عندما يصل بايدن إلى إسرائيل لن يستقبله رئيس الوزراء المؤقت بالإعلان عن مستوطنات جديدة
عندما يصل بايدن إلى إسرائيل لن يستقبله رئيس الوزراء المؤقت بالإعلان عن مستوطنات جديدة

عندما زار جوزف بايدن إسرائيل آخر مرة قبل 6 سنوات بصفته نائبا للرئيس باراك أوباما، استقبله رئيس وزراء إسرائيل آنذاك بنيامين نتانياهو بالإعلان عن بناء مستوطنات إسرائيلية جديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. شاءت الصدف أن أكون في أبوظبي مع مجموعة من المراسلين الأميركيين رافقنا وزير الدفاع الأميركي آنذاك روبرت غيتس في آخر جولة له للمنطقة زار فيها أفغانستان والسعودية وأنهاها في دولة الإمارات. كنا في بار الفندق نقضي آخر "ساعة سعيدة" مع الوزير غيتس مع نهاية الجولة، وحاول بعضنا، وأنا من بينهم إقناع الوزير غيتس بشرب المزيد من الويسكي لكي يتحدث بسلاسة أكثر، وطبعا كان غيتس يضحك ويقول لنا أليس لديكم حيلة أذكى؟  ولكن المزاح توقف بعد إهانة نتانياهو العلنية لنائب الرئيس بايدن، حين سمعنا غيتس – بعد أن أعلمنا بالخبر الذي أوصله إليه أحد مساعديه - يقول باستياء واضح ما معناه أنه ربما كان من الأفضل لبايدن أن ينهي زيارته لإسرائيل بأسرع وقت ممكن احتجاجا على ما فعله نتانياهو.

عندما يصل الرئيس بايدن هذا الأسبوع إلى إسرائيل لن يستقبله رئيس الوزراء المؤقت يائير لابيد بالإعلان عن مستوطنات جديدة، لأن إحياء المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية لا يعتبر أمرا "واقعيا" لا في واشنطن ولا في إسرائيل، وليس من بين أولويات الرئيس بايدن ليس فقط في محادثاته مع لابيد وحكومته، بل أيضا مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام ألله. الرئيس بايدن سيركز على استئناف المساعدات الأميركية للفلسطينيين، وتجديد الكلام العلني عن التزام واشنطن بحل الدولتين وبحق الفلسطينيين والإسرائيليين العيش بسلام والتمتع بحقوق متساوية وفقا للصيغة التي يستخدمها المسؤولون في إدارة الرئيس بايدن، والتي تبدو "ثورية" لفظيا على الأقل، بالمقارنة مع التأييد السافر للاحتلال الإسرائيلي وممارساته الذي كان السمة الاساسية لسياسة الرئيس السابق دونالد ترامب.

إدارة الرئيس بايدن لم تتراجع عن القرارات الأحادية الجانب التي اتخذتها إدارة الرئيس السابق ترامب مثل الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل وشرعية المستوطنات الإسرائيلية. وحتى قرارات ترامب التي أعلنت إدارة بايدن أنها تريد إلغائها مثل اعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس التي كانت تنظم العلاقات الأميركية - الفلسطينية، أو إعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، لم تستطع تحقيقها بعد مرور أكثر من 18 شهرا على انتخابها. في رام الله سيلتقي بايدن برئيس فلسطيني مسنّ لا يتمتع بأي صلاحيات تنفيذية تذكر، ويشرف على بيروقراطية عاجزة وفاسدة، في جزء من الضفة الغربية، بينما تسيطر حركة حماس الإسلامية المتحالفة مع إيران على قطاع غزة الذي يغلي باستمرار، والذي ينفجر دوريا في عنف عبثي لا يغير الواقع الفلسطيني المأساوي في القطاع، والذي تساهم إسرائيل في تأجيجه في حصارها المستمر لغزة.

وقبل وصول بايدن إلى إسرائيل، برأّت إدارة بايدن إسرائيل علنا من مسؤولية اغتيال الصحافية الفلسطينية - الأميركية شيرين أبو عاقلة حين قالت إن تحقيقاتها أظهرت أن الرصاصة التي قتلت أبو عاقلة ربما كان مصدرها إسرائيليا، ولكن التحليل الاميركي " لم يجد أي سبب يدعو للقول انها كانت مقصودة"، أي ان جريمة قتل أبو عاقلة كانت مجرد حادث، وان واشنطن لن تضغط على اسرائيل لإجراء تحقيق جنائي مع الجنود الذين شاركوا في إطلاق النار ضد الفلسطينيين والذي ادى الى مقتل صحافية تحمل الجنسية الأميركية. نتيجة التحليل الاميركي جاءت مناقضة لتحقيقات منظمات حقوق الانسان العالمية وتحقيقات كبريات الصحف الاميركية التي حملت اسرائيل وجنودها مسؤولية اغتيال شيرين أبو عاقلة. 

