أدرج اسم الرئيس الصيني شي جينبينغ وفكره في دستور الحزب الشيوعي (أرشيف)
أدرج اسم الرئيس الصيني شي جينبينغ وفكره في دستور الحزب الشيوعي (أرشيف)

بقلم د. عماد بوظو/

لا تحدث التغيرات السياسية الهامة في العالم بشكل منفرد بل على شكل موجات تنتقل من بلد إلى آخر بحسب ما يعرف بمبدأ الدومينو، فمثلا بعد سقوط الحكم الديكتاتوري في الأرجنتين عام 1983 بدأت عمليات التحول إلى النظام الديموقراطي تجتاح العالم وخلال سنوات قليلة انهارت الديكتاتوريات العسكرية في كامل أميركا اللاتينية والفيليبين وإندونيسيا. سرعان ما تبعتها الأنظمة التي كان يطلق عليها اسم المعسكر الاشتراكي في شرق أوروبا والتي توجت نهاية عام 1991 في انهيار وتفكك الاتحاد السوفياتي.

على ضوء هذا التحول الشامل صدر كتاب فوكوياما الشهير نهاية التاريخ عام 1992 والذي اعتبر فيه أن الديموقراطية الليبرالية هي الصيغة النهائية للحكومة البشرية، ولسنوات اعتبر الكثيرون أن هذا الموضوع قد أصبح من المسلمات، ولكن نظرة سريعة على عالم اليوم تكشف أن هذه نهائية هذه الصيغة أمر غير دقيق.

ففي جمهورية روسيا الاتحادية ما زال الرئيس فلاديمير بوتين الزعيم الأوحد لعشرين سنة متواصلة، ويبدو أن الوضع سيستمر على هذا الحال حتى نهاية فترة رئاسته الحالية في العام 2024 على الأقل، وطوال هذه السنوات لم يظهر في كل هذه الجمهورية المترامية الأطراف أي شخص يمكن اعتباره الرجل الثاني أو بديلا محتملا لبوتين في حال غيابه لسبب ما.

في نفس الفترة وصل إلى السلطة في تركيا رجب طيب أردوغان وما زال في السلطة حتى اليوم ويحق له اعتبارا من عام 2019 الترشح لدورتين انتخابيتين مدة الواحدة منهما خمس سنوات بحيث سيبقى في السلطة إذا سارت الأمور حسب مخططاته حتى العام 2029 ليتجاوز في مدة حكمه أغلب السلاطين العثمانيين.

اقرأ للكاتب أيضا: كيف جعلت اللغة من عمليات قتل خسيسة "جرائم شرف"

وفي الصين، تم إدراج اسم الرئيس شي جينبينغ وفكره في دستور الحزب خلال مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني الأخير نهاية عام 2017 ما جعله في منزلة تساوي مؤسس الحزب ماو تسي تونغ. وهذا ما يجعل أي تحدي له في المستقبل تهديدا لحكم الحزب الشيوعي.

وفي آذار مارس 2018 أقر برلمان الصين بموافقة 2958 نائبا ومعارضة نائبين وامتناع ثلاثة عن التصويت تعديلا دستوريا ألغى بموجبه الحد الأقصى للفترات الرئاسية بما يفتح الطريق أمامه لكي يبقى رئيسا وأمينا عاما للحزب مدى الحياة، بما ينهي حقبة القيادة الجماعية التي أرساها دينغ شياو بينغ.

وأجريت قبل أيام الانتخابات المصرية لفترة رئاسية ثانية ومن المفترض أن تكون الأخيرة للرئيس عبد الفتاح السيسي وقد فاز فيها بأغلبية كاسحة فاقت حتى ما حصل عليه الرئيس مبارك في "انتخابات" 2005، وتسير الأمور باتجاه جعله أيضا رئيسا مدى الحياة.

وعلى نفس الطريق سارت الجزائر مع عبد العزيز بوتفليقة والذي وصل إلى السلطة قبل كل الرؤساء المذكورين سابقا وما زال فيها حتى اليوم.

