جنود إماراتيون في مطار عدن جنوب اليمن
جنود إماراتيون في مطار عدن جنوب اليمن

عريب الرنتاوي/

إعلان الإمارات العربية المتحدة الانتقال من "استراتيجية الحرب" إلى "استراتيجية السلام أولا" في اليمن، أثار جملة من الأسئلة والتساؤلات التي ستبقى تستحوذ على اهتمامات المراقبين والمحللين لبعض الوقت، من بينها: أسباب ودوافع هذا التوجه الجديد، وهل هو انحناءة تكتيكية أم تغير عميق في السياسة الخارجية الإماراتية، مآلات الحرب على اليمن، مستقبل التحالف السعودي ـ الإماراتي واستتباعا مستقبل العلاقة بين الرياض وأبوظبي، أثر هذا التوجه الجديد على بقية الأزمات المفتوحة في المنطقة، حدود القوة ومحددات استخدام "القوة الخشنة" لإمارات وممالك صغيرة في مساحتها وعدد سكانها.

نقطة التحول

وفقا لمرجع كبير في البعثة الأممية الخاصة باليمن، فإن الإمارات بدأت فعليا سحب أعداد من قواتها المنتشرة في اليمن، وتحديدا من جنوبي البلاد والساحل، وترافق ذلك مع سحب السلاح الثقيل كذلك، ما يدلل على أن العملية ليست مجرد إعادة انتشار، أو تبديل روتيني للقوات. ولقد تعززت هذه الأنباء الميدانية، بالتصريحات السياسية التي تؤكد حصول تحوّل في استراتيجية الإمارات اليمنية، من الحرب إلى السلام، ومن دون أن يتضح حتى الآن، كيف ستكون ردة الفعل السعودية على تحول كهذا، وما هو مصير المليشيات المرتبطة بالإمارات والعاملة في مناطق عديدة من اليمن.

بعض الأوساط اليمنية من أنصار التحالف العربي، قللوا من شأن هذه الخطوة، بل إن بعضهم نفى حصولها أصلا في تعبير عن "حالة الإنكار" التي يعيشها هذا الفريق، مقابل فريق آخر، رأى في الخطوة تعبيرا عن وصول "التحالف العربي" إلى طريق مسدود، حتى أن بعضهم ذهب للقول بأن القرار الإماراتي هو تعبير عن "هزيمة" مشروع التحالف وعاصفة الحزم.

أما الجنرال خليفة حفتر فقد تحوّل إلى "خيبة أمل" ثانية

​​ينبع التقديران، على الرغم من تناقضهما، من الحقيقة ذاتها، وهي أن الشريك الرئيس الثاني في حرب اليمن، انسحب أو هو في طريقه للانسحاب من أرض المعركة، قبل أن تضع أوزارها، وقبل أن تحقق أهدافها... ومن بين أهداف حرب التحالف السعودي ـ الإماراتي المعلنة على اليمن: (1) إعادة "الشرعية" ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي إلى صنعاء. (2) تدمير القدرات الصاروخية للحوثيين. (3) وصياغة حل سياسي وفقا للمبادرة الخليجية أساسا، معطوفة على مخرجات الحوار الوطني وبعض القرارات الدولية ذات الصلة.

أي من هذه الأهداف التي جرى التصريح بها منذ اليوم الأول للحرب لم يتحقق رغم دخولها عامها الخامس... فما زال الحوثيون يسيطرون على مساحات واسعة من اليمن وأكثر من ثلاثة أرباع سكانه... وأسلحة الحوثي باتت أبعد مدى وأدق توجيها واكثر تدميرا، فضلا عن دخول طائراته المسيّرة إلى ميدان المعركة وبفاعلية كما يتضح من ضرب مطارات أبها ونجران وجيزان ومرافق لـ"أرامكو"، أما الحل السياسي فما زال بعيد المنال... الأمر الذي يطرح سؤالا عميقا حول مغزى الانسحاب من الحرب والتحول إلى استراتيجية السلام من دون تحقيق هذه الأهداف، وما الجدوى من حرب السنوات الخمس المدمرة، طالما أن النتيجة التي توصل إليها أحد الطرفين المحاربين، هي "السلام أولا"؟... هنا، وهنا بالذات، يكمن جذر "حالة الإنكار" التي يعيشها فريق من اليمين، و"نشوة النصر" التي يعيشها فريق آخر.

