خلال الانتخابات الرئاسية المصرية الأخيرة
خلال الانتخابات الرئاسية المصرية الأخيرة

بقلم محمد المحمود/

لم، ولن ينتهي الجدل الشرعي/ الديني والاجتماعي حول الحجاب، وحول كل ما يتعلق بالحجاب والنقاب في العالمين العربي والإسلامي؛ لأن الجدل في هذه المسألة التي نظنها محدودة في حدود قطعتي قماش، هو جدل متعدد الأبعاد، جدل مشتبك مع الجدل الاجتماعي/ الديني المركب حول مسائل أكبر من ذلك وأعمق وأشمل.

ولهذا، كلما ظننا أن هذه المسألة (مسألة الحجاب والنقاب) توارت واختفت؛ بتجاوز المجتمع المتحضر/ المتطور لسذاجتها؛ عادت تطل برأسها من جديد، وكأنها أم القضايا التي يرتبط بها المصير الجمعي؛ وجودا وعدما.

تبدو مسألة الحجاب ـ لأول وهلة ـ وكأنها مسألة شرعية/ دينية خالصة، لا لشيء؛ إلا لأنها تطرح على الأساس الشرعي، أو تحت العنوان الديني. اليوم، يخوض الناس فيها كموضوع لجدل اجتماعي واسع، ولكن بمفردات شرعية تستثمر في المقدس؛ بغية الظفر بقوة ضغط الاحتشاد الجماهيري للرأي المنحاز للحجاب أو للنقاب. إنهم يفعلون ذلك عن قصد؛ لأن الخطاب الشرعي في مثل هذا السياق يتوجه إلى الجماهير، وتحديدا، إلى عموم المتدينين الميالين إلى المحافظة الاجتماعية التي تجد مشروعيتها في الخطاب الديني.

يعرف الجميع أن الحجاب/ النقاب هو شكل من أشكال الهيمنة الذكورية

​​من الناحية العلمية/ الشرعية الخالصة، يمكن التأكيد على أن القضية حسمت على أكثر من صعيد، بل لقد تم وضع النقاط على الحروف منذ زمن بعيد. صحيح أن غلاة المتطرفين من السلفيين يحاولون العبث بالحقائق العلمية المثبتة في هذا المجال؛ كي يتمكنوا من فرض وجهة نظرهم المتطرفة حول "النقاب" قبل "الحجاب"؛ وكأن وجهة نظرهم هي عين الصواب؛ بل وكأنها الصواب الأوحد الذي يحظى بالإجماع العلمي من ذوي الاهتمام الشرعي على مر العصور والأزمان!

اقرأ للكاتب أيضا: العنصرية والمجتمع الحديث

يحاول غلاة المتطرفين استثمار مقولات العلماء المعاصرين في "الحجاب"؛ كي يجعلوها – تدليسا - في "النقاب". الحجاب، من حيث هو لباس احتشام يسمح بإظهار هوية المرأة (وجهها على نحو خاص)، يحظى بما يشبه الإجماع على وجوبه.

بينما "النقاب" الذي يطمس هوية المرأة لا يحظى إلا بتأييد القلة القليلة من شيوخ السلفية المعاصرين، بل إن أكبر شيخ معتمد للسلفيين في العصر الحديث (الألباني) كان يقول بجواز كشف الوجه/ وجه المرأة، وأكد مرارا أن الحجاب الشرعي لا يشمل تغطية الوجه بأي حال. ولقد ألف في هذا كتابه الشهير: (حجاب المرأة المسلمة)، هذا الكتاب المتحدي الذي حار فيه غلاة السلفية إلى اليوم، ولم يستطيعوا الرد على مقولة واحدة من مقولاته، فضلا عن أن يستطيعوا الرد على مجمل الكتاب.

