الحكومة المصرية خففت بالتدريج من إجراءاتها الاحترازية لمواجهة الفيروس
الحكومة المصرية خففت بالتدريج من إجراءاتها الاحترازية لمواجهة الفيروس

في الـ14 من فبراير الماضي، أعلنت الحكومة المصرية تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا، لشخص يحمل الجنسية الصينية ويعمل في البلاد، وظلت هي الحالة الوحيدة، حتى الثاني من مارس، عندما بدأ تسجيل الحالات في التوالي ولكن بأعداد لم تتجاوز أصابع اليد الواحدة، وسجلت أول وفاة، في الثامن من الشهر ذاته، لشخص ألماني الجنسية.

ومنذ بداية الإعلان عن كورونا في مصر، وحتى السابع من أغسطس الجاري، مر 175 يوما تم فيها تسجيل 95 ألفا وست حالات إصابة مؤكدة، و4951 حالة وفاة.

لكن في الأسبوعين الأخيرين، بدأ معدل الإصابات في التراجع بشكل كبير، لتسجل الإحصاءات الرسمية أعدادا يومية تزيد عن المئة بقليل، وجعل هذا كثيرين ينتظرون الوصول إلى معدل الإصابة "صفر".

هذا الأمر طرح تساؤلات حول مدى واقعية هذه الأرقام ومدى تطابقها مع الانتشار الفعلي لفيروس كورونا في البلاد.

قراءة في الأرقام الرسمية والتسلسل الزمني

طوال شهر مارس الماضي، وفي الوقت الذي كان الفيروس ينتشر بشكل كبير في العالم، أظهرت الأرقام الرسمية، في مصر، انتشارا محدودا جدا، وسجلت 710 حالات إصابة فقط إلى جانب 64 حالة وفاة، وفي شهر أبريل، تضاعفت الإصابات سبع مرات، والوفيات بنحو ستة أضعاف.

ورغم إعلان الحكومة المصرية عن حزمة من الإجراءات الاحترازية التي تضمنت حظر التجوال، وإغلاقا جزئيا لعدد كبير من الأنشطة التجارية والترفيهية والدينية، وكاملا للبعض الآخر، إلا أن الأرقام استمرت في التضاعف، خصوصا، في شهر يونيو، الذي وافق نهاية شهر رمضان، الذي يقبل المصريون فيه على التزاور بشكل كبير، ليتم تسجيل أكثر من 43 ألف حالة، في يونيو وحده، وهو عدد يقترب من نصف إجمالي الحالات المسجلة في ستة أشهر. وشهد هذا الشهر أيضا تسجيل أكبر معدل إصابة يومي بلغ 1774 إصابة، وتسجيل أكبر معدل وفاة يومي بلغ 97 حالة .

تسلسل زمني لحالات كورونا في مصر

وبالتزامن مع ذلك، تضاعفت أيضا أعداد الوفيات لتقترب من عتبة خمسة آلاف حالة، وفقا لآخر بيان رسمي أصدرته وزارة الصحة المصرية، الخميس.

ومن واقع الأرقام الرسمية، استغرق الفيروس، منذ تسجيل أول حالة، نحو 14 يوما لتسجيل الحالة الثانية، وشهرا كاملا لتجاوز حاجز الألف حالة، و12 يوما فقط لتجاوز 10 آلاف حالة.

ومنذ 25 يوليو الماضي، بدأت مصر في تسجيل أعداد يومية أقل من 500، ومنذ التاسع من يوليو، بدأت في تسجيل أقل من ألف حالة يوميا.

أعداد المتعافين شهدت هي الأخرى قفزات كبيرة، ليصل إجمالي المتعافين رسميا إلى 48898، وهو ما يمثل نحو 49.7 في المئة من إجمالي الإصابات.

هذه الأرقام جعلت مصر في المرتبة 35 عالميا في عدد الوفيات، و27 في عدد الإصابات، والمركز 174 عالميا في نسبة التعافي.

