مئات المعتصمين في ميدان التحرير
مئات المعتصمين في ميدان التحرير

بعد عامين على ثورة اعتبرها العالم "أيقونة التاج" في ثورات الربيع العربي، رفض المصريون المشاركة بقوة في اختيار دستور جديد للبلاد قد يسهم في تحقيق أهداف الثورة أو يعيد إنتاج النظام الذي ثار عليه المصريون وبذلوا الغالي والنفيس للتخلص منه.

فبعد أسابيع من الشد والجذب، والاتهامات المتبادلة، والتظاهرات من هنا وهناك، والاشتباكات الدموية، خرج 31 في المئة فقط من 25 مليون ناخب في عشر محافظات لممارسة حقهم الديموقراطي في التصويت على مسودة دستور أثارت جدلا لم ينته داخل كل بيت مصري.

وبينما تشير التوقعات إلى أن المرحلة الثانية المقررة يوم السبت المقبل لن تشهد مشاركة كبيرة ترقى إلى الطموحات، فإن الأسئلة تتداعى الواحد تلو الآخر حول أسباب هذا العزوف من المصريين عن المشاركة في الاستفتاء، وهل ضج المصريون من الديموقراطية، أم أنها ظرف مؤقت مرتبط بما تشهده البلاد من تطورات؟

يقول مدير مركز بحوث الشرق الأوسط في جامعة عين شمس الدكتور جمال شقرة إن عزوف المصريين عن المشاركة في المرحلة الأولى يعود إلى "الإحباط في الشارع المصري من كثرة الصراعات السياسية الموجودة على الساحة".

وأضاف شقرة أن نسبة التصويت المنخفضة قد تستمر في المرحلة الثانية المقرر إجراؤها يوم السبت المقبل في 17 محافظة تضم 25 مليون ناخب.


وواجه الاستفتاء الذي كان مقررا أن يتم على يوم واحد للمصريين في الداخل مشاكل مع مقاطعة عدد كبير من القضاة له، ورفض المعارضة إجراءه والحشد ضده، وتسيير التظاهرة تلو الأخرى للتنديد به والتشكيك في مشروع الدستور المطروح للاستفتاء واتهام القوى الإسلامية التي كانت لها اليد الطولى في الجمعية التأسيسية التي صاغت المشروع، بالسعي إلى تحويل مصر إلى دولة دينية.

وفي المقابل سعت جماعة الإخوان المسلمون وحلفاؤها من التيارات السلفية إلى حشد مؤيديها للضغط باتجاه إجراء الاستفتاء بل وتمرير مشروع الدستور، الذي يراه الإسلاميون وحلفاؤهم الأفضل في تاريخ مصر الحديث بينما يقول المعارضون إنه لا يلبي تطلعات المصريين إلى الديموقراطية والمستقبل الأفضل.

انقسام في الشارع

كل هذه المقدمات التي سبقت إجراء الاستفتاء أدت إلى تقسيم الشارع المصري على نحو لم يحدث من قبل، بل وهددت وحدة الصف المصري وجعلت حلفاء الأمس في الثورة خصوم اليوم في ميدان التحرير ومختلف الميادين التي جمعتهم لأيام خلال مسعاهم لإسقاط نظام مبارك.

هذا التقسيم انعكس في وجهات نظر المصريين الذين صوتوا لصالح أو ضد مشروع الدستور، فكلا الفريقين المؤيد والرافض يدافع عن موقفه ويتهم الآخر بالتخلي عن الثورة ووضع مصالحه الذاتية الضيقة في مقدمة الأولويات على حساب الوطن.

ذلك ما يؤكده محمد محمد يوسف الذي يسكن في محافظة الجيزة، إحدى محافظات المرحلة الثانية، إذ يقول إن "الرافضين للدستور يعملون ضد الوطن".
اعتراضي على الدستور.. كان لاعتراضي على ممارسات الإخوان المسلمين
موسى

ومضى يوسف، الذي يمتلك شركة للمقاولات ويعتزم التصويت لصالح مشروع الدستور، قائلا إن المعارضة تبحث عن السلطة ولا شي غير ذلك، معتبرا أن قادة المعارضة لاسيما محمد البرادعي وحمدين صباحي وعمرو موسى يسعى كل منهم لأن يصبح رئيسا لمصر.

وأشاد يوسف (40 عاما) بالرئيس محمد مرسي، الذي ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، قائلا إن "الرئيس يؤدي عمله بإخلاص لكن الفساد قوي وما زال مستمرا، ويريد أن يستمر ومن ثم فإن مقاومته ليست سهلة".

واتهم يوسف أجهزة الإعلام "بالقذارة وعدم المصداقية" معتبرا أن "الصحافيين والإعلاميين يدافعون عن مصالحهم فقط"، حسب تعبيره.

وقال يوسف، الذي أكد أنه لا ينتمي إلى أي فصيل سياسي، إن هناك مؤسسات كثيرة في مصر تعج بالفساد على نحو تستعصي معه جهود الإخوان المسلمين لتحسين الأوضاع.

