Sixteen-year-old Greek graffiti artist S.F. paints a graffito on the roof of a building in Athens on April 21, 2020, depicting…
رسام غرافيتي (16 سنة) في اليونان يرسم على سطح أحد المباني في أثينا

إذا كانت حقوق الإنسان نسيا منسيا في الظروف الاعتيادية عند أكثر حكومات العالم؛ فما هو الحال في الظروف الاستثنائية لمواجهة جائحة كورونا؟

إجراءات وتدابير الحكومات حول العالم التي تفرض قيودا على الحقوق مُقلقة، والأكثر مدعاة للقلق والتوتر أن تسمع، وترى تأييدا شعبيا لهذه الممارسات التي تُقوض القانون، وتجد تصفيقا وتبريرا تحت ذريعة السلامة، وحماية الصحة العامة.

تمددت إجراءات الطوارئ، وزحفت إلى كثير من دول العالم، واستخدم حظر التجول على نطاق واسع، وأعلنت حالة الطوارئ في العديد من البلدان؛ مما أعطى صلاحيات استثنائية للسلطات الحاكمة على حساب القوانين والدستور، ويعيش أكثر من نصف البشرية في حالة عُزلة، باختصار هذه صورة العالم منذ أن قرعت جائحة كورونا أجراس الخطر، وأرعبت الناس.

أكثر ما يُلفت الانتباه أن الديمقراطية تخضع لامتحان صعب، وربما تخسر الكثير من قيمها في ظل أثار جائحة كورونا، والضوابط على الحكومات تضعف وتتراجع، والبرلمانات والمُشرعون يختفون ويغيبون عن الأضواء، والانتخابات والدعوات لها تتأجل تحت وطأة وضربات الفيروس المُفجعة، والمحاكم تتعطل إلا في حالات الضرورة، ومشهد تجول العربات العسكرية، والجنود ببنادقهم في المُدن أصبح مألوفا، والصحفيون توقفوا إلى إشعار آخر عن ملاحقة فضائح السياسيين.

الأكثر مدعاة للقلق أن تسمع وترى تأييدا شعبيا لممارسات تقوض القانون تحت ذريعة حماية الصحة، والسلامة العامة

العالم العربي في صُلب الأزمة، وفي زمن الرخاء والاستقرار كانت حقوق الإنسان تئن من وجع الانتهاكات المُستمرة، وبالتأكيد فإن تدهور الأوضاع الحقوقية يتزايد الآن، والأعين مُغمضة عن تصرفات وممارسات تقع يوميا، لكن لا صوت يعلو على صوت مواجهة فيروس كورونا، حتى ولو سادت هُدنة مؤقتة، وصمت عن انتهاكات حقوق الإنسان.

من المهم أن تصدر تقارير حقوقية توثق الانتهاكات التي ارتكبت خلال مواجهة جائحة كورونا، والأمر لا يتوقف عند إسكات أصوات مُعارضة، أو زج مخالفين للسلطة في السجون؛ وإنما تمتد الخطورة حين لا يجد الفقراء، والمُهمشون، والفئات الأكثر عرضة للخطر الرعاية الصحية التي تحميهم من الفيروس، ولا يجد هؤلاء من يستمع لمعاناتهم المعيشية اليومية.

في لبنان مثلا، كان صادما أن تذهب الشرطة في هذا الوقت، والعالم مُنصرف الذهن والجهود لمكافحة كورونا، نحو تفكيك خيم المعتصمين المُحتجين في ساحة الشهداء بوسط بيروت، وفي مصر استهدفت الحكومة وسائل الإعلام التي شككت بصحة الأرقام التي أُعلنت عن عدد الإصابات، حتى أنها أجبرت مراسلة الغارديان على مغادرة مصر، عقب تقرير لها وصفته السلطات المصرية بأنه "يحمل سوء نية".

وفي الجزائر انتقدت منظمة مراسلون بلا حدود ما أسمته الاستخدام المُخجل من النظام لتصفية حسابات مع الصحافة الحرة والمستقلة، ولم يغب الأردن عن المشهد بتوقيفه مالك قناة رؤيا، ومدير الأخبار بتهمة بث تقرير تلفزيوني اعتبر تحريضيا.

