الرئيس الأميركي، جو بايدن. أرشيف
الرئيس الأميركي، جو بايدن. أرشيف

حقق الرئيس الأميركي، جو بايدن، في أول سنتين من ولايته إنجازات داخلية وخارجية هامة وجذرية على الرغم من وجود أكثرية ديمقراطية بسيطة في مجلس النواب وتعادل في ميزان القوى بين الحزبين في مجلس الشيوخ كانت نائبة الرئيس، كامالا هاريس، ترجحه لصالح الديمقراطيين بصوتها الوحيد. أبرز إنجازات بايدن الخارجية كانت في التصدي الفعّال للغزو الروسي لأوكرانيا، حيث نجح بايدن في قيادة ائتلاف دولي شمل إضافة إلى دول حلف الناتو، اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا، وقدم لأوكرانيا الأسلحة المتطورة والدعم الاقتصادي لصد الغزو. كما قاد بايدن ائتلافا لدول المحيط الهادئ لاحتواء التحدي العسكري والاقتصادي الصاعد للصين.

وفي المنطقة الممتدة من جنوب آسيا وحتى شمال أفريقيا، كان سجل بايدن أقل تألقا. صحيح أنه نفذ وعده بالانسحاب من أفغانستان، ولكن تنفيذ الانسحاب كان دمويا ومحرجا، كما أن محاولاته إحياء الاتفاق النووي الدولي مع إيران تعثرت وربما لم يعد بالإمكان إحياؤها. وعلى الرغم من وعود بايدن بأنه سيدعم جهود حماية حقوق الإنسان في دول الشرق الأوسط، إلا أنه نكث بهذه الوعود، على خلفية ازدياد وتيرة انتهاك هذه الحقوق في الدول الصديقة والحليفة لواشنطن مثل السعودية وتركيا ومصر وإسرائيل.

إنجازات بايدن الداخلية غير مسبوقة منذ الإنجازات الداخلية التاريخية التي حققها الرئيس الأسبق، ليندون جونسون، في منتصف ستينات القرن الماضي، والذي كان حزبه يسيطر بارتياح على مجلسي الكونغرس، ويمكن اعتبار خطة العناية الصحية التي أنجزها الرئيس الأسبق، باراك أوباما، استثناء لافتا لهذا التعميم. وعلى الرغم من استمرار معدلات التضخم بالانحسار في الأشهر الأخيرة، إلا أن آخر استطلاع للرأي لوكالة رويترز أظهر أن 40 في المئة فقط من الأميركيين يوافقون على أداء بايدن في البيت الأبيض.

أول إنجاز داخلي حققه بايدن كان في إقرار الكونغرس لخطته "لإنقاذ" الاقتصاد والمصمم لمساعدة الأميركيين على تخطي الآثار السلبية لجائحة كورونا، وأهمها إعادة إحياء الاقتصاد. الخطة التي أنفقت عليها ميزانية ضخمة وصلت قيمتها إلى 1.7 تريليون دولار نجحت بسرعة في إحياء الاقتصاد الأميركي، وأدت إلى أكبر انخفاض في نسبة البطالة منذ نصف قرن. ولكن كما حذّر بعض الخبراء الاقتصاديين ساهمت الخطة لاحقا في زيادة معدلات التضخم، أيضا إلى مستويات غير معهودة منذ 40 سنة.

السنة الماضية شهدت إنجازات أخرى أبرزها خطة تحديث البنية التحتية، حيث تم تخصيص تريليون دولار لإعادة بناء أو تصليح شبكات الطرق وآلاف الجسور والمطارات وتوفير مياه الشفة النظيفة وإيصال شبكة الإنترنت إلى المناطق الريفية. الإنفاق هو الأكبر منذ بناء شبكة الطرق الضخمة التي ربطت بين الولايات الأميركية خلال ولاية الرئيس الراحل، دوايت أيزنهاور، في خمسينات القرن الماضي. الرئيس السابق، دونالد ترامب، تعهد عشرات المرات بإقرار مثل هذه الخطة، ولكن فشله الذريع تحول إلى مادة لسخرية الفكاهيين ولخصومه. وفي الصيف الماضي أقر الكونغرس خطة بايدن لإنفاق أكثر من 52 مليار دولار لتطوير صناعة أشباه الموصلات (semiconductor) لتقليص اعتماد الصناعات الأميركية على تايوان التي تصدر لأميركا معظم احتياجاتها من هذه المواد الحساسة. وكان آخر إنجاز داخلي مهم لبايدن قبل الانتخابات النصفية هو إقرار خطته الطموحة لتخفيض التضخم لأنها نجحت للمرة الأولى منذ سنوات عديدة في تخفيض أسعار الأدوية وتقديم الحوافز لشراء السيارات الكهربائية وغيرها من الحوافز التي تعزز الاعتماد على الطاقة النظيفة.

