فوق منارة مسجد في باندا آتشيه بإندونيسيا
فوق منارة مسجد في باندا آتشيه بإندونيسيا

بقلم د. عماد بوظو/

انقسمت كل الديانات السماوية خلال تاريخها إلى عدد من الطوائف، فالديانة اليهودية في القرن الثاني قبل الميلاد انقسمت إلى طائفتين رئيسيتين الفريسيين والصدوقيين. كان الفريسيون مثالا للإيمان الحرفي بكل ما جاء بالعهد القديم وكل ما تم تناقله سماعيّا جيلا بعد جيل، والذي رأوه معادلا بالأهمية للشريعة المكتوبة، كما آمنوا بخلود النفس وقيامة الجسد ووجود الأرواح ومكافأة الإنسان أو معاقبته في الآخرة حسب صلاح أو فساد أعماله في الدنيا، كما استهجنوا الجمع بين السلطتين الدينية والمدنية، أما الصدوقيين فكانوا أصغر عددا لكنهم ضمّوا نخبة من المثقفين والأغنياء، وقد اعتبرهم خصومهم خاضعين لتأثير الثقافة اليونانية حيث رفضوا تقاليد الشيوخ والشريعة الشفهية وقبلوا من العهد القديم أسفار موسى الخمسة فقط، كما أنكروا الملائكة والأرواح، ورفضوا الجبرية وقالوا بحريّة الإرادة المطلقة أي لا دخل لله في صنعنا للخير أو الشر، مع الكثير من الفروق الأخرى. في القرن التاسع عشر ظهرت ثلاث طوائف يهودية هي اليهود الأرثوذكس الذين يؤمنون بكل التوراة والتلمود وأن الله أوحى به مباشرة إلى موسى في جبل سيناء، واليهود الإصلاحيون الذين يقولون إن التلمود عمل بشري ويركّزون على التعاليم الأخلاقية والسلوكية ولا يولون أهمية للطقوس كما نبذوا الكثير من التقاليد، واليهود التراثيون ورغم أنهم يؤمنون بالتوراة والتلمود ولكنهم يدعون إلى تفسير النصوص الدينية على ضوء المعارف العلمية والثقافة الحديثة كما أنهم لا يهتمون بالطقوس ولكنهم يمارسون العادات.

كذلك انقسمت المسيحية مبكرا إلى طوائف متعددة كان أوّلها الأريوسية والتي كانت تشكّك بالثالوث المسيحي. واعتبر أريوس أن الأب والابن وروح القدس يشكلون ثلاثة أقانيم متباينة فيما بينها، حيث الروح القدس يخضع للابن الذي يخضع بدوره للأب، وقال إن الأب فقط هو الأزلي وإن الابن رغم أنه أقدس من جميع الخلائق إلّا أنه أدنى مرتبة من الأب "إله مخلوق وليس من جوهر الأب، وهو كائن وسيط بين الله والعالم المخلوق". وقد حرم مجمّع نيقية 325 م الذي ما تزال قواعده سارية لليوم عند مختلف الكنائس أريوس وأتباعه واعتبر دعواه هرطقة. اليوم هناك ثلاث طوائف مسيحية رئيسية هي الكاثوليكية والأرثوذكسية والبروتستانتية مع بضع طوائف أصغر، الخلافات بينها تتمحور حول انبثاق الروح القدس من الأب أو من الأب والابن معا، أو حول شفاعة مريم أو القديسين، أو الحمل بلا دنس، مع فروق في بعض الطقوس. 