الانتباه والقلق من انتهاكات حقوق الإنسان خلال الجائحة بدأ منذ انتشار العدوى في مدينة "ووهان الصينية"، واتهام السلطات هناك بإخفاء وحجب المعلومات الصحية، والتضييق على من ينشرون المعلومات عن الإصابات، وملاحقتهم بتهم نشر الإشاعات، وامتد الأمر إلى دول أخرى بعد ذلك، من بينها إيران، حتى حذّر المُقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان في إيران من مخاطر تفشي الوباء في السجون.

منظمة "هيومن رايتس ووتش" نشرت وثيقة عن الأبعاد الحقوقية في الاستجابة لفيروس كورونا، أكدت فيها أن القانون الدولي لحقوق الإنسان يكفل لكل شخص الحق في أعلى مستوى من الصحة يُمكن بلوغه، ويُلزم الدول باتخاذ تدابير لمنع تهديد الصحة العامة، وتقديم الرعاية الصحية لمن يحتاجها.

ويُقر القانون الدولي لحقوق الإنسان أيضا، أن القيود التي تُفرض على بعض الحقوق في سياق التهديدات الخطيرة للصحة العامة، وحالات الطوارئ العامة التي تُهدد حياة الأمة، يُمكن تبريرها عندما يكون لها أساس قانوني، وتكون ضرورية للغاية؛ بناء على أدلة علمية، ولا يُمكن تطبيقها تعسفيا، ولا تمييزيا، ولفترة زمنية مُحددة، وتحترم كرامة الإنسان، وتكون قابلة للمراجعة، ومتناسبة من أجل تحقيق الهدف المنشود.

الكلام والضوابط التي وضعتها أعرق منظمات حقوق الإنسان الدولية واضح وصريح، فهي تُتيح وضع قيود استثنائية على أن تخضع لضوابط مُحددة؛ ولهذا فإن نيكولاس بيكلين المدير الإقليمي في منظمة العفو الدولية بيّن أن تقييد الحقوق مقبول فقط عندما تستوفي مبادئ الضرورة، والتناسب، والشرعية، وأكمل قوله "القيود ليست للرقابة، والتمييز، والاحتجاز التعسفي؛ فانتهاكات حقوق الإنسان ليس لها مكان في مكافحة وباء فيروس كورونا".

المقررون الخواص لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نبهوا إلى خطورة الأزمة الصحية، وإلى أن القانون الدولي يسمح باستخدام حالات الطوارئ استجابة للتهديدات الكبيرة، لكنهم ذكّروا وشددوا مجددا على أن الاستثناءات على الحقوق يجب أن تكون متناسبة، وضرورية، وغير تمييزية.

الانتهاكات الأكثر خطرا حين لا يجد المُهمشون، والفقراء الرعاية الصحية من الوباء

ونبهت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشيليت إلى أهمية الاهتمام بالمُهمشين، وضرورة شمول الرعاية الصحية للجميع حتى لمن لا يستطيع دفع ثمنها.

في دراسة أعدها المركز الوطني للتوثيق والبحوث في لندن، وجدت أن الأقليات ذات العرق الأسود، والأقليات الأسيوية هم الأكثر عُرضة للإصابة بفيروس كورونا، مُشيرة إلى أن ثُلث المرضى من الأقليات؛ رغم أنهم لا يمثلون سوى 13 بالمئة من سكان المملكة المتحدة، مُرجعة ذلك لأنهم الأكثر فقرا في المجتمع.

منظمات الشفافية الدولية، وهيومن رايتس ووتش، وغلوبال ويتنس، وفي رسالة لهم للمجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، طالبوا بإدراج تدابير الشفافية، ومكافحة الفساد في برامج الإغاثة الطارئة لمكافحة كورونا؛ لضمان أن مليارات الدولارات التي تُصرف لعشرات الدول تُساعد الفئات الأكثر ضعفا.

ديليا فيريرا رئيسة منظمة الشفافية قالت إن "حجم الأزمة يزيد من إمكانية، ومخاطر سرقة الأموال العامة التي ينبغي استخدامها لإنقاذ الأرواح، وإعادة سبل العيش".

