مقاتلو سرايا السلام التابعة للصدر يتجمعون خلال اشتباكات مع قوات الأمن العراقية في بغداد في 30 أغسطس 2022
العراق يعاني من انتشار السلاح.

منذ أن قررت قوات الائتلاف بقيادة الولايات المتحدة الأميركية دخول العراق لإسقاط نظام صدام حسين، بدأ يطرأ في مخيلتي ما إذا كان العراق سيكون ألمانيا الشرق؟ فعندما اندلعت حرب الخليج الثالثة، كنت في أميركا حيث اختلطت بالجالية العراقية عن كثب وبجميع الأديان والطوائف خاصة مع مسيحيي العراق، فكنت أرى تشابهاً كبيراً بين العراقيين والألمان من ناحية الجدية واتقان العمل. لذلك كنت من ضمن المتفائلين أنه بسقوط نظام صدام سنرى ألمانيا جديدة في المنطقة، كما كنت على يقين أن هذا لن يتحقق بين ليلة وضحاها بل سيستغرق عقوداً من الزمن لكن في نهاية المطاف سيتحقق. لكن بعد مرور عشرين عاما على تلك الحرب، لا أرى نوراً في آخر النفق، وهذا ليس يأساً لكن بناء على المعطيات التي نراها وما جرى من أخطاء فادحة ارتكبتها الولايات المتحدة والعراقيون أنفسهم.

إن أكثر سؤال يراود الكثيرين، لماذا فشلت الولايات المتحدة في العراق بينما نجحت في ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية؟ فألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية أصبحت من الدول المتقدمة، بينما العراق يسوده الفقر والبؤس والحروب الطائفية حتى بين المذهب الواحد وفشل سياسي ذريع، فلا نجد الآن أي معالم لمقومات الدولة، فالعراق يعد الآن وللأسف من الدول الفاشلة. 

إن سبب الفشل لا يقع على حمل طرف واحد بل هناك عدة أطراف، لكن سيتم التركيز هنا على الطرف الأميركي والعراقي لأنهم هم المعنيون بنجاح هذه العملية ولو كان التخطيط جيداً من الطرف الأميركي وهناك عزيمة وتصميم من الطرف العراقي، لما تجرأ أي طرف خارجي سواء إقليمي أو دولي أن يتدخل في العراق أو أن يعمل على فشل العملية السياسية لمصلحته.  

لقد ذكر الكثير من الخبراء والمحللين أن الفرق بين الوضع السياسي في حالة ألمانيا واليابان مقارنة بالعراق، أنه في الوضع الألماني والياباني كان لدى الولايات المتحدة هدفاً معيناً وهو حربها ضد النازية والفاشية، لكن في حالة العراق بدا وكأن الأمر انتقامي. فالتوقيت كان بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 وأميركا، بساستها وشعبها، كانت كبركان من الغضب ضد هجمات جماعة أسامة بن لادن من تنظيم القاعدة على أراضيها. لذا وصف التوجه الأميركي بأنه ضرب جديد من الحروب الصليبية ضد الإسلام، مما أثار حفيظة البعض بضرورة وجوب الجهاد. 

لقد أشار د.رامون بليكوا، وهو دبلوماسي أسباني ورئيس بعثة الاتحاد الأوربي السابق في العراق، إلى نقطة مهمة جداً وهي تسطيح النظرة الأميركية للوضع في العراق والشرق الأوسط عموماً بأن الإشكالية الأساسية هي الأنظمة الاستبدادية وأنه بمجرد إزالة هذه الأنظمة وبناء الديمقراطية ستزدهر المنطقة بشكل طبيعي. 
وعلاوة على ذلك، عندما أعيد بناء العراق كان وفقاً للنموذج الأميركي وليس وفقاً للظروف المحلية، مما أدى إلى الفوضى. وأضاف د.كريستيان كوخ، باحث ألماني ومدير مركز الخليج للأبحاث، أن أحد الأسباب الرئيسية لعدم نجاح عمليات إعادة بناء العراق هو غياب الالتزام الشامل الذي كان عند الحلفاء الغربيين بعد الحرب العالمية الثانية. فالوجود العسكري الأميركي/الغربي في ألمانيا الغربية واليابان كان أكثر بكثير منه في العراق.  

