وانتشرت قوات الشرطة بكثافة حول كاتدرائية القديس مرقس حيث لا يزال عدد من الأقباط متجمعين فيها.
وكانت وسائل إعلام محلية قد ذكرت في وقت مبكر الاثنين أن الاشتباكات تجددت بين مسلمين ومسيحيين على خلفية أحداث الأحد، حيث اشتعلت النيران في بعض الأشجار جراء إلقاء زجاجات المولوتوف الحارقة.
وأطلقت قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع بكثافة على المتواجدين في أعلى الكاتدرائية، بعد قيامهم بقذف قوات الأمن بالحجارة.
وكانت أعمال عنف استخدمت فيها الحجارة والخرطوش قد استمرت طوال الليل وبشكل متقطع بين أقباط تمركزوا على سطوح مباني داخل الكاتدرائية ومدنيين من سكان حي العباسية.
آشتون تعرب عن قلقها الشديد
وكانت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، التي ستغادر القاهرة الاثنين، قد أعربت عن قلقها الشديد مساء الأحد من أعمال العنف، داعية إلى "ضبط النفس".
وأضافت أنها "اتصلت على الفور بالرئاسة المصرية"، طالبة بأن "تسيطر قوات الأمن على الوضع".
اشتباكات دامية بين مسلمين وأقباط (الأحد 20:14 بتوقيت غرينتش)
وكانت مصادر حكومةي قد أفادت بأن شخصا واحدا قد قتل وأصيب 66 آخرون على الأقل في صدامات اندلعت الأحد أمام كاتدرائية الأقباط الارثوذكس في القاهرة بعد هجوم شنه مجهولون على مشيعين أقباط أثناء قداس جنائزي على أرواح أربعة قتلى سقطوا في أعمال عنف طائفية الجمعة في بلدة الخصوص شمال القاهرة.
وقال نائب رئيس هيئة الإسعاف المصرية أحمد الأنصاري إن "شخصا توفي متأثرا بجراح أصيب بها بعد نقله إلى مستشفى الدمرداش" الذي يقع في مواجهة مقر الكاتدرائية بينما أصيب 66 آخرون بجروح.
وقال التليفزيون الرسمي إن الرئيس محمد مرسي أجرى اتصالا هاتفيا بالبابا تواضروس الثاني أكد خلاله أنه يتابع عن كثب تطورات الأحداث أمام مبنى الكاتدرائية.
ونسب التليفزيون إلى مرسي القول إن "الاعتداء على الأقباط اعتداء عليه شخصيا" مؤكدا في الوقت ذاته أن "الحفاظ على الأرواح هو مسؤولية الدولة".
ومن ناحيتها نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن البابا تواضروس الثاني القول إنه يدعو "الجميع إلى الهدوء وإعمال العقل للحفاظ علي سلامة الوطن والأرواح والوحدة
الوطنية".
وقالت الوكالة إن الرئيس مرسي "طالب جميع المواطنين بعدم الانسياق وراء أمور تضر بسلامة واستقرار البلاد وتهدد الوحدة الوطنية، كما شدد على أن الكل شركاء في هذا الوطن".
وأضافت نقلا عن بيان لرئاسة الجمهورية أن مرسي "وجه بإجراء تحقيق فوري في أحداث العباسية وإعلان نتائج التحقيق على الرأي العام فور اكتماله" مؤكدا أنه "سيتم تطبيق القانون بكل حزم على من يثبت تورطه في هذه الأحداث وأنه لن يسمح لأحد بهدم الوطن".
اشتباكات دامية
وبحسب شهود عيان فقد حطم أقباط غاضبون خلال الجنازة سيارات لمواطنين في منطقة العباسية التي يقع فيها مبنى الكاتدرائية وقطعوا شارع رمسيس الحيوي (الذي تطل عليه الكاتدرائية) ما أدى إلى تلاسن بين المشيعين وسكان المنطقة.
وقال الشهود إنه بعد ذلك قام مجهولون بمهاجمة المشيعين باستخدام الحجارة وزجاجات المولوتوف وطلقات الخرطوش (من بنادق صيد)، فيما كان المشيعون يهتفون "يسقط يسقط حكم المرشد"، في إشارة إلى مرشد جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس محمد مرسي.
وأمام البوابة الخلفية للكاتدرائية كان الأقباط الذين شاركوا في مراسم التشييع بخرجون وهم في حالة من الغضب تصل إلى حد الغليان، كما قال شهود العيان.