في إيران هناك انتخابات وهناك رؤساء يتغيرون كل بضع سنوات ولكن السلطة الحقيقية طوال العقود الثلاثة الماضية بيد المرشد علي خامنئي والتي تأخذ سلطته المطلقة بعدا دينيا بالإضافة إلى طابعها الدنيوي. وتتشبه فنزويلا في هذا النموذج، كذلك بعض دول الاتحاد السوفييتي السابق التي تدور في فلك روسيا، ومن الملاحظ أن جميع هذه الدول كبيرة في عدد السكان والمساحة بما يعطي فكرة عن حجم الانتشار الواسع لنموذج الرئيس الأوحد في عالم اليوم.

عندما حاول الرئيس أردوغان تبرير دعوته لاعتماد النظام الرئاسي قال إنه يهدف إلى القضاء على "فوضى السلطات والصلاحيات"، ولتسريع عملية الاتصال والتنسيق بين مؤسسات الدولة، في إشارة إلى انتقاداته لتقاسم السلطات في النظام البرلماني بين المؤسسات التشريعية والقضائية والتنفيذية، واعتبر أن هذا النظام يفتقد لسرعة تطبيق الإجراءات الإدارية والتنفيذية في عالم اليوم الذي يتطلب ديناميكية في الاستجابة وتركيز أكبر للسلطة في يد جهة واحدة.

وعند تعديل الدستور في الصين بما يسمح لشي جينبينغ بالبقاء رئيسا مدى الحياة قال المدافعون عن هذا التعديل إن الهدف منه منح هذا الرئيس سلطة مطلقة من أجل تطبيق رؤيته لتحويل البلاد إلى قوة عظمى عسكريا واقتصاديا، وكان لافتا ترحيب الرئيس ترامب بإمكانية بقاء شي في السلطة مدى الحياة واعتبارها مذهلة وقال: ربما على الولايات المتحدة تجريب ذلك يوما.

تشترك أنظمة "الرئيس مدى الحياة" بمجموعة من القواسم المشتركة، منها القبضة الأمنية الشديدة داخل البلد للقضاء على أي شكل من المعارضة بذرائع وأسباب مختلفة من الاتهام بالفساد إلى تهديد السلم الأهلي إلى الارتباط بجهات خارجية بحيث لا يبقى في الساحة السياسية والثقافية والإعلامية سوى أبواق السلطة.

فمسلسل الاعتقالات والاغتيالات على طريقة المافيا التي تقوم بها الاستخبارات الروسية يعرفها ويتابعها العالم يوما بيوم. كما أطلق الرئيس الصيني حملة لمكافحة الفساد خلال السنوات الماضية تمت فيها معاقبة أكثر من مليون مسؤول، ورأى فيها كثيرون وسيلة للتخلص من أي معارضة داخلية.

على نفس الطريق سار الرئيس أردوغان بذريعة محاسبة من خططوا وقاموا بمحاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016 أو بتهمة الانتماء لجماعة غولن تم اعتقال وتسريح من العمل لعشرات آلاف الأتراك.

هذا النوع من الأنظمة في حاجة دائمة لأعداء خارجيين، ولذلك فإنه لا حديث في إعلامهم سوى عن آخر تطورات هذا الصراع المتواصل مع هؤلاء الأعداء، وأخبار الانتصارات اليومية التي يحققها "الرئيس" عليهم وكيف يحبط دائما مخططاتهم ومؤامراتهم.

وهذه الأنظمة بحاجة كل فترة إلى أزمة من نوع ما حتى يوجهوا إليها أنظار الرأي العام ثم ينجحوا بحلها! وقد قدم الجنرال جوزيف فوتيل قائد القيادة المركزية الأميركية خلال جلسة في مجلس النواب الأميركي مثالا عن هذا الأسلوب: "من الناحية الديبلوماسية والعسكرية تلعب موسكو دور مشعل الحرائق ورجل الإطفاء في نفس الوقت، حيث تشعل التوترات بين كل الأطراف في سورية ثم تلعب دور الحكم لحل النزاعات في محاولة لتقويض وإضعاف المواقف التفاوضية لكل طرف".

ولذلك لا تكاد تنتهي أزمة للرئيس بوتين مع جهة خارجية حتى تبدأ مشكلة جديدة مع طرف آخر، وعلى نفس الطريق نرى الرئيس أردوغان وعلاقاته المتوترة مع أغلب دول العالم، وكذلك الصين وسياستها التوسعية على حساب جيرانها، وطبعا إيران وصراعاتها مع القوى الإقليمية والدولية.

