قد تفضل شركة "إيني" باعتبارها إيطالية خط الغاز اليوناني ـ الإيطالي على التركي (أرشيف)
قد تفضل شركة "إيني" باعتبارها إيطالية خط الغاز اليوناني ـ الإيطالي على التركي (أرشيف)

بقلم د. عماد بوظو/

في شباط/فبراير 2018 نقلت مواقع إخبارية أن البحرية المصرية أرسلت حاملة طائرات هليكوبتر من طراز "ميسترال" باتجاه حقول الغاز شرق المتوسط ردا على ما قاله وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في الخامس من شباط/فبراير الجاري عن عدم اعتراف تركيا باتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص الذي وقع عام 2013. وكانت تركيا قد اعترضت أيضا على ترسيم الحدود بين قبرص وإسرائيل في كانون الأول/ديسمبر 2010، وقالت تركيا إنها ستنقب عن النفط والغاز في شرق المتوسط رغم اتفاقيات ترسيم الحدود هذه. 

وفي 11 شباط/فبراير قامت البحرية التركية باعتراض سفينة تابعة لشركة "إيني" الإيطالية للتنقيب عن الغاز كانت تتحرك من جنوب قبرص باتجاه الشرق، مما يدل على استمرار تركيا باتباع سياسة التصعيد والتلويح بالقوة العسكرية لعرقلة عمليات الاستخراج والتنقيب عن الغاز في تلك المناطق.

تتفق دول شرق المتوسط على أنه لا يوجد أساس قانوني للادعاءات التركية لأن حقول الغاز المكتشفة والتي يتم استخراج الغاز منها حاليا موجودة في الزاوية الجنوبية الشرقية للبحر المتوسط بين الشواطئ المصرية والفلسطينية والإسرائيلية واللبنانية من جهة والحدود الجنوبية والجنوبية الشرقية لجزيرة قبرص من الجهة الأخرى، وهي مناطق بعيدة عن الحدود البحرية والاقتصادية لتركيا. ولمعرفتها بهذا الأمر، تدعي تركيا المطالبة بحصة القبارصة الأتراك من ثروات جزيرة قبرص.

لكن تركيا نفسها عندما احتلت القسم الشمالي الشرقي من جزيرة قبرص عام 1974 أقامت ما أسمته جمهورية شمال قبرص التركية باعتبارها دولة مستقلة واعترفت بها تركيا وطالبت العالم بالاعتراف بها على هذا الأساس. لا تتداخل الحدود البحرية والاقتصادية لهذه الدولة مع حقول الغاز المقصودة، حتى تستطيع تركيا المطالبة بحقوق القبارصة الأتراك من ثروة جمهورية قبرص فربما عليها العمل على توحيد الجزيرة حتى يتمتع كل سكانها بما تملكه من ثروات. 

للتعاون الإقليمي في مجال الغاز منفعة للجميع، وقد يساعد هذه البلدان على تجاوز مصاعبها الاقتصادية الملحة

​​وقد أثبتت الدراسات والمسوح الجيولوجية خلال العقدين الماضيين أثبتت أن منطقة شرق المتوسط تحتوي على احتياطات هائلة من الغاز تصل قيمتها لمئات مليارات الدولارات. وساعد ابتكار تقنيات حديثة للتنقيب واستخراج الغاز والنفط من أعماق سحيقة تحت البحار في تحويل هذه الاكتشافات إلى واقع.

إقرأ للكاتب ايضا: نساء إيران والسعودية في معركة واحدة ضد الحجاب الإلزامي

وقد بدأ الإنتاج في عشرات الحقول أبرزها حقل "ظهر" المصري باحتياطي يقدر بـ 32 تريليون قدم مكعب، وحقل "ليفياثان" الإسرائيلي باحتياطي 20 تريليون قدم مكعب، وحقل "تمار" الإسرائيلي باحتياطي 10 تريليون قدم مكعب، وحقل "أفروديت" القبرصي واحتياطيه 7 تريليون قدم مكعب، وحقل "غاز قبرص أ" باحتياطي 7 تريليون قدم مكعب. وفي 8 شباط/فبراير 2018 أعلنت قبرص عن اكتشاف حقل جديد للغاز بمخزون احتياطي قريب من حجم حقل "ظهر" المصري. واجهت هذه الاكتشافات الكبرى مجموعة من التحديات أهمها أن تكاليف الإنتاج تحت سطح البحر عالية وبحاجة لاستثمارات هائلة لا تتوفر بسهولة لدى هذه الدول، مما فرض عليها التعاون اقتصاديا فيما بينها ومع الدول المجاورة حتى تستطيع الحصول على قروض دولية.

