السفارة البريطانية تقع على محاذاة كورنيش النيل مباشرة
السفارة البريطانية تقع على محاذاة كورنيش النيل مباشرة

أثار بيان وزارة الداخلية المصرية، الذي صدر بعد أكثر من 15 ساعة على حادث انفجار في منطقة حيوية مليئة بالسفارات والمواقع الحكومية، تساؤلات بشأن المكان الذي كان يستهدفه الانتحاري قبل أن تصطدم سيارته وتنفجر وسبب ما بدا تلكؤا في التعامل مع الحدث رسميا وإعلاميا.

فما بين الحادية عشر مساء ومنتصف ليل الأحد، سمع دوي الانفجار الضخم في معظم أنحاء القاهرة، والذي أدى إلى مقتل 20 شخصا وجرح أكثر من 30 آخرين. 

بداية، صدر بيان مقتضب عن وزارة الداخلية، قالت فيه "أثناء سير إحدى السيارات الملاكي المسرعة عكس الاتجاه بطريق الخطأ بشارع كورنيش النيل أمام معهد الأورام بدائرة قسم شرطة السيدة زينب اصطدمت بالمواجهة بعدد 3 سيارات الأمر الذي أدى إلى حدوث انفجار نتيجة الاصطدام". 

وبعد أكثر من 10 ساعات أصدرت الداخلية بيانا ثانيا، أعلنت فيه أن الفحص المبدئي أشار إلى أن السيارة المتسببة في الحادث كانت مسروقة وبداخلها كمية من المتفجرات أدى حدوث التصادم إلى انفجارها.

وبخلاف ما ذكر البيان الأول للوزارة، لم تكن السيارة المتسببة "مسرعة" كما ظهر في فيديو لقطته كاميرا مراقبة معهد الأورام.

​​وبخلاف الحوادث السابقة أو معظمها، تأخرت السلطات المصرية في توجيه الاتهام لأي جهة بالمسؤولية عن التفجير حتى اليوم الثاني.

وفي مصر، وبحسب مصادر إعلامية تحدثت لـ"موقع الحرة"، فإن هناك مجموعة على واتساب لمسؤولي التحرير في الصحف المصرية الحكومية والخاصة، تحت إشراف ضابط تتلقى منه المجموعة تعليمات بشأن كيفية التغطية الإعلامية.

جانب من احتجاج صحافيين مصريين ضد القمع وانتهاك الحريات الاعلامية
مصر.. لائحة لتنظيم الإعلام أم تكبيله؟
"الإساءة إلى مؤسسات الدولة أو الإضرار بمصالحها العامة أو إثارة الجماهير أو إهانة الرأي الآخر أو نقل معلومات من مواقع التواصل الاجتماعي دون التحقق من صحتها"، مخالفات قد تؤدي بـ"مرتكبها" إلى دفع غرامات تصل إلى ربع مليون جنيه مصري، أو حجب الوسيلة الإعلامية بصفة دائمة أو مؤقتة.

​​كانت الأخبار عن الانفجار شحيحة، وإن توفرت فمتأخرة جدا. فأول خبر أذاعه التلفزيون المصري عن التفجير جاء بعد ساعة من وقوعه، وأفاد بنشوب حريق بعد سماع صوت قوي بجوار معهد الأورام.

كان الجميع ينتظر الأوامر الأمنية بكيفية التغطية، فغابت التغطية تماما لعدة ساعات، حسب المصادر.

مصدر في التلفزيون المصري كشف لـ"مدى مصر" عن 4 تعليمات تلقاها مسؤولو ماسبيرو (التلفزيون المصري) منذ وقوع الانفجار وحتى صباح الإثنين للتعامل مع الحادث عبر مجموعة واتساب تجمع القيادات اﻹعلامية مع الأجهزة الأمنية المسؤولة عن إدارة الملف اﻹعلامي لتسهيل التواصل.

وحسب ما نقل الموقع المصري المستقل "مدى مصر" عن مصدر لم يكشف عن اسمه، فإن الرسالة الأولى أفادت بعدم نشر أية بيانات عن الحادث وانتظار بيان وزارة الداخلية، أما الرسالة الثانية، فكانت ملاحظة من "قيادات الواتساب" تؤكد على عدم نشر أية معلومات تخص الحادث إلا بالتنسيق مع قيادات المجموعة.

أما الرسالة الثالثة فكانت في الواحدة صباحا، وتخص زيارة وزيرة الصحة لمصابي الحادث. مع إشارة لانتقال 25 سيارة إسعاف إلى موقع الحادث لنقل المصابين. وإلى جانب الخبر نبهت القيادات الأمنية بعدم نشر صور المصابين في الحادث. وهو ما انعكس على شاشة ماسبيرو تنفيذا للرسالة.

