This picture taken on April 5, 2020 shows an aerial view of a camp for displaced Syrians from Idlib and Aleppo provinces, near…
مخيمات النزوح الجديد في شمالي غرب إدلب بين أشجار الزيتون

شكّل اتفاق وقف إطلاق النار بين روسيا وتركيا التي تم التوصل إليه في محافظة إدلب السورية في 5 مارس، الخطوة الأخيرة في عمليةٍ دأبت منذ أبريل 2019 على تقليص حجم جيب الثوار إلى النصف. لكن حتى هذا الترتيب يبقى مؤقتا نظرا لعزم بشار الأسد على التخلص مما يصفه هو وحلفاؤه بـ"جهادستان". 

وتُظهر نظرة فاحصة على حالة الأراضي والخصائص الديمغرافية في المنطقة كيف ستؤدي التطورات الجارية على الأرجح، إلى قيام "قطاع غزة جديد" في شمال غرب سوريا ـ أي، منطقة للاجئين مكتظة بالسكان يسيطر عليها الإرهابيون، مما يرغم المجتمع الدولي بشكل أساسي على التعامل معهم لأنهم "سلطات الأمر الواقع"، وفقا لتعبير الأمم المتحدة.

من "إدلب الكبيرة" إلى "إدلب الصغيرة"

يسيطر الثوار حاليا على 3,000 كيلومتر مربع فقط من إدلب، وهي مساحة أقل من 7,000 كيلومتر مربع كانوا يسيطرون عليها في أبريل الماضي وأقل من 9,000 كيلومتر مربع كانت تحت سيطرتهم في سبتمبر 2017، عندما شن الجيش السوري أول هجوم كبير له لاستعادة "إدلب الكبرى". 

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قدّر "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية" ("أوتشا") عدد السكان في جيب الثوار بـ 2,6 مليون نسمة. وفي أبريل 2019، كان العدد 3 ملايين نسمة من بينهم 1,300,000 شخص نازح داخليا. 

ومنذ ذلك الحين، فر أكثر من 400،000 شخص من الجيب بحثا عن ملجأ في الجزء الواقع تحت السيطرة التركية المباشرة في شمال حلب. وخوفا من عنف النظام واكتظاظ المساكن في إدلب استقر معظمهم في عفرين، في منازل هجرها الأكراد الذين فروا من الهجوم التركي في شتاء عام 2018.

من "إدلب الكبرى" إلى "إدلب الصغرى" ثم "غزة الجديدة" (المصدر: معهد واشنطن)

من حيث الأعمال الإنسانية، يَعتبر "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية"، إدلب وشمال حلب، كيانا واحدا في الوقت الحالي مع عدد سكانه البالغ 4 ملايين نسمة (2.6 مليون في إدلب و1.4 مليون في شمال حلب). ويشير ذلك إلى أن الوكالة تتوقع فرار المزيد من النازحين في إدلب إلى شمال حلب في الأشهر المقبلة.

وفيما يتعلق بالمقاتلين الثوار، فقد كان عددهم في جيب إدلب يناهز الـ 50.000 قبل عام، رغم صعوبة تقدير عددهم اليوم بسبب خسائر الحرب والرحيل. ولا تزال تركيبة التمرد على ما هي عليه، مع هيمنة "هيئة تحرير الشام"، المحاطة بتنظيمات جهادية مختلفة لا تزال مرتبطة رسميا بتنظيم "القاعدة". 

وشاركت بعض الجماعات في المعركة الأخيرة ضد النظام لكنها لم تعد تسيطر على أراضي في إدلب (على سبيل المثال، "فيلق الشام"، "جيش الأحرار"). وهي الآن متمركزة في شمال حلب وجاءت [إلى المنطقة] مع الجيش التركي.

يريد الأسد استعادة أكبر قدر ممكن من الأراضي السورية، على أن تكون خالية من المعارضين له

وعلى المستوى الميداني، فإن "هيئة تحرير الشام" قد رسّخت سيطرتها من خلال "حكومة الإنقاذ" التي شكّلتها في سبتمبر 2017. وعملت هذه الإدارة تدريجيا على الإطاحة بالهيئات المحلية التابعة للحكومة المؤقتة في مدينة غازي عنتاب التركية، بالإضافة إلى اللجان المحلية التي استفادت من دعم المنظمات غير الحكومية الدولية. 

وبالتالي فإن السلطات التركية تتعاطى بأسلوب واقعي مع الوضع من خلال تعاونها الوثيق مع "هيئة تحرير الشام" في إدلب. ويأمل زعيم الهيئة أبو محمد الجولاني أن يصبح هذا الجيب منطقة عازلة تحت الحماية التركية مع إمكانية ازدهار إمارته الإسلامية. ومع ذلك، يجب أن ينحصر حلمه الآن بـ "إدلب الصغيرة"، وهي منطقة لا تتجاوز مساحتها ثلث المساحة التي كان يطمح إليها سابقا، والتي يمكن أن تتقلص بصورة أكثر كما هو موضح أدناه.

