Brazil's military, firefighters and Civil Defense members disinfect each other after cleaning a bus station in Belo Horizonte,…
عناصر من الجيش والدفاع المدني البرازيلي يعقمون أنفسهم بعد تعقيم باص

في حوار صادم ومليء بالمفاجآت، واجه "اليوم السابع" رجل الأعمال المصري حسين صبور بعدد من الأسئلة المتعلقة بالجدل الدائر حول وجهة نظر بعض رجال الأعمال بضرورة عودة سوق العمل في مصر، والتخوف على الجانب الآخر من زيادة عدد الإصابات بفيروس كورونا بشكل لا يمكن السيطرة عليه.

وكان لرجل الأعمال حسين صبور عدد من الآراء المثيرة، والتي بدأها بقوله: "رجَّعوا الشغل فورا، ناس هتموت لكن مش هنفلس".

وقال رجل الأعمال المعروف "باختصار شديد، لو توقفنا البلد هتفلس، كلها هتفلس، صناعة السيارات هتفلس، التشغيل هيقف، المصانع هتقف، مينفعش نقف، مينفعش أبدا، كل حد له طاقة استحمال، واحنا دولة ضعيفة طاقتنا خلصت خلاص، لازم نشتغل فورا".

وقد تعرض السيد حسين صبور إلى هجوم غير مسبوق على شبكات التواصل الاجتماعي.

تداعيات موضوع كورونا قد تكون كارثية والخوف الزائد من كورونا قد يكون أكثر إضرارا بالمجتمعات من الفيروس نفسه

ومن العدل أن ننظر إلى ما أثاره وقاله السيد حسين صبور وغيره من رجال الأعمال المصريين مثل السيد نجيب سويرس والأستاذ أشرف غبور بمنظور أنهم خائفون على انهيار الدولة بدلا من اتهامهم في وطنيتهم وولائهم، فما قالوه وهو رجوع الناس إلى سوق العمل بأسرع صورة ممكنة هو رأي يشاركهم فيه كثير من القادة في العالم وعلى رأسهم الرئيس دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأميركية وهي التي تعد أقوى قوة اقتصادية في العالم، ومع ذلك فهي بدأت تعاني من تداعيات الركود الاقتصادي والذي تسبب فيه انتشار عدوى فيروس كورونا.

وبنظرة تحليلية وموضوعية للأمر ندرك بوضوح أن تداعيات موضوع كورونا قد تكون كارثية وأن الخوف الزائد أو كما يطلق عليه بالعامية المصرية "الهسهس" من كورونا قد يكون أكثر إضرارا بالمجتمعات من الفيروس نفسه.

فمصر ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ لديها معدل وفيات أقل من واحد في المليون بمعنى أنه لو أصيب مئة مليون مواطن بالفيروس فإن عدد ضحاياه قد لا يزيد عن مئة شخص وهو أقل بكثير من غيره من الأمراض، ولكن إذا تأخر كثيرا نزول الناس إلى سوق العمل وحدث كساد شديد الوطأة في المجتمع فإن العواقب قد تكون أكثر مما يتصوره كثيرون.

فحينما يصل الكساد الاقتصادي إلى ذروته يقوم الكثير من الناس في البداية بتقليل نفقاتهم، ثم يبدأون في بيع ما يملكون من أشياء وممتلكات، ثم في محاولة الاقتراض من الآخرين إن أمكنهم ذلك، وتأتي المرحلة الرابعة وهي عدم القدرة على الاستمرار مما قد يدفع بعضهم إلى الجريمة.

وإن حدث ذلك يبدأ الانهيار في التسارع المحموم لأن وجود الجريمة وزيادة معدلاتها يطرد الاستثمارات ويضعف كيان المجتمع أكثر وأكثر.

ولتفادي هذا السيناريو البشع فإن انتهاء الـ "هسهس" من كورونا أو الخوف الزائد عن الحد منه قد يكون ضرورة بقاء حتمية.

ومما قد يشجع على عودة الأمور إلى طبيعتها هو نتائج الإحصائية الواضحة بأن معدلات الموت من مرض كورونا كانت من أقل ما يمكن في الدول التي رفضت إغلاق مدارسها وإجبار الناس على المكوث في المنازل منذ اكتشاف المرض وهي أستراليا وسنغافورا وتايوان.

وعلى النقيض من هذه الدول فإن معدلات الموت من مرض كورونا كانت عالية للغاية في الدول والولايات التي أصدرت أوامر سريعة بإغلاق مدارسها ومكوث أغلب فئات المجتمع في بيوتهم.

ولنقارن على سبيل المثال معدلات الوفاة في أستراليا (2 في المليون) وسنغافورا (1 في المليون) وتايوان (0.2 في المليون) وهي تمثل المجموعة الأولى من الدول المذكورة أعلاه بإيطاليا (302 في المليون) وإسبانيا (330 في المليون) وولاية نيويورك في الولايات المتحدة (200 في المليون) وهي التي تمثل المجموعة الثانية.

ومن الجدير بالذكر هنا أن الانخفاض الأخير في معدلات الإصابة بمرض كورونا في إيطاليا وإسبانيا لم يحدث إلا بعد أن بدأوا في إقرار عقار كلوريكين للاستخدام في علاج المرض.

نحتاج لقدر من الحذر فلا نخالط المرضى، ونعزلهم فترة المرض بقدر المستطاع ولكن قد لا نحتاج إلى عزل كافة المجتمع

وهذه المقارنة البسيطة توضح أن الخوف الزائد من كورونا بمنع الناس من العمل، ومنع مقومات الحياة والحيوية في الشعوب قد لا يتسبب في تقليل معدلات الوفاة من المرض بل قد يكون العكس من ذلك تماما وتبعا للأرقام الإحصائية في هذا الصدد ـ هو الصحيح.

وقد أيد الاتجاه بعدم عزل المجتمع بأسره والتركيز أساسا على عزل المرضى وعدم مخالطتهم ـ خاصة لو كانوا من الفئات التي قد تتأثر أكثر بالتعرض للفيروس مثل كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة ـ العديد من العلماء مثل الدكتور ديفيد كاتز وهو مؤسس مركز الصحة العامة ومناعة المجتمع بجامعة يال وهي واحدة من أهم الجامعات ومراكز البحوث العلمية الأكاديمية في أميركا والعالم أجمع. 

وقد نشر الدكتور ديفيد كاتز مقالة رائعة في جريدة نيويورك تايمز بهذا المعنى بتاريخ 20 مارس 2020. وكان عنوان مقالته التاريخية كما أراها: هل طريقتنا في مواجهة مرض كورونا أسوأ من المرض نفسه!

وباختصار فإننا قد نحتاج لنصائح عامة لمنع انتشار الفيروس مثل غسيل اليدين، والنظافة العامة، ونحتاج لقدر من الحذر فلا نخالط المرضى، ونعزلهم فترة المرض بقدر المستطاع ولكن قد لا نحتاج إلى عزل كافة المجتمع لكي نواجه هذا المرض.

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.