Staff members wearing face masks are seen at the Leishenshan Hospital, a makeshift hospital for treating patients with the…
الوباء جرى التكتم عليه رسميا من قِبَل الحكومة الصينية، بل وأكثر من ذلك، تهديد الطبيب الذي حذّر منه في مراحل انتشاره الأولى بالعقاب؛ إن لم يصمت، ثم قمع كل من يفتح فمه في هذا الموضوع

استطاع الفيروس الصيني/ كورونا أن يشن حربا كونية/ عالمية على العالم كله، بل استطاع أن يفعل بالعالم ما لم تستطع الحرب الكونية/ العالمية أن تفعله؛ ولن تستطيع. استطاعت القوة الوبائية لهذا الفيروس سريع الانتشار أن تستثير كوامن رُهاب جماعي عالمي تسبّب في تعطيب العالم كله على نحو غير مسبوق. إنه رهاب عام (وهو ـ في الواقع الحيّ ـ رعب حقيقي يجد مصاديقه في مئات الألوف من الضحايا) أصبح يخترق كل الحدود الطبيعية وغير الطبيعية، محدثا ما يشبه الشلل الكامل في جسد العالم الحيّ، ومنذرا ـ في الوقت نفسه ـ بكثير الدمار المادي والمعنوي الذي لم تتضح معالمه حتى الآن.

ثمة دمار ماثل للعيان الآن، نرى ملامحه الأولية في هذا الشلل الذي يضرب عصبَ الحياة لهذا العالم أجمع، وبالأخص، يضرب في العصب المتحكم في الأعضاء الحيوية المنتجة في هذا العالم (دول العالم المتحضر). وأيضا، ثمة دمار هائل / كوارث كبرى/ وربما حروب مُسبّبة به على نحو صريح أو غير صريح، يتوقعها كثير من المراقبين/ المحللين، أولئك المتوجسين مما ستؤول إليه المتتاليات الحتمية لمثل هذا الإعصار الفيروسي المدمر الذي وضع العالم كله على حافة الموت؛ من حيث هو "موت" بطيء يُلغي ـ بقوة الرعب ـ كل تفاصيل الحياة، كل معاني الحياة في تمظهرها المعتاد/ الطبيعي.

لنترك ما يكتبه المتفائلون والمتشائمون عن سيناريوهات المستقبل القريب والبعيد، لنترك المتوقع أيا كان، ولنقارب الآثار المدمرة الواقعية التي أحدثها هذا الفيروس الصيني/ كورونا حتى الآن. لِنُعاين الكارثة من خلال هذه اللحظة، وحينئذ؛ سندرك حجم جناية هذا الفيروس؛ لأن أبسط ما نراه ـ ويراه الجميع ـ هو أن الحياة في مجراها الطبيعي توقفت، انطبعت الحياة ذاتها بطابع الموت، ليس في مدينة ما، ولا في منطقة ما، ولا في دولة ما، وإنما في معظم دول العالم، بل في قلب العالم، في مصدر حيويته المادية والمعنوية على وجه الخصوص.

مقاومة ومعاقبة النموذج الصيني، مسؤولية الجميع. فهي وإن كانت مسؤولية العالم الأول، فهي أيضا مسؤولية كل دول العالم

ليس سهلا، ولا طبيعيا، أن تُغلق المدن الكبرى المتوهجة بالحياة منذ قرون أبوابها على سكانها، ويظللها الصمت المرعب؛ فتبدو وكأنها خاوية على عروشها إلى أبد الآبدين، ليس سهلا أن تخلو الساحات والمتنزهات والمطاعم والمقاهي والشواطئ من الناس إلا بضعة أفراد كالأشباح العابرة في البيت المهجور، ليس سهلا أن يتوقف نبض الوعي بتوقف التعليم، وبإغلاق الجامعات والمكتبات لأبوابها، ليس سهلا أن تُعلّق الجوامع/ المساجد، والكنائس، والمعابد الكبرى، ومنابر الاحتفال الديني التي تصل النسبي بالمطلق...إلخ كل نشاطاتها، وبالكامل، إلى أجل غير مسمى؛ وكأن المستقبل معلق في فضاء المجهول.

بل ليس سهلا أن تجد نفسك ملزما بالابتعاد حتى عن أقرب الأقربين منك، عن روحك النابضة في أجساد الآخرين، ليس سهلا أن يكون ممنوعا عليك معانقة والديك، واحتضان أولادك، وتقبيل أطفالك، وأن تنعزل بذاتك داخل أسرتك الصغيرة، ثم تنعزل بأسرتك الصغيرة داخل بيتك الصغير عن كل الأقارب والمعارف والأحباب، وكأن ثمة حربا معلنة من الجميع على الجميع؛ من حيث كون الجميع خطرا على الجميع.

