مسلسل المهرج الذي صدر في الخامس عشر من ديسمبرالماضي

"سأحكي لكم عن جريمة لم تسمعوا مثلها في حياتكم"

بهذه الجملة استهل الكاتب السوري بسام جنيد ملخص مسلسله الذي أرسله لشركات الإنتاج، متحدياً بذلك نفسه بتقديم عمل سوري يحاكي المستويات العالمية في تقديم الأعمال البوليسية.

في الخامس عشر من شهر ديسمبر من عام 2024 عرضت منصة "شاهد" التلفزيونية العربية أولى حلقات المسلسل السوري "المهرج".

أبرز الأحداث التي شهدتها سوريا بسقوط نظام بشار الأسد، بعد حرب دامت أكثر من 14 عاماً، لم تحل دون بروز مسلسل "المهرج" ليصبح من أكثر المسلسلات متابعة على المنصة.

الاعتقاد ساد بأن العمل مقتبس من "فورمات" أميركية، إلا أن أكثر ما يميز هذا العمل أنه أصلي من جهة القصة والحوارات التي أبدع فيها الكاتب السوري، بسام جنيد.

"لم أقتبس فكرة العمل من أي عمل فني أو أدبي آخر، وهي فكرة خاصة بي ونتاج تحدٍ خاص بيني وبين نفسي"، يقول كاتب العمل بسام جنيد في حديث مع موقع الحرة.

العمل من إخراج رشا شربتجي، ومن بطولة نخبة من نجوم الشاشة السورية الذين جهِدوا في إمتاع المتفرجين على مدى عشر حلقات تلفزيونية.

بدأ المسلسل بجريمة قتل شاب يُدعى "طالب"، ويعمل سكرتيراً لدى طبيبة تجميل تقوم بدورها الممثلة أمل بوشوشة.

خيوط الحكاية انكشفت بمزج الكاتب بين التحقيقات التي تجري في الوقت الراهن و"فلاش باك" لخلفية القصة لتوريط المشاهد في مشاركة المحقق لاكتشاف القاتل.

ينتهي "الفلاش باك" في منتصف الحلقة الثانية ليستمر العمل بمحاولة حلحلة عقدة الجريمة بأسلوب مشوّق ومقارِب لحبكات المسلسلات البوليسية العالمية. وهذه نقطة تُحسَب لبسام جنيد، كاتب العمل.

"تعاني الدراما البوليسية في عالمنا العربي من مطب النمطية"، يقول الكاتب شارحاً وجهة نظره في الأعمال البوليسية العربية بشكل عام.

ويتابع: "عند كتابة هذا النوع من الأعمال يعتمد معظم الكتّاب على قوالب جاهزة، فتتحول شخصيات المحقق والقاتل إلى شخصية نمطية مكررة، فتبدو الحوارات جافة ورسميّة، ويشعر المشاهد بأن المسلسل من عالم آخر".

ولكن جنيد تجنب هذه النمطية في عمله البوليسي الأول عن طريق إدخال حس الكوميديا لشخصية منصور التي أدّاها باسم ياخور. وجعل من المحقق إنساناً طبيعياً يضحك ويمزح، يحب ويكره، وذلك حسب تعبير الكاتب ذاته.

مؤلف المسلسل الكاتب السوري بسام جنيد

"أميركي الطابع"

الحبكة المعقدة متعددة الطبقات للمسلسل دفعت بعض المشاهدين إلى استشعار استخدام الأسلوب الأميركي في مسلسل "المهرج" ، وهو أمر لم ينكره الكاتب.

"طبيعة العمل فرضت عليَّ الأسلوب الأميركي وذلك بالاعتماد على المشاهد السريعة والكثافة في الأحداث ومحاولة إشراك المشاهد في الحكاية ليكون جزءاً من اللعبة".

"لا أنكر أنني متأثر بالدراما الأميركية، ومن الملاحظات التي تردني دائماً من المخرجين عندما يقرؤون أعمالي هي أن تقطيع المشاهد عندي هو تقطيع أميركي"، على حد تعبيره.

ولكن المشاهد المتمرّس يدرك أن جنيد حافظ على الهوية الثقافية العربية في "المهرج"، الأمر الذي أضاف طابعاً متميزاً على الدراما البوليسية العربية.

رمزية وتلميحات سياسية

"المهرج عمل بوليسي تشويقي، لكنه يحمل بين سطوره قصصاً عن الحب والغيرة والفقر والظلم والاستبداد"، يقول جنيد.

الرمزية كانت بالنسبة للكاتب وسيلة لتمرير رسائل اجتماعية وإنسانية متعددة الأبعاد.

ويؤكد أن اختيار اسم "المهرج" عنواناً للعمل لم يكن عشوائياً.

