A cyclist drives past a graffiti painted by artist Kai 'Uzey' Wohlgemuth featuring a nurse as Superwoman on a wall in Hamm,…
لا شك أن الوباء، والذي أكد جهوزية المنظومة الطبية، قد كشف كذلك فيها عن نواقص عديدة، ولكن ثانوية، في الإمداد والتجهيز والإدارة

هل أن الوباء، والذي قتل للتوّ أكثر من 170 ألف ضحية (ربعهم في الولايات المتحدة) وأصاب بالمرض مليونين ونصف المليون (ثلثهم في الولايات المتحدة)، هو نتيجة فعل متعمد من الصين، أي هل هو اعتداء وإن مطموس المعالم يستحق أن يعتبر حربا عالمية ثالثة تهدف إلى تبديل موازين القوى الاقتصادية والسياسية على مستوى الكوكب، وتستوجب بالتالي ردا قاصما من المنظومة الدولية والتي يستهدفها، بل التي نجح بإنهاكها؟

يتكرر هذا الرأي في محافل عدة، بما في ذلك صحيفة "بيلد" الألمانية التي أصدرت جرد حساب متوجب، وفق ما تراه، على الصين لبلادها.

لا يمكن القطع المطلق بانتفاء ثبوت هذه التهمة. رغم أن الموازنة الموضوعية لمسلمات الاحتمال ومقوماته، وغياب الأدلة الفعلية التي من شأنها تأييده، تكاد أن تحتّم استبعاده.

في البحث الدائم عن المعنى، من المعطيات الموضوعية التي تستوفي شروط العلم المحكم، مرورا بالتكهنات "المعقولة" وإن المفتقدة إلى الدليل، وصولا إلى المؤامرات المنسجمة مع القراءات العقائدية أو الأهوائية لأصحابها، قد يجد البعض ملاذا في قبول مقولة اتهام الصين، لتفسير الكارثة وإضفاء إمكانية المقاضاة عليها.

الوباء، بما تسبب به للتوّ من عواقب صحية واقتصادية، ليس أخطر ما يهدد الإنسانية

على أن الأقرب للواقع، تحليليا واستقرائيا، هو أن السلطات المحلية في المقاطعة الصينية التي شهدت اندلاع الوباء حاولت احتواءه كما هو الأفضل لديمومتها وسمعتها، بالعودة إلى وسائل التكتم والسطوة المتأصلة في سلوكياتها، مع تطبيق ما استطاعت من مناهج الضبط والتعقب المتطورة والموضوعة تحت تصرفها، ولكنها فشلت. فتدخلت الحكومة المركزية، وعمدت بدورها، وفق الصلاحيات المطلقة التي تمنحها لنفسها، إلى فرض حلول لمعالجة انتشار الوباء، وللمحافظة على هيبتها. فجاء إداؤها ناجعا في أوجه، ولا سيما في احتواء المرض ومنعه من الانتشار في الداخل، وقاصرا أو مقصّرا في أخرى، خاصة في شأن تحذير العالم من خطورته والعمل مع مجموع المؤسسات العلمية الدولية للتشارك في المعطيات سعيا لإيجاد اللقاح والعلاج المناسبين للوباء الجديد.

وهل أن منظمة الصحة العالمية قد تخلّفت عن القيام بالدور المناط بها، في تبين أحوال الأوبئة والمباشرة بخطوات التصدي لها، بل أمعنت في التستر عن الصين ومساندة خطواتها، بما يكشف عن انحياز فاضح لها، فاستحقت بالتالي الإدانة والعقاب وصولا إلى حرمانها من الحصة المالية الرئيسية والتي تمنحها لها الولايات المتحدة انطلاقا من موقعها الطليعي والقيادي على مستوى الكوكب؟

الجواب بالإيجاب على هذا السؤال ينضوي بدوره على أقدار من التعسف والتشدد، في إضفاء دور على هذه المنظمة ليس لها، بحكم شحة ما لديها، حيث أن الهدف من إنشائها لم يكن للحلول محل وزارات الصحة في الدول المختلفة، ولا سيما المتقدمة منها، ولا تحمّل ما يختصّ بها من مسؤوليات رصد ومتابعة، بل تشكيل محفل للتنسيق بين السلطات الوطنية المعنية بالشأن الصحي انطلاقا من القراءة الموضوعية بأن هذا الشأن لا يعترف بالحدود. فالناتج عن هذه المؤسسة هو بحجم الداخل إليها.

