Lebanese protesters wave the national flag in front of riot police in the capital Beirut on April 28, 2020, as anger over a…
تستمر التظاهرات ضد الحكومة وسياساتها في لبنان

قدمت الحكومة اللبنانية خطتها الاقتصادية المقترحة على صندوق النقد الدولي على أنها خطة تاريخية. هي ثاني "محطة تاريخية" يعيشها لبنان في الأسابيع الماضية. الأولى كانت عند بدء الحفر في البلوك رقم 4 (بلوك بحري مقابل شمال لبنان كان يعتقد أنه سيكون مليئا بالغاز) الذي كان سيجعل لبنان أغنى دولة في العالم! لكن ربما تاريخيتها تأتي من كونها تعترف أن السلطة الحاكمة جعلت لبنان، ولأول مرة في تاريخه، دولة مفلسة على شفير الانهيار. أعادت السلطة البلد إلى أيام المجاعة في الحرب العالمية الأولى.

يتفق الجميع في لبنان ـ تقريبا ـ أن جذور الأزمة سياسية، مع ذلك يريدنا المسؤولون السياسيون النظر إليها كخطة مالية اقتصادية صافية! وعلى ما يقال، المكتوب يُقرأ من عنوانه، هل يمكن أن تشكل خلفية مثل هذه للخطة سلم نجاة يتسلقه الاقتصاد اللبناني للخروج من الهاوية التي لا زلنا على درجاتها الأولى؟

مع ذلك للخطة جديدها: اعتراف بالمأزق، وتعهد بالإصلاح، دون التوبة. فبعد أن أُشبعنا زجليات مطمئنة، جاءت الخطة لتبرهن أن كل مقولات المسؤولين ويمينهم المعظم "بأن الامور بألف خير"، كانت كذبا صريحا. وأظهرت للعيان، الحفرة التي أوقعونا فيها، على الأقل منذ العام 2003.

تجاوز الدين العام 90 مليار دولار أميركي. نسبة 90 في المئة منه عبارة عن فوائد تراكمت. أي أن 90 في المئة من الدين، هو خدمة دين. 50 في المئة من ميزانية الدولة كانت تصرف لخدمة الدين، الذي تضاعف في السنوات العشر الأخيرة إذا لم يكن أكثر. ومع ذلك كانوا يستدينون سنويا ليسرفوا في الإنفاق للحفاظ على زبائنهم وصفقاتهم.

الاقتصاد اللبناني لن يعود إلى ما كان عليه عام 2018 سوى في العام 2043!

تقول الخطة إنها تريد خفض معدل الدين، من 170٪ إلى 102٪. وتقترح أن العجز، من الآن حتى 2025 سيتراوح بين 0,9٪ و2٪ بأقصى الحالات. وهذا رقم متفائل جدا، فالضرائب المقترحة، في ظل انخفاض الواردات وانعكاسات جائحة كورونا، ستخفض المداخيل من الضريبة على القيمة المضافة بشكل كبير. الاستيراد والإنفاق سينقصان ما ينقص مدخول الدولة من الجمارك.

الأمر غير المتداول، والذي أشار اليه الاقتصادي، ونائب حاكم مصرف لبنان الأسبق، ناصر السعيدي في وبينار مقفل، أن الاقتصاد اللبناني لن يعود إلى ما كان عليه عام 2018 سوى في العام 2043! هل يمكن أن يستمر لبنان اجتماعيا وسياسيا حتى ذلك الحين؟

وبما أن الخطة اقتصادية ـ مالية، وهذه بالطبع ذريعة كي تُترك شركة كهرباء لبنان دون ضوابط، وهي التي استهلكت نصف الدين العام. أبقي على خطة العام 2019 في قطاع الكهرباء، مع أنها تلحظ خفض الإنفاق على الكهرباء. ذلك يعني في غياب تقديم خطة بديلة، أن التخفيض سيتم بواسطة خفض كلفة الفيول، فتنخفض معه ساعات التغذية ما يزيد استهلاك المولدات الخاصة لتعود وترتفع فاتورة استيراد الفيول. مع العلم أن الدولة تدفع للبواخر بسعر مثبت ما قيمته 150$ لبرميل النفط (السعيدي) بينما سعره في السوق الآن 30 دولار! أين يذهب الفرق؟

إن أي خطة إصلاحية جادة ليس بوسعها تجاهل الهدر في بالوعة الكهرباء والاتصالات والنفط والغاز والماء والكازينو وشركة طيران الشرق الأوسط... والإصلاح في هذه المرافق لا يحتاج قوانين ولا انتظار الخطة من أصله.

لكن ذلك يعني إجراءات سياسية! بينما الخطة، تكتفي، على ما يبدو، بأرقام مالية ورقية دفترية!

