طائرة تابعة للخطوط الجوية البريطانية
طائرة تابعة للخطوط الجوية البريطانية

اضطر آلاف من ركاب الخطوط الجوية البريطانية "بريتيش إيرويز" لتحمل إلغاء رحلات وتأخر أخرى والوقوف في طوابير طويلة في مطارات عدة، بينها مطار القاهرة.

وأندلعت الأزمة الجديدة بعدما شهدت شركة الطيران ثالث عطل كبير في أنظمة الكمبيوتر خلال ما يزيد قليلا عن عامين.

وأعطال يوم الأربعاء هي الأحدث في سلسلة من مشاكل تعاني منها الشركة التي فرضت عليها غرامة 230 مليون دولار الشهر الماضي بسبب عملية اختراق واسعة النطاق لبيانات العملاء وتستعد لإضرابات محتملة بسبب نزاع على الأجور مع الطيارين العاملين بها.

واعتذرت الشركة لعملائها، وقالت إن فريقها الفني يعمل على حل المشكلة في أسرع وقت ممكن. وناشدت المسافرين على طائراتها الحضور إلى المطارات قبل موعد الرحلة بوقت كاف.

وفي القاهرة، قالت صحف مصرية إن عددا من ركاب رحلة BA145 التي كان مقررا إقلاعها صباح الأربعاء، باتوا عالقين في الطائرة، دون أن تتضح أسباب تأخر الإقلاع.

وقالت وسائل إعلام محلية، وبينها "المصري اليوم"، إن الركاب أرسلوا استغاثة عاجلة لوزير الطيران المصري يطالبونه بالتدخل لدي قائد الطائرة وطاقمه الذين يرفضون الإقلاع أو حتى إنزالهم.

ووفقا للوحات المغادرة في مطاري هيثرو وجاتويك، فقد ألغيت أكثر من 60 رحلة جوية من وإلى المطارين وتأخر إقلاع أكثر من 100 رحلة. 

وبدأت المشاكل عندما حاول المسافرون التسجيل على أولى الرحلات خلال اليوم، ولم تتمكن شركة الطيران من تحديد متى سيتم حل هذه المشاكل.

ولم تؤكد الخطوط الجوية البريطانية عدد الأشخاص الذين تضرروا، لكنها قالت إنها تعاني من "مشكلة في الأنظمة" تؤثر على إجراءات التسجيل وإقلاع الطائرات في مطارات هيثرو وجاتويك ولندن سيتي.

وواجه عملاء صعوبة في التسجيل على الإنترنت، في حين شكا آخرون من الجلوس داخل طائرات غير قادرة على الإقلاع لساعات. وشكا ركاب من أماكن بعيدة مثل اليابان والهند من تأخر الرحلات ومشاكل في التسجيل.

وحدث العطل في أنظمة تكنولوجيا المعلومات في وقت يستعد فيه عشرات آلاف من الأشخاص في بريطانيا للسفر لقضاء عطلة الصيف في أحد أكثر الأسابيع ازدحاما في السنة لمطارات البلاد.

وكانت الخطوط الجوية البريطانية اضطرت قبل ما يزيد على عام لإلغاء رحلات في مطار هيثرو، أكبر مطارات أوروبا، بسبب مشاكل في نظام لتكنولوجيا المعلومات تمدها به شركة أخرى. كما عانت من عطل كبير في نظام الكمبيوتر في مايو 2017 بسبب مشكلة تتعلق بالتيار الكهربائي وهو ما أدى إلى تقطع السبل بنحو 75 ألف مسافر.

وتعهد أليكس كروز، الرئيس التنفيذي للشركة، بعد ذلك الحادث بأن تتخذ شركة الطيران خطوات لضمان عدم حدوث أعطال في نظام الكمبيوتر مرة أخرى.

​​

مصر والصين

لم يكن الدخان الذي خلفته المقاتلات الصينية في سماء الأهرامات مجرد خلفية لمناورة مشتركة بين مصر والصين. كان رسالة، بل إعلانا جيوسياسيا بأن بكين لم تعد تكتفي بمراقبة الشرق الأوسط عن بعد. 

هذه المرة، جاءت بمقاتلاتها (J-10) ووضعتها في سماء حليف استراتيجي للولايات المتحدة منذ أكثر من 40 عاما.

لمناورة "نسر الحضارة 2025" بعد رمزي أيضا.

نحن نتحدث عن أول تدريب جوي مشترك بين الجيشين الصيني والمصري. لفترة قصيرة؟ نعم. لكن الدلالة ضخمة. إنها إشارة إلى شيء ما في طور التشكل، إلى فراغ تُحاول الصين أن تملأه حيث يتراجع الحضور الأميركي.

تغيير في قواعد اللعبة

"هذه المناورات تحمل أبعادا تتجاوز التدريب. إنها تغيير في قواعد اللعبة"، يقول إيلان بيرمان، نائب رئيس مجلس السياسة الخارجية الأميركية، لموقع الحرة.

تشير هذه التدريبات النوعية، من ناحية أخرى، إلى مرحلة متقدمة في مسار التعاون العسكري الصيني المصري. فبدلا من الاقتصار على صفقات التسلح التقليدية، نشهد اتجاها واضحا نحو بناء قدرات عسكرية مشتركة وتبادل خبرات ميدانية، يضيف بيرمان.

