A memorial exhibition featuring Iranian political prisoners and organised by opposition group the  People's Mujahedin…
معرض تذكاري لمعتقلين سياسيين قتلوا في سجون النظام الإيراني

انتشار فيروس كورونا في إيران ألزم النظام للاستجابة إلى بعض الضغوطات. حيث دفع الوباء النظام إلى الإعلان عن إطلاق سراح 85 ألف سجين بشكل موقت من أجل الحدّ من خطر انتشار الفيروس في السجون المكتظة. غير أن سياسة العفو هذه استثنت عشرات الآلاف من السجناء السياسيين الذين قد يواجهون على الأرجح مزيجا مرعبا من ظروف السجن اللاإنسانية وقدرتهم على نشر الأمراض بسرعة ـ بما في ذلك فيروس كورونا.

ومن بين هؤلاء المعتقلين هناك العشرات من المعتقلين السياسيين الأحواز، ذكورا وإناثا، في سجون النظام المكتظة. وبعد أن بعث إعلان العفو الأمل في نفوس عوائل هؤلاء السجناء السياسيين، سرعان ما تبدّدت الآمال عند الاطلاع أن أيا من هؤلاء الأحوازيين لم يشملهم القرار. وقد تأججت التوترات الناتجة عن ذلك وترتبت نتائج فتاكة.

سلط السجناء الأحوازيون، الذين حاولوا الفرار من السجون، وتبع ذلك سقوط عشرات القتلى، الضوء على الوضع الخطير في السجون الإيرانية في إقليم الأحواز. علاوة على ذلك، فإن محاولة هروبهم هي أحد الأمثلة لإثبات الحقائق الواقعية حول تفشي الفيروس التاجي في أنحاء البلاد، وهذه الأحداث تنافي رواية النظام الإيراني بأن الوباء أصبح تحت السيطرة تماما.

في 30 و31 مارس، تردّد أن أفراد الأمن في النظام الإيراني قتلوا وتسببوا بإصابة العشرات من السجناء الأحوازيين الذين كانوا يحاولون الفرار بسبب الظروف الخطيرة في سجن شيبان، سبيدار وسجن عبادان، وسط إصابة الكثير من المعتقلين الآخرين. 

ولغاية الآن، يُقال إن خمسة عشر سجينا في سجن سبيدار وعشرين في شيبان قد قتلوا. وتسربت العديد من الأسماء من القتلى والجرحى في تلك السجون تم التوصل إلى أسماء 6 قتلى و25 مصاب.

ظروف قاتلة

حين أعلن المتحدث باسم السلطة القضائية في النظام غلام حسين إسماعيلي عن إطلاق 10 آلاف سجين بمناسبة عيد النوروز (رأس السنة الفارسية) وأن نصف هذا العدد سيكون من بين "السجناء الأمنيين" ـ وهو مصطلح مستخدم لمن "يمثلون تهديدا للأمن القومي الإيراني" وهي تهمة مشتركة للناشطين والمنشقين عن النظام ـ أمل الكثيرون في اقليم الأحواز في إطلاق سراح البعض من هذه الإعداد الهائلة من السجناء السياسيين الأحوازيين.

وكانت الأوضاع في السجون الإيرانية سيئة حتى قبل التهديد الذي يطرحه فيروس كورونا، لكن قلق الناشطين الأحوازيين ازداد بشكل كبير في ظل التهديد الذي يمثّله الاكتظاظ في أوساط مئات السجناء السياسيين المعتقلين في الجناحين 5 و8 من سجن شيبان الخاضع لسيطرة النظام الإيراني، على بعد بضع كيلومترات خارج الأحواز، عاصمة الإقليم. كما شكّلت الظروف المعيشية التي أبلغت عنها سجينات سياسيات من الأحواز معتقلات في القسم النسائي المكتظ في سجن سبيدار سيء السمعة التابع للنظام مبعث قلق آخر.

