عناصر من قوات مكافحة الإرهاب العراقية في شوارع البصرة
عناصر من قوات مكافحة الإرهاب العراقية في شوارع البصرة

بقلم مايكل نايتس/

في 28 أيلول/سبتمبر، أمرت وزارة الخارجية الأميركية بإغلاق قنصليتها في محافظة البصرة الغنية بالنفط جنوب العراق بصورة مؤقتة بعد استهداف المُجمع بالصواريخ. وقد أثارت هذه الخطوة الحيرة لأن القنصلية العامة في البصرة مصممة خصيصا لمقاومة مثل هذه الهجمات. وما هو أكثر إثارة للقلق، أنها توجه رسالة خاطئة إلى كل من إيران وحلفاء الولايات المتحدة عن حملة "الضغط الأقصى" التي تنتهجها إدارة الرئيس ترامب ضد طهران، مما يشير إلى أن واشنطن قد لا تكون على استعداد لمواجهة حتى الحد الأدنى من أوجه الانتقام الإيراني. وبالإضافة إلى كَوْن مثل هذه الرسالة غير مشجعة للحلفاء، فهي تدعو أيضا إلى شن المزيد من الهجمات، مما قد يفاقم فشل أميركا المتكرر في الرد على إيران أو وكلائها عندما يقوموا باستهداف المرافق الأميركية.

هجمات على المرافق الدبلوماسية الأميركية

في 7 أيلول/سبتمبر أقدم شباب عراقيون على نهب وإحراق القنصلية الإيرانية في البصرة والمكاتب المحلية لـ"عصائب أهل الحق" ـ الميليشيا الشيعية المدعومة من إيران. ومنذ ذلك الحين، تقوم المليشيات الوكيلة لطهران بمضايقة الدبلوماسيين الأميركيين وتهديدهم بسلسلة من الهجمات الصاروخية، على النحو التالي:

بين 7 و8 أيلول/سبتمبر، أُطلقت ثلاثة صواريخ من عيار 107 ملم وصاروخ آخر من عيار 122 ملم من شرق بغداد على مرافق السفارة الأميركية في العاصمة، ولكنها سقطت بعيدا عن المجمّع الكبير، مما اعتبر افتقارا غير معهود إلى الدقة، الأمر الذي يوحي بأنها أطلقت من قبيل التحذير.

تعتبر قنصلية البصرة ضرورية أيضا للاستثمارات الأميركية المتنامية في مجال الطاقة في جنوب العراق

​​في 8 أيلول/سبتمبر، انهال وابلان من صواريخ عيار 107 ملم على القنصلية الأميركية في البصرة، الواقعة بالقرب من المطار الدولي، وسقط كلاهما بعيدا عن المطار في إشارة أخرى إلى أن الصواريخ جاءت ثانية من باب التحذير.

في 28 أيلول/سبتمبر، أُطلقت ثلاثة صواريخ أخرى من عيار 107 ملم باتجاه القنصلية في البصرة. وقد أصابت اثنان منها بناية القنصلية، ولكنها لم تسبب أضرارا أو ضحايا.

وبعد ساعات فقط من الضربة الأخيرة، أعلنت واشنطن عزمها على تعليق عملياتها في البصرة وسحب دبلوماسييها مؤقتا. ثم عمدت أيضا وزارة الخارجية الأميركية إلى تحديث تنبيهاتها بشأن السفر إلى العراق، وحثت الأميركيين على الامتناع عن زيارة البلاد وكررت تحذيرها بأن "المواطنين الأميركيين المتواجدين في العراق معرضون بشكل كبير لخطر العنف والاختطاف".

مكافآت البقاء في البصرة تفوق المخاطر

لا شك في أن إغلاق القنصلية الأميركية العامة في البصرة كان مدفوعا بوفرة وفيرة من الحذر بشأن حماية الموظفين الأميركيين. فالميليشيات المدعومة من إيران تزداد قوة في المنطقة يوما بعد يوم، الأمر الذي يزيد من خطر تعرضهم للاختطاف ويجعل التعامل مع الجهات العراقية المعنية أكثر صعوبة على الطاقم القنصلي. كما أن خطر التعرض لضربات صاروخية منتظمة أو حتى لهجمات من جانب المتظاهرين المدعومين من الميليشيات هو خطر فعلي. وقد تثبت قوات الأمن العراقية أنها غير مستعدة للدفاع عن القنصلية ضد التهديد الأخير، بقدر ما سمحت لمثيري الشغب باجتياح القنصلية الإيرانية في البصرة في 7 حزيران/يونيو والقنصلية التركية في الموصل في عام 2014، من بين حوادث أخرى من هذا القبيل.