الأسوأ أنها تلحظ تدني كلفة الخدمة الاجتماعية. هذا الخفض في بلد اللامساواة المتجذرة والموصوفة ـ عرضناها في مقالات سابقة ـ وفي ظل الظروف الاقتصادية المستجدة وكورونا، مع ازدياد البطالة والفقر حيث تطال الآن 50٪ من السكان، بينهم 25٪ لا يستطيعون تأمين الغذاء مع مدخول يقارب 5 دولارات يوميا. 

أضف إلى ذلك إغلاق المؤسسات والفنادق والمستشفيات والمدارس أبوابها؛ يعني خفض الإنفاق المساهم بتدني مستوى الخدمات، المتدنية أصلا، وعدم الاكتراث بالبطالة وإهمال صحة اللبنانيين والقضاء على المستقبل التربوي لأجيال بكاملها.

يجمع المحللون على أن الخطة تلحظ ضبط الهدر دون أن تضع آليات تنفيذية وتشريعية لذلك. ناهيك عن أنها تغض النظر عن مصادر الهدر. أما التشريعات المطلوبة لكل ذلك فنعرف طريقها المليء بالشوك في الجمهورية اللبنانية التي توصف بجمهورية الموز. 

السؤال لحكومة "الاختصاصيين": لم انتظار صندوق النقد ليفرض الإصلاحات؟ ولم لا تبدأ باتخاذ التدابير، المعروفة من الجميع، لضبط معابر التهريب البرية والبحرية والجوية وتعيين المجالس والهيئات الناظمة المطلوبة للرقابة على صرف الأموال وعقد الصفقات وغيرها.

الأمر الجديد الآخر الكشف عن الخسائر المصرفية وتحديدها: 241 تريليون ليرة، يعني حوالي 69 مليار دولار، احتسبت على أساس الدولار يساوي 3500 ليرة. وهي خسائر مصرف لبنان زائد المصارف التجارية. هنا لدى الخطة نوع من الانفصام: فحساباتها اعتمدت على تحرير سعر صرف الدولار ليصل إلى 3500 ليرة، بينما تراجعت بعد الاعتراضات، وأبقت الدولار على سعر 1500 ليرة. وهنا يجمع الاقتصاديون على أن تحرير سعر صرف الدولار ضرورة اقتصادية وإلا فإن التثبيت سيزيد التضخم ويدهور سعر صرف الليرة دون سقف.

تبلغ خسائر المصارف 18 مليار دولار تقريبا، في حين أن خسائر مصرف لبنان تصل إلى 50 مليار دولار. خسائر المصارف معروفة. لكن الاعتراف بخسائر مصرف لبنان يحصل لأول مرة، فما هي أسباب خسارة 50,5 مليار؟

يقول الخبراء إن الخسائر الفعلية بدأت بعد باريس 2 أي منذ العام 2003 تقريبا. وتزايدت نتيجة تسديد التزامات للدولة اللبنانية وتثبيت سعر القطع، وهو السبب الرئيس؛ إضافة لدعم المصارف بهندسات مالية وودائع ذات فوائد عالية ودعم القروض: بيئية وسكنية وتجارية وغيرها.

وهنا يحصر البعض الاتهام بحاكم مصرف لبنان بمفرده. فلقد استدان من المصارف لتثبيت سعر الصرف والهندسات المالية.

لكن سعر الصرف ثبّت، ولا يزال، بقرار من الحكومة. فكيف نحمّله لمصرف لبنان وحده؟

يذكر المحامي بول حرب أن المادة القانونية تقول: سيثبّت سعر صرف الليرة بقانون سيصدر، ولم يصدر هذا القانون. في هذه الحال تقع آلية تثبيت سعر الصرف المؤقت على وزير المال. ولكنه ترك لمصرف لبنان هذه المهمة نتيجة استقالة الدولة عن القيام بمهامها ومسؤولياتها.

تماما كما كان يجب أن يحصل بالكابيتال كونترول، فإذا كان حاجة وضرورة اقتصادية، فيجب أن يتساوى الجميع أمام القانون: بوضع آليات وسلم أوليات لمنع هجرة الأموال، إلا للحاجات الضرورية التي يحددها القانون. فعندما استقالت الدولة عن دورها، ألزم مصرف لبنان القيام بذلك، عبر التعاميم المثيرة للجدل.

لكن ليس مصرف لبنان من طلب أن يحل محل الدولة. مهام مصرف لبنان محددة في المادة 70 من قانون النقد والتسليف: "المحافظة على النقد لتأمين أساس نمو اقتصادي". وليس تأمين النمو الاقتصادي ولا كيفية صرف الأموال.

أما عن قيام الحاكم بدعم المصارف: فهناك قانون يمنع اقراض المصارف من مصرف لبنان، إلا في حالات استثنائية كالتعثر. ومن باب الحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي، يقرض المصرف المتعثر لمدة سنة. كما أن هناك نص آخر في القانون يقول: الإيداع عند مصرف لبنان من قبل المصارف ليس عليه فوائد.