عموما، يمكن تلخيص مجمل الرؤى الفقهية في هذه المسألة بما يلي:

  1. قليل من "العلماء" في القديم والحديث قالوا بوجوب تغطية الوجه/ وجه المرأة، واعتقدوا أن هذا هو رأي الدين، ومن يخرج عليه فهو آثم؛ إن كان عالما بالحكم الذي يعتقدون صوابه. وهؤلاء يعتقدون صواب رأيهم، ولكنهم ـ في الوقت نفسه ـ يعرفون ويعترفون بأن كثيرا من العلماء المجتهدين يخالفونهم. وهم يقدرون اجتهاد مخالفيهم، مع تأكيدهم أن رأيهم هو الأقرب للصواب (عكس غلاة المتزمتين اليوم الذين يحاولون إنكار مقولات هؤلاء العلماء المخالفين لهم، إما بتجاهل مقولاتهم أو طمسها أو تأويلها).
  2. أكثر العلماء في القديم، والأغلبية الساحقة من العلماء المعاصرين، يرون جواز كشف الوجه/ وجه المرأة، ويعتقدون أن الحجاب الشرعي لا يشمل الوجه والكفين، وبعضهم يحدده في عموم الاحتشام الذي يتحدد عرفا في كل مجتمع. ولا شك أن هذه الحقيقة (حقيقة أن الأغلبية الساحقة من علماء الشريعة لا يقولون بوجوب النقاب) تسببت في حرج شديد لأصحاب الرأي السابق، أو بالأحرى للغلاة المعاصرين منهم الذين يتعمدون طمس آراء المخالفين القائلين بالجواز لصالح رأيهم التحريمي المحدود، الذي يرونه ـ وهنا المشكلة ـ صوابا بدرجة اليقين المطلق، كما يرون أن ما خالفه هو خطأ بدرجة اليقين المطلق أيضا.

هذا مختصر ما قيل ويقال في هذه المسألة. وأعتقد أن كل المهتمين بهذه المسائل ـ ولو بأدنى اهتمام ـ باتوا يعرفون هذا المختصر الذي ذكرته آنفا. لكن، ما لا يعرفه كثيرون، ويتجاهله كثيرون أيضا؛ وعن عمد، هو أن "القدر المتفق على وجوبه شرعا" في هذه المسألة منوط باختيار المكلف، وليس لأحد حق إجباره عليه. هذه حقيقة يجري تجاهلها.

فمثلا، إذا كان ثمة إجماع نسبي على "وجوب تغطية الشعر والنحر"، فهذا الوجوب تكليف شرعي يتوجه إلى الفرد المكلف/ المرأة المسلمة بصفة شخصية خاصة، وليس لأحد أن يجبرها على تغطية شعرها ونحرها. الخيار للمرأة كإنسان حر؛ إن هي قامت بهذا الواجب، فهي ـ في التصور الفقهي ـ مأجورة، وإن لم تفعل فهي آثمة، والمسألة أولا وأخيرا بينها وبين الله، أي هي مسألة تدخل في الضمير = الاختيار الشخصي.

مشكلة الصف الثاني/ الطبقة الثانية من المتزمتين أنهم يحاولون الإيحاء للمرأة/ لمجتمع المرأة أن ما كان معترفا بوجوبه من الأحكام ـ من قبل المرأة، ومن قبل مجتمعها ـ فإن الإكراه فيه مشروع. فمثلا، إذا اعترفت المرأة ومجتمعها المتدين الحاضن لها أن تغطية شعرها ونحرها واجب شرعا، فالمتزمتون يعتقدون أن هذا الاعتراف يعني أنها ـ بضرورة هذا الاعتراف ـ تمنحهم حق إجبارها على تغطية شعرها ونحرها. المتزمتون يخلطون بين "الوجوب الفردي" وبين "حق الإكراه المجتمعي"؛ ليتمكنوا من وضع أفكارهم/ خياراتهم الفردية المتزمتة موضع التنفيذ على مستوى القانون المجتمعي العام.

هذا ـ باختصار ـ كل ما يدور حول المسألة شرعيا/ دينيا؛ ولا شيء أكثر من ذلك. لكن، وخاصة في العصر الحديث، تطورت مسألة الحجاب/ النقاب لتأخذ أبعادا أخرى. وهذا لم يعد خافيا، بل وهو واضح لكل متأمل، يشرحه ويؤكده هذا الإلحاح الكبير والمستمر على هذه المسألة الشرعية الجزئية الهامشية؛ بحيث أصبحت تبدو ـ بعد كل هذا الإلحاح، بل وهذا الهياج الديني والأرعن - وكأنها أصل من أصول الدين، وشرط أولي من شروط التدين.

