"بسرعة، تم توجيه الاتهام إلى باريس بأنها من تقود الحملة الأوروبية التي تستهدف مؤسسات المغرب والإضرار بمصالحه بشكل خطير"
"بسرعة، تم توجيه الاتهام إلى باريس بأنها من تقود الحملة الأوروبية التي تستهدف مؤسسات المغرب والإضرار بمصالحه بشكل خطير"

فجأة تحولت محاولة الانفراج، التي بدأ الحديث عنها مؤخرا، في العلاقات الفرنسية المغربية، إلى أزمة متجددة إن لم تكن أكبر. فقد أنتج قرار البرلمان الأوروبي، المنتقد صراحة لأوضاع حرية التعبير وحقوق الإنسان في المغرب، ردود أفعال قوية صادرة عن السلطات في المغرب، وضمنها السلطة التشريعية بأحزابها الممثلة في البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين).

وتميزت ردود الأفعال هذه بلغة التنديد والشجب والاستنكار ضد القرار الأوروبي، المشكك في استقلالية القضاء بالمملكة، والمتجرئ بدعوته الرباط إلى "إنهاء المتابعة القضائية التي طالت عددا من الصحفيين"، ما اعتبر "تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة"، وقرارا "يكشف تناقضات أوروبا ماضية على مسار الانحطاط"، وفق تصريح للمندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، محمد صالح التامك. 

في هذا السياق قرر البرلمان المغربي "إعادة النظر في علاقاته مع البرلمان الأوروبي وإخضاعها لتقييم شامل". 

كان لافتا أن السلطات المغربية بصدد حملات تجييش مكثفة للرأي العام المحلي ضد فرنسا، وقد راجت اتهامات بكون باريس هي من وراء إقدام المؤسسة الأوروبية في ستراسبورغ على التصويت لمثل هذا القرار.

وجاءت الحملة بلبوسٍ وإخراج لا يختلف في تفاصيله عن أسلوب المرحوم إدريس البصري، وزير داخلية الملك الراحل، الحسن الثاني، على مدى يقارب ربع قرن، حيث تم دفع الفعاليات السياسية والمدنية للانخراط في التنديد والاستنكار.

إنه "إجماع الأمة"، كما أسس له الحسن الثاني، خاصة منذ قضية استرجاع المناطق الصحراوية، وما أحاط بها، ولا يزال، من نزاع إقليمي وإشكال أممي. الإجماع الذي شرح أصوله الزعيم علال الفاسي من منطلقات التشريع الإسلامي. 

بسرعة، تم توجيه الاتهام إلى باريس بأنها من تقود الحملة الأوروبية التي تستهدف مؤسسات المغرب والإضرار بمصالحه بشكل خطير.

ولم يكن هذا الاتهام اعتباطيا، أو نتاج تأويل متسرع واستنتاج معزول، أو اجتهادا من أحد المحللين السياسيين، بل أن ترديده على أكثر من لسان كشف مصدره الرسمي. وقد جرت الإشارة الصريحة من منبر البرلمان إلى أن اللوبي الفرنسي هو الذي قاد هذا التصويت المعادي. 

لقد وصف القرار بـ "درس دبلوماسي وجيوسياسي" لن ينسى. 

فبغض النظر عن ارتفاع نسبة الأصوات الموافقة على إدانة المغرب، مقابل عدد النواب الذي صوتوا "ضد"، أو الذين امتنعوا عن التصويت، فإن المفاجأة لدى الرباط، كانت هي أن كل نواب حزب ماكرون ("الجمهورية إلى الأمام"، الذي بدل اسمه ليصبح حزب "النهضة")، ودون استثناء، اصطفوا ضد المغرب في البرلمان الأوروبي، في ذلك اليوم التاريخي المصادف، 19 يناير من عام 2019. 

لقد كشف التصويت عن الموقف الحقيقي لفرنسا، وفقا لما يراه سياسي مغربي، وهو الموقف الذي يتناقض مع المؤشرات على تصفية أجواء العلاقات التي تضررت خاصة من أزمة تقليص "التأشيرات" الممنوحة للمواطنين المغاربة الراغبين في السفر إلى فرنسا. 