ومع اقتراب الذكرى السنوية الأولى للغزو الروسي لأوكرانيا، الذي تسبب بأخطر حرب في القارة الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، يمكن القول إنه لولا نجاح إدارة بايدن في الوقوف بقوة وراء المقاومة الملحمية لأوكرانيا، وتعبئة الدعم الأوروبي والآسيوي لمساعدة أوكرانيا عسكريا واقتصاديا، لما كانت القوات الأوكرانية قد نجحت في صد ودحر القوات الغازية وإرغامها على الانسحاب من مدن ومناطق واسعة في شمال وجنوب البلاد وتكبيد القوات الروسية خسائر بشرية ومادية هائلة. المقاومة الأوكرانية، والدعم العسكري الغربي (وصلت قيمة المساعدات الأميركية العسكرية والاقتصادية لأوكرانيا منذ بدء الغزو إلى أكثر من 24 مليار دولار) أظهر إلى العلن الضعف المحرج للقوات الروسية ورداءة تدريب العسكريين الروس والمستوى المتدني للأسلحة الروسية مقارنة بأسلحة الولايات المتحدة وغيرها من دول حلف الناتو.

اللافت أن بايدن قال في بداية ولايته إنه يريد إقامة علاقات "ثابتة" وخالية من المفاجآت مع روسيا لأنه يريد تركيز اهتمامه وتخصيص طاقات الولايات المتحدة على المنافس الرئيسي في العالم، الصين. وهذا ما حدث بالفعل خلال 2021 حيث تم تحقيق بعض التعاون مع روسيا في مجال التغير البيئي والتوازن الاستراتيجي والهجمات الإلكترونية (السيبرانية). ولكن بعد الغزو فرضت واشنطن مع حلفائها على روسيا عقوبات غير مسبوقة حرمتها من تقنيات هامة سوف تنعكس على أداء قواتها في ساحات القتال. ولكن الدعم الأميركي السخي لأوكرانيا جاء مع بعض الشروط، حيث ترددت واشنطن ومعظم حلفائها في توفير الأسلحة المتطورة التي يمكن أن تستخدمها القوات الأوكرانية ضد الأراضي الروسية مثل الطائرات الحربية والصواريخ المتوسطة المدى والدبابات الثقيلة. موافقة واشنطن على توفير أنظمة الباتريوت للدفاع الجوي، وعربات مسلحة ومتطورة من طراز برادلي وسترايكر جاء متأخرا وبعد أن تكبدت أوكرانيا خسائر بشرية ومادية عالية.

ويمكن القول إن نجاح إدارة الرئيس بايدن في صيانة وحدة حلف الناتو ضد روسيا وفتح الحلف الباب لانضمام فنلندا والسويد إليه، وتنسيق الدعم العسكري لأوكرانيا، وفرض العقوبات الاقتصادية ضد روسيا، وكشف الاستخبارات الأميركية لخطط روسيا العسكرية حتى قبل الغزو، تعتبر الإنجاز السياسي الأكبر لبايدن في سياسته الخارجية حتى الآن.

وعلى الرغم من متطلبات التصدي للغزو الروسي لأوكرانيا، إلا أن إدارة بايدن واصلت جهودها لاحتواء التحديات الصينية لمصالح واشنطن وحلفائها في شرق آسيا وأبرزها الضغوط العسكرية ضد تايوان. وشملت هذه الجهود تسليح تايوان، وتخفيض اعتماد الاقتصاد الأميركي على استيراد أشباه الموصلات من تايوان وغيرها. كما طورت إدارة بايدن من تعاونها وتنسيقها العسكري والأمني في شرق آسيا مع بريطانيا وأستراليا واليابان والهند، وواصلت فرض العقوبات الاقتصادية على الصين والتصدي لمحاولاتها الاستيلاء على الملكية الفكرية للاختراعات الأميركية.

وإذا كان أداء إدارة الرئيس بايدن جيدا في تعامله واحتوائه لتحديات روسيا والصين، فإن الأداء في منطقة الشرق الأوسط بقي متواضعا للغاية وحتى رديئا. سياسيا نجح مبعوث البيت الأبيض، عاموس هوكستين، في التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل في أكتوبر الماضي، الذي سيفتح المجال أمام البلدين للتنقيب عن الغاز في مياه البحر المتوسط.