معنى القرار ومغزى التوقيت

لا شك أن للإمارات في حربها في اليمن، أجندة تلتقي وتفترق عن الأجندة السعودية... كان ذلك واضحا منذ البداية... ولقد سبق للوزير أنور قرقاش أن أعلن أن حرب الإمارات في اليمن قد انتهت، لحظة وقوع عدن في قبضة التحالف العربي، قبل أن يعود ويتراجع عن تصريحه/تغريدته، بسبب حالة العتب/الغضب التي سيطرت على الشريك السعودي...

حرب الإمارات في اليمن كانت في مجملها حرب جزر وموانئ وممرات مائية، أما حرب السعودية، فهي بالإضافة إلى كونها "حرب أنابيب" كما تتجلى في محافظة المهرة، فإنها حرب دفاع عن الوجود في ظل تفاقم مصادر التهديد التي يمكن أن تأتيها من اليمن، حال سيطرت إيران عليه، أو حال تمكن أهله من صون وحدته واستقراره وتحقيق تنميته أو انتقاله إلى ضفاف الديمقراطية... جميع هذه الخيارات مقلقة للمملكة، وتفسر استمرار تدخلها العسكري وتوسيع نطاقاته.

إرث زايد مكّن الإمارات من تحقيقها نهضتها المالية والاقتصادية

​​أما في مغزى التوقيت، فإن المعلومات المتوافرة من مصادر دبلوماسية عديدة متقاطعة، تؤكد أن وقوف كل من واشنطن وطهران على "حافة الهاوية" وتفاقم احتمالات اندلاع حرب خليجية رابعة، أثار هلع الدولة التي بنت رفاهها وتقدمها على الأمن والاستقرار... ووفقا لمصدر روسي مطلع، فإن الوزير عبد الله بن زايد طلب من الكرملين، تكثيف تدخله لمنع الانزلاق إلى حرب شاملة، معربا عن خشيته من تحول بلاده إلى ساحة من ساحتها، سيما بعد أن اتهمت طهران أبوظبي صراحة، بأن الطائرة الأميركية المسيّرة التي أسقطتها دفاعاتها الجوية قبل أسابيع، انطلقت من الإمارات، في رسالة لا تخفى دلالاتها على أحد.

وفي المعلومات أيضا، أن الحوثيين بعثوا برسالة واضحة للغاية إلى أبوظبي، مشفوعة بصورة جوية التقطتها طائراتهم المسيّرة لمطاربي أبوظبي ودبي، مفادها أن هذين المطارين قد يواجهان مصير مطارات السعودية الجنوبية إن استمرت الإمارات في توجيه الضربات القاسية لأهداف يمنية في مناطق سيطرتهم... 

"إرث زايد"

وتضيف المصادر كذلك، أن سياسة الإمارات الخارجية الحالية، تتناقض مع "إرث زايد". وإرث زايد، الشيخ المؤسس لدولة الإمارات، نهض على الانكفاء على قضايا الداخل كالتنمية والاستثمار وتحسين ظروف معيشة المواطنين وتعزيز تجربة الاتحاد، وانتهاج سياسة "النأي بالنفس" عن أزمات المنطقة، والاحتفاظ بعلاقات متوازنة مع مختلف الأطراف والعواصم والمواقف قدر الإمكان...

وهذا الإرث الذي مكّن الإمارات من تحقيقها نهضتها المالية والاقتصادية، يعتقد كثيرون بأنه تبدد في السنوات الأخيرة، لتحل محله نظرة للدولة الثرية بوصفها "اسبارطة العصر الحديث"، تقاتل وتتدخل في العديد من الساحات والميادين القريبة والبعيدة، مع ما يمليه ذلك من "عسكرة" و"أمننة" للدولة والمجتمع، وصولا لاستدعاء "المرتزقة" تعويضا عن نقص الموارد البشرية، والاشتباك مع مختلف أزمات المنطقة، واعتماد "القوة الخشنة" بدل القوة الناعمة التي ميزت "إرث زايد".

