أعضاء جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة قبل بدء مؤتمر صحفي عقد الأحد بالقاهرة
أعضاء جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة قبل بدء مؤتمر صحفي عقد الأحد بالقاهرة

أعلنت جماعة الإخوان المسلمين  الأحد انه تم تبني مشروع الدستور المصري المثير للجدل بأكثرية ناهزت 64 بالمئة من أصوات المشاركين في الاستفتاء الذي جرى على مرحلتين.

وكشفت الأرقام التي وضعتها الجماعة في تغريدة على تويتر أن نسبة المشاركة الإجمالية في التصويت بلغت 32 بالمئة من الناخبين المسجلين البالغ عددهم نحو 50 مليون شخص.

ومن المتوقع أن تعلن اللجنة الانتخابية النتائج النهائية خلال يومين، على أن يتم بعدها بدء العمل بالدستور رسميا ونقل السلطات التشريعية لمجلس الشورى والإعلان عن إجراء انتخابات مجلس النواب في غضون 60 يوما.

وقال سعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للإخوان المسلمين، "نمد أيدينا في حزب الحرية والعدالة لكل الأحزاب السياسية ولكل القوى الوطنية لنرسم سويا معالم المرحلة القادمة وأتمنى أن نبدأ جميعا صفحة جديدة".

من جهته، قال الحزب في بيان إن "الشعب المصري واصل أمس (السبت) مسيرته نحو استكمال بناء دولته الديموقراطية الحديثة بعد أن طوي صفحة الظلم والعدوان إلى غير رجعة".

وأكد أن مراقبيه "تأكدوا من أن التصويت والفرز تما تحت إشراف قضائي كامل ومراقبة حقوقية ومتابعة إعلامية محلية وعالمية".

وتابع انه "بالرغم من رصد بعض المخالفات إلا أنها قليلة ومحدودة الأثر، ولا تؤثر في مجملها على سلامة الاستفتاء".

جبهة الإنقاذ تشكك

في المقابل تحدثت جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة عن عمليات تزوير مؤكدة أنها ستطعن على نتيجة الاستفتاء.

وقال القيادي القومي اليساري حمدين صباحي، أحد ابرز قادة الجبهة، في مؤتمر صحافي بعيد الإعلان عن تأييد غالبية المصريين لمشروع الدستور،  إن الجبهة "ستطعن بنتيجة هذا الاستفتاء بسبب التزوير وانتهاك الاجراءات الانتخابية".

وأضاف أن "النسبة التي تم الاعلان عنها تؤكد حقيقة واحدة هي أن هذا الدستور لا توافق عليه"، معتبرا انه "دستور يشق الصف الوطني المصري ولا نستطيع أن نبني مستقبلنا على هذا الدستور".

وأكد صباحي الذي خسر الانتخابات الرئاسية أمام الرئيس الحالي محمد مرسي، أن "نضالنا سلمي لاسقاط هذا الدستور بكل الطرق المشروعة وأولها الطعن في نتيجة الاستفتاء بسبب التزوير والانتهاكات والتجاوزات"، مشددا على أن الدستور يمثل "فاتحة الباب لسلسة من القوانين ستعصف بالحريات العامة"، على حد قوله.

وحول مستقبل الجبهة المعارضة قال صباحي "سنبقى في أعلى درجة من الوحدة والتماسك ومستعدين أن نخوض كل المعارك الديمقراطية في المرحلة القادمة"، مشيرا إلى أنه بشأن الانتخابات البرلمانية القادمة "قرارنا النهائي سيخضع لقانون الانتخابات القادم".

من جانبه أكد القيادي في الجبهة عمرو حمزاوي أن "نضالنا سلمي من أجل اسقاط دستور باطل"، حسب وصفه.


استقالة نائب الرئيس

في غضون ذلك، وصفت عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب ايليانا روسي ليتينن التصويت على مشروع الدستور في مصر بأنه "هزيمة للشعب المصري".

وقالت روس ليتينن، وهي نائبة جمهورية، في بيان لها إنه "لا يمكن الاحتفال بإبدال نظام مستبد بحكم ديكتاتوري إسلامي"، على حد قولها.