هل تعبر هذه الأرقام عن الإصابات الفعلية؟

في نهاية مايو الماضي، أعلنت وزارة الصحة المصرية، للمرة الأولى، عن إجراءات العزل المنزلي للحالات البسيطة والمتوسطة المصابة بالفيروس، بعد ضغط شديد تعرضت له المستشفيات التي خصصت لاستقبال مصابي كورونا. 
وبعد هذا الإعلان، بدأت المستشفيات في استقبال الحالات المصابة بأعراض تنفسية تستدعي العزل في المستشفى، وبالتالي فقد اتجه مصابو الحالات المتوسطة والبسيطة إلى العزل المنزلي، وبدأ كثيرون بروتوكول العلاج مع ظهور أعراض المرض من دون إجراء مسحة لتأكيد إيجابية الإصابة .

وفي الـ12 من يونيو، قال المركز الإعلامي التابع لمجلس الوزراء المصري، إن وزارة الصحة وفرت مليوني جرعة دوائية لمصابي العزل المنزلي، وثمانية ملايين للمخالطين، وخصصت ألف عيادة متنقلة لتوزيع هذه الجرعات في جميع المدن والقرى المصرية، لكن لم يتم الإعلان عن العدد الفعلي الذي تم توزيعه.

الأرقام الرسمية التي تعلنها وزارة الصحة بشكل يومي تعبر عن الحالات التي أجريت لها مسحات  "تفاعل البلمرة المتسلسل" أو "PCR" (طريقة للكشف عن المادة الوراثية للفيروس)، أما المعزولون منزليا لا تتضمنهم الإحصاءات، ولذلك يحرص البيان اليومي على إضافة عبارة "حالة جديدة ثبتت إيجابية تحاليلها معمليا للفيروس" عقب الرقم اليومي المعلن.

ويؤكد الدكتور أمجد الحديدي، استشاري المناعة الذي قال لموقع الحرة إنه "بالتأكيد لا تعبر الأرقام الرسمية المعلنة يوميا عن الأرقام الحقيقية، فهي لا تتضمن المصابين المعزولين منزليا، ويصعب في نفس الوقت تقدير أرقام تقترب للحقيقة، لكن الأرقام المعلنة من قبل وزارة الصحة دقيقة، وفقا للتحاليل التي تجريها. وفي جميع الحالات، تظل جميع الأرقام الرسمية والفعلية في مستوى مطمئن جدا. نستطيع القول إن مصر عبرت الموجة الأولى للفيروس بأمان".

لكن الحكومة المصرية تقر بأن الأرقام المعلنة لا تمثل الواقع الفعلي، فقد قال وزير التعليم العالي والبحث العلمي، خالد عبد الغفار، في كلمة أمام الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أواخر مايو الماضي: "من المستحيل على أي دولة أن تصل إلى جميع الحالات المصابة، نحن لسنا 14 ألف حالة بل 71 ألفا".

وتوقع الوزير، وقتها، وفقا لبيانات وبحوث إحصائية تحدث عنها، أن تصل الحالات المسجلة إلى 41 الف حالة كذروة للمرض، ثم تبدأ المعدلات في الانخفاض، بداية من يونيو، لتسجل "صفر" إصابة، في منتصف شهر يوليو.

لكن ما حدث خلاف ذلك، فقد كان شهر يونيو الأعنف في معدلات الإصابات والوفيات، وبدأ انخفاض الأعداد الرسمية إلى ما دون الألف حالة يوميا، في التاسع من شهر يوليو، وحتى الآن لم تصل مصر بعد إلى تسجيل "صفر".

لماذا لا يتم التوسع في المسحات؟

لا تعلن وزارة الصحة عن عدد المسحات التي تجريها المعامل التابعة لها، وتندر التصريحات الرسمية بهذا الخصوص، لكن مستشار الرئيس المصري للشؤون الطبية، محمد عوض تاج الدين، وهو وزير صحة سابق، قال في لقاء أجري مع مراسلين أجانب، في مايو الماضي، إن مصر أجرت أكثر من مليون تحليل، ويشمل هذا الرقم التحاليل الأولية "Rapid Test" والفحوصات والأشعة، أما تحليل "PCR" فقد تجاوز 105 آلاف تحليل، وفقا لتاج الدين، حتى تاريخ هذه التصريحات.