وأعقب ذلك بثّ التلفزيون المصري بيان وزارة الداخلية عن ملابسات الحادث في الواحدة والنصف من صباح الاثنين بتوقيت القاهرة، نقلا عن مصدر أمني.

وفي التاسعة صباحا، أرسلت القيادات الأمنية تكليفها الرابع بوقف نشر أية معلومات أو تصريحات من الوزراء أو غيرهم من المسؤولين عن الحادث لحين ورود تعليمات أخرى.

لكن ما أحدث فرقا هو الصور والفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أظهرت ألسنة النيران المرتفعة على ضفاف النيل، والأضرار التي أصابت الطابق الرابع لمبنى معهد الأورام، قريبا من موقع الانفجار.

​​ونشر مصريون صورا على بعد أميال صورا لزجاج نوافذهم مهشمة بسبب التفجير.

وتحت هاشتاج #انفجار_المنيل تفاعل آلاف الأشخاص.

​​

​​وبعد أكثر من 15 ساعة على التفجير، اتهم بيان رسمي لوزارة الداخلية حركة حسم بالمسؤولية عن الحادث، مضيفا أن التقديرات الأولية تشير إلى أن السيارة كانت في طريقها لمكان آخر لتنفيذ عملية إرهابية.

فهل كان صاحب السيارة المفخخة متجها إلى منطقة السفارات والمباني الحكومية في جاردن سيتي؟

بحسب خرائط غوغل، تبعد السفارتين البريطانية والأميركية عن موقع التفجير 1.8 كيلو متر فقط، أما السفارة الإيطالية فكانت على مقربة كيلو متر واحد فقط.   

المسافة ما بين السفارتين البريطانية والأميركية وبين موقع التفجير 1.8 كيلو مترا

 

وزارة الخارجية البريطانية كانت قد حدثت تحذيرها بشأن السفر لمصر منذ أقل من أسبوعين، وأضافت إشارة إلى تعليق رحلات الخطوط البريطانية ونصحت المسافرين الذين تأثروا بالقرار بالاتصال الشركة.

وأوضحت أن "من المرجح جدا أن ينفذ إرهابيون هجمات في مصر"، مضيفة أنه في حين "تقع معظم الهجمات في شمال سيناء، هناك خطر ماثل بوقوع اعتداءات في عموم البلاد". 

وشن الإعلام المصري حينها هجوما على بريطانيا بسبب التحذير للسفر إلى مصر ووقف الرحلات الجوية، معتبرا أنه يعكس تقييما غير صحيح عن الوضع الأمني في مصر.

طريق الانتحاري

لم يسر الانتحاري بسيارته عبر الطريق الاعتيادي الذي كان يجب أن يسير فيه إذا كان متجها لمنطقة وسط البلد، إذ إنه بداية من معهد الأورام موقع التفجير يبدأ طريق الكورنيش في الانقسام، وهذا يعني أنه سار بعكس الاتجاه نحو 300 متر فقط أو أقل بقليل.

صورة توضح الطريق الإجباري للوصول إلى ميدان التحرير ومنطقة وسط البلد لكن الانتحاري اختار السير عكس الاتجاه

​​وللوصول إلى أي من السفارات البريطانية أو الأميركية أو حتى الإيطالية فإنه كان عليه أن يسير يمينا قبل المعهد القومي للأورام ويتجه لشارع قصر العيني، ثم ينحدر يسارا، عبر عدد من البنايات في منطقة جاردن سيتي في محيط شرطة قسم قصر النيل.

لكن المفجر كان سيقابل عدة نقاط أمنية داخل منطقة جاردن سيتي قبل الوصول إلى أي من هذه السفارات.  

ولذا كان الطريق الأسرع للسفارة البريطانية المحاذية لكورنيش النيل تماما هو الكورنيش نفسه وإن كان بشكل عكسي، حيث كان من الممكن أن يفجر السيارة بمحاذاة سور السفارة/ الحائط.

السفارة البريطانية تقع على محاذاة كورنيش النيل مباشرة

​​

إبراهيم كان من أبرز نشطاء المجتمع المدني في مصر في عهد حسني مبارك
إبراهيم كان من أبرز نشطاء المجتمع المدني في مصر في عهد حسني مبارك

بعد سنوات قضاها في المنفى بعيدا عن البلاد التي دافع عن ديمقراطيتها، لم يكن الأكاديمي المصري سعد الدين إبراهيم، الذي توفي، الجمعة، يتخيل أنه سيعود يوما ليشهد سقوط نظام كان من أبرز منتقديه.

وغيب الموت، الجمعة، الأكاديمي المصري البارز  عن عمر ناهز 85 عاما.

وأكدت وسائل الإعلام الرسمية المصرية وفاة إبراهيم دون تقديم سوى القليل من التفاصيل.

