تظاهرة لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن
تظاهرة لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن

عريب الرنتاوي/

كشفت الحركة الإسلامية في الأردن عن وثيقتها السياسية الجديدة التي طال انتظارها وكثر التبشير بها، بوصفها تختصر مراجعات جماعة الإخوان المسلمين وحزبها السياسي وكتلتها البرلمانية، لتجربة الحركة في السنوات العشر الفائتة، وما تخللها من أحداث وتطورات عاصفة في الأردن والإقليم، وما رافقها، كأي تجربة، من خطأ وصواب، باعتراف الوثيقة ذاتها.

تحدثت الوثيقة عن أخطأ اقترفتها الجماعة من دون أن تأتي على ذكرها أو تتقدم بتفسير لها أو شرح لنتائجها، تقول الوثيقة: "أصابت الحركة في كثير من الأحيان، وأخطأت في أحيان أخرى... لكنها سعت على الدوام استدراك الأخطاء، واستخلاص الدروس والعبر"... لم تأت الوثيقة على أي من هذه الأخطاء، ولم تعرض لأي من الدروس والعبر المستخلصة، وتلكم إشكالية معرفية كبرى.

الحديث عن استئناف الحياة الإسلامية يعني انقطاعها

​​لا شك أن الوثيقة استبطنت الكثير من المواقف والرؤى غير المألوفة في خطاب "الجماعة"، بل ويمكن القول، إن الجماعة بنتيجة مراجعاتها، أقدمت على "استعارة" كثير من المبادئ والمفاهيم من خطاب خصومها ومجادليها من علمانيين ويساريين و"مدنيين ـ ديمقراطيين"، وسعت في "تأصيلها" دينيا بالاستناد إلى مرجعيتها الإسلامية، أحيانا ببعض التوفيق وأحيانا أخرى من دون برهان، ولا غضاضة في ذلك، طالما أن هذه القيم والمبادئ، باتت جزءا من النسيج الفكري والسياسي والثقافي للجماعة، وعنصر إجماع وتوحيد لتياراتها ومدارسها المختلفة، أقله على المستوى اللفظي حتى الآن، طالما أنها لم تخضع بعد للتجربة والاختبار.

عرضت الوثيقة لجملة من المفاهيم، بعضها جديد على خطاب الحركة وبعضها قديم، عُرض بقراءة جديدة... فمهوم "العدل" مثلا، لم يعد يعرض بوصفه قيمة عليا دينية وأخلاقية وإنسانية فحسب، بل ارتبط بالمساواة في الحقوق والواجبات للجميع من دون تمييز على أساس العرق أو الجنس أو الانتماء الديني والثقافي والفكري أو السياسي.

والحرية في الوثيقة، عنت حرية الرأي والفكر والاعتقاد والتعبير، باعتبارها حقا مكفولا للجميع، تضمنها وتنظمها التشريعات، سواء أكانت حريات فردية أم جماعية، على أن تضمن الدولة الحريات الدينية والفكرية والسياسية والإعلامية والاجتماعية، وتحول دون مصادرتها أو الانتقاص منها، وتمنع فرض الآراء بالقوة على الآخرين...

ولولا عبارة ملتبسة وردت في هذا النص، والتي تشترط الحرية بعدم التعدي على معتقدات الأمة وحقوق المجتمع وهويته وقيمه" لقلنا إننا أمام نص رفيع ينسجم أتم الانسجام مع العهود والمواثيق الإنسانية الأرفع...

ونحن في الوقت الذي لا نشجع فيه، بل ونرفض التعدي على معتقدات الأمة وهوية المجتمع وقيمه، إلا أننا نخشى التفسيرات الفضفاضة التي طالما جرى التستر بها، لقمع الحريات والتعدي عليها وتسويق وتسويغ الشمولية.

وفي بند التعددية والتنوع، أقرت الوثيقة بأن الاختلاف والتنوع العرقي والديني والفكري والثقافي والسياسي والمجتمعي حالة طبيعية، وأن التعددية ملازمة للحرية ولا تنفصل عنها، وهي مصدر إغناء وتفاعل إيجابي، وتعزيز لقوة المجتمع، ولا يجوز أن تتحوّل إلى عامل إضعاف وتفتيت للدولة وتمزيق نسيجها الوطني، ولا إلى سبب للصراع على أسس أيديولوجية أو سياسية أو طائفية أو مذهبية أو عرقية، لتخلص الحركة الإسلامية، للدعوة إلى حفظ التنوع وتعزيز قبول الآخر، ونبذ ثقافة الكراهية، وإشاعة روح التعاون، ورفض منهج الانفراد والاستحواذ والإقصاء للآخر أو اتهامه أو ازدرائه أو تخوينه أو تكفيره، أيا كانت الجهة التي يصدر عنها هذا السلوك.

