الإرهابي المطلوب هشام عشماوي في صورة نشرتها القوات المسلحة الليبية عند إلقائها القبض عليه في أكتوبر 2018
الإرهابي المطلوب هشام عشماوي في صورة نشرتها القوات المسلحة الليبية عند إلقائها القبض عليه في أكتوبر 2018

98 يوما قضاها هشام عشماوي في السجون المصرية خاضعا للتحقيق ومعترفا بالدوافع والتفاصيل حول عملياته الإرهابية في مصر وخارجها، غدا الأربعاء تقول المحكمة العسكرية كلمتها، حيث بات الحكم معروفا، ألا وهو الإعدام شنقا بعد أخذ الرأي الشرعي من مفتي البلاد.

جلسات محاكمة عشماوي دامت مائة يوم، لكنه لم يظهر ولو لجلسة واحدة في أي محاكمة منذ ظهوره المميز عبر شاشات التلفزيون أثناء ترحيله وتسليمه لمصر من ليبيا، وذلك لاعتبارات وصفتها السلطات المصرية بالأمنية والحرجة رغم أن المحكمة تشهد جلسات لحوالي 213 متهما آخرين. 

وقال الخبير العسكري والاستراتيجي سمير راغب، إن عشماوي ما يزال يحتفظ بكثير مما يمتلكه من معلومات قيمة عن التنظيمات الإرهابية في مصر وليبيا وامتداداتها الأفريقية وخارجها، حتى في سوريا، وكذلك من يقف وراء تلك التنظيمات ومن يوفر لها الدعم والملاذات الآمنة وكذلك أساليب وتكتيكات اختراق الحدود والتخفي وتنفيذ العمليات الإرهابية.

وما صرح به عشماوي للسلطات وجهات التحقيق هو قليل بما يمتلكه من معلومات ورغم أن الحكم عليه سيكون الإعدام شنقا إلا أن ذلك لا يعني القضاء على الإرهاب، وفقا لما يراه راغب.

عشماوي كان قد بدأ حياته ضابطا في صفوف القوات المسلحة، واستبعد من صفوفها على أثر محاكمة عسكرية عام 2011، ليصبح مسؤولا عسكريا بين صفوف تنظيم "أنصار بيت المقدس" الإرهابي، ثم "أميرا" لـ "ولاية الصحراء الغربية"، وذلك قبل أن ينشق عنها هو وآخرين منهم عماد الدين عبد اللطيف الضابط السابق بالقوات المسلحة المصرية وذلك على أثر مبايعة أنصار بيت المقدس لأبو بكر البغدادي أمير داعش.

بعدها فر هشام عشماوي إلى ليبيا، معلنا تأسيس تنظيم عسكري عرف باسم "المرابطين"، من داخل الأراضي الليبية والذي نشط على الحدود بين مصر وليبيا، مرتكبا العديد من الجرائم في مصر وليبيا، حيث ارتبط اسم عشماوي بمجموعة من الحوادث الإرهابية الكبرى. 

قوات الأمن المصرية تقتاد هشام عشماوي إلى مصر على متن طائرة عسكرية في 29 مايو 2019

معلومات وأرقام 

2013 

بدأ اسم عشماوي يطفو على السطح عندما اتهم في محاولة اغتيال وزير الداخلية المصري الأسبق محمد إبراهيم، في شهر سبتمبر عام 2013، بعد تعرض موكبه لانفجار سيارة مفخخة، وأسفر الحادث آنذاك عن إصابة 21 شخصا.

وفي نفس العام تورط عشماوي في استهداف قوات الأمن في منطقة "عرب شركس" في محافظة القليوبية المصرية والاشتباك معهم وقبل نهاية عام 2013 كان لعشماوي بصمة إرهابية كبيرة، حيث برز اسمه في حادثة تفجير مديرية أمن الدقهلية في ديسمبر 2013، والتي راح ضحيتها 16 شرطي ومدني. 

2014 

في يوليو وأكتوبر من عام 2014، تورط الإرهابي هشام عشماوي في حادث كميني الفرافرة وكرم القواديس، والذي قتل فيهما نحو 49 جنديا

2015

في يونيو 2015، لاح اسم هشام عشماوي، حيث اتهم بالتخطيط لاغتيال النائب العام هشام بركات، بعد تفجير استهدف موكبه في حي مصر الجديدة.