وقبل ساعات من انتهاء المرحلة الثانية من الاستفتاء على مشروع الدستور الذي اغرق البلاد في أزمة سياسية خطيرة، أعلن نائب الرئيس المصري محمود مكي (58 عاما) استقالته من منصبه بينما تحدثت معلومات متضاربة عن استقالة محافظ  البنك المركزي فاروق العقدة.

وبرر مكي، احد رموز تيار استقلال القضاء الذي خاض معارك في عامي 2005 و2006 مع نظام الرئيس السابق حسني مبارك احتجاجا على تزوير الانتخابات التشريعية في ذلك الحين، استقالته بالقول إن "طبيعة العمل السياسي لا تناسب تكويني المهني كقاض".

وفي الوقت نفسه، أعلن التلفزيون المصري استقالة محافظ البنك المركزي فاروق العقدة من منصبه، بعدما تحدثت شائعات في الأيام الماضية عن احتمال رحيله "لأسباب صحية".

لكن مصدرا مسؤولا في رئاسة مجلس الوزراء نفى ذلك، مؤكدا أن "هذا الخبر عار عن الصحة"، كما ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط.

وفي حال اقر الدستور الجديد الذي أعده مجلس تأسيسي يهيمن عليه الإسلاميون وانسحب منه المسيحيون والليبراليون، فسيدخل حيز التنفيذ هذا الأسبوع.

نهاية الأزمة

وتعني الموافقة على الدستور التوجه نحو تنظيم انتخابات تشريعية بعد إصدار قانون انتخابي، لكن محللين يرون أن إقرار هذا الدستور الجديد لن يعني انتهاء الأزمة بسبب عمق الانقسامات.

ودعا الرئيس المصري إلى الاستفتاء على الدستور رغم نشوب أزمة سياسية كبيرة في البلاد التي شهدت تظاهرات حاشدة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية بناء على دعوة جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة التي تضم المعارضة اليسارية والليبرالية.

وتخللت التظاهرات أعمال عنف أدت إلى مقتل ثمانية أشخاص في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول الجاري في اشتباكات بين أنصار ومعارضي مرسي أمام قصر الرئاسة في القاهرة.

وعشية الجولة الثانية من الانتخابات جرح 62 شخصا من بينهم 12 من رجال الشرطة في اشتباكات في مدينة الإسكندرية بين المؤيدين والمعارضين لجماعة الإخوان المسلمين والحركات السلفية المتحالفة معها.

وقررت العديد من الهيئات القضائية مقاطعة الإشراف على الاستفتاء احتجاجا على قرارات للرئيس المصري اعتبرتها تدخلا في شؤون السلطة القضائية، إلا أن اللجنة العليا للانتخابات التي تنظم الاستفتاء أكدت أن لديها عددا كافيا من القضاة للإشراف على الاقتراع الذي تم على مرحلتين.

ناخبة مصرية تحمل طفلتها وهي تدلي بصوتها في إحدى لجان الجيزة
ناخبة مصرية تحمل طفلتها وهي تدلي بصوتها في إحدى لجان الجيزة

قالت منظمات حقوقية مصرية إن مخالفات شابت إدلاء الناخبين بأصواتهم في الساعات الأولى من المرحلة الثانية من الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد لمصر تماثل مخالفات في المرحلة الأولى.

وذكر التحالف المصري لمراقبة الانتخابات الذي يقول إنه يضم 123 منظمة حقوقية وتنموية في تقرير أن السمة التي برزت "بقوة" بحلول منتصف النهار يوم السبت تمثلت في "حدوث عمليات واسعة النطاق لتوجيه الناخبين من أجل التصويت لصالح (نعم)."

وأضاف أن مؤيدين للتيار الإسلامي قاموا بتوجيه ناخبين "مستغلين في ذلك الشعارات الدينية من قبيل نصرة الشريعة."

وقال إن القصد من التوجيه "ترجيح كفة الدستور لا سيما في ظل النتيجة غير الرسمية للمرحلة الأولى والتي أظهرت تفوق (نعم) بهامش طفيف عن (لا)."
 

وتابع أن المعارضين "رفضوا إقحام الدين في المعادلة السياسية وتقسيم المجتمع بين شقي رحى مما ينذر بخطر جسيم على المجتمع المصري ويهدد أمن واستقرار هذا البلد."
 

