بايدن خلال استقبال العاهل الأردني وولي عهده.
بايدن خلال استقبال العاهل الأردني وولي عهده.

الإعلام الأردني "الرسمي"  مثل أغلب الإعلام العربي، يحمل مفارقاته ونوادره التي تعكس ضخامة الرقيب الذاتي في مطبخه الصحفي. قبل سنوات عديدة، كانت هناك زيارة للملك الأردني عبدالله الثاني إلى واشنطن، وبعد انتهاء الزيارة الرسمية كان عنوان الصحيفة اليومية الرسمية بالخط العريض: "زيارة الملك إلى واشنطن كانت ناجحة جدا جدا جدا".

طبعا العنوان غير مهني بالمطلق، وحماس المحرر المسؤول للتبجيل الهائل تفوق على كل المهنية والموضوعية إلى حد تكرار "جدا" ثلاث مرات.

اليوم، وبعد زيارة الملك الأردني الأخيرة إلى عاصمة القرار العالمي "واشنطن" أجدني أتذكر تلك القصة الصحفية الأردنية، وأقول مازحا لزميل صحفي أردني التقيته أمس في العاصمة الأردنية عمان أن المحرر المسؤول صاحب مانشيت "ناجحة جدا جدا جدا" يجب ان يتم استحضاره الآن بذات المانشيت الغريب العجيب، فزيارة الملك الأردني الأخيرة كانت بمقاييس العلاقات الدولية والتشابكات الإقليمية ناجحة فعلا، بعد معاناة في العلاقات مع الإدارة السابقة حشرت الأردن طوال أربع سنوات ماضية في زاوية ضيقة من الحركة وانكفاء لمساحات أكثر ضيقا في الإقليم.

القراءات في الزيارة كثيرة، والراشح منها سواء في العاصمة الأردنية عمان أو واشنطن لا يعكس الارتياح الموحي بالاسترخاء، بقدر ما يعكس ضغطا هائلا في الوقت والجهد وكثير من عمليات تدوير الدفة نحو الاتجاهات المعاكسة أو التسريع بجهد دولي نحو إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ضمن خيارات ومقترحات كانت مطروحة على طاولة الملك في كل نقاشاته المتعددة في واشنطن.

مما قرأناه في الأخبار وشاهدناه في الزيارة وسمعناه من مصادر موثوقة، فإن الملك عبدالله الثاني فعليا كان يحمل حزمة ملفات الإقليم وبتفويض واسع من دول في الإقليم ليناقشها ويواجه أسئلة طاقم إدارة بايدن بمقترحات "حلول" تم اعتماد كثير منها.

في الملف السوري، وهو أكثر الملفات إثارة للجدل المتفجر بعد المقابلة التي أجراها الملك مع فريد زكريا على قناة "سي.أن.أن"، حيث كانت الإشارة الملكية الواضحة لضرورة تعامل واشنطن مع النظام السوري في دمشق!

الملك الذي دمج الاقتصاد بالسياسة كمفهوم إقليمي متكامل يحمل حلولا أيضا لمملكته المنهكة ماليا واقتصاديا، كان يمارس أقصى درجات "البراغماتية" في وضع الأميركان أمام حسم خياراتهم السياسية في سوريا، وكانت لغة الملك واضحة بالإنكليزية في طرح خياري تغيير النظام أو تغيير السلوك (regime change or behavior change).

طرح الملك كان مواجهة مفتوحة أمام أعشاش دبابير "هيئات ومعارض" المعارضة السورية المختلفة، ويبدو - حسب قراءات سير الأحداث- قد تم التنسيق فيه مع دمشق بهدوء، وهو ما يتماهى مع فكرة "المشرق الجديد" التي برزت قبل شهور كتحالف اقتصادي تنموي وسياسي في حده الأدنى بين العراق والأردن ومصر، وتحددت أهدافه بقطاعات (النفط والطاقة والنقل وتجارة السلع والعمالة)، وبالنسبة للأردن كان واضحا أن موقعه الجغرافي يجعل قطاع النقل وتجارة السلع ميدانه الرئيس، وهو ما يتطلب توسيع مساحات التحرك في النقل لتعظيم الفوائد.

القرار بفتح الحدود البرية لنقل البضائع والأفراد وتأهيل تلك الحدود لذلك كان جاهزا للتنفيذ عشية عودة الملك من زيارته الواشنطونية، وهو ما كان لافتا أيضا في رد فعل فصائل المعارضة السورية الفوري بقطع الطريق بين عمان ودمشق من خلال أعمال مسلحة، وتثوير منطقة درعا في الجنوب السوري، المنطقة الأكثر تعقيدا في جغرافيا الأزمة السورية والتي تشكل ميدان نزاع إقليمي بين إيران وروسيا تحديدا، وصراع نفوذ بين مراكز قوى النظام السوري نفسه وبين كل هؤلاء وفصائل المعارضة المختلفة، وهو ما يعطل إلى حين عملية إصدار وتفعيل بطاقة العضوية السورية في نادي "المشرق الجديد".