غزة الجديدة

يتجمّع حاليا ثلثا سكان إدلب في شريطٍ على الحدود التركية مساحته 1,000 كلم2، ويبلغ عددهم مليونَي نسمة، أو أكثر بأربعة أضعاف مما كان في هذه المنطقة الحدودية أصلا. فقد استقر في تلك المنطقة مئات الآلاف من النازحين منذ عام 2012، ومعظمهم احتشدوا في مخيمات مؤقتة منتشرة على الأرض، لا سيما بعد امتلاء مخيمات النازحين النظامية. وحتى المساكن في بلدات الشريط الصغيرة مليئة بالسكان وتوفر ظروفا أسوأ من تلك القائمة في المخيمات. إن واقع كَوْن هذه المنطقة المكتظة بالسكان ترزح الآن بالكامل تحت سيطرة الجماعات المصنفة كإرهابية، تجعل المقارنات مع غزة لا مفر منها.

"إدلب الصغرى" تحت التهديد (المصدر: معهد واشنطن)

بخلاف مناطق المدنيين الأخرى في إدلب، سَلِم هذا الشريط الحدودي من القصف الجوي ـ ليس بسبب متاخمته لتركيا، بل لأن الأسد وحلفاءه يريدون أن يتهافت المدنيون من مناطق الثوار إلى هذه المنطقة على وجه التحديد. 

وثمة عامل قوي آخر يستقطب النازحين إلى هذه المنطقة، وهو قربها من المساعدات الإنسانية التي تصل عبر المعبر القريب باب الهوى. وفيما يتعلق بالمنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة، فحالما تدخل الأراضي السورية، لا تبتعد كثيرا عن المعبر لأسباب أمنية. 

بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن القليل من النازحين متحمسون للعودة إلى منازلهم في أجزاء أخرى من "إدلب الصغيرة" التي تقع أبعد من الحدود ولكنها لا تزال تحت سيطرة المتمردين. وقد تم قصف هذه المناطق خلال القتال السابق، ولا يثق السكان السابقون بوقف إطلاق النار الحالي. وبدلا من ذلك، إنهم على استعداد للفرار إلى تركيا أو شمال حلب في حال قيام النظام بشن هجوم آخر.

المضاعفات التي تقع على عاتق "إدلب الصغيرة"

تبلغ حاليا مساحة جيب المتمردين الواقع بين "غزة الجديدة" والأراضي التي يسيطر عليها النظام حوالي2,000 كلم2 ويقطنه نصف مليون شخص. ومعظمهم من السكان الأصليين أو النازحين الأكبر سنا الذين هم الآن في بيوت سَكَن دائمة أو ملاجئ جماعية، مع عدد قليل جدا من المخيمات غير الرسمية.

وقد تجنّب النازحون الجدد هذه المنطقة بسبب قربها الكبير من الجبهات الأمامية، من بينها مدينة إدلب. وخلال الهجوم الأخير في فبراير، فرّ العديد من السكان من عاصمة المحافظة. ويبلغ عدد سكانها الحالي 200,000 نسمة على الأكثر ـ وهو أعلى من إجمالي عددها ما قبل الحرب الذي كان يبلغ 150,000، ولكنه عدد صغير مقارنة بالعدد الهائل من النازحين في المحافظة. ويقصف النظام إدلب بانتظام لأنه لا يريد أن تشكل حكومة "هيئة تحرير الشام" إدارة متنافسة في عاصمة آمنة. وتتطلب استراتيجيته لمكافحة التمرد وقوع مدينة إدلب إما في أيدي النظام أو العيش تحت تهديد عسكري دائم.

ترفض تركيا التنازل عن جزء آخر من إدلب دون تعويض يساعدها على مواجهة أعدائها الأكراد السوريين إلى الشرق

أما البلدات الصغيرة، على غرار الأتارب وتفتناز وبنيش، فلا يمكن فعليا اعتبارها أكثر أمانا من إدلب لأنها أصبحت الآن في مرمى نيران النظام. وأصبح الآن جبل الزاوية الواقع جنوب الطريق السريع "إم 4" ["M4"] خاليا بعد أن خشي سكانه أن يصبحوا محاصرين إذا ما تحوّل الطريق إلى خط تماس جديد.

وعلى طول الطريق السريع "إم 4" نفسه، الذي يربط حلب واللاذقية، تم تجريد شريط من الأراضي يبلغ عرضه 12 كيلومترا من السلاح. وطالبت موسكو وأنقرة بالسماح لقواتهما بالقيام بدوريات مشتركة بِحُرّية على طول هذا الطريق: الروس على الطريق الجنوبي والأتراك على الطريق الشمالي. ورفضت الجماعات الجهادية هذا التنازل لأنه يعني تفكيك خط دفاعها الرئيسي جنوب إدلب ووضع جسر الشغور وجبل الكبانة وأريحا في مرمى الجيش السوري.

