مظاهرات نددت بأحكام الإعدام في إيران
مظاهرات نددت بأحكام الإعدام في إيران

شهد العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين تقدما ملحوظا للأنظمة والحركات والقيم الأوتوقراطية والسلطوية في العالم على حساب الأنظمة والقيم الديمقراطية، وبدت هذه النزعة الأوتوقراطية وكأنها ستفرض سيطرتها الكاملة على المستقبل. الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لخّص تلك اللحظة الانتصارية الأوتوقراطية بالقول إن "الأيديولوجية الليبرالية قد تجاوزت مرحلتها" كما يتبين من مشاعر العداء في الغرب للهجرة والحدود المفتوحة والتعددية الثقافية. وبدا بوتين وكأنه يضرب المسمار الأخير في نعش الليبرالية الديمقراطية حين أضاف أن الليبراليين "بكل بساطة عاجزين عن إملاء أي شيء على أي طرف كما كانوا يفعلون في العقود الأخيرة". هذا ما صرّح به بوتين في حوار أجرته معه صحيفة فاينانشال تايمز في يونيو- حزيران 2019. هذا التقويم كان منسجما آنذاك مع طروحات الرئيس السابق دونالد ترامب، ومع سياسات الرئيس الهنغاري فيكتور أوربان، ورئيس وزراء إيطاليا ماتيو سافيني ، والحركات السياسية اليمينية في فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية.

تبدو المسافة الزمنية بين ادعاءات بوتين المتعجرفة في 2019 والوضع العسكري المخزي الراهن لقواته التي غزت أوكرانيا قبل عشرة أشهر وكأنها سنوات ضوئية. إخفاق بوتين في تحقيق طموحاته التوسعية وتعزيز نظامه السلطوي في أوروبا والعالم يؤكد إحدى الظواهر السياسية التي ميزت سنة 2022، وهي أن المد الأوتوقراطي في العقد الماضي قد تعثر على الأقل في السنة الماضية، وإن كان من المبكر الإعلان عن فشله الكامل.

الدفاع الأوكراني البطولي عن أرض الوطن وعن النظام الديموقراطي غير المكتمل في هذه الدولة المستقلة حديثا، أحيا آمال الأنظمة والقوى الديمقراطية والليبرالية في العالم بأنها قادرة على الدفاع عن نفسها بشجاعة وفعالية، وفي الوقت ذاته كشف هشاشة أسطورة جبروت روسيا كدولة عسكرية قادرة على ترهيب أوروبا، وكذلك تقويض صورة بوتين الخيالية كقائد أوتوقراطي محنك حقق سلسلة من الانتصارات العسكرية من الشيشان، إلى جورجيا، مرورا باحتلال شبه جزيرة القرم وضمها إلى روسيا، وانتهاء بالتدخل العسكري في سوريا والمساهمة في إنقاذ نظام بشار الأسد.

طبعا بسالة الأوكرانيين بقيادة الرئيس فلودومير ويلينسكي لم تكن لتنجح لولا وقوف الديموقراطيات في العالم من شمال القارة الأميركية مرورا بأوروبا وانتهاء باليابان بقيادة الولايات المتحدة وراء أوكرانيا وتقديم الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي لها، وتحويل روسيا بعد بضعة أسابيع من الغزو إلى الدولة الخاضعة لأقسى نظام عقوبات اقتصادية في العالم. رهان بوتين على توسيع الخلافات بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين في حلف الناتو، وهو الخلاف الذي اتسع وكاد يهدد وحدة الحلف خلال ولاية الرئيس السابق ترامب، أخفق كليا. كما أخفق رهان بوتين على إضعاف التضامن الأوروبي في التصدي لروسيا، حيث كان يراهن على موقف ألماني شبه محايد بسبب اعتماد ألمانيا وهي المحرك الاقتصادي الأول في أوروبا على إمدادات الغاز والنفط من روسيا. وفوجئ بوتين ليس فقط في بروز تضامن أوروبي قوي وتعاون وثيق مع الولايات المتحدة، لا بل بقبول الناتو لانضمام دولتين جديدتين للحلف هما فنلندا والسويد. الغزو الروسي لأوكرانيا، والتهديدات الصينية لتايوان، دفعا كل من ألمانيا واليابان إلى إقرار زيادات كبيرة في إنفاقهما العسكري، في مؤشر آخر على إصرار هذه الديموقراطيات على الدفاع عن نفسها. في المقابل وجدت روسيا نفسها عاجزة عن توفير الأسلحة والذخائر لجيشها الغازي في أوكرانيا واضطرت إلى اللجوء إلى شركائها الأوتوقراطيين والسلطويين في إيران للحصول على المسيرات وفي كوريا الشمالية للحصول على الذخيرة.