إلا أن أيا من هذه المخاطر لا يبدو سببا كافيا لإغلاق القنصلية الأميركية في البصرة، نظرا لإمكانية التخفيف من كل واحد من تلك المخاطر أو القضاء عليها. ويمكن منع عمليات الاختطاف من خلال إغلاق القنصلية مؤقتا وإقامة الفعاليات بداخلها أو بالقرب منها ـ على سبيل المثال، في أي مكان آخر داخل مجمع المطار الذي يتمتع بدفاعاته الخاصة داخل محيطه وبضوابطه الخاصة على الدخول.

وبخلاف القنصليات الإيرانية والتركية التي جرى اكتساحها، تقع القنصلية الأميركية في البصرة خارج المدينة ضمن مجمّع المطار، الذي يمكن تعزيز دفاعاته بشكل مؤقت من قبل قوات النخبة العراقية (على سبيل المثال، دائرة مكافحة الإرهاب، أو قوات الرد السريع من قيادة عمليات البصرة). وقد يبدو أن اختبار استعداد الحكومة العراقية لتقديم مثل هذه الحماية هو أكثر ملاءمة من إعطاء أمر بانسحاب جميع الموظفين الأميركيين. ولا ينبغي النظر في إخلاء القنصلية إلا إذا كانت البيئة غير مستقرة إلى حد كبير والحكومة المضيفة غير قادرة على تحمل تكاليف تعزيز الأمن أو غير راغبة تماما في ذلك، ولا يبدو الأمر على هذا النحو في الوقت الحاضر.

فضلا عن ذلك، على الرغم من أن الهجمات الصاروخية مقلقة بشكل واضح، إلا أن القنصلية في البصرة صممت خصيصا ـ وبتكلفة عالية على دافعي الضرائب الأميركيين ـ لمواصلة أعمالها تحت هذا النوع من القصف المضايق. فالأفراد الأميركيون والبريطانيون متمركزون قرب مطار البصرة منذ أكثر من عشر سنوات، وقد صمدوا خلالها بوجه فترات كان يسقط فيها فوق رؤوسهم أو بالقرب منهم ما يصل إلى أربعين قذيفة في الليلة الواحدة. وقد حافظوا على مجمّعهم في البصرة مهما كانت الظروف ليظهروا أن شركاء التحالف في العراق لن يستسلموا للترهيب ويرغَموا على التخلي عن المدينة للميليشيات. ومع ذلك، ففي الوقت الحالي كانت خمسة صواريخ في شهر واحد كفيلة بدفع أميركا إلى حزم حقائبها.

وحتى إذا وضعنا جانبا التأثيرات الرمزية الجسيمة، ستكون هناك تداعيات عملياتية خطيرة من بقاء القنصلية مغلقة، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى تكبد الولايات المتحدة ـ والشركات الأميركية ـ تكاليف باهظة مع خسارة فرص سياسية واقتصادية عديدة في هذه المرحلة الحيوية. وفي الشهر الماضي، أظهر العراقيون في البصرة غضبهم على إيران من خلال مهاجمة قنصليتها المهمة في وسط المدينة، والتي لطالما شكلت رمزا لجرأة الجمهورية الإسلامية في مدينة عانت من وطأة الحرب بين إيران والعراق.

ولكن عوضا عن إظهار التزامها مع أهالي البصرة الفقراء والمستائين، تسمح واشنطن لنفسها بالتعرض للمضايقة لإرغامها على الانسحاب. لقد بدأت الدبلوماسية الأميركية لتوها بإحراز تقدم هناك بقيادة القنصل العام النشط والفعال جدا، تيمي ديفيس. وإذا لم يتم إعادة فتح القنصلية قريبا، ستكون واشنطن فعليا في وضع يعكس مساعدتها لطهران في إحكام قبضتها على أحد أكثر المواقع غنى بالغاز والنفط في العالم، مما يجعل البصرة الحاضنة المثالية للمليشيات الإيرانية التي ستستولي على النفط وتصمم على فرض نفوذها وثروتها.