وتُعتبر جسر الشغور نقطة استراتيجية رئيسية، وكان عدد سكانها 50،000 نسمة قبل الحرب، والغالبية العظمى منهم من العرب السنة. وتشكل هذه المدينة منفذا إلى سهل الغاب من الشمال وإلى المنطقة العلوية الأكثر أهمية للنظام من الشرق. وقد تمسّك بها جيش النظام حتى مايو 2015، حين استولت عليها التنظيمات التي سبقت "هيئة تحرير الشام". وقُتل واختُطف مئات المدنيين العلويين خلال الهجوم الذي امتد إلى قريتَي اشتبرق والزيارة جنوب المدينة. إن الرغبة في الانتقام على هذه الأعمال، إلى جانب القيمة الاستراتيجية للمدينة، تجعلها هدفا ذا أولوية للنظام على الرغم من وقوعها شمال الطريق السريع "إم 4".

وعند الجهة الجنوبية الغربية من الطريق السريع، يقع جبل الكبانة الذي يشكّل العصب الرئيسي للدفاع عن جسر الشغور. وتسيطر هذا الكتلة الصخرية على سهل الغاب والوادي العِلوي لـ "النهر الكبير"، وهو الطريق الطبيعي الذي يربط اللاذقية بجسر الشغور. 

ومنذ أبريل 2019، يقوم النظام السوري بقصف جبل الكبانة بشكل مكثف، ولكن هجماته البرية فشلت أمام دفاعات الجهاديين. وقد عملت قوة المدافعين المؤلفة إلى حد كبير من مسلمي الأويغور على حفر شبكة من الأنفاق جعلت الكتلة الصخرية خندقا محصّنا حقيقيا. وإذا خسر المتمردون الطريق السريع "إم 4"، فسيتم تطويق جبل الكبانة.

يرتعب الاتحاد الأوروبي من احتمال تدفق عدة ملايين من اللاجئين الجدد إلى حدوده

وأريحا، وهي بلدة تقع جنوب الطريق السريع كان يسكنها في السابق 60 ألف نسمة، فارغة حاليا تقريبا بسبب القصف العنيف في فبراير. وقد جعل الجيش السوري هذه البلدة أولوية خلال هجومه الأخير لأن التلال القريبة تهيمن على الريف لمسافات تصل إلى عشرات الكيلومترات.

وللجيش التركي وجود خفيف على جبهة الطريق السريع "إم 4" لأن حماية "غزة الجديدة" هي الآن مصدر قلقه الرئيسي. ولا تريد أنقرة رؤية حالة من الذعر يحاول فيها مليوني لاجئ جديد دخول تركيا. 

وعلى الرغم من قيام القوات التركية ببناء نقاط مراقبة إضافية بالقرب من جسر الشغور وسراقب، إلا أن هاتين المحطتين لا توفران حماية جدية للسكان المحليين ـ وخلال الهجوم الأخير، كانت ثمانية من أصل 12 مخفرا أقامتها تركيا عام 2018 محاصرة من قبل الجيش السوري. ويشكل وجود 9,000 جندي تركي في "إدلب الصغيرة" صعوبة أكبر، ولكن إلى متى سيبقون هناك؟

تسوية جغرافية سياسية

لدى كل طرف منخرط في إدلب أهداف واضحة وحاسمة. وتريد روسيا التخلص مما تعتبره وكرا للإرهاب. وأسندت "هيئة تحرير الشام" والجماعات الجهادية الأخرى أظهرها على الحائط، وبالتالي فهي مستعدة للقتال حتى النهاية المريرة إذا لزم الأمر، بتكلفة كبيرة للقوى المعارضة. ولا يزال الأسد يريد استعادة أكبر قدر ممكن من الأراضي السورية، على أن تكون خالية من المعارضين له. وترفض تركيا التنازل عن جزء آخر من إدلب دون تعويض يساعدها على مواجهة أعدائها الأكراد السوريين إلى الشرق. وقبل كل شيء، لا تريد المزيد من اللاجئين. وبالمثل، يرتعب الاتحاد الأوروبي من احتمال تدفق عدة ملايين من اللاجئين الجدد إلى حدوده.

وتشير هذه المصالح ـ إلى جانب الوضع العسكري على الأرض وافتقار واشنطن الواضح إلى الاهتمام بمواجهة روسيا بجدية بشأن إدلب ـ إلى أن السيناريو الأكثر ترجيحا هو حل وسط يتم بموجبه تقليص مساحة جيب الثوار/النازحين داخليا بصورة أكثر ليصبح "غزة الجديدة". ومن الواضح أن هذا ليس الحل الأفضل لملايين السوريين المحتجزين في هذه المنطقة الضيقة، ولكن لا يبدو أن أيّا من الجهات المعنية تعتبر ذلك سببا كافيا لاختيار مسار مختلف.

المصدر: معهد واشنطن

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.