وزارة الصحة لا تعلن عن عدد المسحات

وفي الشهر ذاته، قالت الدكتورة نانسي الجندي، مديرة المعامل المركزية بوزارة الصحة لصحيفة الشروق المصرية، إن معامل وزارة الصحة تجري نحو أربعة آلاف تحليل يوميا، داخل 30 معملا، موزعين على المدن المصرية، وبناء على نتائج هذه التحاليل، يتم إصدار البيان اليومي.

وكانت وزيرة الصحة المصرية، هالة زايد، قد انتقدت دعوات متكررة للتوسع في إجراء المسحات، مشيرة إلى أن إجراء المسحات له قواعد علمية ولا يمكن إجراؤها لجميع المواطنين.

وأظهرت تعليمات وزارة الصحة بعدها قواعد إجراء المسحات، حيث أنها تأتي بعد إجراء تحليل صورة الدم وأشعة الصدر والفحص المبدئي للحالة، بعدها يتم تحديد الحاجة إلى إجراء مسحة من عدمه.

ومؤخرا، منحت شركة خاصة للتحاليل الطبية ترخيصا بإجراء المسحات للمواطنين، في خمسة مواقع داخل القاهرة الكبرى، بنظام الكشف للشخص داخل سيارته دون مخالطة، وتطمح للتوسع إلى 21 موقعا في عدد من المدن خلال شهرين، وهي خدمة تقدم بمقابل مالي، حيث يجرى تحليل "PCR" بنحو ألفي جنيه مصري (125 دولارا)، وهو يماثل الحد الأدنى للأجور الشهرية في مصر، وتجرى الفحوصات والتحاليل في المعامل المرجعية التابعة لوزارة التعليم العالي.

بالإضافة إلى ذلك، تقدم عدد من المشافي الخاصة خدمة إجراء المسحات، لكن يتمثل دور هذه المستشفيات في أخذ العينة، ثم إرسالها إلى معامل وزارة الصحة، ومن ثم استلامها وإعلام المريض بها، وفقا لما قاله مسؤول الاستعلام في إحدى هذه المستشفيات هاتفيا لموقع الحرة. وتحصل نتائج التحليل على الأختام الرسمية لوزارة الصحة.

وكان ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر، جون جبور، قد دعا في وقت سابق الحكومة المصرية إلى التوسع في إجراء التحاليل، بالإضافة إلى اعتماد منهجية موحدة لإجراء الفحوصات على مستوى البلاد.

هل انتهت الموجة الأولى؟

مع الانخفاض المتواصل في أعداد الإصابات، ذكر عدة مسؤولين في قطاع الصحة بمصر، أن الموجة الأولى لفيروس كورونا قاربت على الانتهاء، لكن هذا لا يعني التراخي في تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي والإجراءات، التي وضعتها الحكومة المصرية للتعايش مع الأزمة. 

الحكومة المصرية خففت بالتدريج من إجراءاتها الاحترازية لمواجهة الفيروس، وتم استئناف العمل في جميع المنشآت الحكومية والخاصة، وفتح المقاهي ودور السينما والأندية بضوابط، ومددت ساعات العمل في المتاجر حتى العاشرة ليلا، وتم إيقاف حظر التجوال، واستأنفت بطولة الدوري المحلي لكرة القدم، واستطاعت الحكومة إجراء امتحانات الثانوية العامة والسنوات النهائية في الجامعات من دون مشكلات تذكر.

الدكتور أمجد الحداد، رد، في تصريحات لموقع الحرة، أسباب الانخفاض إلى انتشار الفيروس "الذي ساهم في إضعافه"، بالإضافة إلى "قلة الجرعة الفيروسية التي تنتقل بين المواطنين بسبب فرض ارتداء الكمامات والاجراءات الاحترازية".