على هيئات حقوق الإنسان الدولية الضغط على السلطات الإيرانية لإطلاق سراح كافة السجناء السياسيين على الفور

واستنادا إلى تقارير خرجت من السجن واستنادا إلى حسابات معتقلين سابقين على غرار الناشطة في حقوق الإنسان سبيدة قليان، فإن وضع السجناء بدأ يتدهور بسرعة في ظل انتشار فيروس كورونا، بما في ذلك بسبب فيضان مياه المجارير وندرة مصادر المياه.

وفي حين تردّد أن الأحوازيين في السجون اعترضوا مرارا على غياب المرافق الصحية الأساسية والمعقّمات والنظام الغذائي السيئ في السجون، محذّرين بأن هذه المسائل وفّرت بيئة مثالية لانتشار المرض، تجاهل النظام هذه الاحتجاجات.

وخلال الأسبوع الفائت، أصدرت "منظمة العفو الدولية" بيانا عبّرت فيه عن قلقها الكبير بشأن سلامة المعتقلين على ضوء وباء كورونا، بما في ذلك مخاوف بشأن السجناء السياسيين الأحوازيين في سجنيْ سبيدار وشيبان. وحضّ البيان النظام الإيراني على تحرير السجناء من دون فرض شروط كفالة متشددة يتعذر على غالبية الأسر الأحوازية الإيفاء بها.

ومع بدء انتشار فيروس كوفيد-19 بالفعل في أوساط السجناء، لم يتمّ بذل أي جهود لمعالجة هذا الانتشار. وفي البداية، تمّ تأكيد إصابة ثلاثة معتقلين أحوازيين بالفيروس، جميعهم في قسم السجناء السياسيين في سجن شيبان ـ وهم الناشطان ميلاد بغلاني وحامد رضا مكي والمصوّر مهدي بحري.

وعلى الرغم من معرفة مخاطر الوباء المعدي إلى حدّ كبير والذي يمكن أن يكون قاتلا، تردّد أن سلطات السجون تأخرت للغاية في عزل السجناء والحصول على المساعدة الطبية للمعتقلين المصابين الثلاثة، ما عزز بشكل كبير احتمال أن يكونوا نقلوا الفيروس إلى سجناء آخرين وإلى موظفي السجن.

احتجاج وانتقام 

خلال الأيام التي سبقت الانتفاضة، ازداد يأس السجناء في سجن سبيدار وسط انتشار كبير للتقارير التي أفادت عن تشخيص معتقلين مصابين بفيروس كورونا، وغياب أي مؤشرات تشير إلى احتمال إطلاق هؤلاء السجناء بموجب تدابير العفو. ومع ذلك، رد النظام على هذه الاحتجاجات من خلال نشر أعداد كبيرة من قوات الأمن من محافظات أخرى في إيران لتطويق السجون كتدبير وقائي.

وإذ يشعر هؤلاء السجناء أن ما من خيار أمامهم سوى محاولة الهروب حتى رغم معرفتهم أن حراس السجن لن يترددوا في قتلهم. حيث أضرم السجناء اليائسون في سجن سبيدار النار في بطانياتهم وغيرها من الأغراض في 30 مارس. وكانت النيران مسعى لتوفير غطاء من الدخان من أجل خفض الرؤية قبل محاولة تسلّق جدران السجن. وردا على ذلك، اقتحمت قوات الأمن الزنزانات وأطلقت الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية.

ذكرت أسر السجناء أنها تلقت اتصالات من عملاء النظام "للحضور واستلام الجثث"، وطُلب منهم دفن أولادهم بالسر

كما تمّ الإعلان عن مشاهد مرعبة مماثلة في سجن شيبان الذي أصابه الفيروس بدوره والواقع في مدينة الأحواز والتي تعد عاصمة إقليم الأحواز في الأول من أبريل، حيث دفع فيروس كورونا ونفي مسؤولي السجن وجود أي عفو أو إطلاق سراح، بالسجناء إلى استخدام الوسائل نفسها التي لجأ إليها نظراؤهم في سجن سبيدار.