وأوضح الشهود ان عددا كبيرا من المشيعين الأقباط دخلوا مجددا الى مقر الكاتدرائية للاحتماء به بينما قامت الشرطة بإقامة حاجز أمني حولها بعد اندلاع الصدامات.
وقال هاني صبحي وهو شاب قبطي "لقد هتفنا داخل الكاتدرائية "يسقط يسقط حكم المرشد" ونقل ذلك على الهواء مباشرة على شاشات التلفزيون وعندما بدأنا في الخروج كان هناك ناس في انتظارنا وكانوا جاهزين" للهجوم علينا.
وأكد ميشال لمعي الذي كان يخرج وهو يمسح دموعه التي سالت بسبب غازات تطلقها الشرطة من أمام الكاتدرائية فتسقط في باحتها أن "هناك عشرات المصابين في الداخل بعضهم بالخرطوش وبعضهم بالغاز".
وقال سامي عادلي وهو قبطي جاء للمشاركة في القداس الجنائزي "خرجنا من الكاتدرائية وكنا نعتزم التوجه إلى الاتحادية (مقر الرئاسة) وحصلت مشادات مع الشرطة لأن هناك من كان يقول إن اثنين من الشهداء الأربعة (الذين سقطوا في الخصوص) قتلا على يد الشرطة".
وتساءل بحنق "في أي بلد من العالم تطلق الشرطة الغاز على مقر البابا" مضيفا "لن يترك الأقباط هذا الامر يمر" بينما تدخل رجل آخر في العقد الخامس من عمره لم يشأ أن يذكر اسمه قائلا "إن الحكومة هي التي تريد أن يحدث هذا والحل الوحيد هو أن يتدخل الجيش".
ومع حلول المساء كان الموقف لا يزال شديد التوتر في محيط الكاتدرائية الواقعة في منطقة العباسية بوسط القاهرة بعد أكثر من ثلاث ساعات من اندلاع الصدامات.
إدانة من المعارضة
من جهتها أكدت وزارة الداخلية في بيان أنه "أثناء تشييع الجنازة وسيرها بشارع رمسيس قام بعض المشيعين بإتلاف عدد من السيارات مما أدى إلى حدوث مشاحنات ومشاجرات مع أهالي المنطقة".
وكان أربعة أقباط ومسلم قتلوا في أعمال عنف اندلعت مساء الجمعة في بلدة الخصوص، وهي منطقة فقيرة في محافظة القليوبية الواقع شمال القاهرة، وذلك بعد أن اعترض رجل مسلم على أطفال كانوا يرسمون صليبا معقوفا قرب مسجد.
وسب الرجل بعد ذلك المسيحيين والصليب وتشاجر مع شاب مسيحي كان بمر بالصدفة قبل أن يتحول الأمر إلى مواجهات بالأسلحة الآلية بين المسلمين والمسيحيين، بحسب أجهزة الأمن.
وقال القس سريال يونان من كنيسة الخصوص في تصريح بثته وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية إن "جزءا من كنيسة انجيلية احترق".
كما أحرق مسلمون منزل أسرة مسيحية ونهبوا صيدلية يملكها أقباط، وفقا لمصادر الشرطة.
وبحسب مسؤول في الشرطة فقد تجددت الاشتباكات في بلدة الخصوص يوم الأحد.
وأوضح المسؤول أن "هناك اشتباكات بين المسيحيين والمسلمين وبعض الشباب يشتبكون مع الشرطة".
وقال إن المسلمين والمسيحيين تبادلوا الرشق بالحجارة بينما استخدمت الشرطة الغازات المسيلة للدموع للسيطرة على الموقف ومنع تفاقم الوضع.
في غضون ذلك، قال أحد قادة جبهة الانقاذ الوطني المعارضة الأمين السابق للجامعة العربية عمرو موسي في بيان مقتصب إن "ما حدث في الخصوص وأمام الكاتدرائية مأساة مؤسفة تشير إلى فشل المجتمع والدولة في التعامل مع قضايا المواطنة والمواطنين وتأمين حياتهم".
وأضاف أن "الأمر يحتاج إلى وقفة جادة فلا يمكن أن تتعرض مصر لمأساة اقتصادية واجتماعية في نفس الوقت، إحذروا أن تتحول مصر إلى دولة فاشلة".
ويشكل الأقباط ما بين 6 إلى 10 بالمئة من المصريين البالغ عددهم 84 مليونا وهم أكبر طائفة مسيحية في الشرق الأوسط.