استياء من الإخوان

في المقابل تقول إيمان ناصر، ربة منزل، إنها صوتت بـ"لا" لأنها "مستاءة من الإخوان المسلمين، ومن الدستور الذي أريقت بسببه كل هذه الدماء"، في إشارة إلى الاشتباكات التي وقعت بين مؤيدين ومعارضين للدستور خارج قصر الرئاسة وأسفرت عن مقتل ستة أشخاص على الأقل وإصابة المئات.

وأضافت ناصر، التي تسكن في حي عين شمس شرقي القاهرة، أنها كانت مترددة في البداية ومالت باتجاه التصويت لصالح مشروع الدستور أملا في تحقيق الاستقرار لكنها تراجعت عندما تذكرت أنها صوتت لصالح الإعلان الدستوري في مارس/آذار عام 2011 للهدف ذاته لكن لم يتحقق هذا الاستقرار المنشود، كما قالت.

وتوقعت أن يتم رفض مشروع الدستور لو لم يحدث أي تزوير في النتائج، حسب قولها، مشيرة إلى أنها لمست رفضا للمشروع من جانب أصدقائها وأقاربها على نحو قارب الإجماع بسبب ما حدث من اشتباكات وإراقة للدماء.

اتهامات بالتزوير

وبدوره يؤيد أحمد موسى، محاسب، ما تقوله إيمان بشأن إمكانية حدوث تزوير في نتائج الاستفتاء، الذي تقول منظمات حقوقية إنه شهد مخالفات تستدعي إعادة المرحلة الأولى بسبب شكاوى من عدم وجود قضاة في عدد من اللجان، وانتحال البعض صفة قضاة، وممارسة الدعاية خارج لجان التصويت.

وأضاف موسى (40 عاما) أنه لم يعترض على مشروع الدستور "حبا في المعارضة أو تأييدا للبرادعي أو صباحي أو غيرهم من رموز المعارضة، لكن لاعتراضي على ممارسات الإخوان المسلمين".

وذهب موسى أبعد من ذلك قائلا إنه لا يثق بالإخوان المسلمين، لكنه أكد في الوقت ذاته قدرتهم على تمرير مشروع الدستور بسبب قدرتهم على حشد مؤيديهم كما فعلوا في التظاهرات المليونية التي يسيرونها، حسبما قال.

وخلص موسى، الذي يسكن في حي مدينة نصر شرقي القاهرة، إلى أن "الجميع في المعارضة حاليا يبحث عن مصالحه الشخصية خصوصا بعد خسارتهم انتخابات الرئاسة"، لكنه استطرد قائلا "بصراحة أيضا الإخوان لم يقدموا شيئا لمصر، كما أن مكتب الإرشاد وليس مرسي هو من يدير مصر".

وقال إن " الوضع للأسف سيئ جدا، وهناك تعنت من الجانبين، واعتقد أن ذلك مرشح للاستمرار" معتبرا أن "الدستور لن يحل مشكلات مصر بل فقط تطبيق القانون على الجميع هو الكفيل بحل مشكلات مصر".

"مرسي جيد لكن قرارته سيئة"

من ناحيته ينظر علي محمد ناصر، من حي شبرا شمالي القاهرة، إلى المشهد بنظرة مختلفة فهو يرى أن "مرسي رئيس جيد لكن قراراته كلها مترددة".

وقال ناصر، وهو محاسب يبلغ من العمر 44 عاما، إنه لم يشارك في الاستفتاء "اعتراضا على الوضع" الذي تشهده مصر.

وأضاف أنه كان سيصوت بـ"لا" في حالة المشاركة في التصويت لأنه غير راض عن عدم الاستقرار الذي تشهده البلاد في صورة مظاهرات واشتباكات متكررة.

واعتبر ناصر أن "بنود مشروع الدستور في حد ذاتها ليست سيئة، لكن رفضي له يعود إلى عدم ثقتي في الإخوان المسلمين وبسبب سوء الوضع العام".

هذا التباين الشديد في المواقف من جانب المؤيدين والمعارضين لمشروع الدستور دفع الدكتور جمال شقرة إلى توقع عواقب وخيمة في الفترة المقبلة.

وقال شقرة إن المرحلة الثانية من الاستفتاء قد تشهد "حشدا قويا جدا لقوى المعارضة في مواجهة الإخوان المسلمين ومشروع الدستور، لكن في المقابل قد تزيد عمليات التزوير من طرف الإخوان والسلطة التنفيذية"، على حد قوله.

وأكد مدير مركز بحوث الشرق الأوسط في جامعة عين شمس "حدوث تزوير في المرحلة
في حال تم إقرار مشروع الدستور فإن مصر ستدخل في نفق مظلم
جمال شقرة

الأولى استنادا إلى المحاضر الصادرة بالمخالفات والانتهاكات التي شهدتها العملية الانتخابية".

