مراسم دفن الطيار الروسي الذي أسقطت طائرته في إدلب في 2 شباط/فبراير (أ ف ب)
مراسم دفن الطيار الروسي الذي أسقطت طائرته في إدلب في 2 شباط/فبراير (أ ف ب)

بقلم د. عماد بوظو/

في مساء السابع من شباط/فبراير 2018 تسربت أخبار للصحافة الأميركية أن حوالي 500 عنصر من الميليشيات المرتبطة بالنظام السوري حاولت التقدم باتجاه منطقة شرق الفرات، فقامت المدفعية والطائرات الأميركية بقصف هذه القوات وألحقت بها دمارا واسعا وقدرت أن 100 على الأقل من المهاجمين قتلوا. وكان الانطباع السائد وقتها أن هذه الميليشيات مرتبطة بإيران، خلال اليومين التاليين بدأت تظهر معلومات عن خسائر بشرية روسية كبيرة، وأن القوة التي نفذت هذا الهجوم الفاشل تكونت بشكل رئيسي من مقاتلين روس، في البداية صرح الجيش الروسي أنه لا يوجد قتلى بين الجنود الروس، ولكن عندما وصلت شهادات من داخل روسيا عن أسماء لبعض القتلى تم إعلان مقتل خمس مواطنين روس، وصورهم البيان كعناصر مارقة وأن الجيش الروسي لا علم له بعمليتهم، ثم بعد أيام ومع انتشار تقارير صحافية تتحدث عن خسائر بشرية كبيرة، اضطر الروس للاعتراف بأن "عشرات المواطنين من روسيا ودول أخرى من الفدرالية الروسية قتلوا أو جرحوا وأنهم تواجدوا في سورية بمحض إرادتهم ولدوافع مختلفة".

فيما بعد قال موقع "كومسمولسكايا برافدا" المقرب من الجيش الروسي إن عناصر شركة أمنية خاصة حاولت السيطرة على محطة كونكو للغاز وتوقعت العناصر انسحاب القوات الكردية عند مشاهدتهم تقدم الرتل الكبير من المحطة، لكن الضباط الأميركيين في الموقع اتصلوا بنظرائهم الروس للاستفسار عن ذلك، وكان رد الضباط الروس أنهم لا يقومون بأي عملية عسكرية في المنطقة. ونقل هذا الموقع الإخباري الروسي عن أحد عناصر الرتل قوله: "لم يتوقف الأميركيون عن القصف. لقد أبادونا. عمليا في البداية بدأوا بالقصف المدفعي وبعدها جاءت الطائرات العمودية، لقد أبيدت الوحدة الهجومية الخامسة برمتها. لقد ذابوا مع معداتهم"، وقالت مجلة "فورين أفيرز" إن عدد 300 بين قتيل وجريح يبدو واقعيا.

ليس مستبعدا أن يكون الهجوم على الغوطة مؤخرا في نفس سياق الرد الروسي على ما حدث شرق الفرات، وهذه الأجواء أكثر حدة حتى من أيام الحرب الباردة

​​قالت رويترز إن قائد المرتزقة الروس في سورية هو العميد المتقاعد ديميتري أوتكين وهو من المحاربين السابقين في شرق أوكرانيا وكان يعرف بالاسم الحركي "فاغنر"، وأنه ذهب إلى سورية مع مجموعة من المقاتلين يطلق عليها اسم سرية "فاغنر" العسكرية الخاصة. وقد جندتهم شركة تدعى "سلاف كوربس" منذ العام 2013 أي قبل أكثر من سنتين من التدخل الروسي الرسمي والعلني في سورية. ويملك هذه الشركة رجل الأعمال الروسي يفغيني بريغوزين والذي يزود الكرملين بالطعام لذلك يسمى "طباخ بوتين".

اقرأ للكاتب أيضا: الهوس بالجنس في بعض كتب التراث الإسلامي

وكانت مصادر قد تحدثت عن أن هذه القوات قد لفتت الانتباه في معركة تدمر آذار/مارس 2016، وقال ضابط سابق في "فاغنر" إن المهام الأولى لاستعادة تدمر من داعش كانت موكلة لعناصر تنظيم "فاغنر" الذين كانوا أول من دخلها، تلتها القوات البرية الروسية ثم، حسب تعبيره، العرب والكاميرات. وتتحدث المعلومات عن أن عدد المرتزقة الموجود في سورية خلال العام الماضي كان بحدود 3000 عنصر، وهذا يفوق العدد المعلن للجنود الروس النظاميين في سورية.

