تواجه السلطات المصرية تحدي دفع المواطنين للتصويت في انتخابات يرونها شكلية (أ ف ب)
تواجه السلطات المصرية تحدي دفع المواطنين للتصويت في انتخابات يرونها شكلية (أ ف ب)

بقلم د. عماد بوظو/

حددت الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر شهر آذار/مارس 2018 موعدا لإجراء الانتخابات الرئاسية. في نهاية عام 2017 أعلن الفريق أحمد شفيق من الإمارات العربية المتحدة نيته الترشح لهذه الانتخابات وسرعان ما تم ترحيله بعد أيام إلى مصر، ومن هناك أعلن بعد احتجازه لمدة 35 يوما بأحد فنادق القاهرة تحت الحراسة الأمنية عن تراجعه عن خوض هذه الانتخابات، وأصدر بيانا مقتضبا قال فيه "بالمتابعة للواقع فقد رأيت أنني لن أكون الشخص الأمثل لقيادة أمور الدولة خلال الفترة المقبلة".

وفي نفس الفترة، أعلن محمد أنور السادات ابن أخ الرئيس المصري الأسبق عزوفه عن الترشح نتيجة ما وصفه بمضايقات تعرض لها مثل عدم السماح له بالحصول على موافقة رئيس البرلمان لمقابلة النواب وأخذ التوكيلات منهم لإتمام الإجراءات القانونية المطلوبة، أو حتى السماح له بحجز قاعة بأحد فنادق القاهرة لعقد مؤتمر صحفي من أجل إعلان موقفه من الترشح.

وقبل ذلك، صدر الحكم بالسجن ست سنوات مع الشغل والنفاذ على العقيد بالجيش المصري أحمد قنصوة في كانون أول/ ديسمبر 2017 لإعلان رغبته بالترشح للانتخابات وما تضمنه بيان الترشح الذي بثه عبر الإنترنت من انتقادات للنظام، وفي 24 كانون الثاني/يناير 2018 أعلنت حملة المرشح المحامي خالد علي انسحابه نتيجة "خروقات وعدم توفر إمكانية التعبئة والمنافسة والدعاية وغياب الثقة في إمكانية تحول الاستحقاق الانتخابي إلى فرصة لبداية جديدة".

عندما عبّر الفريق سامي عنان عن تفكيره بالترشح تم اعتقاله مع بعض مساعديه كما تم الاعتداء بالأسلحة البيضاء على من قال عنان إنه سيرشحه لمنصب نائب الرئيس، المستشار هشام جنينة، الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، في واقعة تم تسجيلها من قبل الأمن المصري كمشاجرة. وكان هذا المستشار قد أقيل من منصبه عام 2016 بعد تصريحه بأن حجم الفساد الحكومي يتجاوز 600 مليار جنيه مصري، في رقم اعتبرته تحقيقات النيابة العامة غير دقيق.

رغم عدم وجود فرصة حقيقية لأي مرشح لهزيمة الرئيس السيسي لكن على ما يبدو لا يريد السيسي ومن حوله، أن يتحول أي مرشح بعد خسارته للانتخابات إلى نواة لمعارضة سياسية

​​في اليوم الأخير لموعد تقديم الطلبات، عندما لم يتبق أي مرشح لمنافسة الرئيس السيسي، وفي خطوة إنقاذية تقدم رئيس حزب الغد المصري موسى مصطفى موسى بطلب ترشيح حتى لا تتحول الانتخابات إلى استفتاء على مرشح وحيد على نمط ديكتاتوريات القرن الماضي. واللافت، أن حزب الغد ورئيسه هم من أشد مؤيدي السيسي، وصفحاتهم على موقع فيسبوك مليئة بصوره وتصريحاته، وليس مستغربا أن يقوموا يوم الانتخابات بالتصويت له وليس لمرشحهم المفترض.

إقرأ للكاتب أيضا: بخلاف الأديان الأخرى.. هذا سبب إزدياد الشرخ الطائفي بين المسلمين

لا يمكن أن تخدم مثل هذه الإجراءات الرئيس السيسي بل ستصوره كديكتاتور غير واثق من انتصاره على بقية المرشحين. فقد قالت وزارة الخارجية الأميركية إن المسؤولين الأميركيين "قلقون إزاء التقارير حول اعتقال وانسحاب واستبعاد مرشحين من العملية الانتخابية الرئاسية وسط شكاوى من عدم عدل هذه الانتخابات". كما أعربت الأمم المتحدة عن قلقها بسبب اعتقال سامي عنان، وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك للصحفيين "نحن نحث السلطات المصرية على ضمان إجراء الحملة الانتخابية بطريقة موثوقة وشاملة وسليمة وتشاركية". وقالت مجلة نيوزويك "إن السيسي يتصرف كشخص يعرف أنه فقد الدعم المصري له ويخشى من المنافسة النزيهة".