وتحدث عن سبب آخر هو ضعف السلالة الفيروسية التي انتشرت في مصر لكوفيد-19، لكنه قال إنه لا أدلة علمية تثبت هذا الطرح بشكل قاطع حتى الآن.

وتحدث أيضا عن الموجة الثانية المتوقعة وقال: "ربما تكون أقوى من السابقة أو أضعف منها. لا نستطيع تحديد ذلك فلم يعرف العالم جميع الجوانب المتعلقة بكوفيد-19 حتى الآن، لكن يتفق الجميع على أنها ستحدث، لأن هذه طبيعة الفيروسات أن تتحور وتعاود الهجوم، لكن مع استمرار المواطنين في تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي والالتزام بوضع الكمامات والنظافة الشخصية، سيمكن التعامل معها بطريقة أفضل من الشهور السابقة. حتى الآن، معظم الحالات التي أصيبت في مصر تصنف بين البسيطة والمتوسطة، والحالات التي تعرضت لمشكلات في التنفس قليلة، كما أن معدل الوفيات إذا ما قورن بالإصابات الفعلية أو تلك التي يتوقع أن تكون أصيبت هو معدل منخفض جدا".

وخلال الأسبوعين الماضيين، تم الاعلان عن إغلاق نحو  15 مستشفى وأقسام داخل مستشفيات ومراكز للعزل في عدد من المحافظات، بعد شفاء جميع المصابين داخلها وعدم استقبالهم أي حالات جديدة.

وعادت تلك المستشفيات إلى استقبال الحالات المرضية المعتادة، وتم تسليم مراكز العزل، سواء كانت مدنا جامعية أو مراكز رياضية، إلى الجهات التابعة لها.

 مشروع "العاصمة الإدارية الجديدة في مصر
دخول مصر في الفقاعة العقارية يعتمد على الخلل الذي يشهده السوق العقاري المصري.

أثار الحديث عن دخول مصر في مرحلة "الفقاعة العقارية" خلال الفترة القادمة جدلا واسعا تردد صداه على مواقع التواصل الاجتماعي وبين خبراء الاقتصاد الذين اختلف بعضهم حول الأمر.

وبدأ الجدل بعدما توقع الخبير الاقتصادي، هاني توفيق، أن يشهد القطاع العقاري في مصر مرحلة ركود يصاحبها الدخول في "فقاعة عقارية"، قائلا إن "الأسعار حاليا تتضمن مكونا ضخما للفائدة يبلغ 32٪؜ سنوياً لمدة 10 سنوات".

وأضاف، على حسابه على موقع "فيسبوك"، "وعند تحقيق مستهدف الدولة في عام 2026، وهو 16٪؜، فهذا معناه انخفاضا حادا في تكلفة التمويل، ومن ثم انخفاض الأسعار جذرياً في 2026 مقارنة بعام 2024".

وتابع أنه "وبالنسبة لأصحاب المصالح من الخبراء العقاريين، والسماسرة، وغيرهم الذين يدعون أن مصر تحتاج 2.5 مليون وحدة جديدة سنوياً، اسألهم: كام واحد من الـ2.5 مليون شاب يقدر على 5 و10 مليون للشقة!! حضراتكم مش عايشين معانا !!!".

ماذا تعني الفقاعة العقارية؟

وتحدث عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع، فرج عبدالله، لموقع "الحرة" عن معنى الفقاعة العقارية في الاقتصاد، قائلا إن "الفقاعات العقارية تعني الكثير في الاقتصاد، وتظهر في صورتين مختلفين".

الصورة الأولى لظهور الفقاعة العقارية، من وجهة نظره، هو "وجود تقديرات مرتفعة للأصول العقارية نتيجة سياسات نقدية تسمح بمزيد من التمويل دون ضوابط تحوط جيدة، وهذا ما حدث في أزمات مالية في الولايات المتحدة في السابق".

أما الصورة الثانية، بحسب ما قاله عبدالله فتكون نتيجة "الارتفاعات المتتالية للتضخم، حيث تصبح العقارات ملاذا آمنا للتحوط لدى الأفراد خاصة مع اضطرابات أسعار الصرف كما يحدث في الدول النامية، ومن بينها مصر".

