خاص بـ"موقع الحرة"/ مصطفى هاشم
منذ الزيادة على أسعار الوقود في 2018، يتخلى محمد سعيد (33 عاما) عن سيارته في معظم مشاويره، لكنه عرضها اليوم للبيع نهائيا، وقرر التخلي عنها، بعد أن قررت الحكومة المصرية زيادة أسعار الوقود الجمعة بنسب تتراوح بين 16 و30 بالمئة لجعلها متماشية مع التكلفة الفعلية.
ويقول سعيد لـ"موقع الحرة": "ليس التخلي عن السيارة فقط، بل التخلي عن أشياء كثيرة أخرى لأن زيادة أسعار البنزين يعني تضاعف أسعار السلع الأساسية.. والمرتب يتناقص لأن الضرائب تزداد بحجة زيادة الأسعار".
وتقليص دعم الوقود بند رئيسي في حزمة إصلاحات ضمن برنامج قرض بقيمة 12 مليار دولار مدته ثلاث سنوات وقعته مصر مع صندوق النقد الدولي في 2016، بينما كان الاقتصاد يواجه صعوبات للتعافي من الاضطرابات التي أعقبت انتفاضة 2011.
وبدأت أسعار الحاجيات الأساسية في الزيادة منذ أيام، حيث كانت هناك أنباء عن قرب الزيادة المرتقبة، خاصة مع ظهور إعلانات حكومية على وسائل الإعلام تشير إلى حجم الأموال التي تدفعها الحكومة من أجل دعم الوقود والخدمات، ومقارنة أسعار الخدمات بنظيرتها في الدول الأوروبية، متجاهلة مقارنة الأجور بنظيرتها في هذه الدول.
ويقول الصحفي الاقتصادي عبد القادر رمضان لـ"موقع الحرة" إن زيادة أسعار المواد البترولية سيكون له تأثير تضخمي، يعني زيادة في أسعار عدد كبير من السلع والخدمات خاصة الغذاء والمواصلات والنقل، خاصة أن الدولة ليس لديها أدوات رقابية قوية على السوق".
ويعيش نحو ثلث المصريين دون الخط الأدنى للفقر، وهم الأكثر تضررا من كل الزيادات التي ستحدث في الأسعار.
ومنذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم في 2014، طبقت حكومته برنامج تقشف صارم يهدف إلى إنعاش الاقتصاد.
وارتفعت الأسعار بشكل كبير منذ 2014، حيث كان سعر بنزين 92 يبلغ 1.85 جنيه لكنه أصبح اليوم بثمانية جنيهات، وأصبح لتر السولار بـ6.75 جنيه بعدما كان بـ1.10 جنيه، فيما كان سعر بنزين 95 يبلغ حينها 5.85 جنيه لكنه أصبح بتسعة جنيهات.
وتقرر أيضا رفع سعر إسطوانات الطهي من 50 جنيها إلى 65 جنيها بعدما كانت بثمانية جنيهات رسميا في 2014.
وستؤثر زيادات غاز الطهي بشكل مباشر على سكان القرى والنجوع أكثر من سكان المدن التي يشيع فيها استخدام الغاز الطبيعي.
وزيادة أسعار السولار والبنزين 80 أوكتان الأقل جودة هي الأكثر تأثيرا على شرائح واسعة من المصريين نظرا لاستخدامهما في أغلب وسائل النقل والمواصلات العامة والخاصة.
ويوضح عبد القادر أنه بداية من أكتوبر المقبل، سيتم تطبيق آلية التسعير التلقائي على المواد البترولية، وهي مطبقة حاليا على بنزين 95، بحيث يتم ربط السعر بسعر البترول العالمي وسعر الصرف، ومراجعته كل ثلاثة أشهر.
كان محمد سعيد من أصحاب الدخول فوق المتوسطة منذ ثلاث سنوات لكنه يقول "هناك الكثير من الأشياء التي اضطررت للتنازل عنها، مثل اشتراك أولادي في التمرينات الرياضية لأنه ليس لدي القدرة على دفع الاشتراك حاليا".
ويبلغ الحد الأدنى للرواتب الشهرية في مصر 2000 جنيه (120 دولارا تقريبا)، فيما يبلغ متوسط دخل الأسرة المصرية سنويا نحو 44.2 ألف جنيه (2660 دولارا)، حسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
أما مروة محمد (42 عاما) فقد أصبحت سائقة مع شركة أوبر، وتركت شقتها لأنها لا تستطيع دفع الإيجار الشهري وتجلس حاليا مع والدها هي وولدها وبنتها، وذلك بعد أن كانت تمتلك شركة للتدريب الإعلامي.
وعمل المرأة على سيارة أجرة هو أمر بالغ الصعوبة في مصر، لكنها تقول إنها اضطرت إلى ذلك لتعيل أسرتها الصغير خاصة أن طليقها أصبح لا يشارك في الصرف على أولاده لأن حالته الاقتصادية باتت أصعب "لا تستغرب لو سمعت عن حالات انتحار بعد هذا القرار"، تقول مروة في حديثها مع "موقع الحرة".
ويتذمر المصريون من الانخفاض الكبير لقدراتهم الشرائية منذ تقليص الدعم وانخفاض قيمة الجنيه المصري، الذي خسر أكثر من نصف قيمته قياساً بالدولار منذ عام 2016.
وفي مايو رفعت الحكومة المصرية اسعار الكهرباء بنسبة تصل إلى 15%
ورغم زيادة الاستثمار الخارجي المباشر بمستويات كبيرة، إلا أن ديون البلاد ارتفعت بشكل كبير.
ويقول عبد القادر إن "تخفيض عجز الموازنة أمر مهم لأنه سيساعد في تقليل الاقتراض وبالتالي خفض معدلات الدين، ويجعل الموازنة أكثر استدامة، لكن هذا يجب أن يتزامن معه إصلاح اقتصادي، وليس مالي ونقدي فقط، هذا يعني إصلاح لهيكل الاقتصاد وتمكين القطاع الخاص ومكافحة الفساد، وتهيئة مناخ جاذب للاستثمار، لتوفير فرص عمل تمكّن الناس من تحسين دخلها وتشعر باستفادة من أي إصلاح اقتصادي".