2017 

اتهم عشماوي بالتورط في التخطيط والتنفيذ لحادث الواحات، والذي أسفر عن مقتل نحو 16 من رجال الشرطة، كما استهدف حافلة تقل مواطنين أقباطًا بالمنيا في أكتوبر 2017، مما أدى لوقوع 29 مواطنا قبطيا من الضحايا.

وأوضحت تحقيقات النيابة العسكرية أن مجموعة تابعة لعشماوي، هي التي دبرت الحادث الإرهابي الذي شهدته منطقة الواحات.

وفي نوفمبر من عام 2017، أحالت المحكمة العسكرية المصرية أوراق هشام عشماوي غيابيا وآخرين من المتهمين بقضية "أنصار بيت المقدس"، للمفتي لأخذ الرأي الشرعي في إعدامهم، وذلك لاتهامهم بتنفيذ الهجوم على كمين الفرافرة وعمليات إرهابية داخل البلاد.

2018 

في مطلع أكتوبر من العام الماضي، أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية، إلقاء القبض على هشام عشماوي، في عملية أمنية بمدينة درنة الليبية، حسبما أفاد الناطق العسكري في ليبيا أحمد المسماري.

2019

في 28 مايو 2019 قامت ليبيا بتسليم هشام عشماوي لمصر.

مصر والصين

لم يكن الدخان الذي خلفته المقاتلات الصينية في سماء الأهرامات مجرد خلفية لمناورة مشتركة بين مصر والصين. كان رسالة، بل إعلانا جيوسياسيا بأن بكين لم تعد تكتفي بمراقبة الشرق الأوسط عن بعد. 

هذه المرة، جاءت بمقاتلاتها (J-10) ووضعتها في سماء حليف استراتيجي للولايات المتحدة منذ أكثر من 40 عاما.

لمناورة "نسر الحضارة 2025" بعد رمزي أيضا.

نحن نتحدث عن أول تدريب جوي مشترك بين الجيشين الصيني والمصري. لفترة قصيرة؟ نعم. لكن الدلالة ضخمة. إنها إشارة إلى شيء ما في طور التشكل، إلى فراغ تُحاول الصين أن تملأه حيث يتراجع الحضور الأميركي.

تغيير في قواعد اللعبة

"هذه المناورات تحمل أبعادا تتجاوز التدريب. إنها تغيير في قواعد اللعبة"، يقول إيلان بيرمان، نائب رئيس مجلس السياسة الخارجية الأميركية، لموقع الحرة.

تشير هذه التدريبات النوعية، من ناحية أخرى، إلى مرحلة متقدمة في مسار التعاون العسكري الصيني المصري. فبدلا من الاقتصار على صفقات التسلح التقليدية، نشهد اتجاها واضحا نحو بناء قدرات عسكرية مشتركة وتبادل خبرات ميدانية، يضيف بيرمان.

"ورغم أن مصر ما زالت ثاني أكبر متلقٍ للمساعدات العسكرية الأميركية بعد إسرائيل، فهي ترسل إشارات واضحة: لن نعتمد على مصدر واحد. التنوع في التسليح، وتبادل الخبرات، والانفتاح على التكنولوجيا الصينية".

هذا ليس حيادا. هذه موازنة جديدة للقوة.

يشير بيرمان إلى أن "إعادة تقييم القاهرة لتحالفاتها وعلاقاتها مع واشنطن تُعتبر خطوة كبيرة، وتمثل هذه الوضعية فرصة كبيرة للصين ولمصر". ومع ذلك، فإن هذه الشراكة تتجاوز مجرد البحث عن بدائل للتسليح؛ فهي تُمثل نافذة استراتيجية بالنسبة لمصر للانفتاح على أحدث التقنيات العسكرية الصينية، وذلك في سياق جهودها المستمرة لمواجهة التحديات الأمنية المتصاعدة في محيطها الإقليمي المضطرب.

فوق الأهرامات... تحت الرادار

بدا مشهد الطائرات الصينية فوق الأهرامات وكأنه من فيلم دعائي عن القوة الناعمة الصينية. لكن خلف الصورة الرمزية، هناك رسائل أمنية كثيرة. 