تكبدت تشكيلات المرتزقة الروس في سورية خلال السنوات الماضية خسائر بشرية كبيرة، ونشرت وكالة رويترز وثيقة رسمية تقول إن 131 مدنيا روسيا قتلوا في الفترة الممتدة بين الأول من كانون ثاني/يناير حتى الرابع من أكتوبر/تشرين أول 2017، في حين كان العدد المعلن للقتلى العسكريين الروس خلال نفس الفترة 16 جنديا. وعند التساؤل عن سبب هذا العدد الكبير لوفيات الروس في سورية، أجاب المتحدث باسم الكرملين "ليس لدينا معلومات عن المدنيين الذين يزورون سورية". وكانت شهادة الوفاة التي اطلعت عليها رويترز لشخص اسمه سيرغي بودوبني، ويبلغ من العمر 36 عاما، وتوفي في 28 أيلول/سبتمبر 2017 وسبب الوفاة تفحم الجثة في بلدة التياس بمحافظة حمص. كما اطلعت رويترز على شهادتي وفاة في الثالث من شباط/فبراير 2017، رقمتا بـ 9 و13 أي كان هناك خمسة قتلى على الأقل في هذا اليوم من المتعاقدين العسكريين.

وتقول القنصلية الروسية في دمشق إنه يتعين تسجيل وفاة أي مواطن روسي في القنصلية من أجل إعادة الجثة إلى روسيا عبر القنوات المدنية، وكذلك لإعادة متعلقات المتوفي. ومن الحالات الأخرى ألكسندر بروموغاي (40 عاما) وكان جندي مظلات متقاعد وكان يعمل حارسا في بلدته وكان يحتاج للمال لبناء منزل يعيش فيه مع زوجته وابنته الصغيرة، فقرر الانضمام لصفوف المتعاقدين العسكريين في سورية براتب يفوق بتسعة أمثال مرتبه في روسيا وقتل هناك في 25 إبريل/نيسان. 

يدفن هؤلاء في مقبرة عسكرية جديدة تخضع لحراسة مشددة خارج موسكو يتعين على زوارها إبراز وثائق إثبات الشخصية لدخولها، ويسألون عند الباب عن القبر الذي يريدون زيارته، ويتم حجب أسماء القتلى ومكان وتاريخ مقتلهم لأغلب المحاربين في سورية، بطريقة تختلف عن القبور الأخرى التي تذكر فيها كامل المعلومات. وسبق أن أصدر بوتين قبل ثلاثة أشهر من التدخل في سورية أمرا اعتبر فيه أي معلومات عن الخسائر البشرية الروسية سر عسكري وهناك عقوبة على التصريح بها.

ويحصل المتعاقدون العسكريون على مردود مالي جيد مقابل هذا العمل، كما ينال أهل المتوفي منهم تعويضا مجزيا (خمسة ملايين روبل أو ما يعادل 70 ألف يورو)، وهو مبلغ لم ير مثله ذوي القتلى طوال حياتهم، ورغم ذلك فإن أهالي المقاتلين لا ينصحون أحدا بالانضمام لهذه الوحدات خصوصا مع ارتفاع نسبة الذين انقطعت أخبارهم في الأشهر الأخيرة ويحاول أهاليهم بيأس الاطمئنان عنهم، وهم في الغالب عائلات فقيرة ويخشون خسارة التعويضات المستحقة من الشركة التي تعاقدوا معها إذا أثاروا ضجة أو قدموا شكوى لمعرفة مصير أبنائهم. 

عندما زار رئيس شركة "سلاف كوربس" مطار حميميم بدا وكأنه يعامل الضباط الروس بفوقية وجميعهم كانوا يخافون منه وينفذون تعليماته بدقة

​​هناك علاقة قوية تجمع شركات المرتزقة هذه بالكرملين، وقد نقلت صحيفة واشنطن بوست عن مصادر استخباراتية لم تذكرها أن بريغوزين كان على اتصال وثيق بالكرملين في الفترة التي سبقت الهجوم على شرق دير الزور في السابع من شباط/فبراير. ووفقا للتقارير أظهرت الاتصالات التي تم رصدها أن بريغوزين شارك أيضا في التخطيط العملي مع المسؤولين السوريين قبل بدء الهجوم، كما نقل عنه قوله لشخص مقرب من بشار الأسد إن مفاجأة طيبة ستحصل، في إشارة إلى الهجوم الذي يعدون له، حسب ما قالت معلومات صحافية، وأن رئيس الشركة التي تتبع لها هذه الميليشيات قد سبق له أن زار قاعدة حميميم بطائرة خاصة وأبدى اهتمامه بحقول النفط والغاز شرق الفرات ووقعت إحدى شركاته عقدا مع الحكومة السورية لاستعادة هذه الحقول مقابل الحصول على ربع عائداتها. كما أبدى اهتماما بكل مصادر الطاقة من النفط والغاز والمصانع والأنابيب وكل المنشآت اللازمة لهذه الصناعة.