إنها حياة كاملة تتوقف على حافة العذاب والقهر والألم والخوف والتوجّس حَدّ الاختناق. والأشد ألما أن هذه الحياة المنكوبة، هذه الحياة المخنوقة، ليست حياة فرد أو حياة عائلة أو حتى حياة شعب، بل هي حياة البشر جميعا على هذا الكوكب الذي بات منكوبا بفعل فيروس صيني؛ حتى أصبحنا اليوم ولا مناطق آمنة، ولا مهرب لهارب، ولا أفق ترتاده الآمال في مثل هذه الأحوال.

An Iraqi health worker sprays disinfecting liquid in the streets of the centre of the southern city of Basra on March 25, 2020,…
عن كورونا والصين والإعجاب العربي بها
إذا كانت تجربة فيروس كورونا مثالا صينيا على نوعية الخسارات الكبرى التي يتكبدها المجتمع والعالم عند غياب استقلال المؤسسات وشفافية صناعة القرار، فإن قبول العراق الدخول في صفقة كبرى مع الصين بذات الغياب في الاستقلال والشفافية، يعني أن الانقياد السهل وراء الإغراء الخادع الذي يمثله النموذج الصيني

وإذا كانت هذه ملامح الكارثة في تفاصيل الحيوات الفردية، فالكارثة فيما وراء ذلك أطول أمدا، وأبعد أثرا، أقصد: الكارثة التي بدأت تطال أهم الاقتصاديات العالمية، فإنها أكبر، وتداعياتها أخطر. اليوم، نجد الشركات والمؤسسات الكبرى بدأت تدخل في نفق المعاناة، والمستثمرين الصغار باتوا على خط نار الإفلاس، والقطاعات المهمة التي لها علاقة بالسفر والسياحة باتت تعاني شبح الكساد الكامل، وملايين العاملين بدأوا يدخلون في قوائم العاطلين. 

ومن وراء كل ذلك، ستتفجّر انهيارات اقتصادية متبوعة باضطرابات، وربما ـ وهو مظنة الاحتمال القوي ـ تحدث مجاعات في كثير من دول العالم، ومَنْ لا تقتحمه المجاعة حتى لا يجد ما يسد به رمقه، فغلاء الأسعار ـ بفعل انهيار الاقتصاديات المنتجة ـ حتمي، ما يعني أن الطبقة الدنيا ومن الطبقة الوسطى، وما دونها، كلها ستعاني ـ بشكل مباشر ـ ويلات الفقر لسنوات...إلخ.

والأنكى من كل ذلك، أن كل يوم يمر يَعِدُ بأسوأ مما يعد به أمسه القريب، وكأنها حرب بدأت؛ ولا أحد يعرف كيف ولا متى ستنتهي. يحدث كل هذا، بينما الصين التي أشعلت نار هذه الحرب، بينما الصين التي هي السبب الأول لكل هذه الكوارث، ولكل هذه الآلام المتضاعفة، ولكل هذا الواقع الأليم، ولكل هذه المخاوف المرعبة التي تتوعد العالم كله بما لم يسبق له أن رآه، تنفض عنها غبار الكارثة، وتُطفئ آخر الحرائق، وتعيد عجلة الحياة إلى سابق عهدها.

مقاومة النموذج الصيني لا بد وأن تكون على كل المستويات، وفي كل الميادين، وعلى امتداد اللحظة، وإلى أجل غير مسمى

بعيدا عن كل نظريات المؤامرة التي ترى في هذا الفيروس الصيني مؤامرة صينية مخطط لها مسبقا، لنبقَ في حدود الثابت اليقيني، فما حدث يقينا يكفي لإدانة الصين وأخذها بجريرة تداعيات هذه الكارثة، إذ لا خلاف على أن الوباء نشأ وبدأ في الصين تحديدا، وسواء نتج عن أسواق اللحوم الرّطبة في ووهان أو عن خطأ في معامل/ مختبرات للفيروسات، فالسبب في كلا الحالين هو الإهمال الصيني، وضعف إجراءات السلامة؛ على الرغم من وجود سوابق وبائية في الصين نفسها؛ كادت أن تتطور لمثل هذه الوباء الحالي.

ثم إن الوباء جرى التكتم عليه رسميا من قِبَل الحكومة الصينية، بل وأكثر من ذلك، تهديد الطبيب الذي حذّر منه في مراحل انتشاره الأولى بالعقاب؛ إن لم يصمت، ثم قمع كل من يفتح فمه في هذا الموضوع. وحتى بعد الاعتراف بوجود الوباء، لم تتخذ الصين الإجراءات اللازمة التي كان من شأنها أن تحد كثيرا من تداعيات هذا الوباء، فهي لم تُحذّر دول العالم منه، ولم تطلعهم على خطورته، ولم توقف رحلاتها الدولية؛ إلا بعد أسابيع من انتشار الوباء دوليا.

