خاص بموقع الحرة/
يعيش الملحدون في مصر تحت تهديد مستمر بالملاحقة، وتثير قلقهم فكرة طرحها البرلماني المصري عمرو حمروش مؤخرا حول مشروع قانون يقضي بسجن وتغريم الملحدين، ويرون أنها تأتي في إطار ملاحقة "كل من يخرج عن الدين الرسمي للدولة".
هذا ما قاله لموقع "الحرة" حسن كمال (33 عاما)، وهو محامي مصري ملحد، مضيفا أن الملحدين أساسا لا تتوفر لهم البيئة المناسبة للتعبير عن أفكارهم.
ويروي بعض ما يحدث معه في يومياته كملحد يعيش في القاهرة ويقول "كنا مجموعة من الملحدين نجلس على مقهى في القاهرة، وتعرف علينا أحد الأشخاص، ثم دخل في نقاش معنا تطور إلى محاولة الاعتداء علينا جسديا، فاضطررنا إلى ترك المكان".
هذه فقط إحدى التجارب التي شعر فيها بالتهديد لكونه ملحد. والآن، يتوقع أن تزداد الأمور سوءا لو تم إقرار مقترح تجريم الإلحاد في مجلس النواب.
وكانت صحيفة الأهرام قد نشرت تقريرا عن قصة ملحد مصري كان قد تقدم ببلاغ إلى الشرطة بشأن تعرضه وزوجته للاعتداء بسبب معتقداته، وبدلا من التحقيق في البلاغ، حسب الصحيفة، اعتقلتهما الشرطة واعتدت عليهما.
الملحدون في مصر
حمروش، أمين سر اللجنة الدينية في مجلس النواب، أعلن أنه يعد مشروع قانون لمعاقبة الملحدين، بسبب "انتشار ظاهرة الإلحاد" في المجتمع المصري، واعتبر في تصريحات له أن "خروج الشخص من الدين الذي يعتقد به بمثابة ازدراء للأديان".
ولمصطلح "ازدراء الأديان" قصة طويلة في مصر. فهو تهمة لاحقت العديد من المصريين في السنوات الأخيرة، وفي أغلب الأحيان بسبب نشرهم بشكل علني أفكارا اعتبرت "مسيئة للإسلام".
ومن بين من لاحقتهم هذه التهمة أشخاص اعتبرت أفكارهم إلحادية، مثل المدون كريم صابر الذي حكم عليه بالسجن خمس سنوات بعد نشره مجموعة قصص قصيرة بعنوان "أين الله؟"، وكريم البنا الذي حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات.
لا يوجد إحصاء رسمي لعدد الملحدين في مصر، لكن دار الإفتاء سبق أن قدرت في 2014 عددهم بـ866 ملحدا مستندة إلى دراسة نشرتها منظمة ريد سي البحثية، وهو ما أثار تهكم ناشطين كثيرين رأوا أنه لا يمكن القيام بإحصاء للملحدين. وأكد كثيرون أن العدد أكبر من ذلك بكثير.
وقبل عدة أشهر، أعلنت محكمة الأسرة في مصر ازدياد دعاوى الطلاق القضائية التي تلقتها بسبب "إلحاد الزوج أو تغيير العقيدة إلى "6500 قضية" عام 2015.
وأشار مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة الذي يتبع دار الإفتاء المصرية، في تقرير سابق إلى زيادة أعداد الملحدين في مصر في السنوات الأخيرة، ورد ذلك إلى أسباب من بينها مواقع التواصل الاجتماعي التي وفرت لهم المساحة للتحدث بحرية في أمور الدين.
ولفت مستشار مفتي الجمهورية المصرية إبراهيم نجم إلى انتشار عشرات المواقع الإلكترونية التي تدعو إلى الإلحاد وتدافع عن الملحدين. وقال تقرير المرصد إن الجماعات المتشددة تقف أيضا وراء الظاهرة لأنها "شوهت صورة" الدين.
يؤكد الملحد المصري حسن كمال أن وسائل التواصل الاجتماعي هي المتنفس الوحيد له للتعبير عن آراءه في مصر. كان حسن يشارك في حلقات نقاشية على منتديات إلكترونية تتناول قضايا الإلحاد والحريات الدينية.
الواقع الافتراضي هو المكان الذي يعبر فيه عن رأيه "بعيدا عن الملاحقة الاجتماعية على الأرض"، حسب قوله.
"الملاحقة الاجتماعية أخطر"
ويرى حسن أن "المجتمع يلاحق الملحدين أكثر من الحكومة" والتهديد الذي طاله وآخرون على المقهى يؤكد ذلك. أما بالنسبة للقضايا المرفوعة ضد أشخاص بتهمة ازدراء الأديان فيمكن للمحامي أن يجد مخرجا للمتهم لأنه لا يوجد نص صريح ضد الإلحاد. لكن بحال إقرار مشروع القانون المقترح، سيصير القانون واضحا وصريحا، ولن يجد القاضي أمامه سوى تطبيق العقوبة بحق المتهم، بحسب حسن.
ويرى حسن أن القانون المقترح يعبر عن "عقلية القرون الوسطى، وما تمثلها من الخوف من السلطة الدينية وملاحقة كل من يخرج عن الدين الرسمي للدولة".
وبحسب حسن، كان التعبير عن الإلحاد أحد التابوهات قبل عام 2011، أي قبل الثورة التي أطاحت الرئيس الأسبق حسني مبارك، لكن تغير الوضع الآن، وأصبح الملحدون يتحدثون عن رأيهم بحرية أكبر.
الآن، يتابع، "تشعر السلطة الدينية بالتهديد من دعاوى الانفتاح والتجديد وتخشى من تأثر المؤمنين بأفكار الملحدين حتى أن الأزهر يضغط باتجاه منع ظهورهم على شاشات التلفزيون".
هل ستنفذ الفكرة؟
يرى الناشط الحقوقي جمال عيد أن الفكرة التي طرحها النائب "سطحية" ولا تعبر عن اهتمامات الناس، ويقول "لا يجب أن يكون هناك قانونا يفتش في ضمائر الناس".
وحول مصير هذا المقترح، توقع عيد في حديثه إلى موقع "الحرة" أن تكون "مجرد فكرة خطرت على بال النائب لكنها لن ترى النور كقانون".
وحذر الناشط الحقوقي المصري من أن هناك متشددين مدفوعين من الأجهزة الأمنية يتعمدون خلق هذه القضايا الوهمية، ويقول "الموظفون يعولون على المتشددين ويمنحونهم الفرصة على حساب التنويريين".
لكن لو حدث أن نفذت الفكرة على الأرض، يقول عيد "سيكون البرلمان أبعد ما يكون عن ممارسة دوره المنوط به، وسيفقد مصداقيته، وسيجعل مصر عرضة للسخرية".
المصدر: موقع الحرة