كما ذكر أنه كان هناك تركيز ضيق على محاربة التطرف ومكافحة الإرهاب، وتحقيق الاستقرار بشكل سريع، بينما المطلوب هو التركيز على الآليات التي توصل إلى ذلك، وهي رؤية حقيقية بعيدة المدى تشمل تحقيق استقرار شامل على الصعيد السياسي والاقتصادي والأمني. أما د.إيان بريمر، رئيس مجموعة يوروآسيا لتحليل المخاطر، فيرى أن أكبر خطأ حدث في العراق هو الابتداء ببناء المؤسسات من الصفر. 

كذلك من ضمن المفارقات، أن السياقات السياسية الدولية أيام ألمانيا واليابان كانت متآلفة نسبياً، أما بالنسبة للعراق كون الولايات المتحدة توعدت ببناء شرق أوسط جديد وأن الإطاحة بنظام صدام هو بداية نهاية الأنظمة الاستبدادية، سارعت العديد من القوى الأجنبية إلى عرقلة العملية السياسية في العراق خوفاً أن يأتيها الدور، ولذلك بسطت إيران نفوذها في العراق مع الحكومات الجديدة في بغداد وكذلك هيمنت على الحوزات الدينية هناك. فإيران تفهم جيداً طبيعة الشعب العراقي، وبالتالي تستغل نقاط ضعفه لصالحها وهذا ما تفقده الولايات المتحدة ولذلك فشلت في تقويض تدفق التأثيرات الأجنبية.   

كذلك من أكبر الأخطاء في النهج الأميركي والغربي عموماً هو التمييز بين الجناحين السياسي أو الإسلام السياسي والعسكري أو القتالي لدى المنظمات المتطرفة، فهي تتعامل مع الجناح السياسي وكأنه عصري ومعتدل وأنه ضد الجناح العسكري في حين أيديولوجيات الجناحين لا تختلفان. فمثلاً هي تتعامل مع الميليشيات العراقية التابعة لإيران وأذرعها في العراق على أنه جناح سياسي باستطاعته القضاء على المنظمات القتالية أو ترويضها مثل داعش، متجاهلة أو تجهل أن هذه الميليشيات تستغل هذه الجماعات القتالية لبسط نفوذها وفي المحصلة بعد تمكنها لن تقل إرهاباً وتطرفاً عنها.  

ومن ضمن الأخطاء الأخرى، بعد أن بدأت الأصوات العراقية وحتى الشيعية تعلو ضد الهيمنة الإيرانية وميليشياتها وأتباعها في العراق، نجد التقارب بين إدارة بايدن وإيران للتوصل إلى اتفاق نووي مع طهران، وكأنها دفعة معنوية للنظام الإيراني بتحويل الهزيمة الشعبية لإيران في العراق إلى نصر في الاتفاق. وفي الوقت الذي بات العراق ليس أولوية للولايات المتحدة، نجد أنه أولوية بالنسبة لإيران وهذا من سوء حظ العراق.

إن من أهم أسباب نجاح مشروعات الدمقرطة الأميركية في ألمانيا الغربية واليابان، أن مجتمعات تلك البلاد متماسكة عرقياً ولا توجد بها تلك البنية القبلية والطائفية كما هو موجود في العراق. فقد كانت طبيعة المجتمعات الألمانية واليابانية متقدمة ومتحررة من العرقية والقبلية والطائفية، وهذا ما سهل من نجاح العملية السياسية القائمة على التنمية وبناء الدولة. ولهذه الأسباب، يرى الكثير من المحللين أن الحل يكمن في "فدرلة" العراق وليس "دمقرطته"، فالفيدرالية نظام شائع في كثير من دول العالم وقد تمكنت تلك الدول من تحقيق التقدم والرفاهية والحياة الكريمة من خلال تطبيق الفيدرالية.  

