أردوغان متحدثا خلال تأبين رمزي للرئيس المصري السابق محمد مرسي في اسطنبول
أردوغان متحدثا خلال تأبين رمزي للرئيس المصري السابق محمد مرسي في اسطنبول

محمد ماهر وآيرينا تسوكرمان/

مصر وتركيا هما أكبر دولتين في شرق البحر المتوسط​​؛ تشكلان مع إيران، نحو نصف إجمالي سكان الشرق الأوسط برمته. كما تمتلك الدولتان أكبر قوة عسكرية مما يجعلهما أقوى قوتين عسكريتين تقليديتين في الشرق الأوسط. وتعد القاهرة وأنقرة من أهم عواصم صنع القرار في العالم الإسلامي، فالقاهرة تضم مؤسسة الأزهر الشريف، أهم جامعة إسلامية في العالم، والتي تعد أحد أهم أدوات القوة الناعمة المصرية، بينما كانت تركيا موطن آخر خلافة إسلامية، والتي يُنظر إليها بحنين خاص في أنحاء المنطقة.

وعلى الرغم من أوجه التشابه بينهما، إلا أن الوقت الحالي يشهد صراعا عميقا بين البلدين في جميع أنحاء المنطقة، وذلك على الرغم من أن أنقرة والقاهرة حاولتا باستمرار تجنب العداء المباشر والمواجهة بينهما. 

خلال الفوضى العارمة التي اجتاحت الشرق الأوسط، بالتزامن مع موجات الربيع العربي، تصاعدت وتيرة التوتر بين البلدين وأثرت بدورها على الأوضاع في ليبيا، وسوريا، والسودان، وشرق المتوسط. وبالإضافة إلى زيادة احتمال المواجهة المباشرة بين البلدين، فإن الصراع التركي المصري يهدد أيضا الاستقرار الهش في الشرق الأوسط، مما يوحي بأن هناك حاجة إلى وسيط خارجي لحل هذه القضية الشائكة.

إن تصاعد نبرة العداء بين أقوى دولتين في الشرق الأوسط، ينذر باتساع وتيرة الاضطرابات

​​في أعقاب الإطاحة بالرئيس محمد مرسي من الحكم في مصر في يونيو 2013، استضافت أنقرة، قيادات جماعة الإخوان ووفرت لهما المأوى والحماية، كما شنت أنقرة حملة إعلامية ضد الحكومة المصرية الجديدة. وردا على ذلك، قامت وزارة الخارجية المصرية في نوفمبر عام 2013 باستدعاء السفير المصري في أنقرة، وأمهلت السفير التركي في القاهرة 48 ساعة لمغادرة البلاد، وبدأت العلاقات ـ التي كانت إيجابية نسبيا في عهد مرسى ـ بالتدهور السريع. 

ويستند موقف تركيا من جماعة الإخوان المسلمين إلى التقارب الفكري بين حزب العدالة والتنمية، الذي ينتمي إليه الرئيس التركي أردوغان، حيث يُعتبر الحزب الإسلامي التركي، بمثابة النسخة التركية الخاصة لجماعة الإخوان المسلمين. ومن ثم، باتت أنقرة اليوم، بالإضافة إلى الدوحة، أكبر بوق دعاية ضد النظام المصري.

ونتيجة للتأثير الإقليمي الذي يتمتع به كلا البلدين، كان للصراع المصري ـ التركي أثرا كبيرا على النزاعات الأخرى القائمة في الشرق الأوسط أيضا. ففي ليبيا، يخوض البلدان حربا فعلية بالوكالة، حيث تدعم مصر قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، ضد حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج التي اتهمتها القاهرة بأنها تدعم المليشيات الإسلامية المتطرفة وتوفر لها الدعم السياسي والعسكري.

أدت أيضا الحملة العسكرية التي شنتها قوات حفتر على طرابلس إلى زيادة حدة التوترات بين مصر وتركيا، حيث التقى الرئيس السيسي، بالجنرال حفتر، مرتين في القاهرة على الأقل منذ الإعلان عن تلك الحملة في أوائل مايو الماضي. وفى الوقت عينه، أشارت بعض التقارير إلى وصول سفينة تركية محملة بأسلحة وآليات عسكرية إلى ميناء طرابلس في ليبيا الخاضع لسيطرة الميليشيات، قادمة من ميناء سامسون التركي، وذلك في أعقاب إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رفضه للعمليات العسكرية التي أطلقها الجيش الوطني الليبي للاستيلاء على العاصمة طرابلس.