اقرأ للكاتب أيضا: تفصيل الديموقراطية في الشرق على مقاس الرؤساء

ورغم أن الشركات الأمنية الخاصة محظورة في روسيا حسب القانون، ولكن شهودا قالوا إنه عندما زار رئيس هذه الشركة مطار حميميم بدا وكأنه يعامل الضباط الروس بفوقية وجميعهم كانوا يخافون منه وينفذون تعليماته بدقة. وقال زعيم المعارضة الروسية أليكسي نافالني إن شركات بريغوزين باتت تسيطر على كل عقود وزارة الدفاع الروسية. وأشارت الشركة في موقعها على شبكة الإنترنت أنها أضافت مؤخرا مجالات التعدين وإنتاج الغاز والنفط إلى قائمة نشاطاتها وافتتحت لها مكتبا في دمشق. وينظر لأعمال بريغوزين وما يقوم به مرتزقته باعتبارها توزيع أدوار ضمن البيت الروسي لخدمة الاستراتيجية الروسية بوسائل متعددة، وقد عملت وما زالت تعمل في شرق أوكرانيا والقرم وسورية، حيث يرسلون أشخاصا يلبسون بزات رسمية غير عسكرية ويقومون بالأعمال التي لا تريد روسيا الإعلان عن قيامها بها. 

وقد شكلت هذه الميليشيات القوة الرئيسية للتدخل الروسي لدعم الانفصاليين في أوكرانيا، كما كشفت هذه الحرب درجة التسليح العالي لهذه الميليشيات من الدبابات والآليات الثقيلة وأسلحة مضادة للطائرات، وهذه الأسلحة تحديدا هي التي تدور حولها الشبهات في حادثة إسقاط طائرة الخطوط الجوية الماليزية شرق أوكرانيا في 17 يوليو/تموز 2014 والتي أدت لمقتل 300 مدني. ففي 28 أيلول/سبتمبر 2016 أعلنت النيابة الهولندية بعد تحقيق طويل أن صاروخا أرض ـ جو من طراز بوك أطلق من شرق أوكرانيا على هذه الطائرة وأسقطها وأن منصة الإطلاق دخلت من روسيا حيث لا يملك الجيش الأوكراني هذا الطراز من الصواريخ. كما أشار التقرير إلى أن روسيا استعادت منصة الإطلاق المتحركة التي أطلقت الصاروخ بعد إسقاط الطائرة. وأوضح المحققون أن نتائجهم تستند إلى تحليل صور التقطت بالأقمار الصناعية ومعلومات استخباراتية، كما صرح مدير جهاز مكافحة التجسس الأوكراني فيتالي نادا بأن الفريق الذي شغل النظام الصاروخي الذي أسقط الطائرة هو فريق روسي، بالاستناد إلى أدلة قاطعة، حسب قوله. وقد استخدمت روسيا حق النقض في 29 يوليو/تموز 2015 لمنع إنشاء محكمة دولية لمحاسبة المسؤولين عن إسقاط الطائرة الماليزية في تصرف مثير للريبة، وليس من المستبعد وجود دور لأمثال مجموعات المرتزقة هذه في إسقاط الطائرة، كما أن وزارة الخزانة الأميركية أدرجت في يونيو/حزيران 2017 مجموعة "فاغنر" على قائمة الكيانات الخاضعة للعقوبات الأميركية لمشاركتها في الصراع الأوكراني مع قائد هذه المجموعة أوتكين. 

العلاقة الوثيقة بين هذه الشركات والكرملين والخسارة الفادحة التي تعرضت لها والتي يمكن اعتبارها إهانة للقوة العسكرية الروسية وتوقيتها قبل أيام من الانتخابات الرئاسية الروسية، لا شك أنها أغضبت بوتين وظهر ذلك عند حديثه في 1 آذار/مارس عن صواريخ نووية خارقة حديثة لا يمكن مواجهتها، وغواصات لا يمكن استهدافها، على طريقة كيم أون في كوريا الشمالية، بالإضافة لبيانات روسية في نفس اليوم تقول إن وجود الأسلحة النووية الأميركية في أوروبا يعتبر استفزازا، وحتى ليس مستبعدا أن يكون الهجوم على الغوطة مؤخرا في نفس سياق الرد الروسي على ما حدث شرق الفرات، وهذه الأجواء أكثر حدة حتى من أيام الحرب الباردة، لأنها المرة الأولى التي تقتل فيها هجمات أميركية هذا العدد الكبير من العسكريين الروس.

ــــــــــــــــــــــ

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن)

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.