ومن حق الولايات المتحدة بالطبع، في إطار المنحى الذي نادى به التيار المحافظ فيها، تقليص مساهماتها بكافة المؤسسات الدولية، انسجاما مع قراءة هذا التيار، وهو اليوم في موقع الحكم، لهزالة جدوى الدور الدولي للولايات المتحدة وتحوله إلى هدر لمواردها بل استباحة لها من جانب الآخرين، وذلك رغم أن هذه القراءة مختلف عليها. غير أن الربط بين تجميد الأموال المرصودة لمنظمة الصحة العالمية والحكم القاسي على أدائها في اعتبار الوباء، رغم توافق مواقفها مع ما كانت عليه الولايات المتحدة بكافة أجهزتها، وهي أقدر من هذه المنظمة بأشواط، بطرح أسئلة حول التوقيت والتوظيف والتنصل من مسؤوليات في خضم مساءلة سجالية تجري للتوّ في الولايات المتحدة نفسها.

وهل أن الرئيس الأميركي دونالد ترامپ، بأسلوبه المشهود في إهمال العودة إلى الخبراء والتعويل وحسب على حدسه وما يعلنه لنفسه من ذكاء خارق، قد فرّط بصحة مواطنيه ومصلحة بلاده لإهماله تحذيرات خصومه وتنبيهاتهم المتواصلة حول خطورة الداء وعواقب الوباء؟

الأرقام المأساوية تبيّن بما لا يدع مجالا للنقاش أن الولايات المتحدة قد فشلت في مواجهة الوباء في هذه المراحل الأولى من الجائحة. نسبة من مات في الولايات المتحدة من الوباء هي أربعة أضعاف حصتها من مجموع السكان العالمي.

ولا شك أنه ثمة مسؤولية رئيسية لهذا الفشل في ما أقدم عليه الرئيس الأميركي، وما تخلف عن الإقدام عليه، في الشهرين المفصليين السابقين لإعلانه التعبئة العامة منتصف مارس الماضي. غير أن مزاعم الناقدين لأدائه مليئة بدورها بالتناقض والاعتلال.

في الأيام الأخيرة من شهر يناير، اتخذ دونالد ترامب قرارا بتقييد السفر من الصين وإليها وحصره بالمواطنين الأميركيين والمقيمين الدائمين وأفراد عائلاتهم (وليس الحظر الكامل للسفر وفق الزعم المكرر في المراحل التالية). يندرج هذا القرار دون شك في الاتجاه الصحيح للعمل على اعتراض الانتشار.

جاء الوباء ليتحدى النظم الصحية في الدول الغربية وليدفّع بعضها ثمنا باهظا. غير أنها سوف تخرج من الوباء بجهوزية أعلى، مع المحافظة على سقف الحقوق المرتفع

ترامب اليوم يواجه لوما، يستحقه دون شك، ربما لأن هذه الخطوة لم تكن صارمة بما فيه الكفاية، وبالتأكيد لأنها لم تأتِ ضمن رؤية متكاملة للتصدي للخطر المرتقب، بل كانت خطوة يتيمة تلتها أسابيع من تهوين الوباء والتقليل من جديته. على أن من يعتمد هذه اللغة الموضوعية في نقد ترامب اليوم، مثل رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي والمرشح الرئاسي الديمقراطي المرتقب جو بايدن، كان قد لامه بالأمس على خطوته لا لضعفها، بل لفعل إقدامه عليها ابتداءً معتبرا أنها تكشف عن عداء عرقي للصينيين. أي أن لا ترامب ولا كبار خصومه كانوا على بينة من الخطر. وفي حين أن بعض الديمقراطيين قد نبهوا إلى محاذير الوباء، فإن تنبيهم جاء ضمن ضوضاء اعتراضهم على كل شاردة وواردة تصدر عن الرئيس.

مشكلة الديمقراطيين مع ترامب منذ أن تولّى الرئاسة هي أنهم يجهدون دون هوادة وإلى ما يتعدى الإفراط بالسعي إلى تبيان انعدام كفاءته وفساده، وكلما فعلوا وفشلوا في إثبات اتهاماتهم، بغضّ النظر عن ظروف هذا الفشل، كلما اشتد عصب مؤيدي الرئيس، وكلما ازداد هو إصرارا على مناكفتهم. لا عجب بالتالي بأن يكون قد فات هذا الرئيس، بما ينضح به من طاقة وتسطيح وانشغال بالذات، الالتفات المجدي إلى شأن الوباء، ولا عجب أن يضيع قدر من الوقت والجهد المخصصين للتصدي للوباء اليوم في المزيد من المشاحنات وتسجيل المواقف بين الرئيس وخصومه.