في الصين، وجد الرئيس الأوتوقراطي الآخر شيء جينغ بينغ الذي أعتقد أن سنة 2022 ستشهد التجديد له لولاية ثالثة غير مسبوقة في تاريخ الصين الحديث، وجد نفسه في الأسابيع الأخيرة من السنة الماضية في موقع دفاعي محرج في مواجهة تظاهرات شعبية ضد سياساته المتشدد لمكافحة فيروس كوفيد أرغمته على تعديل سياساته بشكل مفاجئ، وذلك على خلفية تراجع ملحوظ في الاقتصاد الصيني. في بداية 2022 التقى بوتين وشيء جينغ بينغ بصفتهما الزعيمين والحليفين الأوتوقراطيين القويين في العالم. ومع نهاية السنة التقيا بشكل افتراضي واتفقا على قمة أخرى وجها لوجه في السنة الجديدة، بعد انحسار ملحوظ في قدرتهما على مواجهة ما يسميانه "الهيمنة الأميركية" في العالم.

في إيران، حيث أوصل النظام الإسلامي ممارساته التخريبية إلى قلب القارة الأوروبية كما يتبين من تزويده بمئات المسيرات للقوات الروسية التي تطلقها على المراكز السكنية والبنى التحتية، وجد النظام الإسلامي نفسه محاصرا من قبل شعبه منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وهو غير قادر على وقف التظاهرات الاحتجاجية التي تنادى بسقوط "الطاغية" المرشد علي خامنئي على الرغم من استخدامه للرصاص الحي ضد المتظاهرين المدنيين. وحتى الإعدامات التي لجأ إلى تنفيذها بعد محاكمات صورية لم تؤد إلى إخماد نيران الاحتجاجات التي تخطت الأسباب الأولية لاندلاعها – الاحتجاج على مقتل الشابة مهنا أميني – بحجة ارتدائها للحجاب بشكل غير لائق، لتصل إلى المطالبة بتغيير النظام.
وصول الاحتجاجات إلى عمال القطاع النفطي في إيران حيث شكل هؤلاء مجالس خاصة في مصانعهم تحت شعار "الموت للدكتاتور"، يشكل عاملا بالغ الأهمية في مسيرة الاحتجاجات الإيرانية، نظرا لأهمية هذا القطاع في الاقتصاد الإيراني، ولأن عمال هذا القطاع لعبوا دورا هاما في إسقاط النظام الملكي في 1979.

تعثر المد الأوتوقراطي في العالم، قابله مؤشرات مشجعة حول قدرة الديموقراطية الليبرالية على مقاومة التحديات الداخلية التي تشكلها الحركات والنزعات والشخصيات الأوتوقراطية والمعادية لليبرالية في الداخل، وأبرز مثالا على ذلك كان في نجاح الحزب الديموقراطي في الانتخابات النصفية في إلحاق الهزيمة بزعيم الأوتوقراطية الأميركية الرئيس السابق دونالد ترامب من خلال هزيمة معظم المرشحين الذين اختارهم أو أيدهم أو تبناهم، وتوسيع سيطرته على مجلس الشيوخ، وتقليص الأكثرية الجمهورية التي فازت بمجلس النواب.

في فرنسا نجح الرئيس إيمانويل ماكرين في هزيمة منافسته اليمينية مارين لوبن – المدعومة من بوتين- وجدد لنفسه لولاية ثانية. وفي ألمانيا نجحت السلطات في هزيمة محاولة انقلابية قام بها اليميني المتطرف. في البرازيل قبل الرئيس اليميني المعروف بنزعاته الأوتوقراطية جائير بولسونارو خسارته في معركة التجديد لنفسه لولاية ثانية، ومع أنه اعترض أولا على فوز منافسه لولا داسيلفا، إلا أنه رفض تحدي الرئيس المنتخب أو اتهامه بتزوير الانتخابات – كما فعل دونالد ترامب- أو تشجيع انقلاب عسكري ضده كما دعا بعض أنصاره، وأبعد نفسه عن أعمال العنف التي قام بها بعض أنصاره قبل مغادرة البلاد متوجها إلى ولاية فلوريدا.