كان لدعم تركيا لمليشيات المعارضة في سوريا أيضا أثره على العلاقات بين البلدين، حيث أعلنت مصر عن دعمها لبشار الأسد، وذلك خلافا حتى للموقف التقليدي لحلفائها الخلجيين السعودية والإمارات، بينما كانت تركيا الحاضن الرئيسي للمقاومة السورية المسلحة، ومع ذلك، وفي أعقاب التقارب الإيراني ـ التركي ـ الروسي، يبدو أن تركيا اكتفت بمناطق نفوذ أمنة لها في سوريا، لمحاربة الأكراد، فحسب، دون تهديد سلطة الأسد، لكن من المؤكد أن القاهرة لن ترضى بأي نفوذ لتركيا في سوريا، حيث نشطت خلال الفترة الأخيرة لحث حفائها الخليجيين على دعم الأسد لمواجهة النفوذ التركي . كما صرح وزير الخارجية المصري بأن مصر لن تفرض أي شروط مسبقة على سوريا للانضمام لجامعة الدول العربية.

أدت أيضا الحملة العسكرية التي شنتها قوات حفتر على طرابلس إلى زيادة حدة التوترات بين مصر وتركيا

​​ومع الإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير، اتبعت مصر وتركيا مرة أخرى استراتيجيات متضاربة. ويُذكر أن الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير قد وقّع اتفاقا مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في عام 2017 يقضي بإعادة تأهيل واستغلال أنقرة لجزيرة سواكن الاستراتيجية السودانية، المطلة على البحر الأحمر، والتي تعد أقرب الموانئ إلى ميناء جدة السعودي على البحر الأحمر، والمتاخم للمياه الإقليمية المصرية في البحر الأحمر. 

ومن ثم، اعتبرت وسائل الإعلام المصرية هذا الاتفاق على أنه موجه ضد مصر في الأساس، نظرا لاقتراب الجزيرة من الحدود الجنوبية لمصر، والتشكك في رغبات أردوغان بدعم الجماعات الإرهابية في أنشطتها العدائية ضد مصر. وبذلك يصبح لتركيا وجود على البحر الأحمر، الممر الرئيسي الحيوي المؤدي لقناة السويس المصرية. وحاليا ما زال الغموض يسيطر على مستقبل الاتفاق في أعقاب الإطاحة بالبشير، حيث تحاول كل من تركيا ومصر استخدام كل نفوذهما لضمان استمرار أو إلغاء الاتفاق، إلا أن أغلب الظن أن الأمر سيترك حسمه للرئيس السوداني المقبل.

وفى شرق البحر المتوسط، استضافت القاهرة في نوفمبر 2014 قمة ثلاثية مصرية قبرصية يونانية، وتجاهلت دعوة تركيا، لترسيم الحدود البحرية شرق المتوسط، وبحث الاستغلال الأمثل لإمكانيات الغاز الطبيعي الواعدة قبالة سواحل قبرص إلى مصر، لكن الهدف الآخر للقاهرة هو تهميش وإضعاف الموقف التركي الذي لا يعترف بأن لقبرص منطقة اقتصادية حصرية تتجاوز اثني عشر ميلا، وتطالب تركيا بأن تكون المنطقة الاقتصادية الخاصة بها في المياه العميقة شرق المتوسط، جنوبا إلى حد تلامس المياه الإقليمية المصرية. ولا تعترف تركيا باتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي أبرمتها مصر مع قبرص عام 2013، وهو ما أدى إلى احتدام الصراع والمنافسة في شرق البحر المتوسط.

وردا على ذلك، لجأت تركيا إلى إجراءات أحادية الجانب، حيث أعلنت عن حملة كبيرة للتنقيب عن الغاز قبالة الشواطئ القبرصية في سبتمبر المقبل. وعلى الرغم من إصدار الخارجية المصرية بيانا شديد اللهجة في الرابع من مايو الماضي ردا على الإجراءات التركية حيث حذرت تركيا من اتخاذ أي إجراء أحادي الجانب فيما يتعلق بأنشطة تنقيب وحفر غرب قبرص، بينما حذر أردوغان شركات الغاز من التنقيب قبالة الشواطئ القبرصية، وأكدت وزارة الخارجية التركية، أن أعمال الحفر تستند إلى "حقوق مشروعة".