وفي تطور لافت، وربما غير مسبوق، سجلت الحركة موقفا واضحا من العنف والتطرف والإرهاب، بقولها: "العنف سلوك مرفوض بكل أشكاله، سواء صدر عن أفراد أو مجموعات أو مؤسسات أو حكومات، وسواء استهدف أفرادا أو مؤسسات رسمية أو شعبية" مضيفة أن القانون هو الحكم والفيصل في فض النزاعات.

أما التطرّف فهو آفة مجتمعية لا تستثني مجتمعا من المجتمعات، ولا تقتصر على أتباع دين أو عرق أو فكر أو اجتهاد سياسي، ودوافع التطرّف متعددة؛ فكرية وسياسية واقتصادية ومجتمعية ونفسية.

والإرهاب بوصفه استخداما غير مشروع للعنف، أو التهديد باستخدامه، وبث الرعب بين الناس، وتعريض حياة الآمنين للخطر، من أجل تحقيق مصالح غير مشروعة، مرفوض ومدان، سواء قام به أفراد أو مجموعات أو دول.

وتؤكد الوثيقة أن التطرف والتشدد مرفوضان ومدانان شرعيا وأخلاقيا وإنسانيا، وأنهما مدخل منطقي للعنف والإرهاب، وأن التطرف الفكري عادة ما يسبق الإرهاب السلوكي المدمّر. وترى الحركة أن من واجبها التصدي لهذه الآفات، وتؤكد رفضها تبرير التطرف وتسويغ العنف والإرهاب بأي حجج أو ذرائع.

أما لجهة المفاهيم، فقد بدا واضحا أن ثمة "دعسة ناقصة" في الوثيقة

​​دولة المواطنة، هي واحد من المفاهيم التأسيسية للوثيقة، إذ توضح أن الوحدة الوطنية والهويّة الجامعة أساسان راسخان لبناء الدولة الحديثة المستقرة والمزدهرة. والانتماء للوطن يتقدم على كل ما سواه من انتماءات وهويات فرعية أولية.

ووفقا للوثيقة فإن دولة المواطنة لا تميّز بين مواطنيها في الحقوق والواجبات على أساس الجنس أو المعتقد أو العرق أو الطائفة أو الموقع الجغرافي أو الموقف السياسي. فالجميع أمام القانون سواء.

كما أنها دولة تقوم على العدل، وتحترم الحريات الدينية والفكرية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وتكرّس المؤسسية وسيادة القانون واستقلال القضاء والفصل بين السلطات والتداول السلمي للسلطة التنفيذية، وهي دولة تعتمد الانتخاب الحرّ النزيه آلية للاختيار، تجسيدا لمبدأ "الشعب مصدر السلطات".

في أكثر من موقع في الوثيقة جرى ذكر المرأة تارة بوصفها ركن أساس في بناء المجتمعات ونهوضها وتقدمّها في مختلف المجالات، وأخرى بوصفها شريكا أصيلا في التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لها كامل الحقوق الوطنية، مثلما تطالب بكامل الواجبات... مشددة على مبدأ تكامل الأدوار بين الرجل والمرأة ودعم حقها في المشاركة الكاملة، وإسناد الجهود الهادفة إلى تعزيز دورها في التنمية المستدامة.

نعم ولكن؛

نعم، يمكن القول، إن الوثيقة السياسية الجديدة لجماعة الإخوان وحزبها وكتلتها النيابية، جاءت متقدمة عن أدبياتها السابقة، وهي وإن هدفت إلى "توحيد الرؤى والأفهَام" داخل الجماعة وبين تياراتها كما ذكرت، إلا إنها جاءت لتبعث برسائل طمأنة للنظام السياسي ومؤسسة العرش ومختلف التيارات السياسية والفكرية في الأردن، وهي صيغت بلهجة تصالحية، تعظم القواسم والمشتركات، وتدفع عن الجماعة الاتهام بالاستئثار والتفرد، وتجدد رغبتها في "المشاركة" بدلا عن "المغالبة".

