فتاتان من التيار الإسلامي خلال تظاهرة في القاهرة، أرشيف
فتاتان من التيار الإسلامي خلال تظاهرة في القاهرة، أرشيف

سلط حادث مقتل أربعة من الشيعة المصريين الضوء على هذه الطائفة التي تمتلك تاريخا طويلا في مصر لكنها تواجه اتهامات كثيرة على رأسها عدم الولاء لبلدها الأم.

يعود تاريخ الشيعة في مصر إلى زمن الدولة الفاطمية التي سيطرت على البلاد قبل نحو ألف عام ويعود إليها الفضل في بناء مدينة القاهرة بل وبناء جامع الأزهر الذي تحول بمرور الوقت إلى أكبر مرجعية لأهل السنة في العالم.

ورغم التاريخ القديم لهذه الطائفة فإنه لا يوجد تقدير دقيق لأعداد أتباعها في مختلف أنحاء مصر لاسيما وأن البعض يخلطون بين أتباع الطائفة الشيعية في مصر وغالبيتهم من المذهب الجعفري (الإثني عشري) وبين أتباع الطرق الصوفية التي تأثرت في طقوسها ومعتقداتها كثيرا بالشيعة لكنها تنتمي إلى المذهب السني.

وتقدر مصادر إعلامية في مصر عددهم بين 18 و35 ألف شخص، فيما يقول الباحث المتخصص في شؤون الشيعة محمد حمدي عمر إن أعداد الشيعة في مصر لا تتجاوز عشرة آلاف شخص، غير أن الشيعة أنفسهم يقولون إن عددهم يفوق مئة ألف شخص بل إنه قد يصل إلى ثلاثة ملايين شخص، على حد قول بهاء أنور المتحدث الرسمى باسم الشيعة بمصر.
 ​​ ​​
 ويعترف الأزهر بالمذهب الجعفري بناء على فتوى من شيخه الأسبق محمود شلتوت الذي قال عام 1959 بجواز التعبد بالمذهب الجعفري كسائر مذاهب أهل السنة، لكن رغم ذلك فإن السلطات المصرية لم تسمح لأتباع الطائفة الشيعية بإقامة حسينيات (مساجد) خاصة بهم، كما أنها ضيقت عليهم ومنعتهم من إقامة شعائرهم بشكل علني لعدم وجود اعتراف حكومي رسمي بالمذهب الجعفري.

ويشترط القانون المصري للاعتراف رسمياً بجماعة دينية أن يتم التقدم بطلب لإدارة الشؤون الدينية بوزارة الداخلية، والتي تحدد بدورها إن كانت هذه الجماعة تشكل خطراً على "الوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي"، وفي حال الموافقة على الطلب يتم الاعتراف بالجماعة الجديدة وفقا لقانون يعود إلى عام 1927، أما في حالة عدم تسجيل الجماعة فإن أعضاءها يكونون عرضة للسجن أو الغرامة في حال اعتقالهم خلال ممارسة طقوسهم.
 
"بذور الفتنة"

والتضييق على الشيعة في مصر كان قائما في فترتي حكم الرئيسين الراحل أنور السادات (1970-1981) والسابق حسني مبارك (1981-2011)، إذ قام الأول بغلق المسجد الوحيد للطائفة الشيعية عام 1979 وتحويله إلى مسجد سني خاضع لوزارة الأوقاف، فيما لم يمنع الأخير عمليات الاعتقال التي نفذتها سلطات الأمن في عهده بحق عدد من قيادات الشيعة بينهم حسن شحاتة، أحد قتلى الهجوم الذي استهدف منزلا للشيعة في عزبة أبو مسلم بالجيزة منذ أيام وأودى بحياة أربعة أشخاص ولقي استياء واسع النطاق وإدانة من المؤسسات الرسمية والدينية على حد سواء.

لكن رغم هذه الإدانات المتلاحقة فإن الخطاب الديني الملتهب بحق الشيعة لاسيما من بعض شيوخ السلفيين في مصر تسبب في زيادة مشاعر العداء تجاه الشيعة خصوصا بعد التقارب الذي شهدته العلاقات بين مصر وإيران عقب فوز الرئيس محمد مرسي بالانتخابات الرئاسية في العام الماضي وزيارته لإيران واستقباله بعد ذلك الرئيس الإيراني المنتهية ولايته محمود أحمدي نجاد في القاهرة، وما تلا ذلك من استقبال وفود سياحية إيرانية في مصر.
​​​​​​
​​​​ليس ذلك فحسب بل إن الشيخ السلفي المعروف محمد حسين يعقوب نسب إلى الرئيس محمد مرسي تصريحات يهاجم فيها الشيعة قبل فوزه بالانتخابات الرئاسية.
​​​​​​​
مسؤولية مرسي
 
هذه التصريحات جعلت القيادي الشيعي في مصر السيد الطاهر الهاشمي يحمل الرئيس مرسي ومن وصفهم بشيوخ السلفية الوهابية المسؤولية عن مقتل الشيعة الأربعة في الجيزة.
 
وقال الهاشمي على موقعه الإلكتروني إن "الرئيس محمد مرسي يتحمل مسؤولية الأحداث عقب التحريض المباشر الذي قام به في خطابه الأخير بالصالة المغطاة في استاد القاهرة قبل أيام (خلال مؤتمر نصرة سورية) والذي كان تحريضا علنيا برعاية الرئيس وحكومته ضد الشيعة وأتباع مذهب أهل البيت في مصر".