قبل نهاية أيام السنة الماضية، بعثت فرنسا إلى الرباط وزيرتها في الخارجية، كاترين كولونا، لإنهاء الفتور الذي شاب العلاقات بين المغرب وفرنسا، ولإقفال "أزمة التأشيرات"، ثم الإعلان عن صفاء سماء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، بإعادة الدفء للعلاقات الثنائية، والتحضير لزيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى المملكة في بداية العام الحالي 2023.

والأهم هو تأكيد الوزيرة الفرنسية على أن فرنسا ترغب في أن تكون علاقتها مع المغرب "شراكة مثالية استثنائية أخوية وعصرية". 

لكن كيف يحدث ما حدث بهذا الشكل الدراماتيكي، حتى بدأت تصل أصداء عن مغاربة يصدّرون كلاما مباشرا يقول بـ "ضرورة إيقاف غطرسة ما بعد الاستعمار والأزمة الأخلاقية والمعنوية في أوروبا"؟ وأطلقت منصات إعلامية مغربية على الفيس بوك واليوتيوب، لبث حملات منظمة ضد فرنسا، مشيرة إلى ماضيها الاستعماري والاستغلالي الدموي؟

سيتبين بعد تصويت البرلمان الأوروبي أن الأزمة تتجاوز مسألة تقليص التأشيرات، وأن جذورها هي أعمق وأخطر، ومن عناوينها القريبة: فضيحة التجسس بواسطة تطبيق "بيغاسوس" الإسرائيلي، التي اندلعت عام 2021، وتتهم فيها جهات فرنسية المغرب باختراق هواتف شخصيات سامية في الدولة الفرنسية في مقدمتها ماكرون، وهي الاتهامات التي نفتها بشدة الرباط، بل أنها رفعت دعاوى قضائية ضد صحف فرنسية بشأن إثارتها.

يضاف إلى ذلك تورط المغرب مؤخرا في  شبهة التورط في فضيحة فساد بالمؤسسة التشريعية الأوروبية، من خلال تقديم رشاوى لنواب أوروبيين. ما بات يعرف بفضيحة "قطر-غيت". 

لإيقاف تدهور العلاقات بين البلدين وعدم تركها لمزيد من التفاقم، بادرت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية إلى عقد مؤتمر صحفي يوم الخميس، للرد على اتهامات برلمانيين مغاربة بأن فرنسا خلف الكواليس، أو أنها هي من رعت استهداف مؤسسات المغرب في البرلمان الأوروبي، ولنفي ارتباط ذلك بالحكومة الفرنسية، وأن "البرلمان الأوروبي يمارس صلاحياته بشكل مستقل". مع التأكيد على "عدم وجود أزمة مع الرباط".  

بلغة صِدامِية، يردد بعض المتحدثين و"المحللين الرسميين" في المغرب، أن السبب الكامن خلف الهجوم على المملكة هو تراجع مكانة فرنسا ضمن "الديناميكية الجديدة للشراكة المغربية الأميركية عقب "اتفاقات أبراهام". وأن اعتراف واشنطن بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، كان له دور في التوجه الجديد لدبلوماسية للرباط بخصوص هذا الملف.

وقد قال العاهل المغربي، محمد السادس، في خطاب ملكي في الصيف الماضي، (بمناسبة ذكرى "20 غشت"): "إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات".

وأضاف "ننتظر من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة، بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها، وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل". 

وكان واضحا أن باريس هي المعنية الأولى بالخطاب. لكن ماكرون يرى أن فرنسا "لا تريد أن تملى عليها سياستها حول الصحراء الغربية"، وأنها هي من "تقرر وحدها سياستها بشأن الصحراء الغربية". 

فهل يستقيم الحديث عن كون العلاقات المغربية الفرنسية لامست حدود اللاعودة؟ مع بدء انتشار مشاعر معادية لفرنسا وسط الرأي العام المغربي، عبرت عنه بشكل متفاوت مواقع التواصل الاجتماعي؟ 

يحصل هذا بعد أن أصبحت فرنسا هدفا لانتقادات أفريقية مريرة على نطاق أوسع لم يسبق له مثيل. 