وأضاف "وبالتالي، فإن عدم قدرة البنوك المركزية على ضبط إيقاع أثر السياسات النقدية، أسعار (الفائدة والصرف)، قد يؤدى إلى حدوث فقاعات عقارية، خاصة إذا ما حدثت اضرابات سعرية في مواد البناء فضلاً عن عدم كفاءة الأسواق، وما ينتج عن السياسة المالية مثل وجود تأثير على حجم الدين العام وأثره النقدي برفع الفائدة".

وتابع أنه "بالإضافة إلى ذلك، فإن انخفاض الميل نحو تعزيز القدرات الإنتاجية في أوقات التضخم يعزز من نمو القطاع العقاري الذي من شأنه حدوث فقاعات عقارية".

والصورة الثانية تتطابق مع ما تشهده مصر، وهو الوضع الذي فرض بناء عليه توفيق توقعاته بشأن دخول مصر في فقاعة عقارية، إلا أن عبدالله لا يعتقد أن السوق العقاري في مصر سيصل إلى هذه المرحلة قريبا برغم كل ما يمر به.

ما أسباب الخلل بالقطاع العقاري في مصر؟

من جانبه يرى أستاذ الاقتصاد وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، على الإدريسي، أن توقعات توفيق وغيره من خبراء الاقتصاد بشأن دخول مصر في الفقاعة العقارية يعتمد على الخلل الذي يشهده السوق العقاري المصري، لكن ليس بالضرورة أن تؤدي هذه الأسباب للفقاعة العقارية نظرا لخصوصية السوق المصري.

وقال في حديثه لموقع "الحرة" إن "الكثيرين يتفقون مع توفيق على أنه توجد أزمة في تسعير قطاع العقارات في مصر وارتفاع أسعار الوحدات عن أسعارها الحقيقية بنسبة كبيرة".

وتحدث عن الأسباب التي أدت إلى ظهور أزمة في القطاع العقاري في مصر، قائلا إن "مشكلة التسعير تفاقمت خلال أزمة سعر الصرف في مصر والتي استمرت لمدة عام ونصف العام تقريبا، عندما كان السعر الرسمي للدولار في مصر حوالي ٢٥ جنيه بينما وصل سعر تداوله في الأسواق السوداء إلى ٧٥ جنيه، وهذا هو الرقم الذي كان يستخدمه المطورون والتجار في التسعير".

وتابع أن "السوق العقاري شهد فترة ليست بقليلة من عدم وجود سعر صرف مستقر للجنيه أمام الدولار، ما أصاب عملية التسعير بتشوهات كبيرة".

وأشار إلى أن "التأخير في قرار التعويم، دفع الكثير من الناس الذين يمتلكون سيولة مالية للتحوط بملاذات آمنة ومخازن القيمة، التي تتمثل في إما الدولار، أو الذهب، أو العقار".

وقال إنه "توجه إلى القطاع العقاري فئة كبيرة من المصريين رفع أسعار العقارات في مصر، إلى جانب أيضا ارتفاع أسعار الفائدة التي وصلت إلى 29٪ والتي تعتبر من الأكبر في العالم، بالإضافة إلى زيادة أسعار المواد الخام ومواد البناء نتيجة لأزمة سعر صرف الدولار، وكذلك ارتفاع نسب التضخم التي وصلت سابقا إلى 40٪، وجميع هذه الأمور يُحملها المطور إلى المستهلك من خلال رفع أسعار الوحدات".

وتحدث أستاذ الاقتصاد عن "ظهور ركود في سوق العقارات في مصر في القطاعين الحكومي والخاص بسبب ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه عن قيمته الحقيقية مع انخفاض الطلب، دفع توفيق وغيره من خبراء الاقتصاد إلى التحذير من حدوث فقاعة عقارية، بمعنى أن تنهار أسعار العقارات وتباع بأقل من نصف سعرها"، على حد قوله.