وإذا كانت الإمارات شديدة الاطمئنان إلى سلامة وضعها الأمني الداخلي، بسبب استثمارها الهائل في أحدث منجزات تكنولوجيا الأمن والمعلومات، فإن تدخلاتها في أزمات بعيدة، وبوسائل مختلفة (ليبيا، مالي، مصر، تونس وسوريا وغيرها)، كان يبقيها على مبعدة من مصادر التهديد... لكن حرب اليمن وأزمة واشنطن مع طهران، أشعرت قادتها للمرة الأولى، بأن بلادهم باتت على مقربة من مصادر النيران، وأن صواريخ الحوثي وطائراته المسيّرة، دع عنك القدرات العسكرية الإيرانية الأكثر تطورا، سيجعل منها هدفا مفضلا لردود أفعال هذه الأطراف.

قصة فشل؟

إضافة إلى هذه العوامل الجوهرية والمباشرة المسؤولة عن إحداث التحول في الموقف الإماراتي، يجمع المراقبون على بلوغ السياسات الإماراتية التدخلية طريقا مسدودا، بل وفشل "اسبارطة العصر الحديث" في تحقيق أهداف ومرامي سياساتها الأمنية والدفاعية واستراتيجية "الهجوم خير وسيلة للدفاع"...

فالمقاطعة المشددة المضروبة منذ أزيد من عامين على الجارة الصغيرة والقريبة: قطر، لم تعط أكلها بعد، وليس منظورا لها أن يفضي إلى نتيجة... فالدولة خرجت من آثار المقاطعة، وأصدقاء الرياض وأبوظبي بدأوا يطورون علاقاتهم الدبلوماسية والتجارية مع الدوحة (باكستان والأردن على سبيل المثال) والدولة تكيفت مع تداعيات الحصار وتغلبت عليها، وأميرها في زيارة نادرة واستثنائية إلى واشنطن، أجرى خلالها محادثات حميمة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب وأركان إدارته، وحصد الإشادة والتثمين لصداقته مع الولايات المتحدة، بصورة لا تقل عمّا تلقاه محمد بن زايد ومحمد بن سلمان في زياراتهما المماثلة...

لا شك أن للإمارات في حربها في اليمن، أجندة تلتقي وتفترق عن الأجندة السعودية

​​أما الجنرال خليفة حفتر، الذي كان فرس الرهان الآخر لدور الإمارات الإقليمي غير المتناسب مع قيود الجغرافيا والديموغرافيا، فقد تحوّل إلى "خيبة أمل" ثانية، بعد فشل هجومه المباغت وأحادي الجانب على طرابلس، وبعد سيل الانتقادات اللاذعة التي تلقاها من المجتمع الدولي، وتردد واشنطن في دعمه أو التحالف معه... وشيئا فشيئا قد يصبح هذا الجنرال العجوز عبئا على حلفائه بدل أن يكون ذخرا لهم.

وفي ملفات أخرى كثيرة، تبدو مشاريع "التحالف" عاثرة كذلك... الأسد لا يزال في السلطة وهو يسيطر اليوم على أجزاء كبيرة من سوريا... وعمر حسن البشير، الحليف الموثوق للتحالف، يقبع في سجنه، وقدرة جنرالات السودان الجدد على الاستئثار بحكم السودان وإعادة إنتاج النظام السابق، تبدو محدودة للغاية في ظل وعي القيادات الشعبية السودانية، وإصرار الشعب السوداني على الانتقال ببلاده إلى ضفاف الدولة المدنية ـ الديمقراطية، والدعم الأفريقي الدولي الذي تحظى بها مطالبه في مواجهة تعنت الجنرالات، حلفاء "التحالف"، وتشبثهم بالسلطة.

حدود القوة ومحدداتها

يبدو من السابق لأوانه الاستنتاج بأن الإمارات قد قررت العودة إلى "إرث زايد"، و"القوة الناعمة" كواحدة من أهم أدواته، و"الحياد الإيجابي" كمحرك للسياسة الخارجية، أو أنها أدركت أن ثمة حدودا ضيقة لما يمكنها إنجازه بالاعتماد على "القوة الخشنة"... بيد أن الصدمات المتتالية التي تلقتها السياسة الخارجية الإماراتية في السنوات القليلة الفائتة، وتحول الخليج واليمن إلى مصادر تهديد كامنة لأمنها واستقرارها الداخليين، وإحساسها العميق، بأنها باتت في مرمى نيران خصومها.

اقرأ للكاتب أيضا: المفترق السوداني: "شرعنة" حكم العسكر أم انتقال نحو الديمقراطية؟!

ـــــــــــــــــــــ
الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن).

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.