اليهود البغداديين".

وصل هؤلاء بأعداد كبيرة إلى الهند في النصف الأول من القرن التاسع عشر، ولم يبق منهم سوى أعداد قليلة ما زالت تعيش هناك.

في كتابها "اليهود البغداديون في الهند"، تقول المؤرخة الإسرائيلية شالفا ويل إن هذه الفئة من اليهود معروفة في الهند وخارجها رغم عددها القليل، ومعظمها يتحدث اللغة العربية بالإضافة إلى الإنجليزية والهندية.

يتحدر هؤلاء بحسب ويل، ليس من بغداد فحسب، بل أيضاً من مدن عراقية أخرى كالبصرة والموصل، وكذلك من سوريا واليمن وإيران وبخارى وأفغانستان. بهذا المعنى فإن التسمية لا تعني حصراً اليهود المتحدّرين من العاصمة العراقية، بل تشمل يهوداً مزراحيين (شرقيين) من مناطق مختلفة في الشرق الأوسط.

تشير الكاتبة الإسرائيلية إلى أن أول يهودي وصل الهند من بغداد كان يدعى جوزف سماح ورست سفينته في مرفأ سورات في غوجارات الهندية في عام 1730، وترك بغداد بحثاً عن فرص تجارية جديدة.

ومع بدايات القرن التاسع عشر بحسب الكاتبة، تحولت مومباي إلى ملجأ كبير لعدد من اليهود الناطقين بالعربية الذين هربوا من بطش داود باشا، آخر حكام العراق من المماليك في الفترة بين عامي 1816 و1831.

أما التاريخ المفصلي في ترسيخ الوجود اليهودي البغدادي في مومباي وتطورها الاقتصادي نتيجة ذلك، فكان مع وصول ديفيد ساسون وعائلته إلى المدينة في عام 1832، حيث عملوا في تجارة الأفيون قبل أن تصبح غير شرعية.

بَنَت هذه العائلة سيناغوغ (كنيس يهودي) في بايكولا في مومباي، وآخر حمل اسم إلياهو في وسط المدينة، ثم بعد أن أصبحت تجارة الأفيون غير شرعية انتقل آل ساسون إلى الاستثمار في انتاج وبيع أكياس الرمل المخصصة للدشم (تحصينات دفاعية) العسكرية في الحروب، وحققوا أرباحاً طائلة.

كما أسهم دايفد وألبرت ساسون في بناء ميناء تجاري في مومباي والعديد من المدارس والمستشفيات التي ما يزال بعضها موجوداً حتى اليوم.

صورة من أرشيف كيرا شالوم الخاص

في تقديرات لأعداد اليهود البغداديين، فإنها بلغت حتى الربع الأول من القرن العشرين نحو سبعة آلاف نسمة، لكنها سرعان ما انخفضت بشكل كبير مع منتصف القرن العشرين.

تربط ويل في كتابها بين نَيل الهند استقلالها في عام 1947 وبدء اليهود بالتفكير بالرحيل عنها، والسبب أن القوانين التي أقرتها الحكومة الهندية بعد الاستقلال ضيقت عمليات التجارة والاستيراد والتصدير، وحدّت من قدرة اليهود البغداديين على الاستثمار في التجارة وإيجاد فرص جديدة.

كما شكّل إعلان دولة إسرائيل في عام 1948 فرصة ليهود بغداديين للهجرة إليها، لكن معظمهم اختاروا بلداناً ناطقة بالإنجليزية، بينما بقي نحو ألفين منهم في الهند حتى سنوات لاحقة، قبل أن ينتقلوا إلى بريطانيا واستراليا وكندا وأميركا.

تقول كيرا شالوم إن عائلتها غادرت الهند في عام 1961، أي بعد سنوات طويلة من نيلها الاستقلال، وقبل تأسيس دولة إسرائيل.

حاولت شالوم أن تفهم من أقاربها سبب رحيل اليهود البغداديين من الهند، لكنها، كما تقول، لم تحصل على سبب مقنع، خاصة وأن "معاداة السامية لم تكن حاضرة بأي شكل من الأشكال في الهند، واندمج أهلها وغيرهم في المجتمع الهندي بشكل كامل، أي مع المسلمين والهندوس".

حتى حينما كان اليهود يتعرضون لمجازر في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية، لم يتعرض من كان في الهند لأية مضايقات، وفقاً لشالوم التي ما تزال تحتفظ بصور لعائلتها في مومباي وبعضهم يلبس أزياء عربية.

كان لليهود البغداديين كما تشرح شالوم، بصماتهم على الثقافة الهندية، ومساهماتهم الكبيرة في نهضة الهند، وتذكر من بين الشخصيات اليهودية البغدادية البارزة، الممثلة العراقية نادرة (فلورنسا حزقيل) التي ولدت في بغداد عام 1932 وعاشت في الهند حتى وفاتها عام 2006، وحصلت على شهرة في سينما بوليود.

من الشخصيات الأخرى التي تذكرها، الجنرال (جي أف آر يعقوب)، وهو قائد عسكري هندي من أصول يهودية بغدادية، لعب دوراً في استقلال بنغلاديش عام 1971.

وأثر اليهود البغداديون في المطبخ الهندي، إذ أدخلوا العديد من الأطباق العراقية التي أضيفت إليها التوابل الهندية أو بعض المكونات البريطانية.

وتتحدث شالوم بشغف عن توارث هذه الأطباق في عائلتها وشيوع استخدام الجيل الذي عاش في الهند اللغات الهندية والعربية والإنجليزية في جملة واحدة، كما بقي الأحفاد يستخدمون الدلالات الهندية في الإشارة إلى الجدّ أو الجدة، من مثل "نانا" و"ناني".

لم تزر هذه الشابة البريطانية العراق أبداً، كما أنها لم تزر الهند. تقول إنها "تتمنى زيارة الهند قريباً، لكنها لا تفكّر بزيارة العراق الآن، كذلك الأمر بالنسبة إلى باقي أفراد عائلتها، حيث يمنعهم الخوف بشكل أساسي من التفكير في زيارة البلاد التي يتحدرون منها".

لكنها لا تنكر حنين العديد من أفراد عائلتها وأقاربها إلى بغداد والثقافة العراقية، خاصة الموسيقى والطعام، فضلاً عن الحنين إلى الهند التي ما تزال تحتفظ بالكثير من الآثار والبصمات الثقافية والدينية التي تركها القادمون من بغداد ومدن أخرى.

رامي الأمين