بعد فترة من الحماس نحو استخدام أجهزة التنفس الاصطناعي لمعالجة الإصابات الرئوية المصاحبة لمرض كورونا بدأ الأمل في نجاح هذه الأجهزة يتبخر ويصبح سرابا عند البعض إن لم يكن كثيرين.
ففي أكثر من مصدر عالمي مثل أميركا اليوم (يو إس إيه توداي) والراديو الوطني القومي في أميركا (ناشونال بابليك راديو) تم نشر حقيقة مرعبة عن فيروس كورونا، ألا وهي أن معظم المرضى الذين يتم وضعهم على أجهزة التنفس الاصطناعي يموتون، وأن معدل وفاتهم قد يكون أعلى من هؤلاء الذين لم يتم استخدام هذه الأجهزة في علاجهم.
وكما ذكرت قناة الحرة تحت خبر بعنوان وفاة غالبية مرضى كورونا بعد وضعهم على جهاز التنفس الاصطناعي، فقد بدأ الأطباء في مستشفيات نيويورك التقليل من استخدام أجهزة التنفس الاصطناعي بعد تسجيل ارتفاع في معدل الوفيات في أوساط المرضى الذين يستخدمونها في عدد من المناطق، وفق تقرير لأسوشييتد بريس.
وتكلم التقرير نفسه عن ارتفاع معدلات الوفيات بشكل غير عادي بين مرضى كورونا الذين كانوا على أجهزة التنفس الاصطناعي في أماكن أخرى في الولايات المتحدة والصين والمملكة المتحدة، حسبما ذكرت الوكالة (أسوشييتد بريس).
المبالغة في الحماس لأجهزة التنفس الاصطناعي كحل سحري لمرضى كورونا هو ضرب من ضروب الخيال الذي لا يستند إلى أسس علمية رصينة
ونقلت الوكالة عن مسؤولي نيويورك أن 80 في المئة من مرضى فيروس كورونا الذين وضعوا على أجهزة التنفس الاصطناعي توفوا في النهاية.
والصدمة في فاعلية أجهزة التنفس الاصطناعي في علاج الالتهاب الرئوي المصاحب لكورونا كبيرة ولكنها متوقعة لمن يدرك بعمق كيف تعمل هذه الأجهزة وكيف يحدث مرض كورونا في الرئة.
فعملية التنفس في جسدنا تمر خلال ثلاثة مراحل وهي:
1 ـ وصول الهواء إلى الحويصلات الهوائية أو أكياس الهواء الصغيرة في الرئة
2 ـ ثم مرور الأوكسيجين عبر جدار هذه الحويصلات ليصل إلى الدم
3 ـ ثم تأتي المرحلة الثالثة والأخيرة بأن تمسك كرات الدم الحمراء بهذا الأوكسيجين من خلال مادة الهمغلوبين الموجودة بداخلها.
وأجهزة التنفس الصناعي تعمل أساسا على توصيل الأوكسيجين (أو الهواء) إلى داخل الحويصلات الهوائية بالرئة، ولكن ليس لها قدرة مباشرة على جعل هذا الأوكسيجين يخترق جدار الحويصلات ليصل إلى الدم.
ولذا فإن هذه الأجهزة تعمل بكفاءة شديدة إذا كانت الحويصلات الهوائية سليمة مثل ما يحدث في حالات الربو الشعبي، حيث تكمن المشكلة في الشعب الهوائية وليس في الحويصلات.
وعلى العكس تماما فإن هذه الأجهزة لا تعمل بكفاءة إذا كان جدار الحويصلات هو مركز الإصابة مثل بعض حالات التليف المنتشر في الرئتين.
معظم المرضى الذين يتم وضعهم على أجهزة التنفس الاصطناعي يموتون
وتأتي مشكلة كورونا كوفيد-19 بأنه يصيب أساسا جدار الحويصلات الهوائية، وبذلك يمنع مرور الأوكسيجين من خلالها كي نصل إلى الدم حتى لو وصل هذا الأوكسيجين إلى داخل الحويصلات الرئوية.
ثم تأتي بعد ذلك مشكلة ليست بأقل من الأولى فقد اتضح أن فيروس كورونا يمسك في مادة الهمغلوبين ويعوق قدرتها على نقل الأوكسيجين من الرئة إلى أنسجة الجسم.
ومن ذلك يتضح لنا أنه حتى لو تمكنت أجهزة التنفس الاصطناعي من إيصال الهواء إلى داخل الرئة، فإن فيروس كورونا سيتسبب في فشل إيصال هذا الأوكسيجين إلى دم الإنسان كي يحمله إلى كافة أعضاء جسده.
ولذا فإن المبالغة في الحماس لأجهزة التنفس الاصطناعي كحل سحري لمرضى كورونا هو ضرب من ضروب الخيال الذي لا يستند إلى أسس علمية رصينة.
ويأتي هنا دور علاج الالتهاب الرئوي المصاحب لمرض كورونا في مرحلة متقدمة باستخدام عقارات مناسبة مثل العقار الواعد هيدروكسي-كلوروكين مع المضاد الحيوي أزيثروميسين، وعلاج المرض في مرحلة مبكرة ليس فقط يقلل من انتشار الفيروس داخل المجتمع ولكن يقلل أيضا من تدهور الحالة إلى الدرجة التي يستخدم فيها أجهزة التنفس الاصطناعي والتي أثبتت حتى الآن فشلها.
ومن عجائب الأمور هنا، أن المنطق الذي تسبب في عزل الأصحاء في بيوتهم لمواجهة فيروس كورونا كان هو تسطيح منحنى الإصابات من خلال حظر التجوال حتى يتسنى وضع المصابين على أجهزة التنفس الاصطناعي. والآن وبعد أن ثبت فشل هذه الأجهزة، بل وتسببها في زيادة معدلات الوفيات، فقد أصبحت نظريات حظر التجول كوسيلة لمواجهة المرض وهم تائه في مهب الرياح!
وللحديث بقية!