--
..لكن.. جعبة الملك كانت لا تزال تحمل مزيدا من المفاجآت حين طرح أمام الأميركان الأزمة اللبنانية بصيغة قنبلة ذرية إقليمية قد يكون لتفجيرها تداعيات غير متوقعة ( الملك طرح القصة علنا في مقابلة فريد زكريا كنبوءة مفاجئة بلا تفسير).

اللغز الذي حملناه لأقرب نقطة ممكنة يمكن أن تفسر مقاصد العاهل الأردني كان تفكيكه بمفاجأة صادمة فحواها أن الدولة اللبنانية ككيان متهالك، ستنهار دفعة واحدة بكل مؤسساتها خلال فترة وجيزة، وأن انهيارا كاملا للدولة "المبنية طائفيا" في لبنان يعني انزياحات طائفية مرعبة، تتمثل في موجة هجرات مسيحية واسعة وتخندق سني في طرابلس والشمال يشكل بيئة خصبة لتيارات التطرف السلفي، وإفلات حزب الله في الجنوب "وكامل بيروت" والذي سيرى في نفسه وريثا "شرعيا" للدولة بحكم الأمر الواقع، وهو ما يعني ببساطة استكمال الحضور الإيراني بكامل "هلاله السياسي" في شرق المتوسط أو شرق أوسط هذا العالم.

حسب الوارد من واشنطن، فإن "الحل اللبناني" سيأخذ صيغة الاستعجال الفوري من خلال العمل على مستويين : تقوية ودعم مؤسسة الجيش اللبناني بصفتها المؤسسة الأكثر ضمانة بين اللبنانيين. والعمل على وضع مخطط نوعي لبرنامج مساعدات إقليمي ودولي بإشراف فرنسي وأمريكي وموزعة ادواره بعناية بين الدول المساهمة لإنعاش الاقتصاد اللبناني وبعث الحياة فيه.

الأردن سيكون مستفيدا بالضرورة من مشروع مارشال خاص بلبنان من خلال حضوره الجغرافي "المجهز مسبقا" كحاضن وسيط لكل قطاع النقل التجاري عبر سوريا والذي لا يزال يواجه مشاكله الأمنية.

حسب مصادر من واشنطن والعاصمة الأردنية، فإن الملك كان يتحدث بتفويض من الرئيس المصري ورئيس الوزراء العراقي، وحسب مصدر مقرب من القصر فإن اتصالات تنسيقية مكثفة بين أبوظبي وعمان سبقت زيارة الملك وحملت معها توافقات عديدة على رؤية إقليمية جديدة، وهي رؤية لم تستثن السعودية نفسها كما علمنا من واشنطن، بل إن الإشارة "العاتبة بنعومة " للسعودية في مقابلة الملك على "سي.أن.أن" كانت مختلفة تماما عن تفاصيل المحادثات المغلقة، وحسب مصدر من الحضور في واشنطن فإن الملك وطاقمه روجوا للقيادة السعودية كحالة إصلاحية نوعية مهمة وحاضرة في الإقليم، وخاض الملك كثيرا من المرافعات الدفاعية عن الرياض أمام إدارة بايدن المتحسسة من كل تحالفات إدارة ترمب.

حتى "محمود عباس" الذي فوض الملك في عمان بالتحدث باسمه "!" واسم سلطته المتهالكة، وجد مخرجا آمنا بتبني واشنطن فكرة إطالة حضور تلك السلطة لفترة زمنية أطول، وزيادة مدة "انتدابها" في مناطق نفوذها لحين الوصول إلى مرحلة ناضجة لابتكار الحلول وتأهيل الأطراف المشاركة، إما لصيغة جديدة من "حل دولتين" أو فكرة نوعية مناسبة ومن خارج الصندوق كله تتماشى مع عمليات فك وتركيب المنطقة من جديد، تركيب اقتصادي تنموي يقود التصورات السياسية وحسب ما قيل في واشنطن فهناك تصور مؤسس على شراكة إقليمية تعيد بناء المنطقة عبر الاندماج والتكامل.
لكن ستبقى فكرة الحل السلمي هي المجال الحيوي الوحيد الذي يمكن الحديث عنه وفيه والانطلاق منه لأي حلول قادمة، حتى من بينها ما أقره الحزب الديمقراطي الأميركي في برنامجه لعام 2020 (الذي انقضى) كدعوة لإنشاء دولة فلسطينية "قابلة للحياة" وأن للفلسطينيين "حرية حكم أنفسهم.

وكنا قد أسلفنا في مقالات سابقة قرأنا فيها إدارة بايدن، وخلصنا فيها إلى أن تلك الإدارة فعليا لا تحمل مبادرة سلام جدية، بل حزمة من إجراءات "فك التوتر" تساعد على إدارة الأزمات الراهنة لا حلها، لكنها في نفس الوقت تحمل "نوايا جدية" في البحث عن حلول بعيدة عبر مفاوضات مستمرة، قد لا تحمل أهدافا بين المتفاوضين إلا إعادة الثقة في الحوار نفسه.

