عبدالفتاح السيسي
عبدالفتاح السيسي

تعتزم شركة غوغل إعادة تعيين أعضاء مكتبها في القاهرة، الذي انخفض نشاطه منذ 2014 بعد وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى سدة الحكم.

ومن المقرر أن يفتتح مكتب القاهرة بدوام كامل شهر سبتمبر المقبل.

ووفقا لبيان صحفي صدر عن الحكومة المصرية في يونيو، جرت مشاورات بين الشركة مؤخرا والحكومة المصرية حول مشروع قانون لحماية البيانات.

وانتشرت انتقادات طالت شركة غوغل، بسبب ما وصف بـ "التكتم" عن سياسات مصر تجاه من يتهم السلطات المحلية بتجاوزها الحريات ومنع انتشار بعض الحقائق. 

يأتي ذلك بعد الاتهامات التي طالت السلطة في مصر بقمع الحريات واعتماد استراتيجية لتعقب المواطنين على الفضاء الافتراضي.

​​معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، قال في تقرير عن سياسة الرئيس المصري الحالي المتعلقة بالتكنولوجيات الحديثة إنها تقوم على "الرقابة، وحجب المواقع الإلكترونية، والاعتقالات بناء على ما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي، ومحاولات قرصنة محتوى المعارضين".

 وأوضح المعهد الذي يتخذ من واشنطن مقرا له أن "النظام المصري لا يشعر بالأمان نتيجة للتناقضات الداخلية".

نفس التقرير ذكر أن "القمع الذي يمارس في مصر عبر الإنترنت يعيق النمو والديمقراطية معا".

وتابع التقرير "منذ أن وصول السيسي إلى الحكم في 2013 وهو يعمل على تضييق الفضاءات المتاحة لتبادل المعلومات وتنظيم المعارضة، فترة حكم السيسي اتسمت بالتضييق على الصحافة بترسانة قانونية ردعية ولا سيما قانون تنظيم الصحافة لعام 2018 "

ولفت التقرير إلى أن بعض وسائل الإعلام تفاجأت بحجب مواقعها دون سابق إنذار مثل "مدى مصر الذي أغلق موقعه دون أي إشعار من طرف الوزارة الوصية" يقول التقرير.

يذكر أن مصر شهدت في تلك الفترة أكبر عدد من عمليات حجب المواقع، ويكشف التقرير في الصدد أن سنة 2017 مثلا شهدت حجب 21 موقعا في يوم واحد.

وتتحجج السلطات في مصر بالخطر الإرهابي لتبرير التضييق على الحريات على النطاق الافتراضي والمنصات الاجتماعية على وجه الخصوص، وفقا لما ذكره التقرير. 

وخلال ورشة عمل خاصة بمكافحة الإرهاب التي نظّمتها وزارة العدل للقضاة وأعضاء النيابات العامة في مصر، أشار وزير الاتصالات المصري ياسر القاضي إلى قانون جرائم المعلومات الإلكترونية، قائلا إن "بعد 25 يناير، تمكنت الجماعات الإرهابية والمتطرّفة، عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة، مِن استقطاب الشباب أصحاب الفكر غير السوي، لذلك كان يجب على الدولة المصرية التصدي لذلك من خلال سنّ قوانين وآليات للتحكّم في سوق الاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات والمنصّات الرقمية.

​​يذكر أن وائل عباس، الصحفي المصري المعروف، اعتقل السنة الماضية بسبب منشوراته على فيسبوك وتويتر، والكل يعلم أنه معارض للسلطة لكنه ليس بإرهابي ولا يدعو للعنف ضد السلطة.

وائل عباس اعتقل بتهمة "نشر أخبار كاذبة" و "التورط في جماعة إرهابية" و "إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

لكن منشوراته تشير إلى أنه وثق حالات وحشية لتدخلات الشرطة، وهو السبب الحقيقي وراء اعتقاله، بحسب متابعين.

ووجد تقرير صادر عن لجنة حماية الصحفيين في 2018 أن مصر سجنت عددا من الصحفيين بتهمة نشر "أخبار كاذبة" أكثر من أي بلد آخر في العالم.

مصر والصين

لم يكن الدخان الذي خلفته المقاتلات الصينية في سماء الأهرامات مجرد خلفية لمناورة مشتركة بين مصر والصين. كان رسالة، بل إعلانا جيوسياسيا بأن بكين لم تعد تكتفي بمراقبة الشرق الأوسط عن بعد. 

هذه المرة، جاءت بمقاتلاتها (J-10) ووضعتها في سماء حليف استراتيجي للولايات المتحدة منذ أكثر من 40 عاما.

لمناورة "نسر الحضارة 2025" بعد رمزي أيضا.

نحن نتحدث عن أول تدريب جوي مشترك بين الجيشين الصيني والمصري. لفترة قصيرة؟ نعم. لكن الدلالة ضخمة. إنها إشارة إلى شيء ما في طور التشكل، إلى فراغ تُحاول الصين أن تملأه حيث يتراجع الحضور الأميركي.

تغيير في قواعد اللعبة

"هذه المناورات تحمل أبعادا تتجاوز التدريب. إنها تغيير في قواعد اللعبة"، يقول إيلان بيرمان، نائب رئيس مجلس السياسة الخارجية الأميركية، لموقع الحرة.

تشير هذه التدريبات النوعية، من ناحية أخرى، إلى مرحلة متقدمة في مسار التعاون العسكري الصيني المصري. فبدلا من الاقتصار على صفقات التسلح التقليدية، نشهد اتجاها واضحا نحو بناء قدرات عسكرية مشتركة وتبادل خبرات ميدانية، يضيف بيرمان.