فقد أضرم المعتقلون في الجناح 6 و7 و9 و10 النار في زنازينهم وحاولوا خلع البوابة الأولى للسجن الذي يشتهر بتعذيب و"إخفاء" السجناء السياسيين. وأتى رد السلطات بإطلاق النار وقتل خمسة سجناء بالرصاص  من مسافة قريبة، وإصابة الكثير منهم بجروح بالغة. وحصل أمرا مشابها في سجن عبادان وراح ضحيته العديد من السجناء أيضا.

ووفق تقارير صادرة من المنطقة، سارع أفراد عوائل السجناء إلى السجون بعد سماع خبر اندلاع النيران والتقارير بشأن النيران الكثيفة ليكتشفوا ما حلّ بأحبائهم. ولدى وصولهم، أشارت تقارير صادرة عن المنطقة أن أفراد العوائل المذكورين تعرضوا للغاز المسيل للدموع والرصاص من الذخيرة الحية أطلقها حراس السجن المنتشرون في محيط السجن وقوات الحرس الثوري الإيراني، حيث أفاد ناشطون عن تعرّض ثلاثة منهم لإصابات خطيرة.

ويُظهر فيديو مصوّر على هاتف محمول عن الاعتداء نُشر على موقع "يوتيوب" إحدى أمهات المعتقلين الأحوازيين المذهولة وهي تصرخ خارج سجن شيبان وتندب ابنها، في حين يبيّن فيديو آخر نقل جثث سجناء من السجن في سيارات إسعاف.

رد فعل المنظمات الحقوقية الدولية والحكومات الأخرى بطيئ، ولم يرتقِ حتى إلى إدانة النظام على أفعاله

وأكّدت الأسر عن وفاة 15 شخصا من معتقلي الأحواز في سجن سبيدار سواء رميا بالرصاص أو حرقا حتى الموت. ومن بين السجناء القتلى الذين تمّ تحديد هويتهم نذكر محمد سلامات ثلاثين عاما من مدينة الأحواز، وسيد رضا الخرساني وشاهين الزهيري، ومحمد تامولي الطرفي، مجيد الزبيدي، وعلى الخفاجي. 

وذكرت أسر السجناء أنها تلقت اتصالات من عملاء النظام "للحضور واستلام الجثث"، وطُلب منهم دفن أولادهم بالسر. كما طلب موظفو النظام أن يدفع أفراد عائلة الرجال المقتولين تكاليف الأضرار التي تسبّب بها أولادهم في السجون خلال محاولاتهم الفرار. هذا وجرى تحذير العوائل من عدم التحدث عن عمليات القتل هذه إلى المنظمات الحقوقية أو المنظمات غير الحكومية.

وبعد محاولة الفرار من السجن، تمّ نقل سجناء 14 سجينا سياسيا منهم محمد علي عموري إلى السجن الإفرادي في سجون جهاز استخبارات النظام السرية بعد أن اتهمت الأجهزة الاستخباراتية الإيرانية عموري بأنه قاد الاحتجاجات في سجن شيبان.

وبالنسبة للذين لا يزال يقبعون في السجون، عبر ذويهم عن قلقهم البالغ من أن يتمّ تعذيب أبناءهم للإدلاء باعترافات كاذبة وأن تصدر بحقهم أحكام سجن لسنوات أطول ليجعلوا منهم عبرة للآخرين ومنع حصول أي أحداث مشابهة في المستقبل في السجون.

وقد دعت الجماعات الحقوقية الأحوازية في المنفى الأمم المتحدة ومجتمع حقوق الإنسان الدولي إلى إنقاذ سجناء الأحواز، بما أن السلطات الإيرانية ترفض اتخاذ التدابير الأساسية حتى لحمايتهم من العدوى. وما يفاقم المشكلة هي قيمة الكفالات المرتفعة بشكل غير معقول، ما يحول دون تمكّن العوائل الأحوازية من تأمينها.