هذه النجاحات المهمة للديموقراطية وتعثر الأنظمة المتسلطة في روسيا والصين وإيران، يجب ألا لا تخفي النواحي الداكنة في هذا المشهد السياسي العالمي للمواجهة بين الديموقراطية والأوتوقراطية. وعلي سبيل المثال استمر انحسار الديموقراطية ومؤسساتها في الهند في 2022 من خلال تعزيز سيطرة الهندوسية السياسية على البلاد، واحتكار الجهاز التنفيذي للسلطة والذي صاحبه ضعف متزايد للمؤسسات الديموقراطية والضغوط المفروضة على المعارضة السياسية وحرية الصحافة.

وهناك تراجع مماثل للديموقراطية ومؤسساتها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهذا يشمل لبنان والعراق اللذين يواجهان تحديات مصيرية تمثلها القوى والأحزاب الدينية المتطرفة المدعومة من النظام الإسلامي في إيران. والتقدم الهام الذي أحرزته تونس في مسيرتها الديموقراطية في العقد الماضي وخاصة دستور سنة 2014، اصطدم بالحركة الأوتوقراطية والنزعة المعادية للديموقراطية التي قادها الرئيس قيس سَعِيد، وأدت إلى تعليق وحل البرلمان وتعطيل بعض بنود الدستور السابق، وصياغة دستور جديد أضعف المؤسسات الديموقراطية وعزز من صلاحيات الرئيس، ما أدى عمليا إلى تقويض الديموقراطية في تونس.

في السودان، استمرت الاحتجاجات الشعبية في 2022 ضد الانقلاب العسكري في 2021 على الرغم من القمع الدموي للتظاهرات والاعتقالات الواسعة. والاعتقاد السائد هو أن "لجان المقاومة" التي تحظى بدعم شعبي قوي سوف تواصل نضالها ضد النظام العسكري. في سوريا اندلعت تظاهرات ضد نظام الأسد في محافظة السويداء في الأسابيع الأخيرة احتجاجا على سياسات الحكومة الاقتصادية وأساليبها القمعية، كما اندلعت تظاهرات احتجاجية في شمال شرق البلاد في المناطق الواقعة خارج سيطرة الحكومة ضد مساعي تحقيق "الوفاق" بين سوريا وتركيا، وهي جزء من محاولات روسية وخليجية وتركية لإعادة الاعتبار لأحد أكثر الأنظمة العربية قمعا وبطشا. وأي تطبيع للعلاقات بين تركيا وسوريا سوف يؤدي إلى تعزيز نظام الأسد على الرغم من أنه يواجه أزمة اقتصادية حادة للغاية ويعزز من قدرته على مواصلة حربه ضد شعبه وخنق أي أحلام بتغيير إيجابي في أي وقت قريب.

في إسرائيل شكّل بنيامين نتنياهو حكومة تعتبر الأكثر تطرفا في تاريخها، تضم أحزاب وقوى دينية متشددة سياسيا واجتماعيا وأخرى تنادين بقومية شوفينية، وأعلنت في برنامجها السياسي أن حق اليهود المطلق في الاستيطان في "جميع أنحاء أرض إسرائيل" في إشارة إلى الضفة الغربية وهضبة الجولان المحتلين. ورأى العديد من المحللين والسياسيين الإسرائيليين أن هذا الائتلاف الجديد يشكل خطرا على السلم الأهلي والعلاقات بين الفلسطينيين والإسرائيليين. رئيس الوزراء السابق إيهود باراك اتهم الحكومة الجديدة بالعمل على تقويض الديموقراطية الإسرائيلية، ورأى في الحكومة الجديدة "مؤشرات فاشية".

هذه صورة معقدة وجزئية للمواجهة المستمرة بين القوى الديموقراطية وأعدائها في العالم. هذه المواجهة سوف تستمر في السنة الجديدة، ولكن تعثر الأنظمة السلطوية في روسيا والصين وإيران، والنجاحات التي حققتها الديموقراطيات وخاصة في التصدي للغزو الروسي لأوكرانيا، واستعادة الديموقراطية الأميركية لعافيتها في السنة الماضية، واستمرار الحركات الاحتجاجية في العالم، كلها مؤشرات مشجعة بأن الأنظمة الأوتوقراطية التي يفترض أن تكون نموذجا صالحا قادرا على توفير الحكم المستقر وحتى المزدهر، قد تعثرت أو كبت وخاصة في معاقلها القوية في روسيا والصين وإيران.

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.