يعرف الجميع أن الحجاب/ النقاب في القديم والحديث، وفي كل المجتمعات، هو شكل من أشكال الهيمنة الذكورية، هو من العلامات المجسدة/ الملموسة التي تؤكد للمجتمع الذكوري/ الذي يعاني اضطرابا ذكوريا أن المرأة لا تزال تحت السيطرة، بل لا تزال هامشية، ذات هوية ملغاة أو مغطاة، ما يعني أن الرجل لا يزال هو سيد الموقف، وأن شبكة العلاقة الاجتماعية في تراتبيتها المعهودة لا تزال تشتغل بما يخدم تطلعات أسيادها التاريخيين.

لا يخفى استثمار الجماعات الإسلامية في رمزيات الحجاب على أحد

​​وإذا كان إجراء أي تحوير على الحجاب/ النقاب يعني ـ بالضرورة ـ حدوث تحولات نوعية في شبكة العلاقات الاجتماعية (وهي تحولات لا تخص ترابية الذكر/ الأنثى فحسب، بل تتجاوز ذلك لتعم كل محاور هذه الشبكة)؛ فإن رمزية الحجاب/ النقاب تمتد إلى ما هو أبعد من نطاق المجتمع الواحد؛ حيث تشتبك مع التفاعلات الدولية التنافسية التي تجد صيغتها في حرب الرموز ذات العلاقة الوطيدة بصراع الحضارات/ الثقافات.

ومن هنا، قد يصبح الإصرار على الحجاب/ النقاب ـ رغم هامشيته في السياق الديني ـ مرتبطا بالأبعاد الرمزية التي يتخذها كعلامة جسدية ذات دلالة هوياتية تؤكد رفض هيمنة الآخر، سواء أكانت هيمنة ناعمة/ ثقافية، أم كانت هيمنة خشنة/ سياسية.

فلغة الجسد المحجب هنا هي لغة مقاومة، إنها علامة رامزة تؤكد بصراحة رفض الآخر برفض خياراته العلاماتية التي يحاول عولمتها في فضاء الذات، في مقابل تأكيد الاحتماء بخصوصية ثقافة الذات؛ كضمانة ـ ولو على المستوى النفسي - لتحقيق الاستقلال الذاتي.

اقرأ للكاتب أيضا: فلسطين بين الاحتلال ومشروعية النضال

وكما تدخل رمزية الحجاب ـ بقوة ـ على خطوط التفاعلات التنافسية/ الصراعية بين الدول/ الثقافات/ الحضارات؛ تدخل ـ وبقوة أيضا ـ على خطوط التفاعلات التنافسية/ الصراعية بين التيارات داخل الثقافة الواحدة، بل بين التيارات داخل الدولة الواحدة.

ولعل استثمار الجماعات الإسلامية في رمزيات الحجاب لا يخفى على أحد؛ إذ يصبح الحجاب في ظل التدافع الإسلاموي ـ العلماني أداة للتحكم في قطاع كبير من المنتمين أو حتى من المتعاطفين (القطاع النسوي) على مستوى عملي، كما هو ـ في الوقت ذاته ـ علامة رمزية لإثبات الوجود، ومن ثم إثبات القوة، وتأكيد الحضور النافذ في الفضاء العام الذي يصبح ـ في سياق هذه الحرب/ حرب الرموز ـ ليس أكثر من حلبة صراع.

المهم بعد كل هذا، هو التأكيد على أن ما نراه من تأكيد إسلاموي متواصل على الحجاب/ النقاب ليس مطلبا عمليا، بمعنى أنهم لا يؤكدون عليه لتحقيق "الاحتشام الأنثوي" عمليا؛ بقدر ما يؤكدون عليه لأبعاده الرمزية التي تحدد موقعهم في الصراع على النفوذ المجتمعي. أي أن "الاحتشام الأنثوي" هنا ليس مقصودا لذاته، بل لتحقيق الانتصارات الرمزية للتيارات الإسلاموية، خاصة بعد سلسلة الهزائم التي لاحقتهم في العقدين الماضيين، إذ ـ بعد كل هذه الهزائم ـ أصبح معقلهم الأخير مجرد قطعة قماش على جسد أنثى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن)

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.