وردا على المعلومات التي تمّ الكشف عنها مؤخرا، أعرب رائد بارود وهو ناشط فلسطيني اسكتلندي، عن اشمئزازه من خبث النظام الإيراني نظرا إلى إشارات النظام المتكررة إلى حقوق السجناء الفلسطينيين. 

وقال في هذا الصدد "يواصل الملالي التحدث عن اهتمامهم بالسجناء الفلسطينيين، لكنهم يستغلون معاناة الفلسطينيين كوسيلة لمسح دماء إخواننا الأحوازيين والسوريين والعراقيين عن أيديهم. وفي حين تعمل دول أخرى في العالم على إنقاذ أرواح مواطنيها في ظل تفشي وباء كورونا، يقوم النظام الإيراني بمعاملة الأحوازيين الأبرياء كحيوانات فيسجن من يجرؤ على المطالبة بالحرية ويتركهم ليموتوا من هذا المرض الرهيب. عارٌ على هذا النظام البربري وعلى العالم الذي هو شريك في الجرائم التي يرتكبها ضد الإنسانية".

لكن في وقت تمكّن فيه العديد من الأقارب والسكان المحليين من نشر فيديوهات تُظهر السجناء والهجمات التي نفذها عناصر النظام ضد متفرجين على الطريق، كان رد فعل المنظمات الحقوقية الدولية والحكومات الأخرى بطيئا، ولم يرتقِ حتى إلى إدانة النظام على أفعاله. 

أكّدت الأسر عن وفاة 15 شخصا من معتقلي الأحواز في سجن سبيدار سواء رميا بالرصاص أو حرقا حتى الموت

لكن أقرباء السجناء الأحياء والأموات يسعون جميعهم بشكل ملح إلى ضمان تدبير حماية سريع للباقين، بما في ذلك مراقبة أوضاع السجون من قبل جهة غير إيرانية، وتوفير العلاج الطبي الفوري وإدراج معتقلي الأحواز السياسيين ضمن عفو عام أو تحديد كفالة منطقية لإخراجهم.

وعلى هيئات حقوق الإنسان الدولية الضغط على السلطات الإيرانية لإطلاق سراح كافة السجناء السياسيين على الفور، وجميع السجناء الذين لم يرتكبوا جرائم خطيرة في إيران بهدف منع تفشي الوباء في السجون. ويُظهر استعداد إيران لإطلاق سراح بعض السجناء السياسيين نقطة ضغط محتملة كي تشمل حالات العفو هذه مجتمع الأحواز إن تمّ ممارسة ما يكفي من الضغوط الدولية.

وبحسب تعبير السحين الأحوازي السابق والكاتب غازي حيدري الموجود حاليا في المنفى بعدما كان معتقلا وتعرّض للتعذيب بسبب نشاطه في مجال حقوق الإنسان، "إن قتل النظام لهؤلاء السجناء المساكين يُظهر أنه لا يريد أن يغادر الأحواز السجون إلا محملين بنعوش".

وإن لم تدن الجهات الدولية هذه الفظائع، سيستغل النظام انشغال العالم بفيروس كورونا ليخفي الانتهاكات التي يرتكبها بحق السجناء ورفضه منع الإصابات الجماعية ضمن سجونه في الأحواز وفي جميع أنحاء إيران. 

وحتى الآن، سياسة إيران في العفو عن "المُفرج عنهم" غطت على انتهاكات إيران المستمرة بحق السجناء السياسيين الذين ما زالوا محاصرين في السجون الإيرانية. في خضم هذه الأزمة، يجب على المجتمع الدولي أن ينتهز هذه الفرصة للضغط على إيران في تلك القضية الحاسمة.

المصدر: منتدى فكرة

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.