(COMBO) This combination of pictures created on August 13, 2020, showsa file photo taken on May 28, 2017 of Israeli Prime…
صورة مركبة تجمع بن زايد وتنانياهو

لم يأخذ كثيرون في المنطقة على محمل الجد، "معادلة وقف الضم مقابل التطبيع"، التي أشهرتها أبوظبي في معرض تبريرها للاتفاق الثلاثي الذي حمل اسم "اتفاق أبراهام"، والذي اتفقت بموجبه مع إسرائيل، وبرعاية الإدارة الأميركية، على "تطبيع كامل" للعلاقات بين الدولتين: العبرية والخليجية... 

فمن جهة أولى، لم تُبِد الإمارات منذ سنوات طوال، اهتماما ملحوظا للانخراط في المسألة الفلسطينية وملفات الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وهي من جهة ثانية، تحتفظ بعلاقات مشوبة بالفتور مع السلطة الفلسطينية وبالعداء مع حركة حماس، مما يفقدها الأهلية للقيام بدور الوسيط بين طرفي الصراع، ولأن البيان الثلاثي من جهة ثالثة، لم يقل "وقف" الضم، بل "تعليقه"، فما ورد تلميحا ومختصرا في البيان الثلاثي، جاء تفصيلا في تصريحات بنيامين نتانياهو بعد صدور البيان، وقبل أن يجف حبره: لا تراجع عن وعوده بسط السيادة الإسرائيلية على أجزاء واسعة من الضفة الغربية، ليتبعه السفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان موضحا: تعليق الضم "مؤقت".

إذا، ما الذي يدفع أبو ظبي لاتخاذ قرار بـ"التطبيع الكامل" للعلاقة مع إسرائيل، وما هي الأسباب والمصالح الحقيقية التي تتوخى الإمارة الخليجية تحقيقها، من وراء "مجازفة" كهذه، أثارت وستثير غضب واستياء قطاعات واسعة من الرأي العام العربي، بمن فيه الإماراتي والخليجي؟ ولماذا تجازف الإمارات بالخروج على "مبادرة السلام العربية"، والتي قامت على "معادلة التطبيع الكامل مقابل الانسحاب الشامل" من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة عام 1967؟

الأطراف الثلاثة ترى في إيران و"هلالها"، تهديدا مزعزعا للاستقرار الإقليمي، وهي تبدو منزعجة بدرجات متفاوتة من صعود الدور التركي في الإقليم

الحقيقة أن "الاختراق الكبير" على حد وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب للبيان الثلاثي، لم يأت من فراغ، ولا هو خطوة "منبتّة" عن سياق كامل لتطور العلاقات الإماراتية الخليجية، وتحديدا خلال السنوات العشر الفائتة، فالدولتان دشنتا علاقات وثيقة، تحت الطاولة وأحيانا من فوقها، تبادلتا الوفود الاقتصادية والتجارية على المستوى الوزاري، وتعاونتا في ملفات أمنية وسياسية، وطيران الاتحاد الإماراتي، نفذ رحلتين مباشرة بين مطاري أبوظبي وبن غوريون... 

والأهم من هذا وذاك، أن ولي عهد الإمارات كان من بين قلائل من قادة المنطقة، الذين واكبوا ودعموا جهود مستشار الرئيس الأميركي وصهره، جارد كوشنير، في مختلف مراحل إعداد "صفقة القرن" حتى الكشف عنها، والسفير الإماراتي ذائع الصيت في واشنطن، يوسف العتيبة، كان من بين ثلاثة سفراء عرب فقط، شاركوا في مراسم إعلان خطة ترامب "السلام من أجل الازدهار"... 

ومع كل خطوة كانت تخطوها الإمارات صوب إسرائيل، كان البحث عن "غطاء فلسطيني" يحضر من بوابة "المبررات" و"سدّ الذرائع"، من تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين لمواجهة كورونا "رغم أنوفهم" ومن مطار بن غوريون، وحتى حكاية "وقف الضم مقابل التطبيع" التي لم تقنع أحدا.

من المقال إلى البيان

لافت للانتباه، كيف جاء "بيان أبراهام الثلاثي" مؤكدا على ما ورد في مقال نادر حمل توقيع السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة وجاء بعنوان "إما الضم أو التطبيع"، ونشرته له صحيفة يديعوت أحرونوت، يومها سرد السفير الإماراتي لسلسلة من المبادرات التي تقدمت بها دولته صوب إسرائيل، وعرض لمجموعة من الحوافز والفرص لتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين... أما المبادرات فمنها إدراج "حماس" و"حزب الله" على اللائحة السوداء للمنظمات الإرهابية، ودعوة إسرائيل للمشاركة في معرض "أكسبو" المقام في الإمارات... وأما الحوافز فتتعلق بما يمكن للمستقبل أن يحمله من فرص وإمكانات للتعاون الثنائي، لعل أهمها حث العرب على "التفكير الإيجابي" بإسرائيل وتغيير النظر إليها من "عدو" إلى "فرصة"، وتحويل الإمارات إلى "بوابة" لعبور إسرائيل إلى العالم العربي.