عسكريا تواصل القوات الأميركية ضغوطها على تنظيم "داعش" في سوريا، ونجحت في السنة الماضية بالقضاء على زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، في كابل، أفغانستان.
في المقابل جاء الانسحاب العسكري الأميركي المتخبط والدموي من أفغانستان ليظهر محدودية أجهزة الاستخبارات التي فوجئت بسرعة انهيار الدفاعات الأفغانية في وجه الحملة العسكرية المنسقة والسريعة التي قامت بها قوات طالبان للسيطرة على مدن أفغانستان بما فيها العاصمة كابل. الإخفاق السياسي الآخر في المنطقة كان في تعثر المفاوضات النووية في فيينا بين طهران ومجموعة الخمسة زائد واحد، بسبب شروط طهران التعجيزية ما يعني أن المنشآت النووية الإيرانية سوف تواصل تخصيب اليورانيوم بنسب أعلى مما سمح به اتفاق 2015، إضافة إلى تطوير أجهزة الطرد المركزي. وفي السنة الماضية لم يعد الخطر الإيراني محصورا بالبرنامج النووي ودور إيران التخريبي في العراق وسوريا واليمن ولبنان، بل تعداه إلى قلب أوروبا حين أصبحت إيران عمليا عضوا في المحور العسكري الروسي ضد أوكرانيا من خلال تزويد القوات الروسية بمئات المسيرات التي تستخدمها روسيا ضد المدنيين الأوكرانيين والبنية التحتية للبلاد.

واشنطن تؤيد مطالب الحركة الاحتجاجية الكبيرة في إيران، ولكن إدارة بايدن لم تضع دعم هذه الحركة من بين أولوياتها في المنطقة. علاقات واشنطن وأنقرة فاترة بينما يواصل الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، تدخله العسكري في سوريا، وانتهاكاته لحقوق الإنسان داخل تركيا. الزيارة التي قام بها الرئيس بايدن في السنة الماضية إلى السعودية أخفقت في إقناع قادة السعودية ودول الخليج العربية بزيادة إنتاجهم من النفط. بايدن تعهد بإعادة النظر في هذه العلاقة، ولكن مواقفه خلال السنتين الماضيتين لا توحي بأنه سيعامل السعودية كما وعد في السابق كدولة "منبوذة" على الرغم من أنه لم يطرأ أي تحسن على وضع حقوق الإنسان فيها.

استمرار التطبيع الاقتصادي والتجاري بين إسرائيل والدول العربية التي توصلت إلى اتفاقيات سلام معها في إطار "اتفاقيات إبراهيم" يتناقض بشكل سافر مع ازدياد التوتر الأمني والسياسي بين الفلسطينيين والحكومة اليمينية الجديدة في إسرائيل برئاسة، بنيامين نتنياهو، والتي تعتزم زيادة عمليات الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ومن المتوقع أن تشهد العلاقات الأميركية-الإسرائيلية توترات وخلافات لن يكون من السهل تفاديها، إذا نفذت حكومة نتنياهو وعودها الاستيطانية.

إخفاق واشنطن في احتواء التحدي الإيراني النووي والإقليمي – وهو إخفاق جمهوري وديمقراطي منذ إدارة الرئيس، بوش الابن، ومواقف الحكومات الأميركية المتقلبة حول مسألة حماية حقوق الإنسان وعدم ثباتها على أسس محددة بغض النظر عن ردود فعل دول المنطقة، ودعم حكومة الرئيس الأسبق أوباما للانتفاضات العربية وخاصة في بداياتها في تونس ومصر وليبيا (وهو دعم شرعي وإن لم تقبله حكومات المنطقة السلطوية)، ساهمت في إقناع بعض دول المنطقة بالسعي لتعزيز علاقاتها السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية مع دول أخرى منافسة أو معادية لواشنطن في المنطقة مثل الصين وروسيا. هذه العوامل التي أدت إلى الفتور أو حتى التوتر الحالي في علاقات واشنطن مع بعض دول المنطقة التي كانت هامة تاريخيا لواشنطن مثل السعودية ومصر وإسرائيل وتركيا، لن تتغير في أي وقت قريب، وسوف تصبح هذه العلاقات الفاترة، علاقات "طبيعية" جديدة بين الطرفين.

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.