An image grab from a handout video released by the Iraqi Prime Minster's Office shows Prime Minister-designate Mustafa Kadhemi…
أمام الكاظمي الآن مهلة تنتهي في 9 مايو لتشكيل حكومة تنال ثقة مجلس النواب

في التاسع من أبريل، أعلن رئيس الوزراء العراقي المكلّف عدنان الزرفي انسحابه من حملته القصيرة لتشكيل الحكومة بعد الضغوط التي تعرّض لها من أجل التنحي، وحل محله رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي، المرشح الذي تعهد بدعم جميع الكتل السياسية الرئيسية. 

وعلى الرغم من الاختلافات الجذرية في أساليبهما الشخصية، إلا أن الزرفي والكاظمي كلاهما من المعتدلين السياسيين والقوميين العراقيين الذين تربطهم علاقات جيدة بشركاء بغداد الدوليين. وكلاهما أيضا في محل شكوك عميقة من قبل المؤسسة الأمنية الإيرانية بسبب علاقتهما المقرّبة جدا من الولايات المتحدة.

ومع ذلك، فإن اختلاف جوهري بينهما يعطي بصيص أمل بنجاح الكاظمي حيثما فشل الزرفي. وفي حين أن ترشيح الزرفي جاء نتيجة تعذّر التوصل إلى توافق شيعي مما استدعى إلى تدخّل الرئيس الكردي برهم صالح، إلا أن طرح اسم الكاظمي تم بتأييد توافقي ودون اعتراض من الكتل الشيعية. ويمكن تصوير ذلك على أنه حفظ ماء وجه الأحزاب الشيعية المدعومة من إيران التي كانت سترفضه في الظروف الطبيعية.

وأمام الكاظمي الآن مهلة تنتهي في 9 مايو لتشكيل حكومة تنال ثقة مجلس النواب ـ وهذه عملية ستتداخل مع خطوتين على الأقل لسياسة الولايات المتحدة في العراق. أولا، في 25 أبريل، سيتوجب على واشنطن أن تقرر ما إذا كانت ستصدر إعفاءً جديدا من العقوبات يتيح لبغداد مواصلة استيراد الغاز الطبيعي والكهرباء الإيراني، وتحت أي ظروف. 

وقد اقتصرت الإعفاءات الحالية على فترة قصيرة لم يسبق لها مثيل أمدها ثلاثين يوما، وهي إشارة واضحة على أن صبر الولايات المتحدة على التدخل الإيراني في السياسة العراقية بدأ ينفد. ثانيا، اقترحت إدارة دونالد ترامب إطلاق حوار استراتيجي مع بغداد في يونيو، مع سعي وزير الخارجية مايك بومبيو إلى إعادة ضبط العلاقات في إطار "اتفاق الإطار الاستراتيجي" لعام 2008.

الاقتراب من مفترق طرق ثنائي

إن إعادة ضبط العلاقة استراتيجيا بين الولايات المتحدة والعراق واجبة منذ مدة طويلة. وإذا كان الاحتلال الأميركي الذي استمر من عام 2003 حتى 2011 هو المرحلة الأولى في العلاقات الحديثة، وكانت جهود هزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" ("داعش") ما بعد عام 2004 هي المرحلة الثانية، فإن المرحلة الثالثة تشهد اليوم أولى بوادرها. 

وعلى الرغم من أن التنظيم الجهادي لم يُهزَم بعد، إلا أن تراكم العوامل المعقدة يدفع العلاقة نحو هذه المرحلة الجديدة، وهذا ما اتّضح حين دعا أكثر من مئة نائب عراقي خلال يناير إلى إجلاء التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة. ومن الدوافع لهذا التحول:

♦  المنافسة بين الولايات المتحدة وإيران: لطالما تضمّنت الحرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" نصا فرعيا حول المنافسة بين التحالف الدولي والميليشيات المدعومة من إيران التي تساهم بمعظم القوة القتالية في قوات "الحشد الشعبي" العراقية. وقد سعت الميليشيات إلى استغلال الحرب وما بعدها لتعزيز قبضتها على القطاعات السياسية والتجارية والأمنية

في عهد عبد المهدي، أظهرت الحكومة العراقية فشلا لا يُغتفر ليس فقط في حماية المستشارين العسكريين الأميركيين

كما تصرف بعضها أيضا بناءً على رغبتها في إخراج القوات الأميركية من العراق من خلال مهاجمة وقتل أفراد أجانب، مما أدى إلى شن ضربات أميركية انتقامية مثل اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني وزعيم قوات "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس في يناير. 

وأنتجت هذه التطورات دينامية متقلبة فشلت فيها الحكومة العراقية في حماية ضيوفها الدبلوماسيين والعسكريين، بينما يتم جرّ الولايات المتحدة إلى سلسلة مفتوحة من الضربات التي من غير المرجح أن تردع الميليشيات المدعومة من إيران أو تقضي عليها.