مقال العتيبة، تخطى "التطبيع" في نظرته إلى مستقبل العلاقات الإسرائيلية ـ الإماراتية، إلى "التحالف الاستراتيجي" القائم على وجود "عدو/تهديد مشترك"، بين دولتين تحظيان بأكبر اقتصاديات في المنطقة، وتمتلكان أقوى جيشين، وترتبطان بأوثق العلاقات الاستراتيجية مع واشنطن... لقد عرض العتيبة في مقالته تلك، عناصر وأركان هذا التحالف، قبل أن يعود ويقول في أعقاب إبرام الاتفاق الثلاثي بأن أطراف هذا الاتفاق، سيكون بمقدورها بعد الآن، رسم "أجندة استراتيجية للشرق الأوسط".

ولي عهد الإمارات كان من بين قلائل من قادة المنطقة، الذين واكبوا ودعموا جهود مستشار الرئيس الأميركي كوشنير، في مختلف مراحل إعداد "صفقة القرن" حتى الكشف عنها

من الواضح لجمهور واسع من المراقبين والمحللين، أن الدولة الخليجية الصغيرة بحسابات الجيوبوليتكس والديموغرافيا، والمتطلعة للنهوض بأدوار إقليمية تتخطى حدودها، وتليق بلقبها الجديد "أسبارطة القرن 21"، لم تعد تجد في جثة جامعة الدول العربية الهامدة، ولا في منظومة دول مجلس التعاون الخليجي المُفككة، غطاء وعباءة، قادرتين على احتواء دورها الممتد من اليمن إلى سوريا، ومن القرن الأفريقي إلى دول الساحل والصحراء وشمالي أفريقيا، وأنها في سعيها للحفاظ على هذا الدور ـ وربما توسيعه ـ تبدو بأمس الحاجة لـ"شبكة أمان" إقليمية ودولية، ولحلفاء كبار، قادرين على مساعدتها في تحقيق مراميها، ولعلها وجدت في إسرائيل، ومن خلفها الولايات المتحدة، ما يمكن أن يوفر لها "رافعة" لدورها الإقليمي المثير للجدل، و"شبكة" تحميها من سيناريو "السقوط الحر"، في حال جاءت حسابات البيدر مخالفة لحسابات الحقل.

في هذا السياق يمكن فهم "عرض التحالف الاستراتيجي" المتضمن في مقالة العتيبة المذكورة، وفيه وحده، يمكن إدراك معنى "الأجندة الاستراتيجية للشرق الأوسط" التي تحدث عنها السفير، فالأطراف الثلاثة ترى في إيران و"هلالها"، تهديدا مزعزعا للاستقرار الإقليمي، وهي تبدو منزعجة بدرجات متفاوتة من صعود الدور التركي في الإقليم، لا سيما مع تزايد دعم أنقرة لحركات الإسلام السياسي المسلحة في عدد من دوله، وتمدد نفوذها الإقليمي من شرق المتوسط إلى بحر إيجة وشمال أفريقيا مرورا بالقرن الأفريقي والخليج العربي، وليس انتهاء بشمالي سوريا والعراق.

وعلى الرغم من أن البيان الثلاثي لم يُصرح بقائمة "الأعداء والمهددات" المشتركة التي تواجه أطرافه، إلا أن القارئ الحصيف، لا يفوته إدراك "أن هلال إيران الشيعي" و"قوس تركيا العثماني" الذي يكاد يصبح دائرة مكتملة، يتصدران هذه القائمة، وأن مواجهة هذه الأطراف، هو المحفّز الأكبر لعملية التطبيع بين إسرائيل والإمارات، وصولا إلى صياغة "الحلف الاستراتيجي" المنتظر.

