سودانيون وسودانيات يحتفلون بتوقيع الاتفاق بين قادة المعارضة والمجلس العسكري
سودانيون وسودانيات يحتفلون بتوقيع الاتفاق بين قادة المعارضة والمجلس العسكري

السفير نصرالدين والي/

السودان والسودانيون مقبلون على مرحلة مفصلية من تاريخ البلاد الحديث، فالسودان على أعتاب إعلان اتفاق تاريخي يفضي بانتقال السودان إلى فضاء ورحاب الديمقراطية، ولكن تبقى الخطوة الأولى الأكثر أهمية على المستوي الداخلي هي إعادة بناء السودان، ولعل من أهم القيم والمبادئ التي تقود لرسم بداية التحول الديمقراطي تتمثل في الآتي:

  • إقامة دولة يسودها القانون، والمساواة في الحقوق والواجبات؛ 
  • دولة تسودها أسس العدالة الاجتماعية؛ 
  • دولة تطلق فيها الحريات وتصان؛
  • دولة تستعاد فيها كرامة الإنسان السوداني السليبة؛ 
  • دولة تراضي وتكافل ووئام تعتق فيها بلادنا والمواطن السوداني على السواء من التبعية والعزلة والإقصاء؛

ودولة تحترم فيها كرامة الإنسان السوداني ضمن السياسة الداخلية في نهجها الجديد، فالسياسة الداخلية هي المرآة للسياسة الخارجية للدول، فاحترامنا لكل تلك القيم الإنسانية النبيلة في العيش الكريم سيمثل أساسا لإعلان سياسة خارجية تقوم على:

  • سياسة خارجية تقوم على قيم وأسس المبادئ الراسخة للقانون الدولي، سياسة خارجية لدرأ الفتن والمظالم وتحقيق المنفعة للسودان وإعلاء قيمة المصالح القومية والوطنية العليا للبلاد تجسدها الممارسة الدبلوماسية وليس لخدمة النظام؛ 
  • سياسة خارجية تعكس استقلالية القرار السياسي الداخلي الذي يعبر عن سيادتنا؛ 
  • سياسة خارجية تخرج البلاد من عزلتها السياسية والإقصاء السياسي، وقمقمها الذي خيم عليها لثلاثة عقود إلى فضاء سياسي رحب لإقامة علاقات مع الجوار والعمق الأفريقي يرتكز علي تبادل المنافع التجارية؛
  • سياسة خارجية ترسخ احترام مبادئ السلم والأمن وعدم التدخل في شؤون تلك الدول، واحترام خياراتها، فكرا وممارسة استراتيجية؛
  • سياسة خارجية تستعيد دور السودان كدولة فاعلة وشريكة في تحقيق التعاون الإقليمي والدولي المشترك لصيانة السلم والأمن الدوليين بكافة أبعاده؛
  • سياسة خارجية تنأى بالبلاد عن سياسات المحاور والأحلاف السياسية المضرة؛

فإن من شأن إعلان المبادئ العامة والموجهة التي تقوم وتستند عليها سياستنا الخارجية ضمن الخطاب الأول الذي سيدلي به رئيس الوزراء لحكومة الكفاءات مستلهما روح وجذوة وتطلعات الثورة باعتبارها حدثا تاريخيا متفردا في العالمين الأفريقي والعربي لبدء مرحلة بناء المؤسسات والقطاعات المختلفة في البلاد في إطار عملية إعادة بناء السودان الجديد.

ففي هذا السياق التاريخي والدقيق، وعلى المستوى الدولي، فإننا نتطلع إلى تأييد المجتمع الدولي لما تم من اتفاق، وما سيتم التوافق عليه أيضا ودعمه ومساندته سياسيا ودبلوماسيا، تأسيسا على اعترافه بقوى الحرية والتغيير التي بذلت جهودا وطنية مضنية ومخلصة ومتصلة، وتمكنت وبإرادة قوية وفاعلة من تحقيق النصر.