وأعلن إبراهيم حسان، المدير التنفيذي لمركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، نبأ وفاة إبراهيم، عبر صفحته على فيسبوك، وقال في تغريدة: "إنا لله وإنا إليه راجعون.. توفي إلى رحمة الله الدكتور سعد الدين إبراهيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله، نعزي أنفسنا في فقيدنا، تغمده الله بواسع رحمته".

وكان إبراهيم ناشطا مؤيدا للديمقراطية في عهد الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، وتوفي الجمعة.

ولد إبراهيم عام 1938 بالقرب من مدينة المنصورة شمالي الدلتا، وتحول إلى العمل الأكاديمي بعد الانتهاء من الدراسة، وله ابنة تدعى راندا وابن يدعى أمير من زوجته باربرا.

حصل على شهادة "الليسانس" من كلية الآداب بجامعة القاهرة قسم علم الاجتماع في عام 1960، وفي عام 1964 حصل على شهادة الماجستير في علم اجتماع التنمية، ثم حصل على درجة الدكتوراة عام 1968 م في علم الاجتماع السياسي،

كما تابع الدراسات العليا في جامعة واشنطن وجامعة كاليفورنيا، وذلك من خلال البعثات العلمية التي تقوم مصر بإرسالها للولايات المتحدة.

كان الأكاديمي الشهير من أبرز منتقدي حكومة مبارك الاستبدادية ومدافعا عن حقوق الأقليات في مصر، مثل المسيحيين الأقباط.

وفي الثمانينيات، أسس منظمتين حقوقيتين مقرهما في القاهرة: المنظمة العربية لحقوق الإنسان، ثم مركز ابن خلدون لدراسات التنمية. وكلتاهما انتقدتا حكومة مبارك ودولا عربية أخرى.

وشغل إبراهيم منصب مدير لمركز دراسات الوحدة العربية بالقاهرة، كما عين رئيسا لرابطة الاجتماعيين المصريين في عام 1980، وفق صحيفة "الأهرام" المصرية.

وتنقل الصحيفة أن إبراهيم يعد أحد مؤسسي الحركة المصرية الحديثة للمجتمع المدني، وهو دور بدأه عندما كان طالبا في جامعة القاهرة.

وأمضى إبراهيم معظم العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إما محتجزا أو في المنفى الاختياري.

في عام 2000، بينما كان إبراهيم أستاذا جامعيا في الجامعة الأميركية بالقاهرة، تم اعتقاله بعد تلقيه أموالا من الاتحاد الأوروبي دون أي ترخيص من الحكومة المصرية.

وفي محاكمة رفيعة المستوى، اتهم في نهاية المطاف بعدة جرائم، بما فيها التشهير بصورة مصر، وحكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات. وتمت تبرئته لاحقا من جميع التهم، وأطلق سراحه عام 2003.

وفي السنوات التي تلت ذلك، واصل إبراهيم الدعوة إلى الإصلاح الديمقراطي في مصر. ودعا في كتاباته وخطاباته الولايات المتحدة إلى جعل مساعداتها لمصر مشروطة بمزيد من الحريات السياسية.

في عام 2007، ذهب إبراهيم إلى المنفى الاختياري بعد وقت قصير من لقائه الرئيس الأميركي، جورج دبليو بوش، حيث دعاه للضغط على مصر لإجراء مزيد من الإصلاح الديمقراطي.

وفي العام التالي، اتهم مرة أخرى بتشويه صورة مصر، وحكم عليه غيابيا بالسجن لمدة عامين.

وخلال السنوات التي قضاها في الخارج، قام بالتدريس في الولايات المتحدة ولبنان قبل تقاعده من المجال الأكاديمي.

في عام 2011، قرر إبراهيم العودة إلى القاهرة وسط مخاض انتفاضة عام 2011، التي أصبحت تعرف باسم "الربيع العربي"، لكن لم يتم القبض عليه.

وفي مقابلة مع صحيفة "ديلي إيجيبت" عام 2010، قال إبراهيم إنه عاد إلى مصر ليشهد تغيير المجتمع. وأضاف "الناس يستعدون لمرحلة ما بعد مبارك".

وبعد أسابيع من التظاهرات الحاشدة والاشتباكات العنيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين، تنحى مبارك، في فبراير عام 2011. وحكم عليه بالسجن المؤبد لتورطه في قتل متظاهرين مناهضين للحكومة، لكن أعيدت محاكمته لاحقا، وبرئ وأطلق سراحه، في عام 2017.

وفي وقت لاحق من حياته، أجرى إبراهيم في كثير من الأحيان مقابلات سياسية مع وسائل الإعلام.

يذكر أن مبارك ظل في السلطة ما يقرب من 30 عاما، ولكن كانت هناك مخاوف متزايدة من أن جمال مبارك، نجله الأصغر، سيتم تعيينه لخلافته.