خلال السنوات الستة الماضية الفاصلة بين زيارتي بايدن لإسرائيل ورام الله والسعودية، تغير الشرق الاوسط كثيرا وليس بالضرورة بشكل إيجابي لأكثر من دولة وشعب في المنطقة. وهذه هي المرة الاولى التي يزور فيها رئيس أميركي إسرائيل ورام الله ولا تكون "عملية السلام" في طليعة جدول أعماله. هذه المرة الموضوع الرئيسي في جدول الأعمال في إسرائيل هو تعزيز التحالف الاستراتيجي الصاعد بين إسرائيل ودول الخليج العربية التي أقامت علاقات سلام مع إسرائيل مثل دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين، والسعودية التي تنسق أمنيا واستخباراتيا مع هذه الكتلة من الدول وتعزيز التعاون مع الولايات المتحدة للتصدي للخطر الإيراني، الذي من المتوقع أن يتفاقم أكثر إذا وصلت المفاوضات النووية في فيينا بين إيران ومجموعة الخمسة زائد واحد لإحياء الاتفاق النووي لسنة 2015 إلى طريق مسدود ونهائي. هذا التحالف الخليجي - الإسرائيلي المناوئ لإيران بمباركة ومشاركة الولايات المتحدة هو الآن الأولوية الملحة لدول المنطقة وليس إيجاد حل للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي.

ووفقا لتقارير صحفية ومسؤولين إسرائيليين فإن التنسيق العملي بين هذه الدول لرصد وصد الإجراءات الإيرانية العدائية أصبح ساري المفعول على الأرض في أعقاب الكشف عن رصد وإسقاط مسّيرات من إيران والقوى المتحالفة معها فور انطلاقها من إيران واليمن وربما العراق. اللافت في هذا التنسيق الخليجي - الإسرائيلي هو أنه يطّبق من قبل جميع الأطراف المشاركة فيه، وهو أمر أخفقت الولايات المتحدة في السابق في تحقيقه حين كانت تسعى لتنظيم شبكة دفاع خليجية (بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي) مضادة للصواريخ والمسيرات الإيرانية، بسبب انعدام الثقة بين بعض الدول الخليجية، كما قال لنا الوزير السابق روبرت غيتس.

قبل يومين برر الرئيس بايدن زيارته للسعودية في مقال نشره في صحيفة واشنطن بوست في وجه معارضة للزيارة من بعض أقطاب حزبه الديموقراطي في الكونغرس، ومن قبل منظمات حقوق الإنسان والكتاب والفنانين الأميركيين، وقال إن زيارته تهدف إلى "إعادة توجيه العلاقات، وليس قطعها، وخاصة مع دولة كانت شريكا استراتيجيا منذ 8 عقود". وكان بايدن بذلك يتحدث ضمنا عن انتقاداته الشديدة للسعودية خلال حملته الانتخابية وفي بداية ولايته حين وصفها بالدولة "المنبوذة" وحين رفض التواصل مع ولي العهد الامير محمد بن سلمان الذي حمّله مسؤولية اغتيال الصحافي جمال خاشقجي، إضافة إلى انتقاداته لدور السعودية في حرب اليمن.

وضع بايدن زيارته للسعودية في إطار المتغيرات الدولية مثل الغزو الروسي لأوكرانيا وضرورة تعزيز المصالح الأمنية الأميركية في الشرق الأوسط التي تحسّن من قدرة واشنطن على "مواجهة" روسيا وأن "نكون في أفضل وضع ممكن" لمواجهة النفوذ الصيني في المنطقة، وأضاف أنه "من أجل تحقيق هذه الأمور، يجب أن تكون لدينا علاقة مباشرة مع الدول التي يمكن أن تساهم فيها. والمملكة العربيّة السعوديّة واحدة من هذه الدول".