♦ تطوّر حملة محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية": بعد أن خسر تنظيم "داعش" الجزء الأخير من أراضيه في سوريا خلال مارس 2019، بدأ التحالف يتطلع إلى مراجعة تتم في أواخر عام 2020 والتي قد تتزامن مع الذكرى السادسة لانطلاق الحملة ضد التنظيم. 

واليوم، أدى الجمع بين تفاقم هجمات الميليشيات في العراق وتفشي وباء كورونا إلى تسريع عملية إعادة الهيكلة المخططة هذه. وقد غادر تقريبا جميع المدربين غير الأميركيين العراق الشهر الماضي، بينما أبعدت الولايات المتحدة معظم قواتها عن قواعد الخطوط الأمامية ودمجتها في أربعة محاور: "مطار بغداد الدولي"، و "قاعدة الأسد الجوية" على الحدود السورية، و"إقليم كردستان"، ومركز التدريب في التاجي. ولن يتم تطبيق العديد من مخصصات التعاون الأمني المقررة في الميزانية للعام المالي 2021. ومع ذلك، يجب أن تستمر المعركة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" بشكل ما وإلا سيبرز التنظيم من جديد.

A handout picture released by the media office of the Iraqi Presidency on April 9, 2020 shows President Barham Saleh (L)…
مصطفى الكاظمي في العراق: خطة وطنية أم شراء للوقت؟
عادل عبد المهدي، محمد توفيق علاوي، عدنان الزرفي وصولا إلى مصطفى الكاظمي اليوم كمرشح لرئاسة الوزراء؛ أربعة أسماء تعبر عن عمق المأزق العراقي والتنازع الإقليمي والإيراني ـ الأميركي داخل العراق وتراكم الأزمات بما يضع الحكومة المقبلة أمام مفترق تاريخي بين خيار الانقاذ أو استمرار الانهيار

♦ التعقيدات المحتملة في المساعدات: من المرجح أن يعاني العراق من أزمة صحية واقتصادية حادة بسبب فيروس كورونا وعوامل أخرى خلال العام المقبل، بما في ذلك عشرات الآلاف من الوفيات وانهيار دخل الأسر. وعادة ما تشكل هذه الأمور إشارةً إلى الولايات المتحدة لتقديم المزيد من المساعدات وتنسيق حِزَم الدعم الاقتصادي العالمي. 

ومع ذلك، يمر العالم بأسره اليوم بنفس الوباء، ويشعر جزء كبير من منطقة الشرق الأوسط بضربة حرب أسعار النفط السعودية ـ الروسية، وتصادف أن تكون الولايات المتحدة في منتصف عام الانتخابات. 

وبالتالي، في حين أن بغداد لم تكن في حاجة إلى دعم أميركي أكثر مما تحتاجه حاليا، إلا أن الولايات المتحدة لم تواجه أبدا بيئة أكثر تحديا لحشد مساعدات أميركية ودولية إضافية للعراق.

العمل على إنجاح الحوار الاستراتيجي

عندما يجتمع القادة الأميركيون والعراقيون في وقت لاحق من هذا العام تحت عنوان "اتفاق الإطار الاستراتيجي"، يجب أن يكون بث شكاويهم بصراحة في طليعة أولوياتهم. ومن ثم فإن ذلك يجب أن يفسح المجال للاعتراف بالمصالح المتبادلة، فضلا عن المجالات التي يمكن أن يتفق فيها البلدان أو يختلفان حولها. وطوال الفترة التي شغل فيها عادل عبد المهدي منصب رئيس الوزراء تقريبا ـ منذ تعيينه في عام 2018 إلى مكانته الحالية كرئيس حكومة تصريف أعمال ـ لم يكن لدى الولايات المتحدة ولا لأنصار دوليين آخرين شريك نشط وفطن في أعلى مراكز الدولة العراقية. في المقابل، إذا أصبح الكاظمي رئيسا للوزراء، فيمكن للمسؤولين الأميركيين الاطمئنان إلى أن أي مخاوف يعبّر عنها لهم ستصدر عن رجل قومي عراقي محترم يضع نصب عينيه مصالح بلاده السيادية، وليس مصالح إيران.

الزرفي والكاظمي كلاهما من المعتدلين السياسيين والقوميين العراقيين الذين تربطهم علاقات جيدة بشركاء بغداد الدوليين

وكانت الولايات المتحدة قد أشارت في الماضي إلى أن أي "اتفاق إطار استراتيجي" مع العراق هو صفقة شاملة، مما يعني أن بغداد لا تستطيع اختيار مزايا المساعدة أثناء اتخاذ (أو تحَمُّل) الإجراءات التي تقوض المصالح الاستراتيجية الأميركية. وعلى الرغم من أن العلاقة لم تُمنح صراحة طابع الصفقات، إلا أنها يجب أن تكون علاقة "أخذ وعطاء" وليس مجرد علاقة تتدفق بموجبها المساعدات من جانب واحد إلى العراق دون فائدة ملموسة. ولتأكيد هذه الفكرة أمام المسؤولين العراقيين، يجب على واشنطن أن توضح أهم توقعاتها الأساسية والمعقولة، وهي:

♦ حماية العناصر الأميركيين: في عهد عبد المهدي، أظهرت الحكومة العراقية فشلا لا يُغتفر ليس فقط في حماية المستشارين العسكريين الأميركيين المتواجدين في المراكز الأمامية، ولكن في حماية السفارة الأميركية في بغداد أيضا. 