وفي تصريحات أخرى له أكد الهاشمي على "الهوية المصرية للشيعة المصريين" قائلا إنه "لا يوجد أي تدخل من إيران في الشأن الشيعي المصري لأن شيعة مصر ولاؤهم الأول لوطنهم".
 
واستطرد قائلا إن "الشيعة المصريين يحملون جنسية مصر وليس جنسية إيران" مستنكرا "الحديث دائمًا عن علاقة شيعة مصر بإيران".

بدوره قال قيادي شيعي آخر في مصر هو أحمد راسم النفيس" إن الشيعة سيشاركون في مظاهرات 30 يونيو للمطالبة بسحب الثقة من الرئيس محمد مرسي لعدم تمكن نظامه من حماية أرواح المواطنين".

وأضاف النفيس  أن "الشيعة جزء من الوطن المصري لهم حقوق وفق الدستور والقانون"، مشيرا إلى ما قال إنها "أصابع خارجية تتحمل مسؤولية مقتل أربعة من المصريين الشيعة، بالتعاون مع جهات داخلية من خلال التحريض على هذه المذبحة".

وأضاف أن "هناك بعض دول الخليج التي تحاول أن تضغط على حزب الله وإيران للخروج من سورية من خلال استهداف الشيعة في عدد من البلدان العربية"، على حد قوله.

لكن رغم الاستياء الذي خلفه الهجوم على الشيعة في مصر فإن تطورات الأوضاع في سورية ولبنان والبحرين، والشكوك الدائمة من بعض قادة دول الخليج وشيوخ الجماعات السلفية فضلا عن التوتر السياسي في مصر وتنامي نفوذ جماعات الإسلام السياسي تشكل مجتمعة عوامل تجعل من الصعب التكهن بمستقبل العلاقة بين الأقلية الشيعية والأغلبية السنية في مصر .

صورة أرشيفية لصانعة المحتوى فدوى مواهب- حسابها في فيسبوك
صورة أرشيفية لصانعة المحتوى فدوى مواهب- حسابها في فيسبوك

تقدم محام مصري بدعوى قضائية ضد مدرسة سورية مصرية، بدعوى "التطاول على الحضارة الفرعونية"، متهماً إياها بـ"التطرف".

واستند المحامي هاني سامح في دعواه أمام محكمة القضاء الإداري إلى قانون تنظيم الصحافة والإعلام "رقم 180 لسنة 2018"، الذي يحظر نشر أو بث "أي مواد إعلامية تدعو إلى الكراهية أو العنف أو التمييز الديني".

كما استند إلى "قانون 51 لسنة 2014"، الذي ينظم ممارسة الخطابة والدروس الدينية، ويشترط حصول الدعاة على ترخيص رسمي من وزارة الأوقاف أو الأزهر الشريف.

بناء على ذلك، طالب سامح بحظر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي للمخرجة السابقة والمدرسة فدوى مواهب، التي يتابعها فيها نحو مليوني شخص (فيسبوك، إنستغرام، تك توك).

ونشر وثيقة الدعوى على حسابه في فيسبوك.

أما السبب فهو منشور لمواهب -حذفته لاحقاً من حساباتها- تضمن صورا من زيارتها للمتحف المصري.

وما أثار الجدل الكبير وتسبب بهجمة من نشطاء مصريين في السوشال ميديا، هي العبارات التي أرفقتها بتلك الصور.

وكتبت على صورة لتمثال رمسيس الثاني آية قرآنية "وقال فرعون ذروني أقتل موسى"، وعلى صورة أخرى له "سبحان الله الملك له الملك وحده".

الكثير من المتابعين اعتبروا ما كتبته "إهانة وإساءة" للحضارة المصرية القديمة.

وقالوا "أساساً رمسيس الثاني ليس نفسه الفرعون" الذي ذكر في القرآن.

وطالب العشرات بسحب الجنسية المصرية منها، حتى أن عديد المنشورات اتسمت بطابع عنصري.

ومواهب ولدت لأم مصرية وأب سوري.

وردا على الاتهامات، كتبت مواهب على صفحتها في فيسبوك "كنت في زيارة المتحف المصري الجديد في سحور، وتعجبت من هذا الإنجاز العظيم، وكيف أن مكانا واحدا جمع كل عظمة الحضارة المصرية".

هذا الأمر دعاها لمشاركة متابعيها صورا وفيديوها من داخل المتحف، كنوع من أنواع الدعاية لمصر و"التذكرة بأن سيدنا موسى عليه السلام كان هنا في مصر"، وفق قول مواهب.

وأضافت "ليس لدى أي نية أو مغزى آخر كما اعتقد البعض، وهذا سوء فهم، لذلك قررت التوضيح".

 

وفي وقت يبدي الآلاف إعجابهم بطريقة مواهب في تدريس الثقافة الإسلامية للأطفال، يتهمها الكثيرون بـ"نشر التطرف والأفكار الرجعية".

لذلك، يحصل جدل بين كل حين وآخر على الموضوعات التي تقدمها، خصوصاً أنها تشارك معظم الحصص الدراسية عبر حساباتها في مواقع التواصل.

بالنسبة للمحامي سامح، فمواهب من خلال الأفكار التي تشاركها في السوشال ميديا "تهدد الدولة المصرية".

وقال في منشوره الذي فصّل دعواه القضائية "من المقرر أن تنظر محكمة القضاء الإداري الدعوى في جلساتها المقبلة".

ويأمل من خلالها أن "تصدر المحكمة حكما يرسخ مبادئ الدولة المدنية ويحمي الحضارة الفرعونية من محاولات التشويه واستغلال الدين لتحقيق مكاسب تجارية" على حدّ تعبيره.