"العنوان جاء أثناء كتابة العمل، ومَن أوحى لي بذلك هو المحقق إبراهيم الذي ألمح إلى القاتل بهذا الوصف".

فهو بذلك: "أسقط مفهوم المهرج على كل المتهمين بعد أن تعرَّف على حكايتهم واكتشف كم الزيف والكذب الذي يؤطر حياتهم" يضيف مسلطا الضوء على الجوانب الخفية التي كانت تحملها كل شخصية من الشخصيات.

وبالحديث عن الرمزية فقد رصد بعض المشاهدين والنقاد تلميحات سياسية داخل العمل.

فالعمل لم يتضمن أي صورة لرأس النظام السابق، بشار الأسد، رغم كونه مصوراً منذ عام 2023 ورغم أنه يتضمَّن مشاهد في مبنى يُفترَض أن يكون مبنى الأمن الجنائي.

بالإضافة إلى جمل أخرى منها جملة: "سقوط النظام الملكي" التي وردت في إحدى الرسائل التي تركها المقتول قبل موته.

"ما شاهدتموه في مسلسل 'المهرج' هو جزء مما كُتب، إذ حذفَت الرقابة العديد من المشاهد والعبارات كالمعتاد"، في تأكيده على رسائل سياسية أخرى لم تمر من أعين الرقابة.

"في بلادنا، حيث تُفرض القيود على كل شيء، يلجأ الكُتّاب إلى التلميح لتمرير أفكارهم السياسية"، يقول جنيد.

النقد الموجَّه للعمل

البعض يرى أن أحداث المسلسل لا يمكن أن تدور في المجتمع السوري، فالتحقيق الجنائي المعروض في المسلسل لا يشبه ما اعتادت عليه الأفرع الجنائية في سوريا، ولا يمكن أن يكون بهذه الطريقة المنطقية في المعالجة والتحليل.

لكن البيئة السورية التي تعاني من آثار الحرب، وتحديداً قبل سقوط النظام، ستُلغي بالضرورة الكثير من القصص التي يمكن تصويرها عبر الدراما، وفقا لجنيد.

وإذا كان الكاتب مرهوناً بتقديم نصوص تعكس الواقع السوري بشكل حَرفي، ستتجه الأعمال نحو معالجة قضايا لا تشبه المشاهد العربي بسبب خصوصية الحالة السورية، ولا تشبه المشاهد السوري بسبب قيود الرقابة التي فرضها النظام الأمني السوري السابق، على حد تعبيره.

هل سيغيّر الفن الواقع؟

في حديثه عن دور الفن في تغيير الواقع، قدّم جنيد رؤية واضحة تُبرز وعيه العميق بطبيعة العمل الفني.

"نظرياً، لا يمكن للفن أن يُغيّر الواقع" يقول جنيد، "فمهمة الفن هو أن يسلط الضوء على قضايا المجتمع، لكن هذا لا يعني أن يتوقف عن أداء دوره، وإلا سيصبح الوضع أكثر سوءاً".

تأثير الفن والأدب، بحسب جنيد، لا يتمثل في إحداث تغيير مباشر وفوري، لأن هذه الأعمال بطبيعتها عملية تراكمية وتأثيرها يكون في إرساء وعي تراكمي، وهذا يحتاج إلى جهود متواصلة من جميع العاملين في المجال الفني والأدبي.

جنيد هو كاتب ومسرحي سوري بدأ مسيرته المسرحية عام 1997 بالمشاركة في مسرحية "بلاد أضيق من الحب"، وكتب عدة أعمال درامية: "خبر عاجل" (2008)، و"الزلزال" (2010)، و"بعد عدة سنوات" (2021)، إلا أن مسلسل "المهرج" هو جواز مروره الأول للدراما العربية، وذلك حسب وصفه للحرة.

الترجي، الذي تأسس عام 1919، هو أكثر الفرق التونسية تتويجا عبر التاريخ
الترجي، الذي تأسس عام 1919، هو أكثر الفرق التونسية تتويجا عبر التاريخ

في حي شاكر جنوبي العاصمة التونسية، ترعرع وائل شتيوي وسط عائلة متيمة بحب عميد أندية الدولة الترجي الرياضي.

فتح وائل عينيه مبكرا على أغاني وأهازيج "الألتراس" الساخطة على الأوضاع السياسية والاجتماعية في بلد عاش الاستبداد لمدة 23 عاما في ظل نظام الرئيس الأسبق، زين العابدين بن علي.

سرعان ما انضم وائل إلى إحدى المجموعات المناصرة للترجي الرياضي التونسي، ليبدأ منذ ذلك الوقت بالتنقل بين ملاعب مختلفة من البلاد لتشجيع فريقه.