لكن الوثيقة مع ذلك، تثير أسئلة وتساؤلات، لجهة توقيتها من جهة وبعض مضامينها من جهة ثانية... في التوقيت، جاءت الوثيقة في ذروة الاستهداف المحلي والإقليمي (والدولي) لجماعة الإخوان المسلمين، إذ تعرضت الجماعة خلال السنوات الست الفائتة، لأوسع حملات المضايقة و"الشيطنة" والاستهداف داخليا، وثمة محور عربي طويل وعريض يناصب الجماعة أشد العداء، ويدرجها في قوائم الإرهاب ويحرض العالم بأسره ضدها، ويموّل ويدعم جميع خصومها من علمانيين وجنرالات وسلفيين وغيرهم، وهذا المحور لا يضم السعودية والإمارات ومصر فحسب، فقد سبقتهم إليه سوريا كذلك، وبعشرات السنين... وامتدت الحملة لتشمل لندن وبرلين وواشنطن وباريس وما تشهده هذه العواصم من مراجعات وتحقيقات جدية للنظر في إمكانية إدراج الجماعة على القوائم السوداء للمنظمات الإرهابية، فيما الجماعة مصنفة إرهابية في روسيا ومطاردة في الصين وعواصم دولية أخرى...

فهل هي مراجعة جدية في عمق الفكر والسياسة، أم هي انحناءة مؤقتة أمام العاصفة؟ هل هو طريق ذو اتجاه واحد لتطور الجماعة، أم أن هذا الطريق ذي اتجاهين، يمكن أن تسلكه الجماعة للأمام قبل أن تستدير وتعود القهقرى للخلف كما حصل في تجارب إسلامية عدة سابقة؟

أما لجهة المفاهيم، فقد بدا واضحا أن ثمة "دعسة ناقصة" في الوثيقة، فبعض المفاهيم والأطروحات التي تضمنتها اتسمت بنزعة "تلفيقية" لكأنها تسعى للمواءمة بين تيارين محافظ وتقليدي، وآخر تجديدي... لقد برز ذلك من خلال تعريف لنفسها وأهدافها، فهي ترى في حالها أن حركة وطنية الانتماء، عربية العمق والانتماء، إسلامية الهوية والمرجعية، وفي مواقع كثيرة تتحدث عن "الأمة وعقيدتها" وبما يعكس فشلا في حسم جدل الهوية وثنائية "الوطني والأممي" في خطاب الحركة.

عرضت الوثيقة لجملة من المفاهيم، بعضها جديد على خطاب الحركة وبعضها قديم، عُرض بقراءة جديدة

​​والوثيقة وضعت للجماعة هدفا هو "نشر الفكرة الإسلامية... وصولا إلى استئناف الحياة الإسلامية" والحقيقة أن الشطر الأخير من هذه الجملة، مستعار من الخطاب التكفيري للجماعات المتطرفة التي أدانتها الوثيقة في مكان آخر... فالحديث عن استئناف الحياة الإسلامية يعني انقطاعها، بما يحيل إلى النظرية القطبية حول "جاهلية الدولة والمجتمع"، وتلكم مقدمة ضرورية للخروج على الدولة والمجتمع على حد سواء، بل وتكفيرهما وإعلان "الجهاد" عليهما... القطع مع المدرسة القطبية ـ التكفيرية، ليس حاسما في هذا البند تحديدا، وتلكم دلالة إضافة على المنهج "التوفيقي ـ التلفيقي" الذي طبع الوثيقة في بعض بنودها.

وأن تطلق الوثيقة على الجماعة وحزبها وكتلها اسم "الحركة الإسلامية في الأردن" ابتداء، ينطوي على دلالتين اثنتين": الأولى؛ ادعاء احتكار تمثيل الإسلام والإسلام السياسي على نحو خاص، لا سيما بوجود وفرة من الأحزاب الإسلامية وذات المرجعية الإسلامية في الأردن... والثانية؛ لكأن الوثيقة تستكثر وصف الحركة الإسلامية بـ"الأردنية"، وتفضل عليه عبارة "في الأردن" في سؤال آخر حول "الوطني والأممي" وأي الهويات (طبقات الهوية) هي الأكثر دقة في التعبير عن هوية الحركة الإسلامية.

اقرأ للكاتب أيضا: الحرب إذ تصبح 'قاب قوسين أو أدنى'

ـــــــــــــــــــــ
الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن).

 

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.