عناصر في قوات الأمن المصرية في سيناء، أرشيف
عناصر في قوات الأمن المصرية في سيناء، أرشيف

 قتل ثلاثة من رجال الشرطة المصرية وأصيب رابع على طريق جسر الوادي بمدينة العريش في سيناء السبت بعد تعرض سيارتهم  لإطلاق نار من مسلحين مجهولين.

وقالت مصادر أمنية لوكالة رويترز إن المهاجمين تمكنوا من الفرار، مشيرة إلى أنهم على الأرجح من المسلحين الإسلاميين الذين تطاردهم القوات المصرية في عملية عسكرية هي الأكبر من نوعها في المنطقة المجاورة لإسرائيل أطلقتها قبل حوالي ثلاثة أشهر.   

وانتشرت قوات الأمن في مكان الاعتداء وفرضت طوقا أمنيا حول مدينة العريش في محاولة لاعتقال منفذي الهجوم.

وفي سياق متصل، ذكرت مصادر أمنية في شمال سيناء أن مسلحين ينتمون لإحدى القبائل البدوية شنوا مساء الجمعة هجوما بالأسلحة الرشاشة على مقر قسم شرطة مدينة نخل في محاولة لتحرير مسجون قريب لهم.

وقال شهود عيان إن المسلحين كانوا يستقلون سيارات رباعية الدفع من طراز كروز بدون لوحات عندما فتحوا نيران أسلحتهم على مقر قسم شرطة نخل من على بعد حوالي 300 متر.

وأضاف الشهود أن قوات الشرطة تصدت للمهاجمين وردت عليهم لدقائق وأجبرتهم على الفرار، فيما أعنلت حالة الطوارئ القصوى في المنطقة وتم تعزيز مقر القسم بعدد من المدرعات وقوات من الجيش.

وينفذ الجيش المصري عملية أمنية واسعة في شبة جزيرة سيناء منذ الخامس من أغسطس/آب الماضي إثر مقتل 16 جنديا مصريا عند نقطة حدودية بين مصر وإسرائيل. وتتهم الحكومة المصرية جماعات جهادية مسلحة بالوقوف خلف الهجوم.

جدير بالذكر أن شبه الجزيرة أصبحت مرتعا للمسلحين في أعقاب الانفلات الأمني الذي واكب سقوط نظام حسني مبارك في فبراير/شباط 2011.

جندي مصري خلال إحدى المناورات العسكرية، أرشيف
جندي مصري خلال إحدى المناورات العسكرية، أرشيف



أثار حرص إسرائيل الدائم على ضمان التفوق العسكري على سائر الدول العربية مجتمعة حفيظة شعوب المنطقة التي لا تفوت فرصة للتعبير عن تشكيكها في نوايا الدولة العبرية.

وفي ظل تشكيك متبادل بنوايا كل طرف لاسيما بعد ما يعرف باسم "الربيع العربي" ووصول الإسلاميين إلى سدة الحكم في مصر، سعت القاهرة إلى تنويع مصادر سلاحها والحصول على أسلحة جديدة متقدمة، بينما زادت إسرائيل من إنفاقها العسكري، وسعت لتحديث ترسانتها المكتظة بأحدث الأسلحة.

فهل يثير التسليح الإسرائيلي قلق القاهرة؟، وكيف ستسير الأمور في حال اندلاع نزاع مسلح بين الدولتين؟.

في البداية يقول الخبير الإسرائيلي في شؤون الشرق الأوسط أفي إيسكاروف "صحيح إنه ليس هناك حالة حرب أو عمليات عسكرية ضد أي من البلدين، لكن العلاقات السياسية ليست كما كانت، بل يمكن القول إنها في حالة صعبة ".

وأعرب إيسكاروف عن اعتقاده باستمرار الوضع بين مصر وإسرائيل على حاله، مبديا في الوقت ذاته أمله بأن لا يشهد الوضع أي تدهور.

في المقابل يقول الخبير العسكري المصري اللواء حسن الزيات إنه ينظر بقلق إلى التسليح الإسرائيلي، لكنه أكد في الوقت ذاته أن "العبرة في النزاعات العسكرية ليست بالعتاد فقط".

وقال الزيات إن "الجيش الإسرائيلي جيش قابل للتمدد ويتميز بتسليحه الحديث والكثيف، وهو أمر مثير للقلق، لكن في حال نشوب نزاع مسلح فإن الجيش المصري سيكون قادرا على تنفيذ مهامه بالكامل".

وأكد أن " العبرة ليست في العتاد فقط فالجيش الإسرائيلي كان متفوقا على نظيره المصري في حرب 73 لناحية القوات الجوية وسلاح المدرعات لكن الجندي المصري كان أكثر تأهيلا وإصرارا على القتال ما جعله قادرا على تنفيذ المهام المكلف بها".

