مبان يبدو من طرازها المعماري أنها تعود إلى فترات تاريخية من عمر مصر، أصبحت الآن مهدمة وفي انتظار إزالة بقاياها من أجل إجراء تعديلات مرورية.
أمر أثار جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي، جاء أغلبها منتقدا لإزالة مقابر شرقي القاهرة من أجل إنشاء "محور الفردوس" الذي من المقرر أن يربط بين المنطقة الشرقية والغربية للعاصمة المصرية.
كان أبرز هذه التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، منشور لأدهم نديم الذي يقول إن أجداده مدفونون في هذا المكان. وا صفا عمليات الهدم بـ"خيانة الأمانة المجتمعية".
تاريخية أم حديثة؟
وتباينت الآراء ما بين رافض لهدم مقابر تاريخية لإنشاء محور مروري باعتبارها مبان أثرية على حد قول البعض، وبين مؤيد لأهمية إجراء عمليات تطوير مرورية.
لكن وزارة السياحة والآثار المصرية نشرت تصريحات لرئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، أسامة طلعت، ينفي فيها هدم آثار تاريخية، مشيرا إلى أن محور الفردوس (المروري) بعيد عن الآثار الإسلامية المسجلة بقرافة المماليك".
وأضاف أن "المقابر الموجودة بالصور المنشورة هي مبان غير مسجلة في عداد الآثار الإسلامية والقبطية، وأنها مقابر حديثة وخاصة بأفراد".
أستاذ الآثار المصرية القديمة في جامعة القاهرة، أحمد بدران، أشار أيضا في حديثه مع "موقع الحرة"، إلى أن "المناطق التي تمت إزالتها ليست أثرية وإنما تعود للفترة ما بين عشرينيات وخمسينيات القرن الماضي، وهى بعيدة بمسافة نحو 200 متر عن جبانة المماليك الأثرية التابعة لمنطقة القاهرة التاريخية التي تدخل تحت مظلة حماية منظمة اليونسكو كتراث عالمي ولا يمكن المساس بها لأن هذا يعد جريمة".
غير أنه أضاف "أن المباني التي تم هدمها فقط تتمتع بطراز مميز وهو ما يمكن التضحية به في سبيل إنشاء مشروع خدمي يحقق المصلحة العامة".
لكن، وفي المقابل، أكدت أستاذة العمارة بجامعة القاهرة وعضو الجهاز القومي للتنسيق الحضاري سابقا، سهير زاهي حواس، عكس ذلك على صفحتها على موقع فيسبوك، حيث قالت، إن "هذه المنطقة بالمقابر تدخل في نطاق القاهرة التاريخية المعتبرة تراثا عالميا، طبقا لمنظمة اليونسكو ومسجلة منطقة حماية".
فيه قانون حماية الأثار وهو لا ينطبق على جميع المقابر لذلك تصرح وزارة الأثار بأن الأثار بخير ولم تتعرض للهدم بسبب محور...
Posted by Soheir Zaki Hawas on Monday, July 20, 2020
هذه المنطقة بالمقابر تدخل في نطاق القاهرة التاريخية المعتبرة تراثا عالميا طبقا لمنظمة اليونسكو ومسجلة منطقة حماية طبقا...
Posted by Soheir Zaki Hawas on Monday, July 20, 2020
"القاهرة التاريخية" المسجلة ذات قيمة تراثية عالمية في عام ١٩٧٩ من قبل منظمة اليونسكو ومسجلة منطقة ذات قيمة تاريخية طبقا...
Posted by Soheir Zaki Hawas on Monday, July 20, 2020
وبعد تصاعد الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، وجه، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، مصطفى الوزيري، بتشكيل لجنة علمية فنية لمعاينة الأحجار التي تشتمل على نقوش زخرفية أو كتابية لتتم دراستها وبحث إمكانية عرض جزء منها ببعض المتاحف كجزء من تراث مصر، وفقا لبيان وزارة السياحة والآثار المصرية.
وقال الوزيري في تصريحات لـ"موقع الحرة" إن اللجنة تم تشكيلها من أساتذة متخصصين في التاريخ الإسلامي وتاريخ مصر الحديث وبدأت عملها منذ الاثنين الماضي ولايزال العمل مستمرا"، ولم يحدد موعدا للانتهاء من عمل اللجنة.
بيان وزارة السياحة والآثار المصرية لم يكن مقنعا للكثير من المصريين خاصة المتخصصين منهم، حيث قال المهندس المعماري إبراهيم إمام لـ"موقع الحرة" إن هدم المناطق التاريخية بحجة أنها غير مسجلة كأثر يمثل طمسا لجزء من تاريخ مصر".
وأضاف أن "الفن المعماري يعبر عن ثقافة من عاصروا هذه الفترة من تاريخ البلد" مشيرا إلى أن "حجة عدم تسجيل المباني التاريخية كآثار تم استخدامها خلال السنوات الماضية لهدم مقبرة المؤرخ تقي الدين المقريزي ووكالة العنبريين (بائعي العطور) في شارع المعز لدين الله الفاطمي بمنطقة القاهرة الفاطمية الأثرية".
ويقول مراقبون إن هذه المنطقة تضم مقابر لشخصيات تاريخية مصرية مثل رئيس الوزراء السابق، حسن صبري، وأحمد عبود باشا، أول مصري التحق بمجلس إدارة هيئة قناة السويس، كما تضم أول مدير لجامعة القاهرة، أحمد لطفي السيد، بالإضافة إلى قبر نازلي حليم، حفيدة محمد علي باشا، مؤسس مصر الحديثة.
سكان المقابر أيضا هم ضمن ضحايا هدم هذا الجزء من المقابر، إذ من المتوقع أن يترتب على ذلك تشريد عشرات الأسر، غير أن السلطات الأمنية هناك لم تسمح لفريق "موقع الحرة" بالحديث مع أي من أفراد هذه الأسر.