وأشار بايدن إلى أنه يهدف من جولته إلى التقريب بين السعودية وإسرائيل، قائلا: "سأكون أول رئيس يطير من إسرائيل إلى جدة بالسعودية.. سيكون هذا السفر أيضا رمزا صغيرا للعلاقات الناشئة والخطوات نحو التطبيع بين إسرائيل والعالم العربي، والتي تعمل إدارتي على تعميقها وتوسيعها ". وأثنى بايدن على دور السعودية في توحيد دول الخليج والالتزام بالهدنة في اليمن، وأشار إلى أن الخبراء الأميركيين في شؤون النفط ينسقون مع السعوديين لإعادة الاستقرار الى أسواق النفط العالمية.

ومع إن بايدن لا يقول إن الهدف الرئيسي من زيارته إلى السعودية، هو السعي لإقناع السعودية ودولة الإمارات لزيادة انتاجها من النفط لضبط الارتفاع الحاد في أسعار المحروقات في الولايات المتحدة والتي ستكون عاملا رئيسيا في تقرير اتجاهات الناخبين الأميركيين في الانتخابات النصفية في نوفمبر المقبل، ولكن هذا ما يلتقي حوله معظم المحللين. ولو لم تغزو روسيا أوكرانيا وتتسبب بارتفاع أسعار النفط في العالم، لربما لم يسرع بايدن بتغيير رأيه بولي العهد السعودي ويغير من سياسته تجاه السعودية. وبغض النظر عما يقوله بايدن علنا، فإن زيارته للسعودية سوف تساهم عمليا في إعادة الاعتبار لولي العهد السعودي الذي زاره قادة أوروبيون، والذي التقى مؤخرا بأحد أبرز خصومه الاقليميين في السنوات الماضية: الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. ولي العهد السعودي سيفسر زيارة بايدن له في جدة، على انها انتصار له في أول مواجهة له مع رئيس أميركي حتى قبل تنصيبه ملكا. ويرى بعض المحللين، أن زيارة بايدن للسعودية لن تخفف من انتقادات الديموقراطيين له، كما انها لن تؤد الى أي تغيير سريع في أسعار النفط العالمية، وقطعا لن يشعر بها المستهلك الاميركي قبل الانتخابات النصفية.

إنه شرق أوسط مختلف بالفعل الذي يزوره بايدن هذه المرة، حيث يوجد فيه أكثر من بلد يستحق أن يسمى بمريض الشرق الاوسط. وهذا الوصف ينطبق على سوريا التي تشرف على انهيار كامل، وينطبق أيضا على العراق العاجز عن تشكيل حكومة مستقرة أو قادرة على إعادة بناء البلاد بعد سنوات من نهاية الحرب ضد "تنظيم الدولة الإسلامية" حيث لا تزال إيران تتحكم بالقرار السياسي في بغداد بسبب هيمنتها على تنظيمات طائفية مسلحة تخدم مصالحها الاستراتيجية، كما يفعل حزب الله، في بلد مريض آخر اسمه لبنان، وكما تفعل ميليشيا الحوثيين في بلد مريض آخر اسمه اليمن. في مصر، تنفق الدولة مبالغ ضخمة على مشاريع بّراقة ولكن غير منتجة ولا تساهم في توظيف المصريين، والاردن يعاني من أزمة اقتصادية مزمنة من المتوقع ان تتفاقم أكثر مع استمرار الحرب في أوكرانيا والتي ستكون آثارها الاقتصادية كدولة أساسية مصدرة للقمح، سلبية للغاية على اقتصاديات دول المنطقة.

إنه شرق أوسط مختلف بالفعل، يزداد فيه تسلط الأنظمة الاوتوقراطية في دوله العربية الغنية والفقيرة معا، بعد هزيمتها للحركات والانتفاضات الشعبية، وحتى أبسط المطالب السلمية بتوسيع رقعة الحقوق المدنية والسياسية تتعرض للقمع والترهيب. المشكلة لا تكمن فقط في الانظمة السياسية والمؤسسات والحركات الاسلامية، بل أيضا في "النخب" الاجتماعية والثقافية، وفي الاستقطابات والانقسامات الاجتماعية والدينية والمذهبية والفجوات الاقتصادية العميقة بين فئات المجتمع. هذه الانقسامات تنعكس على ارتفاع معدلات العنف الشخصي والأسري والجماعي (وخاصة ظاهرة الجرائم ضد المرأة العربية) في هذه المجتمعات والمرشحة للتفاقم أكثر مع استمرار الجمود السياسي في هذه الدول.

إنه شرق أوسط مختلف بالفعل، تعيش فيه الدول العربية المشرقية أكثر من أي وقت مضى في ظلال، ان لم نقل تحت هيمنة جيرانها غير العرب: إسرائيل وإيران وتركيا.

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.