هل حقا حانت "لحظة حساب أفريقيا مع فرنسا"، وقد انطلق "التنازع على القوة الاستعمارية السابقة في شوارع القارة، وهو وضع يفيد مصالح روسيا"؟، حسب رأي نشر في صحيفة "لوموند" الباريسية. 

وما صحة الأخبار التي تتحدث عن التخلص التدريجي للمغرب من القبضة الفرنسية؟  

وهل ستقتفي الرباط خطوات بلدان أفريقية أعلنت تمردها بوضوح على مستعمرها السابق، فرنسا، علما أن حوالي نصف البلدان الأفريقية خضعت في العهد الاستعماري للسيطرة الفرنسية؟ 

وهل ما يقع هو حصيلة ونتيجة لمنافسة الأميركيين والروس، ولغزو الصين الأسواق الأفريقية، حتى باتت تمتلك اليوم فيها ما يتجاوز ثلاثة أضعاف حصة فرنسا. 

أسئلة وكثير غيرها، يمكن طرحه بصدد الأزمة المغربية الفرنسية الحالية، وإن كان العارفون بالواقع التاريخي والملمون بكنه الأحداث ودقائق الوقائع الملموسة، هم على دراية قصوى بأن المغرب لن يسلك أبدا طريق غيره من بلدان أفريقيا المتمردة على فرنسا، التي خرجت من الباب لتعود من النافذة، ولم تتوقف عن نهب خيرات مستعمراتها السابقة والسيطرة عليها، ودعم حكام أفريقيا الطغاة بالتواطؤ مع الديكتاتوريين.  

إن الرباط مهما اتجهت شرقا وجنوبا أو شمالا وغربا، فإن كعبتها تظل هي باريس، لأن النظام المغربي مدين لأول مقيم عام فرنسي للمغرب بعد الحماية، القائد العسكري الفرنسي، لوي هوبير غونزالف ليوطي، بالفضل في التحول الجذري الذي حصل في نظام المخزن بعد 30 مارس من عام 1912 (أي تاريخ فرض الحماية الفرنسية على المغرب)، والفضل في إعادة الهيبة إلى طقوس سلطة العائلة المالكة في المغرب، وترسيخها بعد أن آلت أو دنت من الاندثار الشامل. بل لا يزال أثر ليوطي مستمرا وناطقا أمامنا نابضا بالحياة. 

لذلك فإن فرنسا مهما حصل من توترات أو أزمات ثنائية وسوء فهم، ستبقى الحليف الثابت للمملكة. بامتلاكها العديد من الحقائق والأسرار والخبايا الخاصة بالمغرب، بل إن حل قضية الصحراء بيدها لو أرادت، وقامت بنشر الحقائق والوثائق والأدلة القاطعة، التي تزخر بها خزائنها التوثيقية، تلك الحقائق التاريخية والجغرافية والبشرية، التي تقر بحقيقة انتماء الأراضي الصحراوية، كما وجدتها على ذلك بعد غزوها البلاد.  

وتبقى مسألة تصفية الاحتقان الاجتماعي، وتقوية الجبهة الداخلية بإطلاق السجناء السياسيين والصحفيين والمدونين، واعتماد الشفافية في انتخاب المؤسسات بكل ديمقراطية ونزاهة ومصداقية، من أجل تأسيس وبناء حقيقي لتنمية حقيقية، وضمان استقرار حقيقي، بدل التضليل والكذب على النفس.

لأن المغرب كما هو عليه اليوم ليس "قوة دولية متطورة عظمى يهابها الآخرون من الدول والأنظمة". فهذا الزعم الخاطئ لا يختلف في شيء عن فيديو منشور للرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، يروج بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، يظهر فيه تبون وهو يزعم أن "الجزائر قوة ضاربة، ووو...". لم يكن من مآل لمثل هذا التصريح إلا أن يصبح مسخرة باعثة على الضحك وعلى الإشفاق.

لكن من يضحك على من؟! 

في الختام، ماذا إذا قمنا بتحوير عبارة مأثورة من التراث، لتصبح: "فرنسا بالباب وليس دونها حجاب!". 

مع الاعتذار. 

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.