لكن التدقيق في مواقف ومصالح الأطراف الثلاثة، حيال كل من معسكري تركيا وحلفائها وإيران وحلفائها، لا بد يكتشف أن ثمة تفاوتا في النظر إلى هذه التهديدات... النفوذ التركي المتزايد في الإقليم، يثير انزعاج الولايات المتحدة وإسرائيل، بيد أن مواجهته، تتصدر قائمة أولويات الإمارات، لا سيما بعد التهديدات الأخيرة التي أطلقتها تركيا بمحاسبة الإمارات على أدوارها في ليبيا واليمن... وفي حين تحتفظ الإمارات بما هو أكبر وأقوى من "شعرة معاوية" مع إيران والنظام السوري، تنظر الولايات المتحدة، وبالأخص إسرائيل، إلى التهديد الإيراني بوصفه التهديد الأخطر والأكبر لمصالحهما في الإقليم برمته، وهو يرقى إلى مستوى التهديد "الوجودي" بالنسبة لإسرائيل وفقا لتوصيف المستوى الأمني فيها.

وثمة مفارقة في السياسة الخارجية الإماراتية، أعيت المراقبين وأثارت الانقسام فيما بينهم، وهم يسعون في تفكيك "طلاسمها"، إذ كيف يمكن لأبوظبي أن تشرع في تطوير وتنشيط علاقاتها مع كل من طهران ودمشق، في الوقت الذي كانت تذهب فيه بعلاقتها مع إسرائيل إلى ضفاف "التحالف الاستراتيجي"؟

مقال العتيبة، تخطى "التطبيع" في نظرته إلى مستقبل العلاقات الإسرائيلية ـ الإماراتية، إلى "التحالف الاستراتيجي" القائم على وجود "عدو/تهديد مشترك"

فريق من هؤلاء عزا الأمر إلى "دهاء" في السياسة الإماراتية، أمكن لأبوظبي بنتيجته أن تحيّد نفسها عن صواريخ "الحوثي" وطائراته المسيّرة التي ضربت في العمق السعودي، فريق آخر قال، إن الإمارات بانفتاحها على أطراف "محور المقاومة والممانعة" كانت تضمر تحييده، واحتواء ردة فعله مسبقا، حين تقدم على نسج خيوط تحالفها مع إسرائيل ..

فريق ثالث، رأى أن الإمارات استشرفت وجهة السياسة الأميركية واتجاهها حيال طهران بعد انتخابات نوفمبر الرئاسية المقبلة: بايدن سيعود للاتفاق النووي وينتهج مقاربة مختلفة إن تمكن من الفوز، وترامب تعهد بإبرام اتفاق معها في غضون ثلاثين يوما حال إعادة انتخابه، فيما رائحة "صفقة إقليمية" كبرى تعبق في أجواء المنطقة، ويتكاثر الحديث بشأنها على وقع الانفجار الكارثي الذي ألمّ ببيروت، مرفأ ومدينة... أما البعض الرابع، فما زال يحيك روايته المستجدة: تركيا وليست طهران، هو العدو الأول للإمارات، كانت كذلك من قبل، وستظل كذلك من بعد.

دلالة التوقيت

في دلالة توقيت الخطوة ثلاثية الأطراف، يبدو أن كل من ترامب ونتانياهو كانا يستعجلانها، لأسباب تتعلق بحملة ترامب الانتخابية المتعثرة من جهة، وتآكل شعبية نتنياهو لدى الرأي العام الإسرائيلي على خلفية الفشل في إدارة "الجائحة" والمسار القضائي الذي يتهدد مستقبله الشخصي والسياسي من جهة ثانية... 

أما بالنسبة للإمارات، فلم يكن لديها ما يمنع من تلبية حاجة الشريكين الآخرين لاستعجال الخطوة والكشف عنها، وربما الذهاب أبعد من ذلك، إلى حفل توقيع يذكر باحتفال حديقة البيت الأبيض زمن أوسلو، وحفل وادي عربة زمن توقيع المعاهدة الأردنية ـ الإسرائيلية.

وليس بخاف على أحد، أن الرئيس دونالد ترامب، هو المرشح المفضل للإمارات ودول خليجية وعربية أخرى في الانتخابات القادمة، وإذا كانت خطوة من هذا النوع، تساعده على تعزيز فرصه وتعظيمها، فلا بأس من استعجالها، وتوقيتها عشية الانتخابات لتظل "طازجة" في ذاكرة الناخب الأميركي... أما في حال فوز بايدن ـ هاريس في انتخابات نوفمبر، فإن ولي عهد الإمارات سيكون قد قدم "نفسه" للإدارة الديمقراطية الجديدة، بوصفه "بطل سلام" مع إسرائيل، وليس كرجل مغامرات عابرة للحدود، أو كدكتاتور ينتهك حقوق الإنسان، وهي "لعبة" لطالما لجأ إليها قادة عرب ديكتاتوريون وقمعيون في السنوات والعقود الأخيرة... وفي كلتا الحالتين، ستخرج الإمارات رابحة.

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.