قبل بضع سنوات، حصل وائل على شهادة البكالوريا، بحث في الأرجاء عن طريق نحو الهجرة لمواصلة دراساته العليا خارج البلد.

وجد وكالة متخصصة في تسفير الطلاب إلى الخارج، مكنته بعد جهود من الحصول على مقعد في إحدى المؤسسات التعليمية الأميركية.

يقيم وائل الآن في شمالي ولاية فيرجينيا الأميركية قرب العاصمة واشنطن، يغرق في دروسه ويحاول بين الفينة والأخرى تأمين بعض الموارد المالية لتحسين وضعه الاجتماعي.

أبريل 2024، كان يوما مميزا في حياة وائل، والسبب نجاح الفريق الذي "يعشقه" في التأهل لكأس العالم للأندية التي ستقام في الولايات المتحدة الأميركية في صيف هذا العام.

سيتيح هذا الحدث لوائل إحياء لحظات "قديمة" لم يكن يمنعه فيها شيء عن حضور مباريات فريقه.

راقب وائل بشغف كل الأخبار المتعلقة بهذا الحدث العالمي بينها قرعة كأس العالم للأندية التي وضعت فريقه في المجموعة الرابعة إلى جانب كل من تشيلسي الإنكليزي وفلامينغو البرازيلي وكلوب ليون المكسيكي.

سعادة الشاب التونسي ازدادت بعد الإعلان عن الملاعب التي ستحتضن مقابلات الترجي إذ ستقام اثنتان منهما في ملعب"لينكولن فاينانشال" بفيلادلفيا في ولاية بنسلفانيا الأميركية فيما يقام لقاء آخر في ناشفيل بولاية تينيسي.

يبعد هذا الملعب الذي يتسع لنحو 69 ألف مقعد نحو ثلاث ساعات ونصف فقط عن شمالي فيرجينيا حيث يقيم وائل.

"اشترينا تذاكر كثيرة، سننطلق في موكب سيارات ضخم نحو فيلادلفيا، سنطلق الأهازيج في الطريق، سنشجع فريقنا بقوة"، يقول وائل بحماس لموقع "الحرة".

كأس العالم للأندية

تحتضن الولايات المتحدة الأميركية أول نسخة من كأس العالم للأندية بشكلها الجديد الذي يضم 32 فريقا تتوزع على ستة اتحادات دولية للعبة.

يقول موقع "فيفا" الإلكتروني إن هذا الحدث العالمي سيجمع الأندية الأكثر نجاحاً في كل من الاتحادات الدولية الستة: الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، الكونكاكاف، اتحاد أميركا الجنوبية، أوقيانوسيا والاتحاد الأوروبي لكرة القدم.

وتُنظم البطولة في الفترة الفاصلة بين 14 يونيو و13 يوليو من العام الحالي.

ويشمل نظام البطولة مرحلة المجموعات (ثماني مجموعات، تضم كل واحدة أربعة فرق).

يتأهل عن كل مجموعة الفريقان صاحبي الرتبتين الأولى والثانية إلى دوري الـ16.

بعد انتهاء مرحلة المجموعات، تبدأ مرحلة خروج المغلوب من الدوري 16 إلى الدور النهائي الذي سيقام في ملعب ميتلايف بنيوجيرسي.

وستقام مباريات مونديال الأندية على 12 ملعبا موزعة على عدة ولايات، بينها فلوريدا وكاليفورنيا وجورجيا وبنسلفانيا.

وخصص الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لهذه المسابقة جوائز مالية تبلغ قيمتها مليار دولار سيتم توزيعها بمبالغ متفاوتة على الفرق المشاركة في البطولة.

ويفوق هذا المبلغ قيمة أي جوائز أخرى يقدمها الاتحاد الدولي لكرة القدم في مسابقاته على مر التاريخ.

"غول أفريقيا"

والترجي، الذي تأسس عام 1919، هو أكثر الفرق التونسية تتويجا عبر التاريخ، إذ يملك في رصيده 33 بطولة محلية، و15 لقب كأس وأربع بطولات برابطة الأبطال الأفريقية إضافة إلى عدد من التتويجات المحلية والعربية والقارية الأخرى.

الفريق المعروف بعدة ألقاب منها "غول أفريقيا" و"الدم والذهب" و"الدولة الترجية"، تمكن الترجي الرياضي التونسي من التأهل إلى كأس العالم للأندية بعد أداء جيد في مسابقة رابطة الأبطال الأفريقية خلال المواسم الأربعة الأخيرة.

وإلى جانب الترجي الرياضي التونسي، ستكون القارة الأفريقية ممثلة في نوادي الأهلي المصري والوداد المغربي وصنداونز الجنوب أفريقي.