على سبيل المثال، لم يكن سهلا على إسرائيل الحصول على قرض دولي لتطوير حقل " ليفياثان" لولا إبرازها تعاقد هذا الحقل على تزويد شركة الكهرباء الأردنية بالغاز لخمسة عشر عاما بمبلغ 10 مليار دولار؛ بدوره، حصل الأردن على الغاز بسعر مناسب، حيث صرح مسؤولو شركة الكهرباء الأردنية أن هذا العقد يوفر 300 مليون دولار سنويا على المملكة وهي بحاجة ماسة لهذا المبلغ. 

وعلى نفس المبدأ فالمصالح الاقتصادية لمصر وقبرص وإسرائيل تقتضي، بعد أن أمنت اكتشافات الغاز حاجات الاستهلاك المحلي لبلدانها، البحث عن أسواق لتصدير فائض الإنتاج الكبير. يختلف الغاز عن مصادر الطاقة الأخرى بعدم إمكانية تخزينه.

هناك خياران أمام الدول المنتجة، الأول، إنشاء محطات لإسالة الغاز ومن ثم تصديره عبر السفن، ولا يبدو هذا الخيار مجزيا حيث تضاف إلى تكاليف الإنتاج المرتفعة تكاليف إنشاء محطات إسالة الغاز وفوقها أجور النقل عبر السفن والتي ستجعل إمكانية المنافسة بسوق الغاز الدولية بالغة الصعوبة خصوصا مع أسعار الغاز المنخفضة حاليا. والخيار الثاني هو إنشاء خط أنابيب لنقل الغاز من الحقول للمستهلكين، وهذه العملية أيضا مكلفة اقتصاديا. فالاتحاد الأوروبي يدفع حاليا 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية من الغاز التي يستوردها من روسيا، بينما ستكون كلفة نفس الكمية من غاز شرق المتوسط بين 6 و8 دولار. ولكن هذه الكلفة تنخفض كلما زادت كمية الإنتاج والتصدير، ولذلك، من الأفضل اشتراك الدول الثلاث، مصر وقبرص وإسرائيل، في شبكة أنابيب واحدة لخفض التكاليف.

اتجهت مخططات تصدير الغاز المصري والإسرائيلي والقبرصي باتجاه اليونان

​​من الناحية الجغرافية الصرفة، تبدو تركيا هي الجهة الأقرب ليتم تصدير الغاز إليها باعتبارها سوقا كبيرة وبحاجة لهذا الغاز الذي تستورده حاليا من روسيا بشكل رئيسي ثم إيران وأذربيجان. لكن مصر وإسرائيل وقبرص تشترك بتوتر علاقاتها مع تركيا تحت حكم أردوغان، فعلاقة تركيا وإسرائيل، والتي كانت استراتيجية في القرن الماضي تعرضت لأزمات عدة وخصوصا بعد حادثة سفينة مرمرة، التي كانت تهدف لفك الحصار عن غزة عام 2010. وشهدت العلاقة التركية مع مصر قطيعة وحملات إعلامية متبادلة بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي عام 2013. أما العلاقة مع قبرص فهي أكثر تعقيدا، إذ بالإضافة لاحتلال تركيا شمال قبرص، هناك الصراع التاريخي الطويل بين الأتراك واليونانيين، وشعب جمهورية قبرص من الناحية القومية والدينية امتداد للشعب اليوناني.

إقرأ للكاتب أيضا: تفصيل الديموقراطية في الشرق على مقاس الرؤساء

ولا يتغير سعر الغاز يوميا مثل سعر برميل النفط، بل توقع عقود الغاز لسنوات طويلة على سعر ثابت. وهو ما يرتب علاقة دائمة بين دول إنتاج الغاز ومروره واستهلاكه، ومن المفضل أن تكون هذه العلاقات مستقرة وألا يقوم أي طرف بالتحكم بها واستغلالها لأهداف سياسية. ولهذه الأسباب، لا تمانع بعض الدول الأوروبية من دفع سعر أعلى للغاز لقاء تجنب محاولات التحكم من قبل روسيا تحت حكم بوتين. كذلك تبدو مصر وقبرص وإسرائيل على استعداد لتحمل تكاليف إضافية وإنشاء أنابيب غاز أطول بألف كيلومتر مقابل عدم التعامل مع تركيا تحت حكم أردوغان، وما يعتبرونه مزاجه الهوائي وسياساته المتقلبة.