"ورغم أن مصر ما زالت ثاني أكبر متلقٍ للمساعدات العسكرية الأميركية بعد إسرائيل، فهي ترسل إشارات واضحة: لن نعتمد على مصدر واحد. التنوع في التسليح، وتبادل الخبرات، والانفتاح على التكنولوجيا الصينية".

هذا ليس حيادا. هذه موازنة جديدة للقوة.

يشير بيرمان إلى أن "إعادة تقييم القاهرة لتحالفاتها وعلاقاتها مع واشنطن تُعتبر خطوة كبيرة، وتمثل هذه الوضعية فرصة كبيرة للصين ولمصر". ومع ذلك، فإن هذه الشراكة تتجاوز مجرد البحث عن بدائل للتسليح؛ فهي تُمثل نافذة استراتيجية بالنسبة لمصر للانفتاح على أحدث التقنيات العسكرية الصينية، وذلك في سياق جهودها المستمرة لمواجهة التحديات الأمنية المتصاعدة في محيطها الإقليمي المضطرب.

فوق الأهرامات... تحت الرادار

بدا مشهد الطائرات الصينية فوق الأهرامات وكأنه من فيلم دعائي عن القوة الناعمة الصينية. لكن خلف الصورة الرمزية، هناك رسائل أمنية كثيرة. 

تقارير إسرائيلية لفتت إلى معلومات بأن بكين تجمع معلومات استخباراتية تحت غطاء التدريبات، التي قد تكون أيضا اختبارا لقدرة الصين على القيام بعمليات عسكرية بعيدا عن حدودها.

أين واشنطن من هذا كله؟

حين تبتعد أميركا عن الشرق الأوسط خطوة، ثمة دائما من يتحرك ليملأ الفراغ. والسؤال هو: هل تتهيأ بكين لتكون البديل العسكري للولايات المتحدة في المنطقة؟

وهل تقف القاهرة على مفترق طرق فعلا، أم أنها تلوّح بورقة بكين لتحسين شروط علاقتها بواشنطن؟

تحولات في طور التشكل تُلزم واشنطن بإعادة قراءة المشهد، وإعادة ضبط إيقاع حضورها في منطقة لم تعد تتحمّل الغياب الأميركي.

التعاون الثنائي

على الصعيد الثنائي، تشير هذه التدريبات النوعية إلى مرحلة متقدمة في مسار التعاون العسكري بين الصين ومصر. فبدلا من الاقتصار على صفقات التسلح التقليدية، نشهد اتجاهًا واضحًا نحو بناء قدرات عسكرية مشتركة وتبادل خبرات ميدانية.

يرى بيرمان في هذا السياق أن "الحكومة الصينية تسعى بوضوح إلى سد الفجوات في المناطق التي يتراجع فيها نفوذ الولايات المتحدة ومصالحها، وتحاول استغلال هذه العلاقات لصالحها ولإضعاف الغرب". 

ويضيف: "هذا التدريب المشترك يحمل أهمية كبيرة من الناحية الجيوسياسية".

يُعد اختيار القاهرة شريكًا استراتيجيًا لإجراء هذه المناورات المتقدمة دليلاً على اعتراف الصين المتزايد بالدور الحيوي الذي تلعبه مصر في المنطقة. كما يعكس هذا الخيار سعي بكين الحثيث لتعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط الحيوية عبر تأسيس تعاون عسكري متين مع قوة إقليمية مركزية كالقاهرة، وفقا لإيلان.

تنوع مصادر التسليح

تحصل مصر على مساعدات عسكرية بنحو 1.3 مليار دولار سنويا، وهي ثاني أكبر متلق للدعم العسكري الأميركي بعد إسرائيل. لكن على الرغم من ارتباطات مصر العسكرية التقليدية، تعتبر القاهرة شراكتها المتنامية مع الصين فرصة استراتيجية لتنويع مصادر التدريب والتسليح.

"إعادة تقييم القاهرة لتحالفاتها وعلاقاتها مع واشنطن تُعتبر خطوة كبيرة، وتمثل هذه الوضعية فرصة كبيرة للصين ولمصر"، يقول بيران.

تحولات استراتيجية قيد التشكل

بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين، تُثير هذه المناورات تساؤلات حول أهداف التعاون المصري الصيني، خاصة في ظل التنافس الاستراتيجي المحتدم بين واشنطن وبكين على النفوذ.

من زاوية أخرى، تشير المناورات أن الصين تحاول اختبار قدراتها على تنفيذ عمليات عسكرية مشتركة بعيدة عن قواعدها الرئيسية، وتقييم درجة التوافق التشغيلي بين أنظمتها العسكرية وأنظمة دول أخرى ذات خصائص مختلفة.

ويذهب إيلان بيرمان، نائب رئيس مجلس السياسة الخارجية الأميركية، في حديثه مع موقع "الحرة" إلى أن "المناورات الجوية الصينية المصرية "نسر الحضارة 2025" تتجاوز الإطار التقني للتدريبات العسكرية لتُمثل مؤشرا جيوسياسيا بالغ الأهمية". 

وتحمل المناورات في طياتها رسائل إقليمية ودولية متعددة الأبعاد، خصوصاً بعد إعادة الولايات المتحدة صياغة سياستها الخارجية على مستوى العالم، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط، مما يخلق كثيرا من الفراغ السياسي.