الوجود الأميركي في البصرة سيمنع إيران من تحقيق أي نصر دعائي لها هناك، ويتصدى لنفوذها المحلي، ويقلل المكاسب المالية التي تجنيها

​​وتعتبر قنصلية البصرة ضرورية أيضا للاستثمارات الأميركية المتنامية في مجال الطاقة في جنوب العراق. فبعد البداية البطيئة التي شهدتها عدة شركات مثل "شيفرون"، و"إيكسون موبايل"، و"جنرال إلكتريك"، و"أوريون غاز"، أخذ يزداد اهتمام هذه الشركات في كسب مليارات الدولارات من الأعمال التجارية المحلية، ومن المتوقع أن يكونوا ممثلين عن القنصلية قد حضروا مؤتمرا رئيسيا للاستثمار في البصرة عقد في اسطنبول بين 9 و10 تشرين الأول/أكتوبر. إن التخلي عن هذه الفرص لصالح شركات صينية وإيرانية وروسية سيكون أمرا مروعا نظرا لأن الولايات المتحدة قد أنفقت 1.5 ترليون دولار في العراق قبل انسحابها العسكري عام 2011. ومع ذلك، فهذا الذي قد يحدث على وجه التحديد إذا ما تم إجلاء الدبلوماسيين الأميركيين عند أدنى مشكلة. وفي المقابل، فإن إعادة قنصلية البصرة إلى نشاطها الكامل سيوجه رسالة قوية تطمئن الشركات الأميركية التي تشعر بالحذر فعلا حول الاستثمار في العراق.

بالإضافة إلى ذلك، تقود الشركات الأميركية الجهود لإعادة توجيه الكمية الهائلة من الغاز الطبيعي التي يهدرها العراق بسبب الاحتراق. ولن يسهم استخدام هذا الغاز في مساعدة بغداد على تلبية احتياجات الطاقة خلال فترات الذروة الصيفية فحسب، بل سيؤدي أيضا إلى تخفيض مبلغ الـ 100مليون دولار الذي ينفقه العراق شهريا لقاء الغاز الإيراني ـ وهي مدفوعات كان يتم تحويلها في الماضي إلى "الحرس الثوري الإسلامي" الإيراني و"حزب الله".

توصيات للسياسة الأميركية

يجب على وزارة الخارجية الأميركية أن تعمل سريعا للاستحصال على ضمانات ثابتة من الحكومة العراقية التي ستشكل قريبا بشأن توفير تعزيزات أمنية إضافية للقنصلية في البصرة، والمطار، ومناطق الأهوار الشرقية التي كثيرا ما تستخدم لإطلاق الصواريخ. كما ينبغي عليها التعامل مع رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي ورئيس الوزراء المقبل عادل عبد المهدي في الجهود الهادفة إلى ضمان كوْن الموظفين الأميركيين في مأمن من الاختطاف. وحين تحصل واشنطن على هذه الضمانات، يجب أن تسارع إلى الإعلان عن عودة دبلوماسييها إلى البصرة.

إذا كانت لدى الحكومة الأميركية مخاوف على نطاق أكبر بشأن فعالية تكلفة وجودها في البصرة، فيجب فصل هذه المسألة عن كيفية تفاعلها مع الترهيب المدعوم من إيران. وبينما يمكن تبرير إقدامها على تضييق وجودها أو تعديله بأي شكل من الأشكال، إلا أن هذا الوقت ليس مناسبا للانسحاب. وإذا لزم الأمر، يمكن للموظفين القنصليين العمل مؤقتا مع إبقاء الحد الأدنى منهم في القنصلية بحيث يكون وجودهم على الأرض محدودا بينما يقومون بجهود عالية في مجال العلاقات العامة للتأكيد على الالتزام الأميركي تجاه البصرة. وتنفق الولايات المتحدة أكثر من 250 مليون دولار سنويا على هذه القنصلية الاستراتيجية غير المستخدمة بشكل كبير، ولكن يمكن استرداد هذه الكلفة بعشرة أضعاف إذا فازت شركة طاقة أميركية حتى بمشروع واحد متوسط الحجم في مجال البنى التحتية.

والأهم من ذلك، فإن الوجود الأميركي الذي يمثل الحكومة برمتها في البصرة سيمنع إيران من تحقيق أي نصر دعائي لها هناك، ويتصدى لنفوذها المحلي، ويقلل المكاسب المالية التي تجنيها من صادرات الغاز إلى العراق. وإذا كانت واشنطن جادة في الضغط على طهران، فعليها أن تثبت أن الولايات المتحدة قادرة على الصمود بوجه الانتقام، وإلا سوف ترسل إشارة واضحة للعراقيين والإيرانيين وغيرهم من الأطراف ـ المعادية لها والمتعاطفة معها على حد سواء ـ في الشرق الأوسط أن أميركا عرضة للترهيب.

مايكل نايتس هو زميل أقدم في معهد واشنطن، وقد أمضى فترات طويلة في مجمّع مطار البصرة وعمل في المحافظة لأكثر من عقد من الزمن.

المصدر: منتدى فكرة

ــــــــــــــــــــــــــــــ

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن)

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.