تفوق عسكري لإسرائيل والسعودية

وبحسب تقديرات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، المعني برصد الإنفاق العسكري في مختلف دول العالم، فقد زادت إسرائيل من ميزانيتها العسكرية بنسبة 6,8 بالمئة في العام الماضي لتصل إلى 15,2 مليار دولار وضعتها في المرتبة 17 بين أكثر دول العالم لناحية الإنفاق العسكري.

لكن رغم هذه الزيادة فإن المملكة العربية السعودية كانت الأكثر إنفاقا على السلاح في الشرق الأوسط حيث جاءت المملكة في المرتبة السابعة عالميا من حيث الإنفاق العسكري بإجمالي 46,2 مليار دولار وبنسبة 2,8 بالمئة من الإنفاق العسكري العالمي في العام الماضي.

في المقابل تراجع الإنفاق العسكري المصري في الفترة نفسها بنسبة 4,2 بالمئة ليصل إلى 4,1 مليار دولار ما وضع مصر في المرتبة 41 على العالم من حيث الإنفاق العسكري.

لكن رغم ذلك يقول اللواء حسن الزيات إن "الجيش المصري من أكبر جيوش المنطقة وهو يأتي ثانيا بعد الجيش الإيراني من حيث الحجم لكنه يتميز بالتأهيل العالي لأفراده والخبرة القتالية المرتفعة".

وأكد الزيات أن الجيش المصري لم يتأثر بثورة 25 يناير لأن الوحدات التي كانت تقوم على حماية المنشآت والنزول إلى الشوارع كانت من وحدات "احتياطي القيادة العامة" بينما لم تشارك القوات المعنية بالعمليات القتالية في هذه الأمور على الإطلاق واحتفظت بالدور المنوط بها في وحداتها.

جانب من حرب أكتوبر 73
جانب من حرب أكتوبر 73

​​
لكن بعد 39 عاما على آخر حرب بين مصر وإسرائيل، وفي ظل تقارير إعلامية إسرائيلية تتحدث عن قلق إزاء صفقة أسلحة بين مصر وألمانيا تحصل بمقتضاها القاهرة على غواصة متقدمة من طراز "209"، يبرز السؤال حول مستقبل العلاقات بين البلدين وما إذا كانت حرب أكتوبر 73 ستظل الحرب الأخيرة كما توقع الرئيس المصري الأسبق أنور السادات.

يرتبط البلدان بمعاهدة سلام ظلت صامدة لعقود، لكن هناك مطالب حالية من بعض القوى السياسية في مصر لتعديل بعض بنودها الأمر الذي ترفضه إسرائيل، التي عبرت بدورها عن القلق من عمليات الجيش المصري في سيناء التي استخدم فيها الأسلحة الثقيلة بالمخالفة لبنود معاهدة كامب ديفيد الموقعة عام 1979.

عن ذلك يقول الخبير الإسرائيلي في شؤون الشرق الأوسط أفي إيسكاروف إن ثمة تحفظات إسرائيلية حول قيام مصر بإدخال دبابات وقوات عسكرية إلى سيناء دون تنسيق أمني مع الدولة العبرية وفقا لنصوص اتفاقية كامب ديفيد.

وأضاف أن التحرك المصري في سيناء "أوجد مخاوف في إسرائيل من أن تؤدي العمليات العسكرية المصرية هناك إلى الإضرار بالعلاقات بين البلدين في نهاية المطاف".

واستطرد قائلا إن "العلاقات بين البلدين خلال فترة الرئيس السابق حسني مبارك كانت عبارة عن سلام بارد، لكنها الآن أصبحت أكثر برودة، بل إن هناك حاليا ثلوجا بين البلدين"، حسب تعبيره.

تحسن العلاقات أمر يعود إلى الجانب المصري ...
آفي إيسكاروف...

واعتبر أن تحسن العلاقة بين البلدين "أمر يعود إلى الجانب المصري" مؤكدا أن "الجانب الإسرائيلي يريد أن تتحسن العلاقات بين البلدين لكن السؤال هو هل يريد الرئيس المصري تحسين العلاقات أم لا؟".

يذكر أن معاهدة كامب ديفيد التي وقعت بوساطة أميركية تنص ضمن بنودها على تقسيم سيناء إلى ثلاث مناطق وهي "أ" التي ينتشر فيها الجيش المصري بعدد يصل إلى 22 ألف جندي بخلاف أسلحة متفق عليها بحسب الاتفاقية، والمنطقة "ب" التي تضم قوات شرطة فقط، والمنطقة "ج" الملاصقة للحدود المصرية مع إسرائيل والتي يسمح فيها بوجود قوات من حرس الحدود بتسليح شخصي فقط، إلى جانب قوات متعددة الجنسيات تراقب تنفيذ هذه البنود، التي تحظر أيضا على الطائرات الحربية المصرية التحليق في سماء المنطقتين "ب" و"ج".