أثارت هذه الإجراءات التي رافقت موسم الترشح للانتخابات الرئاسية المصرية انتقادات داخلية، وأدت إلى دعوة بعض القوى والشخصيات المصرية لمقاطعتها، وبعض هذه الشخصيات كان قبل هذه الأحداث من مؤيدي الرئيس السيسي.

تحديان بقيا أمام السلطات المصرية، أولها، كيفية دفع المواطنين للتصويت في انتخابات يرونها شكلية ومحسومة سلفا، وثانيهما، كيف سيقدمون للرأي العام الداخلي والخارجي النتائج عند صدورها والتي من المرجح أنها ستكون قريبة من التأييد المطلق على طريقة ما كان يحدث قبل ثورة 25 يناير. ورغم أن وجود فرصة حقيقية لأي مرشح لهزيمة السيسي في الانتخابات مستبعدة تماما، لكن، على ما يبدو لا يريد السيسي ومن حوله، أن يتحول أي مرشح بعد خسارته للانتخابات إلى نواة لمعارضة سياسية في مرحلة ما بعد الانتخابات، حتى يستكمل المحيطون بالسيسي عملية تفصيل الديموقراطية في مصر على مقاسه. 

حالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الجزائر، مثال آخر على "ديموقراطية" مشرقية بطلها أيضا شخص واحد. فالرئيس بوتفليقة انتخب رئيسا عام 1999 وأعيد انتخابه لولاية ثانية، والتي حسب الدستور يجب أن تكون الأخيرة، عام 2004. وأصبح في وضع صحي صعب بعد إصابته عام 2005 بوعكة خطيرة كادت تودي بحياته، وأصبحت إطلالاته الإعلامية والخارجية نادرة نتيجة وضعه الصحي، ورغم ذلك فقد أعيد انتخابه لفترة رئاسية ثالثة عام 2009 بنسبة 90.24 بالمئة، بعد تعديل الدستور بشكل يسمح للرئيس بوتفليقة بالترشح لعدد غير محدود من الدورات. ثم تعرض لأزمة صحية أخرى (جلطة دماغية) في نيسان/أبريل من العام 2013، وبقي في المشفى العسكري في فرنسا قرابة الأشهر الثلاثة بشكل متواصل، وعاد إلى الجزائر على كرسي متحرك؛ رغم كل ذلك، فاز الرئيس بوتفليقة بولاية رابعة عام 2014، مع أن خروجه للعلن كان نادرا. وكان فريقه ينتقي بعناية أفضل وأنسب اللقطات من مقابلاته الرسمية السريعة لبثها للجمهور، إلا أنها لم تستطع إخفاء صعوبة وضعه الصحي، وأصبحت خطاباته عباره عن رسائل مكتوبة توجه للشعب. وفي نهاية عام 2017 صرح صديق بوتفليقة المحامي فاروق قسنطيني أن الرئيس بوتفليقة يرغب بالترشح لولاية خامسة خلال النصف الأول من عام 2019! وقال إن صوت الرئيس تراجع وأنه يتحرك بصعوبة خصوصا بسبب رجليه وهو مقعد فوق كرسيه المتحرك لكن حالته جيدة وتحليله السياسي دقيق جدا! وحتى اليوم ترفض الرئاسة في الجزائر استحداث منصب نائب الرئيس حتى تستمر بالترويج للفكرة نفسها، وهي أن لا بديل عن بوتفليقة. لا يستطيع أحد التنبؤ بما سيحدث بعد غيابه عن المشهد وكيف ستتم عملية الانتقال وهل سيتهدد نتيجة لذلك الاستقرار في هذا البلد الكبير.