وإلى جانب إنعاش الوضع المادي للفريق، تأمل إدارة الفريق الترجي تحقيق إنجاز بارز عبر تمثيل جيد للراية التونسية في هذا المحفل الدولي.

يقول الناطق الرسمي باسم الترجي الرياضي، وليد قرفالة، لموقع "الحرة" إن "الفريق سيحاول تقديم مستويات تليق بشعار النادي وتُشرف اسم تونس".

يدور حديث الآن عبر المنتديات الرياضية على أن الترجي يعتزم انتداب القائد السابق للمنتخب يوسف المساكني وعدد من النجوم العالميين للعبة على غرار الدولي الجزائري، إسماعيل بن ناصر.

لكن الناطق باسم النادي التونسي يقول إن "تدعيمات الفريق ستكون حسب حاجة الإطار الفني وستشمل من يمكنهم تقديم الإضافة شريطة توفر الإمكانيات المالية لاستقطابهم".

ماذا عن الجماهير؟

يتوقع وائل حضورا قياسيا للجماهير التونسية المقيمة في الولايات المتحدة الأميركية وكندا وأوروبا، قائلا: "بعض أصدقائي يشجعون فرقا تونسية أخرى منافسة للترجي لكن ذلك لن يحول دون حضورهم لبعض المقابلات (اللقاءات)، فعلم تونس في الميزان".

وبالفعل بدأ شبان تونسيون مقيمون في الولايات المتحدة الأميركية بحشد الدعم لفريق الترجي على منصات التواصل الاجتماعي، داعين إلى تنظيم لقاءات تحضيرية لهذا الحدث.

صفحة باسم "مشجعي الترجي في الولايات المتحدة" بدأت منذ فترة تقديم معلومات مفصلة عن الفنادق والملاعب ووسائل النقل وغيرها من المعلومات والمعطيات عن مدينتي فيلادلفيا وناشفيل حيث يخوض الفريق مباريات دور المجموعات.

كما بدأ مشجعون في تنظيم رحلات جماعية بالسيارات من عدة ولايات أميركية نحو المدينتين.

ورغم إقراره بصعوبة المهمة ضد منافسين من العيار الثقيل كتشيلسي الإنكليزي وفلامينغو البرازيلي فإن وائل يؤكد على "أهمية هذه المشاركة لدعم الفريق ماليا وتحقيق إشعاع دولي للرياضة التونسية".

من جهته، يرجح الناطق الرسمي باسم الترجي الرياضي التونسي، وليد قرفالة "توافد أعداد كبيرة من المناصرين خصوصا مع إعلان السفارة الأميركية عن تسهيلات للجماهير التونسية".

ورغم ورود تقارير عن وجود تسهيلات في حصول الجماهير على تأشيرات سفر إلى الولايات المتحدة الأميركية لحضور هذه المسابقة، فإن عددا من الراغبين في السفر إلى هذا البلد لا يزال في انتظار الحصول على موعد بالسفارة فيما قرر آخرون العدول عن خوض التجربة.

يقول محمد الناصر وهو أحد أنصار الفريق التونسي في تصريح لموقع "الحرة" إنه "تراجع عن فكرة التحول إلى الولايات المتحدة لحضور مباريات فريقه بسبب صعوبة الحصول على تأشيرة وأيضا بسبب الارتفاع الكبير لتكاليف السفر إلى هناك".

وعلى منصات التواصل الاجتماعي، بدأت وكالات سياحية تونسية في الترويج لعروض تشمل تذاكر الطيران إلى الولايات المتحدة والإقامة بالفنادق والنقل عبر الحافلات إلى الملاعب التي تحتضن مباريات الترجي.

أحد العروض التي أطلقتها وكالة سفر معروفة في تونس واطلع عليه موقع "الحرة" يروج لحزمة قيمته تفوق الـ 5300 دولار تشمل تذاكر الطيران والإقامة في غرفة فردية بالفنادق.

وحسب محمد الناصر، فإن "التكاليف مرتفعة للغاية وهو ما قد يؤثر على الحضور الجماهيري التونسي مقارنة بجماهير المكسيك والبرازيل".

وفي عام 2026، تستضيف الولايات المتحدة الأميركية بالشراكة مع كندا والمكسيك النسخة الأولى لكأس العالم للمنتخبات "المونديال" في صيغته الجديدة بمشاركة 48 منتخبا.

"مونديال الأندية في صيف 2025 سيكون أحسن "بروفة (استعداد) للولايات المتحدة التي تستعد لاستضافة المونديال خلال العام 2026"، يقول الناطق الرسمي باسم الترجي التونسي. 

لكن الحل بالنسبة لمحمد الناصر كي يتمكن من حضور المباريات هو الاستعداد المبكر، فهو "بدأ يُعد العدة من الآن للسفر إلى الولايات المتحدة خلال المونديال القادم".