"ورغم أن مصر ما زالت ثاني أكبر متلقٍ للمساعدات العسكرية الأميركية بعد إسرائيل، فهي ترسل إشارات واضحة: لن نعتمد على مصدر واحد. التنوع في التسليح، وتبادل الخبرات، والانفتاح على التكنولوجيا الصينية".

هذا ليس حيادا. هذه موازنة جديدة للقوة.

يشير بيرمان إلى أن "إعادة تقييم القاهرة لتحالفاتها وعلاقاتها مع واشنطن تُعتبر خطوة كبيرة، وتمثل هذه الوضعية فرصة كبيرة للصين ولمصر". ومع ذلك، فإن هذه الشراكة تتجاوز مجرد البحث عن بدائل للتسليح؛ فهي تُمثل نافذة استراتيجية بالنسبة لمصر للانفتاح على أحدث التقنيات العسكرية الصينية، وذلك في سياق جهودها المستمرة لمواجهة التحديات الأمنية المتصاعدة في محيطها الإقليمي المضطرب.

فوق الأهرامات... تحت الرادار

بدا مشهد الطائرات الصينية فوق الأهرامات وكأنه من فيلم دعائي عن القوة الناعمة الصينية. لكن خلف الصورة الرمزية، هناك رسائل أمنية كثيرة. 

تقارير إسرائيلية لفتت إلى معلومات بأن بكين تجمع معلومات استخباراتية تحت غطاء التدريبات، التي قد تكون أيضا اختبارا لقدرة الصين على القيام بعمليات عسكرية بعيدا عن حدودها.

أين واشنطن من هذا كله؟

حين تبتعد أميركا عن الشرق الأوسط خطوة، ثمة دائما من يتحرك ليملأ الفراغ. والسؤال هو: هل تتهيأ بكين لتكون البديل العسكري للولايات المتحدة في المنطقة؟

وهل تقف القاهرة على مفترق طرق فعلا، أم أنها تلوّح بورقة بكين لتحسين شروط علاقتها بواشنطن؟

تحولات في طور التشكل تُلزم واشنطن بإعادة قراءة المشهد، وإعادة ضبط إيقاع حضورها في منطقة لم تعد تتحمّل الغياب الأميركي.

التعاون الثنائي

على الصعيد الثنائي، تشير هذه التدريبات النوعية إلى مرحلة متقدمة في مسار التعاون العسكري بين الصين ومصر. فبدلا من الاقتصار على صفقات التسلح التقليدية، نشهد اتجاهًا واضحًا نحو بناء قدرات عسكرية مشتركة وتبادل خبرات ميدانية.

يرى بيرمان في هذا السياق أن "الحكومة الصينية تسعى بوضوح إلى سد الفجوات في المناطق التي يتراجع فيها نفوذ الولايات المتحدة ومصالحها، وتحاول استغلال هذه العلاقات لصالحها ولإضعاف الغرب". 

ويضيف: "هذا التدريب المشترك يحمل أهمية كبيرة من الناحية الجيوسياسية".

يُعد اختيار القاهرة شريكًا استراتيجيًا لإجراء هذه المناورات المتقدمة دليلاً على اعتراف الصين المتزايد بالدور الحيوي الذي تلعبه مصر في المنطقة. كما يعكس هذا الخيار سعي بكين الحثيث لتعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط الحيوية عبر تأسيس تعاون عسكري متين مع قوة إقليمية مركزية كالقاهرة، وفقا لإيلان.

تنوع مصادر التسليح

تحصل مصر على مساعدات عسكرية بنحو 1.3 مليار دولار سنويا، وهي ثاني أكبر متلق للدعم العسكري الأميركي بعد إسرائيل. لكن على الرغم من ارتباطات مصر العسكرية التقليدية، تعتبر القاهرة شراكتها المتنامية مع الصين فرصة استراتيجية لتنويع مصادر التدريب والتسليح.

"إعادة تقييم القاهرة لتحالفاتها وعلاقاتها مع واشنطن تُعتبر خطوة كبيرة، وتمثل هذه الوضعية فرصة كبيرة للصين ولمصر"، يقول بيران.

تحولات استراتيجية قيد التشكل

بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين، تُثير هذه المناورات تساؤلات حول أهداف التعاون المصري الصيني، خاصة في ظل التنافس الاستراتيجي المحتدم بين واشنطن وبكين على النفوذ.

من زاوية أخرى، تشير المناورات أن الصين تحاول اختبار قدراتها على تنفيذ عمليات عسكرية مشتركة بعيدة عن قواعدها الرئيسية، وتقييم درجة التوافق التشغيلي بين أنظمتها العسكرية وأنظمة دول أخرى ذات خصائص مختلفة.

ويذهب إيلان بيرمان، نائب رئيس مجلس السياسة الخارجية الأميركية، في حديثه مع موقع "الحرة" إلى أن "المناورات الجوية الصينية المصرية "نسر الحضارة 2025" تتجاوز الإطار التقني للتدريبات العسكرية لتُمثل مؤشرا جيوسياسيا بالغ الأهمية". 

وتحمل المناورات في طياتها رسائل إقليمية ودولية متعددة الأبعاد، خصوصاً بعد إعادة الولايات المتحدة صياغة سياستها الخارجية على مستوى العالم، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط، مما يخلق كثيرا من الفراغ السياسي.