هذه مصادر الخسائر الهائلة في ميزانية مصرف لبنان، تثبيت سعر الصرف والهندسات المالية والاستدانة من المصارف والإيداعات بفوائد عالية لا يلحظها القانون. من يتحمل المسؤولية؟ إنها مشتركة بين مصرف لبنان والدولة.

ما يؤكد ذلك تجديد الحكومة لحاكم مصرف لبنان في العام 2017، ومن خارج جدول الأعمال. أوليس التجديد، بل تعيين الحاكم من جديد، هو تأييد لكل الأعمال التي قام بها. وعام 2017 عام مفصلي، لأن معظم الهندسات المالية بدأت في 2016. إذن الحكومة، وعن سابق تصور وتصميم، جددت للحاكم. بل وامتنعت عن تعيين مفوض الدولة لدى المصرف، الشاغر منذ 1999 ـ 2000. وهو مركز رئيسي لديه صلاحية رقابة شاملة ومحاسبية على كل ما يجري في مصرف لبنان وعلى قراراته؛ وتصل سلطته لحد إيقاف تنفيذ قرارات المجلس المركزي للمصرف إذا كانت مخالفة للقانون.

وكل هذا عنى إعطاء صلاحية مطلقة للحاكم من دون أي رقابة على أدائه لا السابق ولا المستقبلي. وبالتالي هي مسؤولية مشتركة. لكن السؤال الأهم، هل كان يجب أن يقبل الحاكم بإيصالنا إلى مرحلة الافلاس التام هذه؟ أم كان يمكنه تدارك الأمر باكرا؟

جميعنا نذكر قضية رئيس جمعية المصارف فرنسوا باسيل، عندما أعلن عدم قدرة المصارف تلبية طلبات الدولة من الاقتراض منذ العام 2014 ـ 2015، فهوجم وهدد بالسجن واستقال. لو دعمه الحاكم، لكانت انفجرت الأزمة حينها ولكنا وفرنا الكثير على الاقتصاد وعلى المودعين.

وهنا سأورد الحكاية المتداولة عن الحكام السابق لمصرف لبنان إدمون نعيم (نقلا عن نائب حاكم مصرف لبنان غسان عيّاش (1990 ـ 1993) في كتابه "وراء أسوار مصرف لبنان، نائب حاكم يتذكر"): رفض الحاكم إدمون نعيم تحويل أموال طباعة جوازات السفر لصالح وزارة الداخلية عام 1990. كانت الكلفة مضخمة. أجرى نعيم مناقصة أخرى، سرا، وبمواصفات أفضل فتبيّن أن الكلفة أقل بكثير مما هو مطلوب، فرفض تحويل المال. فتم الاعتداء عليه من السلطة. أنقذه حينها حارسه الشخصي حسين البروش.

الإيجابي في كل ما يجري، أن الرقابة المستجدة من قبل المجموعات الثورية لا تتوقف، وهذه المجموعات مستمرة في نضالها على الأرض

أما معالجة خسائر مصرف لبنان 69 مليار، فتقول الخطة: نلغي جميع الرساميل والملاءة equity للمصارف ولمصرف لبنان كذلك. نأخذ الرساميل والرساميل المساهمة، لتخفيض العجز إلى حوالي 44 مليار دولار.

وهذا يتطلب إعادة رسملة. السؤال هنا: عندما تصادر أموال جميع أصحاب الرساميل، أي مستثمر سيثق ليودع أمواله؟ إنه ضرب للثقة من أساسها، وهي الأمر البديهي للاستقرار النقدي.

عدا عن أنه سيفتح الباب لإعادة رسملة المصارف برساميل جديدة. فمن يملك المال اللازم للشراء؟ وما الغرض من إلغاء مساهمات أصحاب المصارف إلى الصفر؟ وهل نثق بمودعين جدد لا يملكون خبرات مصرفية؟ وهنا مصدر الخوف من استيلاء "حزب الله"، ومن خلفه إيران، على القطاع المصرفي، ومن القضاء على النظام الاقتصادي الحر بحسب الدستور.

وهنا يصبح مفهوما قبول مرشد الجمهورية (الأمين العام لـ "حزب الله") بالخطة، رغم شروطه عليها، وحرصه على "إجماع كل مكونات السلطة لتغطيتها" في اجتماع بعبدا. وهو الأمر الذي لم يتحقق. هذا عدا عن أن كل ذلك سيتطلب الأخذ والرد في مجلس النواب وشروط صندوق النقد وردود فعل المجتمع المدني المحتج ورقابة المجتمع الدولي... ما قد يمرّر الوقت حتى الخريف القادم موعد الانتخابات الأميركية وانتظار إيران وحزبها الفرج من كورونا ومن الله! فهل الخطة الاقتصادية، وقبول "حزب الله" فيها، مجرد محاولة لتمرير الوقت؟

الإيجابي في كل ما يجري، أن الرقابة المستجدة من قبل المجموعات الثورية لا تتوقف، وهذه المجموعات مستمرة في نضالها على الأرض.

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.