لهذه الأسباب اتجهت مخططات تصدير غاز الدول الثلاث باتجاه اليونان، ولم تنقطع اللقاءات بين المسؤولين في هذه البلدان. فبين العامين 2014 و2017 انعقدت خمسة لقاءات قمة لرؤساء مصر وقبرص واليونان وهناك قمة سادسة قريبا، بالإضافة لقمم دورية بين إسرائيل وقبرص واليونان بحيث يتفق أغلب الخبراء على وجود حلف للغاز يضم مصر وقبرص وإسرائيل واليونان تجمعه مصالح اقتصادية مشتركة قوية، رغم عدم مشاركة مصر وإسرائيل في قمة واحدة لاعتبارات مصرية داخلية غالبا. ولكن الانطباع العام أن الاتصالات والتنسيق بين البلدين على المستويات الأدنى لم يتوقف. 

أدرك الرئيس أردوغان بأن دول شرق المتوسط ونتيجة خلافاتها معه تنوي تجاهل تركيا وربط حقولها للغاز مع اليونان، فقام بعدة مبادرات انتهت باتفاق مصالحة مع إسرائيل في منتصف 2016. وقام الرئيس أردوغان بخطوة كبيرة عندما زار في كانون الأول/ ديسمبر 2017 اليونان في أول زيارة لرئيس تركي لليونان منذ 65 عاما، لكن المؤشرات حتى الآن تدل على أن هذه الخطوات لم تستطع إقناع هذه الدول بتغيير أولوياتها في تصدير الغاز عبر الأنابيب باتجاه اليونان ومنها إلى إيطاليا؛ خصوصا بعد عدم الاستقرار في ليبيا والذي يهدد إمدادات الغاز الليبية إلى إيطاليا.

لذلك، تتكثف الاتصالات حاليا مع إيطاليا لمحاولة ضمها لاجتماعات دول الغاز المقبلة. وتدفع عوامل أخرى في هذا الاتجاه وهي أن كل عمليات التنقيب والاستخراج وتمديد أنابيب الغاز تقوم بها الشركات وليس الدول وتتقاسم ثلاث شركات كبرى أغلب مناطق الاستثمار الحالية، وهي "إيني" الإيطالية التي تعمل في مصر وقبرص وتعود لها السفينة التي اعترضتها البحرية التركية، وشركة "توتال" الفرنسية والتي تعمل في قبرص، وشركة "نوبل إنيرجي" الأميركية التي تعمل في إسرائيل وقبرص مع عدة شركات أخرى. وتلعب هذه الشركات دورا رئيسيا في مخططات الاستثمار والتصدير وقد تفضل شركة "إيني" باعتبارها إيطالية خط الغاز اليوناني ـ الإيطالي على التركي.

للتعاون الإقليمي في مجال الغاز منفعة للجميع، وقد يساعد هذه البلدان على تجاوز مصاعبها الاقتصادية الملحة خصوصا أن الهامش الزمني أمام الوقود الأحفوري كأكبر مصدر للطاقة ضيق. فأغلب التقديرات تشير إلى أنه عند العام 2035 ستكون الطاقة المتجددة من الشمس والرياح قد احتلت مكانة كبرى في سوق الطاقة الدولي على حساب الفحم والنفط والغاز، وربما بعد هذا التاريخ لن تكون هناك ضمانات حول أسعار مقبولة للغاز. ويدفع هذا الأمر الدول المنتجة للغاز لإغماض العين عن نقاط الخلاف الثانوية بينها، ولكن موضوع خطوط الغاز تحديدا يتطلب توفر شروط استقرار على المدى الطويل لأن عقوده طويلة المدى ويفضل الابتعاد عن الشركاء المتعبين والذين يخشى من محاولتهم السيطرة أو الابتزاز في حال تحكمهم بخطوط إنتاج أو نقل الغاز.

ــــــــــــــــــــــ

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن)

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.