تقارير إسرائيلية لفتت إلى معلومات بأن بكين تجمع معلومات استخباراتية تحت غطاء التدريبات، التي قد تكون أيضا اختبارا لقدرة الصين على القيام بعمليات عسكرية بعيدا عن حدودها.

أين واشنطن من هذا كله؟

حين تبتعد أميركا عن الشرق الأوسط خطوة، ثمة دائما من يتحرك ليملأ الفراغ. والسؤال هو: هل تتهيأ بكين لتكون البديل العسكري للولايات المتحدة في المنطقة؟

وهل تقف القاهرة على مفترق طرق فعلا، أم أنها تلوّح بورقة بكين لتحسين شروط علاقتها بواشنطن؟

تحولات في طور التشكل تُلزم واشنطن بإعادة قراءة المشهد، وإعادة ضبط إيقاع حضورها في منطقة لم تعد تتحمّل الغياب الأميركي.

التعاون الثنائي

على الصعيد الثنائي، تشير هذه التدريبات النوعية إلى مرحلة متقدمة في مسار التعاون العسكري بين الصين ومصر. فبدلا من الاقتصار على صفقات التسلح التقليدية، نشهد اتجاهًا واضحًا نحو بناء قدرات عسكرية مشتركة وتبادل خبرات ميدانية.

يرى بيرمان في هذا السياق أن "الحكومة الصينية تسعى بوضوح إلى سد الفجوات في المناطق التي يتراجع فيها نفوذ الولايات المتحدة ومصالحها، وتحاول استغلال هذه العلاقات لصالحها ولإضعاف الغرب". 

ويضيف: "هذا التدريب المشترك يحمل أهمية كبيرة من الناحية الجيوسياسية".

يُعد اختيار القاهرة شريكًا استراتيجيًا لإجراء هذه المناورات المتقدمة دليلاً على اعتراف الصين المتزايد بالدور الحيوي الذي تلعبه مصر في المنطقة. كما يعكس هذا الخيار سعي بكين الحثيث لتعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط الحيوية عبر تأسيس تعاون عسكري متين مع قوة إقليمية مركزية كالقاهرة، وفقا لإيلان.

تنوع مصادر التسليح

تحصل مصر على مساعدات عسكرية بنحو 1.3 مليار دولار سنويا، وهي ثاني أكبر متلق للدعم العسكري الأميركي بعد إسرائيل. لكن على الرغم من ارتباطات مصر العسكرية التقليدية، تعتبر القاهرة شراكتها المتنامية مع الصين فرصة استراتيجية لتنويع مصادر التدريب والتسليح.

"إعادة تقييم القاهرة لتحالفاتها وعلاقاتها مع واشنطن تُعتبر خطوة كبيرة، وتمثل هذه الوضعية فرصة كبيرة للصين ولمصر"، يقول بيران.

تحولات استراتيجية قيد التشكل

بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين، تُثير هذه المناورات تساؤلات حول أهداف التعاون المصري الصيني، خاصة في ظل التنافس الاستراتيجي المحتدم بين واشنطن وبكين على النفوذ.

من زاوية أخرى، تشير المناورات أن الصين تحاول اختبار قدراتها على تنفيذ عمليات عسكرية مشتركة بعيدة عن قواعدها الرئيسية، وتقييم درجة التوافق التشغيلي بين أنظمتها العسكرية وأنظمة دول أخرى ذات خصائص مختلفة.

ويذهب إيلان بيرمان، نائب رئيس مجلس السياسة الخارجية الأميركية، في حديثه مع موقع "الحرة" إلى أن "المناورات الجوية الصينية المصرية "نسر الحضارة 2025" تتجاوز الإطار التقني للتدريبات العسكرية لتُمثل مؤشرا جيوسياسيا بالغ الأهمية". 

وتحمل المناورات في طياتها رسائل إقليمية ودولية متعددة الأبعاد، خصوصاً بعد إعادة الولايات المتحدة صياغة سياستها الخارجية على مستوى العالم، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط، مما يخلق كثيرا من الفراغ السياسي.