إذن، هناك أكثر من جريمة في هذا السياق (مرتبطة بالإهمال اللاّمسؤول على أقل تقدير). هناك ثلاث جرائم متتالية، مترابطة؛ على الأقل. فلو أن الصين منعت مثل هذه الأسواق، وجرّمت تناول مثل هذه الأطعمة المعروفة بكونها بؤرا وبائية، أو لو أنها راقبت الاحتياطات الوقائية في المعامل، ووضعت لذلك اشتراطات صارمة؛ لما ظهر هذا الفيروس أصلا، ثم لو أنها تعاملت معه في مراحل ظهوره الأولى بمنطق الدولة المسؤولة (وليس الدولة الشمولية ذات الطابع السري)؛ لأمكن تدارك الأمر، ومحاصرة الوباء؛ حتى قبل أن يخرج من مدينته الأولى. ولو منعت الصين السفر الدولي مبكرا، وحذّرت العالم منه؛ لما أصبحت كثير من دول العالم المتقدم تعاني منه أشد ما تكون المعاناة، وكأنها معه تحت وطأة أكثر الحروب دمارا.

هذا إهمال متتابع له طابع الإصرار وتعمّد الإضرار، ولا يمكن وضعه في خانة البراءة بحال. فهو وإن لم يكن ـ في حقيقته! ـ تعمّدَ إضرار، فهو تصرّف يتضمّن معنى التعمد والإصرار، ويتحقق هذا المعنى بالنظر إلى حجم الضرر الذي بات يضارع أضرار الحروب الكونية؛ هذا إن لم يتفوّق عليها في بعض المجالات.

انظر إلى ما فعله هذا الوباء بإيطاليا، أو إسبانيا، أو ما فعله بالولايات المتحدة؛ فضلا عن بقية الدول المتضررة ضررا بالغا، أو التي في طريقها للدخول في جحيم المعاناة. تأمّل، لو أن الصين شَنّت حربا عسكرية عليهم؛ لم يصل حجم الضرر الذي يمكن أن تُحْدِثه إلى بعض ما هو واقع الآن. هذا على مستوى الضرر المادي المباشر، أما التداعيات الصحية والمعنوية، وما يتعلق بها من متغيرات جذرية في طبيعة الحياة، فهذه يصعب حصرها وتحديد مستويات الدمار فيها.

هذا إهمال متتابع له طابع الإصرار وتعمّد الإضرار، ولا يمكن وضعه في خانة البراءة بحال

لكل هذا، لا يجوز ـ بأي حال، وتحت أي مبرر ـ أن يتعامل العالم مع الصين عام 2021؛ كما كان يتعامل معها عام 2019، لا يجوز أبدا أن تخرج الصين من هذا الوباء كما دخلت؛ فضلا عن أن تخرج بمكاسب فارقة (متعلقة بموازين القوى، وحسابات الاقتصاد)؛ كما هو المتوقع الذي بدأت ملامحه في التحقق الآن.

يجب التصدي للنفوذ الصيني وللنموذج الصيني بقوة، وبتكاتف دولي واسع النطاق. من غير المعقول، كما أنه من غير المقبول، أن تتسبب السياسات الصينية الخرقاء، واللإّنسانية، بكل هذا الدمار الكوني، وأن يُنْشِب فيروسها اللعينُ أنيابَه في شرايين العالم المتقدم وأوْرِدَتِه، فضلا عن بقية العالم، ثم لا يفعل هذا العالم المُعْتدَى عليه شيئا تجاه المسؤول الأول عن كل هذا الدمار المستطير!

مقاومة ومعاقبة النموذج الصيني، مسؤولية الجميع. فهي وإن كانت مسؤولية العالم الأول ـ بحكم ما يمتلكه من نفوذ/ قوة/ قيادة عالمية ـ، فهي أيضا مسؤولية كل دول العالم، بل وكل شعوب العالم؛ حتى إن المسؤولية لتقع على عاتق كل فرد بما يستطيع.

وحيث إن مقاومة ومعاقبة الصين/ النموذج الصيني هي مسؤولية دول ومؤسسات وأفراد، فالمقاومة والمعاقبة لا بد وأن تكون على كل المستويات، وفي كل الميادين، وعلى امتداد اللحظة، وإلى أجل غير مسمى؛ حتى يتمكن العالم من تحطيم هذا النموذج، أو على الأقل، محاصرته وتعقيمه (من العقم)، ومنعه من التناسل: التمدد سياسيا وعسكريا واقتصاديا وثقافيا، ولا سيما التمدد الثقافي (ترويج النموذج) حيث هو التمدّد الذي يحمل في طياته ما هو أعظم خطرا من هذا الفيروس.

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.