وكانت المنظمات الحقوقية قالت إن الإشراف القضائي في المرحلة الأولى لم يكن كاملا وإن أعمال بلطجة وقعت كما اكتشفت أخطاء في جداول الناخبين إضافة إلى توجيه ناخبين من قبل أعضاء في حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين.
 

وتتهم جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة الرئيس محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان بتمرير مشروع دستور يحابي حلفاءه الإسلاميين ويتجاهل حقوق المسيحيين الذين يشكلون ما بين ستة وعشرة في المئة من السكان وحقوق النساء بحسب قولهم.
 

وبحسب نتائج غير رسمية وافق على مشروع الدستور في المرحلة الأولى من الاستفتاء 57 في المئة من الأصوات الصحيحة.

ومن بين المنظمات المشاركة في التحالف المصري لمراقبة الانتخابات المنظمة المصرية لحقوق الإنسان كبرى المنظمات الحقوقية المصرية.


وقال التحالف في التقرير الذي نشر بموقع المنظمة المصرية لحقوق الإنسان على الإنترنت إن ملصقات وضعت على جدران مدارس بها لجان انتخاب دعت للموافقة على مشروع الدستور بينما يجب أن تكون أعمال الدعاية بعيدة بمئتي متر.


وأضاف "في محافظة الجيزة... بلجنة رقم 2 بمدرسة أبو الهول القومية الابتدائية... تبين أن رئيسة اللجنة باحثة قانونية (موظفة) بالنيابة الإدارية."


وينص إعلان دستوري صدر العام الماضي على إشراف كامل للقضاة على الانتخابات والاستفتاءات.


وقال التحالف إنه رصد تأخر فتح كثير من لجان الانتخاب وتعطيل الاقتراع من قبل مشرفين مما أدى لحدوث مشادات بين ناخبين كما منع مراقبون تابعون لمنظمات المجتمع المدني من دخول لجان ولم يوجد حبر فوسفوري في لجان مختلفة.


وقال التحالف إنه "في محافظة الإسماعيلية... لجنة رقم 20 بمدرسة عثمان أحمد عثمان بالشيخ زايد... رصد وجود اسم... نعمات توفيلس قلدس متوفاة منذ عام 2010 مقيدة برقم 3394."


ويجرى الاستفتاء اليوم في 17 محافظة وكان أجرى الأسبوع الماضي في عشر محافظات بينها القاهرة.

وقسم التصويت الى مرحلتين بسبب رفض قضاة الإشراف قائلين إن مرسي أصدر إعلانا دستوريا الشهر الماضي قوض سلطة القضاء.


وقالت منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان في تقرير منفصل إنه "لم تقم اللجنة العليا للانتخابات بتسهيل أي إجراءات كانت قد وعدت بها لتجنب ما حدث في المرحلة الأولى من حيث تكدس أعداد الناخبين."

وأضافت أنه في لجنة بمحافظة المنيا جنوب القاهرة "توجد بطاقات الانتخاب غير معلم عليها يحملها الإخوان (المسلمون) ويسلموها إلى الناس الداخلين إلى اللجان ومعلم عليها بعلامة نعم."

ويسمي مراقبون هذا الأسلوب المخالف "البطاقة الدوارة" لأنه سيكون على الناخب وضع الورقة المعلم عليها بالموافقة في الصندوق وتسليم الورقة التي يتسلمها في اللجنة دون أن يضع علامة عليها لمن أعطوه الورقة المعلم عليها مقابل مكافأة.

ولم يتسن حتى الآن الحصول على تعليق من اللجنة العليا للانتخابات المشرفة على هذا الاستفتاء الذي يجرى وسط انقسام تسببت فيه صياغة مشروع الدستور بواسطة جمعية تأسيسية غلب عليها الإسلاميون وانسحب منها ليبراليون ويساريون ومسيحيون.

وتقول الجمعية إن جميع الجهات المنسحبة وافقت ووقعت على المواد التي اعترضت عليها "إعلاميا"، كما دعت هذه الجهات المنسحبة إلى حوار أمس الجمعة للرد على انتقاداتها غير أن قادة جبهة الانقاذ المعارضة رفضوا المشاركة وبدت مقاعدهم خالية في جلسة الحوار وهم محمد البرادعي وعمرو موسى وحمدين صباحي والسيد البدوي.