ويثير الفشل الأخير السخط بشكل خاص في الفترة التي كانت فيها القوات الحكومية على استعداد تام لقتل العشرات (إن لم يكن المئات) من الشباب العراقيين لمجرد الحفاظ على أمن السفارة الإيرانية وسلامتها من التظاهرات التي استمرت أشهر والتي تُندد بالتدخل الإيراني. 

ولا بد من تغيير هذا الوضع ـ يجب على بغداد أن تأمر قواتها باتخاذ الخطوات اللازمة ضد أي فصائل مسلحة تهاجم ضيوفها الدوليين.

♦ حماية العملة الأميركية: على الرغم من اتساع نطاق العقوبات، لا يزال يتم تحويل الدولارات الأميركية إلى إيران أو إلى الجماعات الإرهابية المصنفة على قائمة الإرهاب الأميركية، بما في ذلك الجهات الفاعلة العراقية. يجب على بغداد أن تواصل بذل قصارى جهدها لمنع مثل هذا التحويل.

♦ إبقاء المساعدات الأمنية الأميركية بعيدة عن الجهات الفاعلة الفاسدة: يتم توفير الأسلحة والتدريب والدعم اللوجستي الأميركي للعراق في ظل شروط صارمة خاضعة للقوانين الأميركية، بما في ذلك الأحكام التي تستثني المذنبين بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان أو الارتباط مع الحكومة الإيرانية. 

بإمكان الحوار الاستراتيجي المنطقي برعاية رئيس وزراء شعاره "العراق أولا" أن يعيد شيئا من الانتظام الطبيعي واللياقة إلى العلاقات الثنائية

وإذا قررت واشنطن المضي قدما بـ"صندوق التدريب والتجهيز" لمكافحة تنظيم "الدولة الإسلامية" المقرر للسنة المالية 2021، فيجب على الحكومة العراقية الجديدة اتخاذ العديد من الإجراءات التصحيحية لإرساء التعاون الأمني على أسس ثابتة. وتشمل هذه تدقيقا معمّقا في القادة وفقا لقوانين "ليهي"، واستبعاد الشخصيات المصنفة على قائمة الإرهاب الأميركية من الأدوار الأمنية، وتجديد الجهود الاستشارية الأميركية مع "قوات الحشد العشائري"، والحماية العراقية الصريحة للقادة المدربين من قبل التحالف.

وليس هناك شك في أنه سيكون لبغداد قواعدها الأساسية وتوقعاتها المعقولة الخاصة بها، والتي يجب على الولايات المتحدة مراعاتها. على سبيل المثال، ما لم يتم مهاجمة القوات الأميركية داخل العراق، يجب على هذه القوات ألا تستهدف العناصر الإيرانيين والميليشيات المدعومة من إيران في البلاد. 

وفي غياب أي أدلة على انتهاك العراق للعقوبات، يجب على واشنطن أن تلتزم بإعادة تمديد إعفاءاتها في شرائح مستمرة أمد كل منها 120 يوما. وبالمثل، يجب أن تستمر في حماية الاحتياطيات السيادية العراقية من الدعاوى القضائية الدولية وتجنب المزيد من التهديدات بتجميد هذه الأموال. 

أخيرا، يجب على المسؤولين الأميركيين بذل كل ما في وسعهم لضمان حصول العراق على نصيبه العادل من الإغاثة الدولية ـ أو حتى أكثر من ذلك بالنظر إلى الضعف الملحوظ لأنظمته الصحية والاقتصادية العامة، التي يحمل استقرارها آثارا كبيرة على الأمن الإقليمي الأوسع.

بإمكان الحوار الاستراتيجي المنطقي برعاية رئيس وزراء محترم شعاره "العراق أولا" أن يعيد شيئا من الانتظام الطبيعي واللياقة إلى العلاقات الثنائية. وستحتاج بغداد بشدة إلى هذا النوع من إعادة الضبط خلال الأشهر المقبلة، عندما يصبح التأثير المحلي الكامل لفيروس كورونا أكثر وضوحا، وحين ترغمها أسعار النفط المنهارة إلى تطبيق أقسى إجراءاتها الاقتصادية التقشفية منذ عام 2003، وعندما يكثف تنظيم "الدولة الإسلامية" جهوده لاستغلال الفوضى.

المصدر: منتدى فكرة

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.