وأشار الإدريسي إلى أنه "رغم أن مصر شهدت حدوث فقاعة عقارية في عام 2008 وقت الأزمة المالية العالمية، إلا أنه من المستبعد حاليا تكرار الأمر نفسه بسبب اختلاف طبيعة السوق المصري حاليا عن تلك الفترة، بالإضافة إلى أن الدولة لم تكن متدخلة بنفسها في السوق من خلال مشاريعها الخاصة أو الشراكة مع القطاع الخاص".

متى يمكن أن تحدث الفقاعة العقارية في مصر؟

لكن يظل التساؤل بشأن متى يمكن أن تحدث الفقاعة العقارية في مصر ولأي مدى ستؤثر على قطاع العقارات، وفي هذا الإطار يرى عبدالله أنها ستحدث عندما "ينخفض عائد المبيعات عن تكاليف الاقتراض، وهو ما لم يحدث في مصر حتى الآن".

وقال إنه "على سبيل المثال، أن يتم اقتراض مبلغ للبناء وكانت أسعار الفائدة مرتفعة عند 25٪، وتم احتساب معدلات ربحية أعلى، وبالرغم من ذلك حدث انخفاض في الإيرادات، فهذا يعني أن المحصلة انخفاض في الأرباح المحققة عن المخطط لها، وبالتالي تبدأ الشركات في الاستدانة بضمان تلك الأصول. وفي هذه الحالة قد تنتقل الفقاعات من القطاع العقاري للقطاع المالي والمصرفي".

وأوضح عبدالله أن "الفقاعة العقارية تؤثر بشكل كبير في اقتصادات الدول ذات الارتباط الكبير بين القطاعات النقدية والمصارف والقطاعات العقارية وهو ما لا ينطبق على حالة مصر لأن المطور العقاري يعتمد على السيولة التي يأخذها من العملاء مقدما وليس على القروض البنكية مثلما يحدث في العديد من دول العالم".

وأشار إلى أن "وجود حجم اقتصاد موازٍ كبير يعتمد على آليات سوق ضعيفة إلى جانب ارتفاع تضخم متتالٍ ووجود اختلافات في تقديرات التضخم الفعلي المعلن يحد من أثر تلك الفقاعات، بل قد تظهر في صورة تضخم ركودي (ارتفاع الأسعار وانخفاض الطلب)، لكن مع ذلك قد تظهر الفقاعات العقارية في النهاية".

ويرى أن ما يحمي قطاع العقارات في مصر حتى الآن من الدخول في مرحة الفقاعة العقارية هو أنها "سوق غير ناضج بشكل كاف ولا يخضع لآليات العرض والطلب بشكل كاف".

وقال إنه "قد تحدث الفقاعة في الفئات المرتفعة جدا من الوحدات، لكن الفئات المتوسطة والدنيا بعيدة إلى حد ما بسبب زيادة التضخم، وبالتالي زيادة التوسع المالي والنقدي"، مؤكدا أن "القراءة التاريخية للمؤشرات تعكس ذلك، والدليل أن القطاع العقاري في مصر ينشط باستمرار رغم تباطؤ نموه في بعض الأوقات".

ومن جانبه، يرى الإدريسي أن "الفترة الحالية تشهد زيادة في المعروض بالفعل، لكن ما يمكن توقع حدوثه هو انخفاض الزيادة المبالغ فيه في أسعار الوحدات وليس انهيار أسعارها، بمعنى أنه لن نرى ثانية ما حدث خلال السنتين الماضيتين عندما كانت تباع الوحدة بأعلى من سعرها بثلاث أو أربع أضعاف".

وأكد أن "عملية تصدير العقار ستؤجل بشكل كبير جدا وربما تلغي حدوث فقاعة عقارية في مصر، بمعنى أن استهداف الحكومة للعرب والأجانب لشراء الوحدات السكنية مثلما حدث في مشروع رأس الحكمة في الفترة الأخيرة سيتكرر في مشروعات عدة وهذا سيؤثر إيجابيا بشكل كبير علي السوق العقاري المصري".