سياسة خارجية تخرج البلاد من عزلتها السياسية والإقصاء السياسي

​​أما فيما يتصل بالدبلوماسية السودانية، وهي ليست الأداة الرسمية لتنفيذ السياسة الخارجية فحسب، بل الجهة القادرة على الإسهام وبشكل فاعل في رسم السياسة الخارجية. ولهذا فإن وزارة الخارجية تظل في حاجة ماسة للتكيف مع الثورة، مراميها وتطلعاتها وطموحاتها وغاياتها الكلية بما يحفظ التوازن الداخلي لمنظومة القوانين والاتفاقيات الحاكمة للعمل الدبلوماسي، وذلك تكيف الكادر البشري من سفراء ودبلوماسيين الذي سيعني بتنفيذ السياسة الخارجية في السودان الجديد كقوة ناعمة تدرأ العداء والشرور عن السودان وتجلب المنفعة وتحقق المصالح القومية له.

ويقيني أن هناك متطلبات عاجلة لمواءمة المفاهيم الدبلوماسية لكي تفارق ما كانت تجري عليه الأمور في وزارة الخارجية على مدى العقود الثلاث المنصرمة وذلك باستصحاب المتغيرات التي طرأت على الواقع السياسي السوداني بفعل هذه الثورة وما يتوقع أن تنتظم عليه توجهات السياسة الخارجية السودانية في العهد الجديد.

وهذا الأمر ينقلنا للنظر في إعادة هيكلة وزارة الخارجية السودانية لتواكب هذا التغيير الجدري في موجهات السياسة الخارجية السودانية. وبالضرورة أن تشمل هيكلة الوزارة رئاستها وخارطة تمثيل السودان الخارجي من سفارات وبعثات.

وترتبط عملية الهيكلة للوزارة كأولوية الهيكل الوظيفي والراتبي بما يحقق خلق دبلوماسية فاعلة ومؤثرة وأقل كلفة وفق موجهات علمية تواكب التطور الهائل في الممارسة الدبلوماسية الدولية، وتحقيق الانتشار الدبلوماسي السوداني الفاعل والمنشود في الدول ذات التأثير السياسي في العالم، بغية تحقيق مرامي التعاون الدولي بما يستجيب لمتطلبات المصلحة القومية على المدى القريب والبعيد للسودان التي تتطلبها هذه المرحلة من تاريخ بلادنا. 

وهذا بالضرورة سيتزامن مع إعادة المفصولين تعسفيا ممن هم دون السن المعاشية للخدمة فورا وتعويض من أبعدوا من مواقعهم ووظائفهم الدبلوماسية قسرا في إطار فرض سياسة التمكين البغيضة، واختيار دبلوماسيين جدد وفقا للمعايير التي كان يتم على أساسها اختيار الدبلوماسيين قبل الإنقاذ.

وإعادة هيكلة وزارة الخارجية تشمل إجراءات عاجلة من بينها وليس حصرا الآتي:

  • دراسة الأثر السالب لنهج سياسة التمكين وممارستها على المهنة ومعالجة نتائجها التي أقعدت بالممارسة الدبلوماسية السودانية وأبعدتها من مبادئ الدبلوماسية الدولية والتدقيق فيما جرته على السودان من أثار سلبية على الممارسة الدبلوماسية في وزارة الخارجية وإزالة كل الأسباب التي أقعدت بأدائها على مستوى السياسات والمنتفعين الذي كانوا يمثلون الأداة في الإنفاذ العقائدي الخاطئ والمنتفعين من ذلك داخل منظومة السلك الدبلوماسي الحالي. ويشمل ذلك تحرير السياسة الخارجية من الارتهان الأيديولوجي والمحورية العقائدية ومحاور التمكين الإقليمية والدولية.
  • إلغاء ما يسمى بالدبلوماسية الإرسالية والدبلوماسية الشعبية التي قصد بها سحب البساط عن الدبلوماسية السودانية الرسمية لتمكينها من تمرير الأجندة العقائدية للنظام البائد، ومحو أثرها الغائر في الممارسة الدبلوماسية التي اندثرت معالمها أو تكاد بما يمهد للانطلاق نحو إقامة علاقات دولية لاستعادة دور السودان الدبلوماسي المفقود ولإعادة إدماج السودان في المجتمع الدولي.
  • إجراء دراسة دبلوماسية متعمقة من دبلوماسيين مخضرمين لمراجعة الهيكل التنظيمي والإداري القائم للوزارة، ويشمل ذلك مدخل الخدمة وأسس التدريب والتدرج الوظيفي والقانون الدبلوماسي ولائحة الخدمة الدبلوماسية لإحداث نقلة لمواكبة المستجدات الدبلوماسية في عالم اليوم.
  • تطوير نظام حاكم داخل أجهزة الدولة يقضي بأولوية التعبير عن السياسة الخارجية لوزير الخارجية دون غيره لإزالة التضارب والتعارض الضار والمؤذي للبلاد من تعدد الجهات التي كانت تعبر وتختطف دور وزارة الخارجية على مدى عقود طويلة داخلية.