مظاهر وتحديات انتهاكات حقوق الإنسان مُتعددة، وتختلف حول العالم، فالكاميرات التقطت صور الشرطة التي تعتدي على المُشردين في الهند لخرقهم حظر التجول، لكنها قد لا تستطيع أن تصل لزوايا مُعتمة كثيرة، وقد لا تنجح في كشف أساليب كثيرة لجأت لها بعض الدول؛ لتشديد قبضتها في الرقابة، وخرق خصوصية الناس، ويتصدى مدير "هيومن رايتس ووتش" كينيث روث بالقول "يُعتبر التهديد الذي يُشكله فيروس كورونا سببا لإعادة التأكيد على حقوق الإنسان، وليس التخلي عنها، وهذا يعني منح الغلبة للعلم، وليس للسياسة، ورعاية الأشخاص الأكثر عُرضة للخطر".

ما يُقارب مئة مؤسسة حقوقية دولية، وإقليمية، ووطنية طالبت في عريضة لها للحكومات ـ التي تستخدم تقنيات المراقبة الإلكترونية لخوض مكافحة الأوبئة حول العالم ـ باحترام حقوق الإنسان بإجراءاتها.

وقالت العريضة "رغم أننا نعيش أوقات استثنائية، إلا أن قانون حقوق الإنسان ما يزال ساريا، ولا يُمكن للدول أن تتجاهل حقوقا مثل، الخصوصية، وحرية الرأي والتعبير، والحق في التجمع والتنظيم تحت مُسمى مكافحة الأزمة الصحية".

وأكدت أن الاستجابة للوباء يجب أن تشمل الحق في المُساءلة، والضمانات ضد الانتهاكات، ولا ينبغي أن تقع جهود المراقبة المُتزايدة ضمن نطاق وكالات الأمن والمخابرات، كما لا بُد أن تخضع لإشراف فعّال من قبل هيئات مدنية مُستقلة.

لا يمكن للدول أن تتجاهل الحق في الخصوصية، وحرية التعبير تحت مُسمى مكافحة الوباء

حالة الفوضى تعم العالم، وحقوق الإنسان في ذيل الأولويات، وخطاب الترويع من الجائحة يُخاطب عواطف الناس، ومخاوفهم؛ فيسكتون عن ممارسات تمس حرياتهم الشخصية، ما كانوا يصمتون عنها قبل ذلك.

اعتبر أستاذ التاريخ والسياسة في جامعة غراتس النمساوية فلوريان بيبر في مقالة له في مجلة فورين بوليسي أن الوباء وفّر للحكومات الديكتاتورية، والديمقراطية ـ على حد سواء ـ فرصة التعسف، واستخدام القرار، وتعليق الحريات المدنية.

استشهد أستاذ التاريخ بيبر على صحة فهمه بمقولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "نحن في حالة حرب"، مُشيرا إلى أن هذا الخطاب الدرامي يُسهم في حشد قوي لمواجهة الوباء، لكن قد تكون مثل هذه النداءات خطيرة، فالفيروس ليس جيشا عسكريا، ويُمكن لاستحضار فكرة الحرب تبرير إجراءات قمعية، وتحويل أزمة صحية لأزمة أمنية.

يتفهم الناس أن تفرض الحكومات حظرا محدودا على حركة الأشخاص، وتنقلهم؛ لضمان التباعد الاجتماعي، وعدم انتقال العدوى وتفشيها، ويتفهمون إغلاقات مُبرمجة، ومُحددة زمنيا للحدود والمعابر، وحركة السفر، غير أنهم، وإن استسلموا لسياسة الأمر الواقع؛ يرفضون أن تُستباح حرياتهم الشخصية، وتُمتهن كرامتهم، وأن تُصبح حقوقهم مُعلّقة، ومؤجلة تحت ذرائع ضمان الصحة، والسلامة العامة، ولن ينسَ التاريخ هؤلاء الذين استغلوا وباء صحيا للانقضاض على حقوق المجتمع، وجعله شماعة لانتهاك حقوق الإنسان، وسيُفضح هؤلاء ولو بعد حين، وسيُكتب في سفر من نور من بقيت حقوق الإنسان هاجسهم في كل الأحوال، احترموها، ولم يستخدموا قوانين الطوارئ للدوس على حقوق الناس.

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.