وتابع قائلا إن "كل المشاهدات تشير إلى حدوث استقطاب لمجموعة من القضاة بهدف التصويت ب"نعم" في الاستفتاء، مع استغلال نسبة الأمية الموجودة في المجتمع المصري" لتمرير مشروع الدستور، حسبما قال.

وحذر شقرة من أنه "في حال تم إقرار مشروع الدستور فإن مصر ستدخل في نفق مظلم"، على حد تعبيره.

يذكر أن مشروع الدستور المصري جاء في 236 مادة تتركز الاعتراضات على بعض المواد فيها التي يقول الرافضون لها إنها تمهد لدولة دينية، وتعطي الجيش صلاحيات مطلقة، وتزيد من صلاحيات رئيس الجمهورية، وتتجاهل حقوق بعض فئات الشعب المصري، وتسمح بحل الأحزاب والتضييق على الصحف.

لكن في المقابل يقول المدافعون عن مشروع الدستور إنه يستجيب لمطالب ثورة 25 يناير، ويزيد من سلطات مجلس النواب، ولا يسمح باستئثار الرئيس بالسلطة، ويؤكد على استقلال السلطات، ويزيد من الحقوق والحريات، ولا يمهد لوجود دولة دينية كونه يعطي غير المسلمين الحق في الاحتكام لشرائعهم ويضع تفسيرا واسعا للشريعة الإسلامية.

نتانياهو
نتانياهو

أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الأحد، أن اليوم تاريخي بالنسبة للشرق الأوسط بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

وقال نتانياهو، خلال وجوده قرب الحدود مع سوريا، رفقة وزير الدفاع يسرائيل كاتس، إن  "هذا يوم تاريخي في الشرق الأوسط. نظام الأسد حلقة مركزية في محور الشر الإيراني - لقد سقط هذا النظام".

واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي أن "هذه نتيجة مباشرة للضربات التي وجهناها إلى إيران وحزب الله، الداعمين الرئيسيين. أدى هذا إلى خلق سلسلة من ردود الفعل في جميع أنحاء الشرق الأوسط لجميع أولئك الذين يريدون التحرر من نظام القمع والطغيان".

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، انتشار قواته في المنطقة العازلة منزوعة السلاح في الجولان، جنوب غربي سوريا، على أطراف الهضبة التي سيطرت عليها إسرائيل عام 1967 وأعلنت ضمها لاحقا.

وقال الجيش في بيان: "في ضوء الأحداث في سوريا وبناء على تقييم الوضع وإمكانية دخول مسلحين إلى المنطقة الفاصلة العازلة قام جيش الدفاع بنشر قوات في المنطقة الفاصلة العازلة وفي عدة نقاط دفاعية ضرورية".

وأكد الجيش في بيانه أنه "لا يتدخل" في الأحداث الواقعة في سوريا، مضيفا أنه "تقرر فرض منطقة عسكرية مغلقة ابتداء من اليوم (الأحد) في المناطق الزراعية في منطقة ماروم جولان، هين زيفان وبقعاتا وخربة عين حور".

وفي كلمته أشار نتانياهو إلى أن الوضع الحالي "يخلق فرصًا جديدة ومهمة جدًا لدولة إسرائيل. لكنها أيضا لا تخلو من المخاطر". 

وأوضح: "نحن نعمل أولا وقبل كل شيء لحماية حدودنا. وقد تمت السيطرة على هذه المنطقة منذ ما يقرب من 50 عامًا من خلال المنطقة العازلة التي تم الاتفاق عليها عام 1974، وهي اتفاقية فصل القوات (فك الاشتباك). وانهار هذا الاتفاق وتخلى الجنود السوريون عن مواقعهم. وبالتعاون مع وزير الدفاع، وبدعم كامل من الكابينيت، أصدرت تعليماتي أمس للجيش الإسرائيلي بالاستيلاء على المنطقة العازلة ومواقع القيادة المجاورة لها. ولن نسمح لأي قوة معادية بأن تستقر على حدودنا".

وأوضح " في الوقت نفسه، نعمل على اتباع سياسة حسن الجوار".

من جانبه قال وزير الدفاع الاسرائيلي يسرائيل كاتس، إن "سقوط الأسد يشكل ضربة قاسية لمحور الشر الإيراني، الذي وضع لنفسه هدف تدمير دولة إسرائيل. لقد تم قطع أذرع الأخطبوط واحدة تلو الأخرى. لقد جئنا إلى هنا لنقول بوضوح إننا عازمون على توفير الأمن للبلدات في هضبة الجولان. لقد أصدرنا تعليمات إلى جيش الدفاع الإسرائيلي - رئيس الوزراء وأنا - بموافقة الكابينيت، بالاستيلاء على المنطقة العازلة ونقاط المراقبة لضمان حماية جميع البلدات الإسرائيلية في مرتفعات الجولان - اليهود والدروز - حتى لا يتم كشفها للتهديدات من الجانب الآخر".

وتابع: "نحن عازمون على عدم السماح بالعودة إلى الوضع الذي كان عليه في السادس من أكتوبر، لا في هضبة الجولان ولا في أي مكان آخر".