من جهة أخرى فإننا نتطلع إلى اعتراف من الولايات المتحدة الأميركية وجميع الدول المحبة للسلام، وإعلان تأييدها للخطوة السياسية المتمثّلة في إعلان الحكومة الجديدة، وإعلان دعمها السياسي الرسمي ومساندتها لها، ومساندة ما سينتظم البلاد في مرحلة إعادة بناء السودان كدولة حديثة من إعادة بناء للبنى التحتية والشراكة في رفع القدرات والتدريب والدعم التنموي، وإعفاء الديون وتمكين السودان من حصوله على استحقاقاته في هذا الإطار، ورفع تجميد أموال السودان لدى الدول والمصارف الدولية ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ورفع العقوبات الاقتصادية والحصار.

كما نتطلع لإقامة حوار شامل وشفاف وبنّاء بين بلدنا والولايات المتحدة من المؤمل أن يفضي إلى إقامة شراكات تجارية واقتصادية واستثمارية وعلمية فاعلة في مختلف المجالات. 

تطلع أن يتضمن الاعتراف السياسي الوقوف بجانب طموحات وتطلعات الثورة

​​كما أن من شأن دعم الولايات المتحدة لهذا الاتفاق تحفيز الدول الأخرى والمجتمع الدولي قاطبة إعلان تأييده ودعمه للسودان، ويعتبر ذلك من أهم مطلوبات إعادة ترميم علاقاتنا الدولية. ويتوجب علينا في السودان إعداد وتبني وإعلان سياسة خارجية جديدة تمهد لانطلاقنا من منصة إعادة البناء، تقوم على احترام روح ومبادئ القانون الدولي وعلى أسس المصالح المشتركة والتعاون الدولي ونبذ الأحلاف والتعاون المشترك في صيانة السلام والاستقرار الدوليين ومحاربة جذور مشكلة الإرهاب الدولي وآثاره المدمرة، واجتثاث شأفته والانفتاح البناء لكل أشكال التعاون الدولي بشقيه التجاري والسياسي بما يفضي إلى فتح أبواب التواصل مع المجتمع الدولي.

ونثق في أن الدعم الدولي للسودان في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه سيكفل لبلادنا توفير الظروف المواتية لإنفاذ البرامج التنموية وإعادة بناء البلاد في المجالات كافة. ونتطلع أن يتضمن الاعتراف السياسي الوقوف بجانب طموحات وتطلعات الثورة، والدعم الفاعل لجهودنا على المستوى الداخلي المتمثّلة في دعم الأجهزة الحكومية المعنية بإشاعة السلام، وكفالة الحريات العامة بالتدريب ورفع القدرات والدعم العيني والمادي، ودعم التوجه للاحتكام للقانون في المحاسبة، ونبذ سياسة الإفلات من العقاب، وإشاعة الوئام الاجتماعي، وتحريم الإضرار بسلامة المواطن وكرامته وأمنه.

وفي تقديري، أن المرحلة الآنية في بلادنا تتطلب الدفع في هذا المنحى برسم سياستنا الخارجية وإقامتها على تلك المبادئ والقيم السامية المرعية على مستوى الديمقراطيات بما يتماشى مع الموروث والقيم السودانية التي تستند على سماحة معاملتنا الدينية كبداية هامة وذات مغذى استراتيجي لبلادنا.

التحق السفير نصرالدين والي بوزارة الخارجية السودانية كدبلوماسي مهني في فبراير 1985. عمل كدبلوماسي في الرباط والرياض وإنجمينا ونيويورك وواشنطن. وعمل سفيرا مفوضا فوق العادة لدى جمهورية رواندا والجمهورية الفرنسية، وسفيرا غير مقيم لدى الفاتيكان والبرتغال وموناكو ومندوبا دائما لدي منظمة اليونسكو بباريس.

ـــــــــــــــــــــ
الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن).

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.