وحسب ذات المصادر التي تواصلنا معها في واشنطن، فإن الإدارة الجديدة فعليا ومنذ أيامها الأولى كانت قد أرسلت إشارات طمأنة قوية للعاصمة الأردنية عمان، وتحديدا إلى القصر الملكي بضرورة إعادة تفعيل الدور الأردني التاريخي كحالة حيوية في أي تحرك في العملية السلمية.

فالأردن – حسب قراءات الإدارة الجديدة والواقعية جدا- يعد الأكثر عرضة لتأثيرات انسداد آفاق التسوية بين إسرائيل والفلسطينيين، وقد أظهرت عمان اهتمامًا مستمرا ولعبت دورًا بناء على مر السنين في محاولة إنهاء الصراع،  ما يحتم على الولايات المتحدة إعطاء الأولوية لإعادة تنشيط تعاونها مع الأردن في معالجة الصراع، لا كطرف مشارك أو مراقب، بل كطرف فاعل قادر على صنع المبادرات الإقليمية بما يخدم العملية السلمية بمجملها.

--
 وفي جانب أكثر طغيانا في حضوره بلا ثرثرة الكلمات، ويتعلق في الشأن الأردني الداخلي نفسه، فإن الحميمية الدافئة بين إدارة الملك وإدارة بايدن والتي كتب عنها الجميع بتحليلات قرأت الخطابات والتصريحات بل حتى لغة الجسد والمصافحات الاستثنائية في زمن كورونا لم تكن وحدها اللافتة.

اللافت الأكبر كان في حضور الأمير الشاب نجل الملك وولي عهده في كل الاجتماعات بلا استثناء، والدفء البالغ في استقباله من قبل الإدارة.

كان القصر الملكي الأردني يرسل رسالة بالغة التكثيف والترميز والوضوح بأن الرد الحاسم على كل "قضية الفتنة" يتمثل في حضور الأمير لأهم محادثات سياسية في عالم العلاقات الدولية مشاركا فاعلا، في سياق تهيئته كمشروع ملك قادم ومنجز الأهلية. كانت إشارات الرئيس الأميركي نفسه ذات دلالات وهو يذكر لولي العهد بحضور والده الملك تواتر العلاقات من الجد إلى الحفيد.

كان حديث بايدن عاطفيا ومؤثرا لكن التركيز على حميمية العلاقة الواشنطونية مع الملك الأردني بلغت حد المبالغات في سياق ردود منامفة بأثر رجعي موجهة لإدارة ترمب السابقة وتجلى ذلك بالسيدة نانسي بيلوسي، التي نتذكر عداوتها الشرسة مع الرئيس السابق، وقد وقفت ترحب بالملك الأردني بتواضع مبالغ به كرسالة بأثر رجعي فترتكب خطأً بسيطاً في التسلسل التاريخي حين تقول إنها تعاملت سياسيا مع الملك منذ كان "وليا للعهد!!". تلك زلة طفيفة جعلت الملك نفسه يبتسم ويمررها بسرور ما دام المستهدف هو أيام ترمب العجاف. قضية الفتنة لم تكن حاضرة على جدول أعمال الفريقين إلا بأسئلة تشبه مجاملات استهلالية في الاجتماعات تشبه سؤال "كيف الحال والأحوال" من قبل واشنطن، وهذا ليس بمستغرب أمام معلومات موثوقة بأن واشنطن هي التي بادرت بكشف معلوماتها الأمنية وتقديمها للأجهزة الأردنية والقصر الملكي بخصوص تحركات الأمير حمزة وتفاصيل أمنية أكثر دقة عن "صفقة القرن ودور باسم عوض الله".

الزيارة الملكية "النوعية" سبقها ضجيج لم يتعد حدود وسائل التواصل الاجتماعي بما يسمى "المعارضة الخارجية" التي حاولت جاهدة وبيأس تجييش وقفة احتجاج أمام البيت الأبيض ضد زيارة الملك، محتجة على دعم الإدارة الأميركية له مبرزة عريضة من مطالب الإصلاح السياسي وقائمة بأسماء معتقلين أمنيين بتهم سياسية، لكن تلك الوقفات الاحتجاجية انتهت بعروض فيديو فردية لم تحدث تأثيرا على زيارة الملك، والذي صنع التأثير بنفسه حين أوقف موكبه في شوارع واشنطن أمام مسيرة "تأييد" لزيارته وله شخصيا، حمل فيها من قيل أنهم "نخب مثقفة" لافتات التبجيل والتمجيد للملك، ونزل من سيارته ليحييهم شخصيا، وهو المشهد "الاستثنائي والغريب" والذي كان الأردنيون يشاهدونه مثل غيرهم في زيارات الرئاسة المصرية في عهدي الراحل حسني مبارك والرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي.

التفسير الوحيد المنطقي لقرار الملك "الارتجالي ربما" لكن غير المسبوق بلا شك، إيقاف موكبه وتحية "مؤيديه" في واشنطن أن الملك أيضا كان تحت تأثير حماس زيارته التي أدرك أنها "ناجحة جدا جدا جدا".

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.