إن تصاعد نبرة العداء بين أقوى دولتين في الشرق الأوسط، ينذر باتساع وتيرة الاضطرابات في تلك المنطقة المضطربة في الأصل، مما يعرض مصالح الولايات المتحدة للخطر، فتركيا ومصر حليفتان تقليديتان لواشنطن منذ زمن طويل، ومع ذلك، قد يدفع النزاع القائم بتركيا إلى التقارب مع إيران وروسيا حتى في الوقت الذي تسعى فيه روسيا بنشاط إلى توثيق العلاقات مع مصر. 

وفضلا عن هذا وذاك، إذا كانت واشنطن تتطلع إلى تفويت الفرصة على كل من إيران وروسيا لتقوية نفوذهما في المنطقة، فيجب عليها التوسط بين الطرفين أو على الأقل تعمل على تقريب وجهات النظر بينهما، وهو ما قد يحد من خطورة احتمالات تصاعد المواجهة بين الطرفين.

وفى هذا الصدد، يمكن أن لعب واشنطن دورا رئيسيا في إقناع أردوغان بتسوية قضيةS-400 في سياق مفاوضات شاملة مع الولايات المتحدة، كما يمكن لواشنطن طرح عدد من المبادرات لحل القضايا المتعلقة بغاز شرق المتوسط، لأن هذا من الممكن أن يؤدي إلى القضاء على سبب مستقبلي للتوتر بين البلدين.

ستبقى مشكلة دعم تركيا لجماعة الإخوان المسلمين، ومن المؤكد أنها ستكون أكثر القضايا تعقيدا

​​وفضلا عن هذا، يمكن أن تساعد الوساطة الأميركية بين أنقرة والقاهرة على تهيئة الأجواء للتصدي للخطر الإيراني، فتركيا التي تشهد تقاربا مع إيران وروسيا، تعد أحد أهم الأسباب التي تعوق مشاركة مصر الفعالة في الحملة الدولية ضد إيران، فمصر لا ترغب في أن تصطف بشكل حصري إلى جانب تركيا. وكان انسحاب مصر الهادئ من تحالف الدفاع لمواجهة إيران، والمعروف باسم "الناتو العربي"، أحد النتائج غير المباشرة للخلاف المصري التركي. 

ومن ثم، يجب أن يُفهم انسحاب مصر من التحالف الاستراتيجي للشرق الأوسط، أو استراتيجية "الناتو العربية" التي يفضله ويدعمه الرئيس ترامب، على أنه محصلة غير مباشرة للنزاع المصري التركي، وإدراك مصر بضرورة موازنة التقارب التركي الإيراني المحتمل. ونظرا لأن الولايات المتحدة حاولت مؤخرا تجنب الانخراط في المواجهات العسكرية الكبرى في الشرق الأوسط، فلا ينبغي عليها التخلي عن اقتناص الفرصة والتوسط لتخفيف حدة الصراع الدائر بين بين مصر وتركيا.

ومع ذلك، ستبقى مشكلة دعم تركيا لجماعة الإخوان المسلمين، ومن المؤكد أنها ستكون أكثر القضايا تعقيدا، ولن يتسنى حلها من خلال الوساطة، فمصر ترى أن حزب أردوغان وجماعة الإخوان وجهان لعملة واحدة، كما أن الرئيس التركي لا يريد نجاح نموذج السيسي الانقلابي في تركيا، خاصة بعد الانقلاب الفاشل الذي حدث في تركيا في عام 2016. 

ومن المرجح أن يؤدي إعلان الرئيس ترامب مؤخرا عن تأييده لإدراج جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية، إلى جانب النقاش الأخير في الكونغرس حول هذه المسألة، إلى ممارسة المزيد من الضغوط على تركيا. ومن ثم علينا الانتظار لنرى ما ستسفر عنه تلك الضغوط.

محمد ماهر هو صحفي وباحث مصري مقيم في الولايات المتحدة. 

آيرينا تسوكرمان هي محامية ومحللة أمريكية ومقرها نيويورك. كتبت بشكل مكثف حول السياسة الخارجية وقضايا الأمن لمجموعة متنوعة من مراكز الأبحاث المحلية والدولية وترجمت كتاباتها إلى العربية والفارسية والإسبانية والفرنسية والبرتغالية والألمانية والإندونيسية.

المصدر: منتدى فكرة​

ـــــــــــــــــــــ
الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن).

 

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.