حتى اليوم ترفض الرئاسة في الجزائر استحداث منصب نائب الرئيس حتى تستمر بالترويج للفكرة نفسها، وهي أن لا بديل عن بوتفليقة

​​لبنان له تاريخه الخاص بالعائلات السياسية والزعامات التي لا ترتبط بحزب معين أو أفكار محددة، بل يأخذ الولاء فيها طابعا شخصيا أو طائفيا. لذلك، عندما تم بث تسجيل مصور لوزير الخارجية اللبناني جبران باسيل يقول فيه إن سلوك رئيس مجلس النواب نبيه بري في القضايا المحلية لا يشبه سلوك مسؤول في الدولة وظيفته سن التشريعات والإشراف على السلطة التنفيذية بل سلوك بلطجي، ثار وغضب أتباع الرئيس بري ونزلوا إلى الشوارع حاملين أسلحتهم الخفيفة والمتوسطة ومطلقين النار في الهواء، ردا على الإهانة التي تعرض لها رئيسهم، في سلوك يتجاوز تهمة البلطجة التي قالها الوزير باسيل إلى سلوك "الزعرنة" وأساليب المافيات. وهو ما يعطي فكرة عن طبيعة التشكيلات السياسية اللبنانية التي من الصعب اعتبارها أحزابا سياسية. عمر الأستاذ المحامي نبيه بري قريب من عمر الرئيس بوتفليقة وهو رئيس مزمن لمجلس النواب اللبناني منذ العام 1992، كما أنه رئيس حركة أفواج المقاومة اللبنانية (أمل) منذ عام 1980، وفي هذه الحركة أيضا، لا يوجد نائب أو خليفة محدد "للأستاذ" فالحركة خلال كل العقود الماضية تدور حول شخصه.

إقرأ للكاتب أيضا: مظاهرة في مدينة مشهد تردد صداها في كل العالم

رد مؤيدو الرئيس بري، على وزير الخارجية جبران باسيل، بشتائم ومفردات سوقية معتبرين أنه كان من الصعب أن يكون بهذا المنصب لو لم يكن زوج ابنة الرئيس ميشال عون، الذي يقدم بنفسه نموذجا آخر على هذا النوع من الزعامة على الطريقة الشرقية. ففي النصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي كان الجنرال عون قائدا للجيش ثم رئيسا للحكومة العسكرية في لبنان، وكان يطلق على أتباعه اسم "العونيين" أي جماعة الجنرال عون. وقد أثبتوا أنهم كذلك، لأنهم يسيرون خلفه مهما اختلفت سياساته أو تغيرت مواقفه. إذ كان عون من أوائل المعارضين للوجود السوري في لبنان وخاض مواجهات عسكرية مباشرة مع القوات السورية المتواجدة في لبنان، كما كان رافضا لسلاح حزب الله وقام بنشاطات دولية كبيرة لحشد الدعم لسياساته هذه وتوسعت شعبيته كثيرا في الشارع المسيحي نتيجة لذلك. لكن، عند عودته إلى لبنان بعد انتصار ثورة الأرز، التي انطلقت عقب اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري وأخرجت القوات السورية من لبنان، اختلف مع قادة 14 آذار على زعامة هذه الحركة. فغير موقفه بالكامل وانتقل بكل يسر وسهولة إلى المعسكر الآخر وأصبح بين عشية وضحاها حليفا لحزب الله والنظام السوري. الغريب في الأمر، أن حزبه سار معه في توجهاته الجديدة دون تساؤلات أو اعتراضات ذات بال. ربما هذا أوضح مثال على هذا النوع من الزعامات المشرقية التي يلتف حولها أتباع لا رأي لهم، يؤيدون زعيمهم مهما فعل، فالصواب عندهم هو ما يراه الزعيم صوابا والخطأ كذلك.

عند التعلق والارتباط بالأشخاص، تغيب الحياة السياسية الحقيقية والتي تدور عادة حول التوجهات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ليحل مكانها نقاشات سطحية حول مواصفات ومؤهلات الأشخاص. فعندما تكون الخلافات حول البرامج السياسية فإنها تحلّ في المجتمعات الصحية بالحوار والتنازلات المتبادلة، بما فيه مصلحة المجتمع ككل، بينما تختلف الأولويات في دول الزعامات الفردية.

وقد عرف العالم في الماضي، ما اصطلح على تسميته، بعبادة الفرد لشخصيات قيادية يحملون فعلا مواصفات استثنائية مثل ستالين أو ماو تسي تونغ أو الجنرال فرانكو، رغم الجرائم الكبيرة التي اقترفها هؤلاء، لكنهم كانوا مؤمنين فعلا بما يفعلون وكرسوا حياتهم في سبيل ذلك. أما ما نراه اليوم في منطقتنا، هو محاولة لتقديس أشخاص مواصفاتهم متواضعة. وهو ما يدفعنا للتساؤل هل ما نراه هو تملق فقط من قبل أشخاص وصوليين؟ أم أنه يتم بدافع الترهيب والخوف؟ أو هو ناجم عن الخشية من بدائل مجهولة في حال غياب الزعيم؟

ــــــــــــــــــــــ

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن)

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.