الاسلام أيضا انقسم إلى طائفتين رئيسيتين هما السنّة والشيعة، ولكن الغريب في هذا الانقسام أنه لا يوجد بين هاتين الطائفتين خلافات عقائدية، فللطائفتين الرؤية نفسها لله وكتبه ورسله واليوم الآخر والثواب والعقاب، كما يتفق السنة والشيعة على أن الكتاب "القرآن" هو المصدر والمرجع الأول لأصول الدين والتشريع، كما يتفقون على أركان الإسلام والعبادات من الصوم والصلاة والزكاة والحج والعمرة، ويقومون بهذه الطقوس بالطريقة نفسها فلا فرق بين طريقة الوضوء والصلاة ولا بالصوم وشروطه، أي من ناحية الأصول والعقائد والطقوس لا يوجد أي خلاف بين الطائفتين، لكن هناك موضوع خلاف واحد فقط بينهما، فبعد وفاة الرسول محمد عام 632 ميلادي "11 هجري" نشب خلاف بين المسلمين في من هو الأحق بخلافته، والمقصود من سيخلفه بحكم الدولة الإسلامية التي كان الرسول على رأسها وليس المقصود المنصب الديني "الرسالة". فالسنّة والشيعة يتفقون على أنه لا نبي بعد محمد "ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين" الأحزاب 40. من الطبيعي أن يكون علي بن عم الرسول وزوج ابنته فاطمة وأول من آمن به من الفتيان من أوائل المرشحين لهذه الخلافة، وكان هناك صديق الرسول أبو بكر ووالد زوجته المفضلة عائشة، كما كان هناك زعيم الأنصار سعد بن عبادة الذي كان يرى أنه لولا احتضان الأنصار في المدينة للدعوة لما قوي عودها ولما تمكنت من الانتصار فيما بعد. بعض المراجع التاريخية تقول إن هذا الخلاف قد أخر دفن الرسول لما يقرب من ثلاثة أيام، كما تجدد هذا الخلاف عند تولية عثمان ابن عفان، وترافق مع تنافس بين وجهاء المسلمين على الثروة والمناصب خصوصا الولاية على الأمصار الغنية. 

بعد مقتل عثمان عام 35 للهجرة انتقل الصراع إلى مستويات جديدة خصوصا بعد موقعة الجمل التي قتل فيها الكثير من الصحابة، ومن هذا التاريخ أخذ الصراع على السلطة شكلا دمويا تخللته أحداث مأساوية لا يمكن الدفاع عنها أو تبريرها. يتحدث رجل الدين الشيعي الأستاذ محمد جواد مغنية عن آثار موقعة الجمل: "لولا موقعة الجمل لما كانت حرب صفّين والنهروان ولا مذبحة كربلاء ووقعة الحرّة ولا رميت الكعبة المكرّمة بالمنجنيق أكثر من مرّة ولا كانت الحرب بين الزبيريين والأمويين ولا بين الأمويين والعباسيين ولما افترق المسلمون إلى سنة وشيعة ولما صارت الخلافة الإسلامية ملكا يتوارثها الصبيان ويتلاعب بها الخدم والنسوان". أعقبها معركة صفين بين علي ومعاوية 36-37 للهجرة، والتي انتهت بالتحكيم، ثم معركة النهروان عام 39 للهجرة، واغتيال علي بن أبي طالب عام 40 على يد عبد الرحمن بن ملجم الخارجي، خلال هذه المعارك والمواجهات كان بإمكان كل طرف الاستناد إلى حجج ومبررات معينة لإظهار نفسه كصاحب الحق، ولكن ما حدث في كربلاء في شهر محرم عام 61 للهجرة كان مختلفا، ابتدأ بقيام معاوية بن أبي سفيان بتعيين ابنه يزيد خليفة له وطلب مبايعته وهو على قيد الحياة محوّلا بذلك الحكم الإسلامي من نظام الشورى كما هو مذكور بالقرآن، "والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون" سورة الشورى الآية 38، إلى نظام وراثي على طريقة الملوك، ورفض كثير من المسلمين وبينهم بعض الصحابة هذا التوريث، وبعد وفاة معاوية أرسل الكثير من أهل الكوفة الرسائل إلى الحسين بن علي يعلنون مبايعته، وحسب المراجع التاريخية فقد طلبوا منه القدوم لنصرته فخرج إليهم مع أهله وأبنائه وبضع عشرات من الرجال وبعد وصوله إلى كربلاء واجهه جيش يضم آلافا من الجنود التابعين للأمويين، وقد تغلبت الكثرة على الشجاعة في هذه الواقعة التي تركت جرحا عميقا في التاريخ الإسلامي، خصوصا أن أغلب الضحايا كانوا من آل البيت كما تم قطع رأس الحسين وإرساله إلى الشام مع نساء آل البيت كسبايا وفي مقدمتهم السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب وحفيدة رسول الله. بالمحصلة رافق هذا الانتصار العسكري للجيش الأموي خسارة أخلاقية ووصمة عار رافقت كل من شارك في ارتكاب هذه المذبحة على مرّ التاريخ، حسب رأي الأغلبية المطلقة من المسلمين من كل الطوائف. الثورات أو الاحتجاجات التي حدثت بعد كربلاء لا ترقى لأهميتها وانعكاساتها. وإعتبارا من هذا اليوم دخل الصراع مرحلة جديدة لم يتمكّن المسلمون من تجاوزه. 