خلافا للمقولات الرغبوية لدى أهل الأهواء المأسورين ببغضهم للولايات المتحدة، والذين يطيب لهم انتقاء التفاصيل العرضية خارج السياق، حول نقص في الأقنعة، أو خلاف حول قرار الإغلاق أو الفتح، فإن الجهوزية البنيوية في النظم الصحية في الولايات المتحدة متحققة، وكفاءة الطواقم الطبية والتمريضية والإسعافية فائقة. والنسبة المرتفعة من الضحايا ليست عائدة على الإطلاق إلى عوز أو قصور في هذا الصدد، بل العكس هو الصحيح، حيث أن نسبة من فارق الحياة متدنية بالنسبة إلى عدد الإصابات تحديدا كشهادة على ارتفاع كفاءة هذه الطواقم.

لا شك أن الوباء، والذي أكد جهوزية المنظومة الطبية، قد كشف كذلك فيها عن نواقص عديدة، ولكن ثانوية، في الإمداد والتجهيز والإدارة. غير أنه، من باب أولى، قد أبان أن من يفتقد الجهوزية، ومن سقط أمام الطبيعة المباغتة للوباء، هو الوسط السياسي بكامله، وحيث أن هذا الوسط، في الولايات المتحدة وسائر الدول الغربية، والعديد منها قد شهد أحوالا مشابهة للولايات المتحدة، هو تعبير حقيقي، دون زعم الكمال، عن توجهات المجتمع وقناعاته، فإن انعدام الجهوزية هو أيضا على مستوى الجمهور في هذه البلدان.

وللتوضيح، وفي دعوة صادقة إلى التواضع المناسب من جانب من هو محكوم على أمره في الدول التي تقوم نظم الحكم فيها على السلطوية والشمولية والملكية المطلقة، فإن سقف حقوق المواطنين وتوقعاتهم في الدول المتوازنة (في عموم الغرب وفي بعض آسيا) مرتفع جدا بالمقارنة مع هو متاح خارجها، ما يعرّض مجتمعاتها في حالات قصوى لأضرار غيرها يبدو معفيا منها.

بالأمس القريب، كان الإرهاب، والذي تسلل من بوابة الحريات والخصوصية، ففرض على هذه المجتمعات موازنة مستمرة بين التمسك بما هي عليه من قيم وحقوق وإيجاد النظم الكفيلة بالحد من الإرهاب واعتراضه. وهي قد نجحت، فجعلت من خطر أراد أن يصيبها بعمقها وصميمها ظاهرة تتولاها أجهزتها المختصة، دون أن تخفّض من سقف حقوقها.

واليوم هو الوباء. النظم الصحية في الدول الغربية، سواءً منها التي تندرج في إطار القطاع العام، أو التي تدمج بين القطاعين العام والخاص، تعمل على التوفيق بين النجاعة وضبط الكلفة مع قدر من التحضر لحالات غير اعتيادية. جاء الوباء ليتحداها، وليدفّع بعضها ثمنا باهظا. غير أنها، دون استثناء، سوف تخرج من الوباء بجهوزية أعلى، مع المحافظة على سقف الحقوق المرتفع.

الأمل بألا يبدد الانشغال بالمحاسبة مراجعة منسوب الجهوزية محليا وعالميا، علّ المباغتة الآتية لا تصيب الإنسانية بالضربة القاضية

الوباء باغت الجميع، وبيّن حد الجهوزية والقدرة على التجاوب والتصحيح في المجتمعات المتوازنة، وكشف عن القصور البنيوي في المؤسسات الدولية، كما أظهر التضارب في الحالة الصينية وغيرها من الدول السلطوية بين الأولوية الذاتية في المحافظة على الهيبة والسمعة والحاجة الموضوعية إلى تنفيذ المسؤولية الصحية المطلوبة.

ليت الوقت اليوم لا يكون وقت حساب واقتصاص، بل وقت تكاتف وعمل. هذا الوباء يبدو في نطاق القابل للمعالجة رغم العيوب على المستويات الوطنية والعالمية. ولكنه لن يكون الأخير، بل الأصح اعتباره تدريبا للاستعداد لما هو أقسى، سواء جاء بشكل وباء، أو كان كارثة أكثر خطورة، مثل الذوبان المرتقب لجليد القطبين وما يتبعه من غرق الشواطئ والمدن الساحلية.

مهما ارتفع مستوى التحضير، فإن طبيعة الكوارث هي المباغتة، والجهوزية على الغالب متوجهة للتصدي للخطر الفائت، لا الخطر القادم. الوباء، بما تسبب به للتوّ من عواقب صحية واقتصادية، ليس أخطر ما يهدد الإنسانية. وفي حين أن المحاسبة على سوء الأداء والمسؤولية أمر لا بد منه بعد زوال الخطر المباشر، فإن الأمل بألا يبدد الانشغال بالمحاسبة مراجعة منسوب الجهوزية محليا وعالميا، علّ المباغتة الآتية لا تصيب الإنسانية بالضربة القاضية التي نجت منها للتوّ.

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.