وتشترك هذه الأنظمة في أنها لا تخضع في تصرفاتها للقانون الدولي أو للمعايير الأخلاقية بما يمنحها أفضلية على خصومها، فبإمكانها مثلا اللجوء للاغتيالات أو الإرهاب أو استخدام إمكانيات الدولة في ممارسات غير قانونية، مثل التجسس على خصوصيات الشخصيات العالمية ذات الوزن، أو دفع الرشاوي لشراء ولاءات في دول معينة، أو الابتزاز وغيرها من الممارسات، فلا يقدم هؤلاء الرؤساء كشفا عن سلوكهم لأحد ولا يوجد قضاء مستقل لمحاسبتهم أو صحافة حرة لفضحهم.

ساعد تكرر حالات فشل الديموقراطيات مع بعض القضايا الملحة هؤلاء الرؤساء على تبرير أسلوبهم الفردي في الحكم. إذ يحصل أن يمضي وقت غير قصير حتى يحصل توافق بين السلطات التشريعية والتنفيذية وأغلب الأحزاب والرأي العام حتى تستطيع الدول الديموقراطية اتخاذ إجراء ما. ويؤدي خضوع السياسات لمراجعات من أطراف متعددة بعضها ذو طبيعة بيروقراطية إلى خسارة المزيد من الوقت.

ويضاف إلى كثرة الأزمات التي تحدث في الديموقراطيات، إمكانية عرقلة الكثير من القرارات الضرورية من قبل إحدى السلطات أو أحد الأحزاب، وأحيانا لأسباب لا تتعلق بالمصلحة الوطنية العليا بل بمصالح حزبية ضيقة. وتكثر حالات الشلل التي تصيب أجهزة الدولة نتيجة عدم حصول التحالفات السياسية على النسبة الكافية لتشكيل الحكومات، أو التأخر في إقرار الميزانية مما يحدث شللا في عمل الحكومة أو غيرها. وهذا ما يسمح لهؤلاء الرؤساء الادعاء أن تمركز السلطة بيد طرف واحد يعطي سرعة وحزما أكبر باتخاذ القرارات والتعامل مع المستجدات.

اقرأ للكاتب أيضا: تنافس دول محور الشر في الاغتيال السياسي

ولكن الجانب الأهم الذي ساعد على إمكانية الترويج لهذا الشكل من الزعامات كان ظهور عدة مشكلات حقيقية عند الأنظمة الديموقراطية والليبرالية، منها ارتفاع تكاليف الحملات الدعائية للمرشحين لتولي المناصب الرسمية بحيث أصبحت فرصة الفوز في أي انتخابات تعتمد إما على الثراء الشخصي للمرشح أو علاقته الوثيقة مع مصادر التمويل من الأثرياء أو الشركات الكبرى والذين أصبح لديهم مع الوقت نفوذ واسع على الحياة السياسية.

نجم عن ذلك من تراجع كفاءات ومؤهلات المرشحين، مما أدى لظهور طبقة سياسية جديدة يفتقر الكثير من شخصياتها للثقافة والنزاهة، كما احتفظت نفس الوجوه من هذه الطبقة بمناصبها لفترات طويلة وأغلقت الطرق أمام الأجيال الشابة، وظهرت العائلات السياسية التي تنتقل فيها المناصب للأبناء أو الإخوة والزوجات. ونمت خلال نفس الفترة التيارات الشعبوية والانعزالية واليمين المتطرف، حتى ظهرت آراء تقول بأن الاحتكام لصناديق الاقتراع ليس مقياسا دائما لما هو صواب؟ وفي كثير من الحالات تحولت البرلمانات إلى ساحات للمناكفات والاستعراضات بين التيارات السياسية حتى ولو على حساب المصلحة الوطنية، أي أن بريق الديموقراطية القديم لم يحافظ على ألقه.

هل يدل انتشار ظاهرة الزعيم الفرد في القرن الواحد والعشرين على توجه عالمي جديد باتجاه هذا النمط من الأنظمة أم أنه ليس سوى نكسة عابرة في خط تطور يسير دائما للأمام؟ هذا ما ستكشفه السنوات المقبلة، ولكن في جميع الأحوال أصبح واضحا أن ما قيل في نهاية القرن الماضي حول نظام سياسي معين باعتباره "نهاية التاريخ" كان كلاما ساذجا.

ــــــــــــــــــــــ

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن)

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.