ويوجد في العالم اليوم نحو 25 دولة تتبنى النظام الفيدرالي، من بينها دول كبيرة مثل الولايات المتحدة وألمانيا وبلجيكا وسويسرا والهند وروسيا، وأيضاً دول فقيرة ونامية على غرار إثيوبيا والمكسيك وماليزيا وغيرها، أما الإمارات العربية المتحدة هي التجربة الفيدرالية الأولى في المنطقة العربية. فالفيدرالية لها أنواع مختلفة وسيتم التركيز هنا على فدرالية الدول التي لها أوضاع متقاربة مع العراق. فهناك الفيدرالية العرقية مثل المطبقة في بلجيكا، الفيدرالية هناك لم تنشأ بين دول منفصلة بل بين أجزاء من بلد واحد تفصل بينها حواجز لغوية وثقافية وعقد تاريخية، والذي دفع بهذا الاتجاه أن سكان الشمال الناطقين بالهولندية عانوا من تهميش حقوقهم السياسية لصالح سكان الجنوب الناطقين بالفرنسية، والسبب هو اتهامهم بالتعاون مع النازية خلال الحرب العالمية الثانية. 

كذلك يوجد الفيدرالية الطائفية مثل التجربة السويسرية التي قدمت نموذجاً لفيدرالية طائفية مذهبية، فالاتحاد السويسري أعلن في عام 1848 أن لديه أكثر من عشرين كانتونا من الكاثوليك والبروتستانت. فهذه الفيدرالية هدفت في بدايتها إلى منع احتواءها من قبل سلطة مركزية وقد كانت أشبه بالكونفدرالية من خلال احتفاظ الأقاليم بسلطات واسعة أكبر من السلطة المركزية، لكن بعد ثلاثين عاماً تقريباً تعززت تلك السلطة. 

ومع أن العراق طبق الفيدرالية خاصة في المحافظات الكردية، إلا أن بعض المحللين يرون أن تطبيق الفيدرالية العرقية مثل التجربة البلجيكية صعب تطبيقه في العراق لأن ما طبق في بلجيكا كان نظاماً اتحادياً بين مجموعتين قوميتين بينهما حدود ظاهرة على عكس الحالة العراقية التي يصعب تقسيمها بين أقاليم عربية وغير عربية، حيث أن الجزء العربي يمثل ثلاثة أرباع العراق تقريباً. 

كذلك يرى خبراء آخرون أنه من الصعب تطبيق الفيدرالية الطائفية مثل التجربة السويسرية بسبب التداخل الكبير بين السكان العراقيين من السنة والشيعة في كل منطقة، في حين أن التجربة السويسرية نشأت بين كانتونات منفصلة مذهبياً. وبالتالي لا يمكن إقامة فيدرالية طائفية في العراق، إلا بعد جعل كل منطقة أو محافظة لطائفة معينة بدون تداخل أي طائفة أخرى وهذا احتمال أن يشعل حرباً أهلية. ونتيجة لذلك، يرى الفيدراليون العراقيون أن أكثر فيدرالية يمكن تطبيقها بطريقة فعلية لتشمل كل أنحاء البلاد هي التي تكون على أساس إداري جغرافي وليس عرقي أو طائفي، هدفها الأساسي يكون منع سلطوية الحكومة المركزية، التي قد تجنح نحو الدكتاتورية وهضم الحقوق.    

ولكي يبنى نظام سياسي ناجح في العراق، بغض النظر عن نوعية النظام المطبق سواء ديمقراطي أو فدرالي، يجب أن يكون الهدف الأساسي هو بناء الدولة والتنمية ومكافحة الانقسام والفساد واختراق القوى الأجنبية. ففي نهاية المشوار "ما حك جلدك مثل ظفرك.. فتول أنت جميع أمرك،" فلا أميركا ولا إيران أو أي دولة سيعنيها العراق إن لم يكن هناك رجال دولة يرحصون على حمايته وعلى متطلبات الشعب. لذلك يجب ألا يكون بناء أي عملية سياسية جديدة على أساس تفريغ أحقاد الماضي، بل يجب الاستفادة من أخطاء الماضي، حتى لا يكون دعائم النظام السياسي هو تقاسم السلطة وتوزيع الغنائم بين المسؤولين على حساب بناء الدولة والشعب، كما نراه بين الإطار والتيار، ولتكون المواطنة مبينة على مفهوم خدمة الدولة ولا يكون المواطنين مجرد زبانية للزعماء والمنظمات. إن لم تبنَ الدولة على هذا الأساس وبهذه المبادئ، فلا ديمقراطية أو فدرالية ستنفع، وسيظل العراق حالة ميؤوس منها. 

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.