فيما بعد حدثت عدّة انشقاقات من الطائفة الشيعية فخرج الزيديون ثم الإسماعيليون وبعدها العلويون وكانت أسباب هذه الانشقاقات هي الولاء لأحد أولاد الأئمة من آل البيت دون الآخر، بينما أطلق على القسم الأكبر من جمهور الشيعة اسم الاثنى عشرية، وأبرز الأئمة فيه هو الإمام السادس جعفر الصادق الذي وضع الأسس الشرعية للمذهب حتى أنه تسمّى باسمه "الشيعة الجعفرية"، والذي تتلمذ على يديه أيضا الإمامان أبو حنيفة ومالك بن أنس وهما من أهم أئمة المذهب السنّي، كما كان من طلابه واصل بن عطاء مؤسس مذهب المعتزلة، أي أنه في تلك الأيام لم تكن هناك تلك الحدود بين السنة والشيعة خصوصا إذا عرفنا أن جدّ الإمام جعفر الصادق لأمه هو أبو بكر الصديق، وفي هذا الوقت اختلف السنة والشيعة حول عصمة النبي والأئمة، فبينما يرى الشيعة أن الأئمة من آل البيت مثل الرسل معصومون من الخطأ، يرى كثير من فقهاء السنّة غير ذلك، وكثير منهم يرى أن الرسول نفسه لم يكن معصوما ويستشهدون بتصرّفه مع ابن أم مكتوم الأعمى الذي كان يلحّ بالسؤال على الرسول وهو في قلب حديث هام فأعرض عنه فنزلت الآية: "عبس وتولّى، أن جاءه الأعمى، وما يدريك لعله يزكى، أو يذكّر فتنفعه الذكرى" معاتبة رسول الله على سلوكه الخاطئ. وفي حديث آخر أن الرسول مرّ بقوم يلقحون النخل فقال: ما أظنه يضر لو تركتموه، فلما تركوه حمل نوعا رديئا من التمر فأخبروا الرسول بذلك، فقال لهم أنتم أعلم بأمور دنياكم مني، أي أن أغلب علماء السنّة يعتقدون أن النبي معصوم فقط فيما يقوله عن الله، أما في أمور الدنيا فهو معصوم عن الكبائر أما الصغائر ويوميات الحياة فقد يخطئ فيها. 

الطوائف المسيحيّة التي خاضت الكثير من الحروب بين بعضها خلال العصور الوسطى عندما كانت الدول تحمل هويّة طائفية معينة كالكاثوليكية أو البروتستانتية والتي استمرت عشرات السنين وأوقعت ملايين الضحايا نراها اليوم تسير باتجاه التقارب وإيجاد قواسم مشتركة بينها رغم الفروقات في أسس العقيدة بين هذه الطوائف وقد قطعوا خطوات أساسية في هذا الطريق ويرى كثيرون أن سبب هذا التحول هو قيام الدول الوطنية على مبدأ الدين لله والوطن للجميع، بينما في الإسلام ورغم أنه لا يوجد خلافات بأسس العقيدة بين السنة والشيعة ولكن كل المحاولات التي قامت لرأب الصدع بين الطائفتين كانت اجتماعات شكلية بروتوكولية لم ينجم عنها شيء، حتى أننا نرى اليوم تصعيدا بهذا الصراع لم يكن موجودا خلال القرون الماضية وربما لأنّ هذه المنطقة مازالت بحاجة لبعض الوقت حتى تصل إلى ما وصل إليه بقية العالم من فصل الدين عن الدولة.

 ــــــــــــــــــــــ

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن)

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.